الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


مقصّات

نادية خلوف
(Nadia Khaloof)

2018 / 8 / 27
الادب والفن


مقصّات "1"
للفرح لعبة أزلية. يلمسني، يختبئ خلف الباب
يمسك بي، ولا أمسك به
يداعبني بدهاء
قبل أن أتعلّم القصّ واللصق
تعوّدت الدّوران
أدور حول نفسي
حول عمود كهرباء
حول المقبرة
حول نصب الشّهداء
فارغة تلك البوادي منّي ، ومنها
لم يعد ينبت فيها شوك وليس فيها سراب ماء
لا أنا جرّبت الحياة، ولا هي أنبتت الثّمار
هي صحراء، وقلبي مولع بها
يشبهها
ملتصقة بي
عندما أفارقها
تحكمني آمال عراض:أن أتغلب على رفيقتي في القفز على الحبل
أن لا تضربني امرأة ليست أمّي مختبئة خلف الباب
أقوم من مكاني، ثم أعود إليه فالدّار فارغة من الدّار
لا تعودوا ! لن نعيد سيرة الصّمت .
تعاركوا مع أفكاركم
دعوني وحدي
أحلم، ثم أحلم، ثم أحلم
لا يأخذ الحلم سوى بضع لحظات، ويأتي الوقت خال من الوقت . يهدّدني، هو متين لا يحترق بالنّار، أمسك به ألفّه بتأنّ، أفصّل منه أثواباً. تعلّمت الخياطة فيه، وعلى بابي تقف ، خالتي، وعمتي، وجارتي. سمعوا أنّني أقصّ وأخيط ، فأحضروا بعض ثيابهم الرّثة. هذه تريد أن أصدّر ثوبها، وتلك تريد أن أغيّر سحابها. أصبحت من المتبرّعات بالخياطة، لم أكن أعرف أنّ للخياطة ثمن. كنت أمتعض بيني وبيني من تلبية أوامرهنّ، تمادوا.
لم أكن قد وصلت إلى مرحلة المجاهرة بالرّأي. هذه هي مشكلتي الأزلية مع الحياة. أجاهر بما تريدون، وأختبئ فيما أريد أنا. أنتم تعرفون ذلك، وتقدمون على أعمالكم في مواجهتي قصداً، بينما أستمد ردّي من الصّمت.
.. .
تمرّ الليالي صامتة ، وأحياناً يضجّ بها أموات
تهديني إلى بعض النجوم والكثير من الأحلام الباهتة والتّرهات.
يهتف لي طائر يرغب أن يثير في الحنين كي أكتب عنه، عن الوطن الذي يعيش فيه. ما اسمك أيها الوافد الذي يطير؟ أراه مرّة ويختفي مرّة في الضَباب.
أقول له شعراً . أختصره بجملة : إنّك من بلاد الضَباب
ويحزن الطّائر
يعود أدراجه، ويختفي.
ترافقه روحي
تعود خائفة إليّ: ما أصبرك يا هذه!
كيف استطعت العيش ضمن ثقب أسود؟
هواياتي التي أمارسها كلّ يوم: أحدّث الفراغ، أحلم معه، وألملم آهات السنين ، أكبسها في جرار النبيذ فيخرج من فوهتها ياسمين. أصبحت أستعمل الزّمن للخياطة، والحنين، والأنين.
للحبّ، والغزل
ومقبرة على مرّ السّنين.
. . .
يقنعني حبيبي أنّني رفيقة دربه، ولا أصدفه في دربي!
يدرّبني على الانحناء والسّجود
أخاف. أخاف عليه أن يضيع
كأنّني أمّ وهو طفلي الوحيد
وأصنع من القهر خبزاً
ومن الفتات لحماً
أنتظره
كي نمارس طقوس الحياة العائلية
مسكين حبيبي. أنهكه التّعب، ولا يستطيع حتى تناول الطّعام. تأخّر الوقت، وعليه أن ينام. يقول فعلت الليلة المستحيل من أجلكم، أبحث عن المستحيل، فأجد الثلاجة خاوية إلا من الصّفير.
يجافيني النوم، أتسلّل بعد منتصف الليل إلى ركن مظلم أختبئ فيه. أناجي القمر، أرشّ العطر على الكون، ويذرف القمر دمعة تلامس خدّي. يا للقمر الحنون!
ويفرد الظلام جناحيه. أقص، وأقصّ منهما ما استطعت، أسرع إلى آلة الخياطة. أحيك من الظلمة ثوباً، وغطاء رأس، أحاول أن أكون شبحاً يؤنس الليالي، ويسامر النّجوم.
. . .
عندما يستعمل حبيبي بساط الرّيح ويطير إلى أحلامه. يقابلني الرّب.
لا أنظر إليه، فأنا غاضبة منه. أسمع ضحكته وهو يقهقه، يربّت على كتفي. يقول : لا تراعي! المؤمن بلويّ.
أريد أن أصفع أحداً، أو أردّ بفظاظة ، أرى المّقص أمامي يهدّدني بقطع لساني، فأنا في حضرة الرّب. عليّ أن أتأدّب، ولكنّ. . .
يعاتبني الرّب على أشياء كثيرة، وأوّل الأشياء التي يعاتبني عليها سذاجتي.
يسرد لي تاريخي من الألف إلى الياء، أذهب فيه وأعود منه -أعني تاريخي-خلال ثانيّة. أغلبه صفحات فارغة من الحياة.
. . .
أعرّف الحياة بالمقصّ. كلما ورد ذكر الزمن ، أو الحبّ، أو الوطن . يتراءى في الأفق مقصّ، ولكلّ منهم رمز مختلف من المقصّات.
للظلمة مقصّ أفصّل فيه أثواب الحفلات
للوطن مقصّ . أقصص أجزاءه، وأعجز عن خياطتها من جديد
للحبّ مقصّ من حديد
للآه، للندب، للغربة، للهواء، والفناء.
حكايتي كلّها مقصّات
تقترب مني ، تبتعد
تهدّدني
تصادقني
أقصّ بها التّرهات. . .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. بلدية باريس تطلق اسم أيقونة الأغنية الأمازيغية الفنان الجزائ


.. كيف أصبحت المأكولات الأرمنيّة جزءًا من ثقافة المطبخ اللبناني




.. بعد فيديو البصق.. شمس الكويتية ممنوعة من الغناء في العراق


.. صباح العربية | بصوته الرائع.. الفنان الفلسطيني معن رباع يبدع




.. الأسود والنمور بيكلموها!! .. عجايب عالم السيرك في مصر