الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


معركة النفس الطويل

حنان محمد السعيد
كاتبة ومترجمة وأخصائية مختبرات وراثية

(Hanan Hikal)

2018 / 8 / 27
مواضيع وابحاث سياسية


منذ أن بدأ الكيان الصهيوني في تثبيت اقدامه في بلاد العرب وهو يعمل في كل يوم على اكتساب ارض جديدة، وهو يدرك تمامّا أنه لن يكون له ذلك إلا بزرع عملاءه وشراء اصحاب الذمم الخربة وتدمير ما حوله من بلدان يمكنها أن تحد من انتشاره وسيطرته وتعطيل مخططاته.
وكان اهم الدول في بؤرة مخططاته للنهوض والسيطرة وتحقيق الحلم هي مصر والعراق وسوريا، ولكل دولة من هذه الدول وضع الصهاينة برنامج خاص يصلح لها، فنمى النعرات الطائفية والعرقية في سوريا والعراق ودفع بالقوات الأمريكية لاحتلال بلاد الرافدين، ثم استغل رغبة الشعب السوري في نيل الديمقراطية والحرية في تدمير البلاد وتحولت سوريا في يوم وليلة لساحة نزال بين كل القوى الدولية ومنطقة تصفية حسابات بين اطراف العالم أجمع، والموقع المفضل لاختبار كل الأسلحة الحديثة حتى وصل الحال إلى ما هو عليه الأن.
أما في مصر فكان له شأن أخر، فهو منذ كامب ديفيد حرص على تجريد مصر من كل ما لديها من امكانيات وموارد تحقق لها العزة والبقاء، وبدأ بالفعل بالزراعة، فتحولت مصر من سلة غذاء العالم والمنتج لأجود أنواع القطن والقصب والقمح والأرز، إلى شبه دولة تشتري قمامة العالم بأموال استدانتها من هنا وهناك.
ولم يتوقف الأمر عند تخريب الزراعة ولكن بدعم الأنظمة الفاسدة تم تخريب القطاع العام الذي كان ملكًا للشعب ودفع المصانع والهيئات لتحقيق خسائر بسوء الادارة وبتعيين مستشارين وظيفتهم الوحيدة هي مص دماء المصلحة الحكومية وحتى تقع ويتم بيعها بأبخس الأثمان.
دعمت الأنظمة الفاسدة الإحتكار بعد أن باعت مصانع الدولة وأتاحت للنخبة من الذين حازوا الرضا للإستيلاء على هذه الصناعات والتحكم بها ورفع أسعارها ما شاء لهم أن ترفع.
وفوق ذلك تسبب الكيان الهلامي الغير محدد المعالم الذي يدعونه إرهابًا والذي يتم التعتيم عليه ومنع أي جهة إعلامية محايدة من تغطية اخباره في مصر في انهيار السياحة واصبحت تجارة الآثار تلقى رواجًا كبيرًا في الاونة الأخيرة وفوق ذلك انتشر الإهمال والفساد حيث اصبحت مصر التي تمتلك كل مؤهلات الدولة السياحية لا يصل اليها أي سياح.
الأن قضي على أهم موارد البلاد زراعة وصناعة وسياحة وتم تجريف خاماتها وبيع اراضيها، ولكن بقي في مصر القوة البشرية، وهذه القوة اذا ما نالت التعليم الصحيح وزرع في نفوسها روح الانتماء والوطنية فيمكنها أن تنهض تحت اقسى الظروف وفي اسوأ الأحوال كما حدث في ألمانيا واليابان، ولذلك كان تدمير الانسان المصري والشخصية المصرية على أولوية المخطاطات الصهيونية حيث قام عملاء الصهيونية بدور هائل في هذا المجال وقطعوا شوطا يحسدون عليه بهذا الاتجاه.
وتم تدمير التعليم حتى احتلت مصر فيه المراكز الأخيرة، وتدهورت الرعاية الصحية بصورة لم تشهدها بلدان وقعت تحت غائلة الحروب مثل اليمن وسوريا، وحتى الفن تم تغييب كل المواهب الجادة والأصيلة ليظهر في الصورة الجاهل والبلطجي والنصاب وتصبح الساحة مقصورة فقط على المتعاون مع الأجهزة الأمنية مهما بلغ جهله وغباءه وسفاهته.
وساهم الإنفلات الأمني بدرجة كبيرة مع الإفقار المتعمد في القضاء على البقية الباقية من أخلاق وشرف لدى نسبة كبيرة للغاية من ابناء هذا الشعب حيث لم يعد هؤلاء يعبأون بمصادر دخلهم، فإذا كانت الغلبة لأصحاب القوة والنفوذ ولا احد يسألك عن مصدر أموالك ولا أحد يعاقبك على جرائمك فسيكون الباب مفتوحا على مصراعيه لارتكاب ابشع انواع الجرائم بغية تحقيق القوة والنفوذ.
وإذا كان بقاءك شريفًا يعني أن لا تجد عملًا وإذا وجدت يكون غير ملائم لتطلعاتك ولا يقيك شر الحاجة ولا يحمي حقوقك فلن تمانع في القيام بأي عمل يمكنه أن يدر عليك ربحًا ولو كان رشوة أو سرقة أو خيانة أو تهريب أو غش أو إيذاء شخص لم يتسبب لك في أي نوع من الأذى.
بل أن ما يحدث ينمي لديهم الوصولية والنفاق واحتراف الكذب ولعق الأحذية حتى تحول أغلب أبناء هذا الشعب إلى مسوخ لا يحقون حقًا ولا ينكرون باطلًا ولا يعرفون من دينهم غير قشور لا قيمة لها بل أنهم أصبحوا يحتقرون الأخلاق الرفيعة والثقافة وأصحاب الضمائر الحية ولا يمانعون في التنكيل بهم وتشويههم ولا يبالون إذا ما حل هؤلاء محل البلطجية واللصوص والغشاشين وراء القضبان في دولة الفساد والإفساد.
اعتقد أن المخطط الصهيوني للبلدان الثلاثة قد حقق غاياته وأكثر الأن وحق لهم أن يفخروا بما وصلت إليه البلدان الثلاثة من دمار وافقار وفرقة لا يمكن تجاوز اثارها في القريب العاجل.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. وزير الخارجية التركي: يجب على العالم أن يتحرك لمنح الفلسطيني


.. غارات إسرائيلية تستهدف بلدتي عيتا الشعب وكفر كلا جنوبي لبنان




.. بلومبيرغ: إسرائيل طلبت من الولايات المتحدة المزيد من القذائف


.. التفجير الذي استهدف قاعدة -كالسو- التابعة للحشد تسبب في تدمي




.. رجل يضرم النار في نفسه خارج قاعة محاكمة ترمب في نيويورك