الحوار المتمدن
- موبايل
الموقع
الرئيسي
أصابع الاسئلة – نص
داود السلمان
2018 / 8 / 27الادب والفن
دعونا نقُل إن الحياة سافلة، بل هي امرأة عاهرة، تجدها في كل يوم، بل في كل ساعة بأحضان رجل، لا حباً بذلك الرجل، بل لأن مهنتها أو سجيتها هي التي تملي عليها ذلك. هكذا هي الحياة التي نعيشها جميعاً، نحن البشر الذين تعاطينا مخدر الحياة، حتى تغلب علينا النوم الإجباري تحت وطأة ذلك المخدّر اللعين، المسمى بـ"الحياة". حيث جئنا مجبرين لركوب موجتها، فركبنا من دون شعور بعواقب الأمور، وسرنا بخطى وئيدة نتعثر في مطبات لها أول وليس لها آخر، نسير في دهاليز مظلمة ليس لها بصيص أمل مرجو.
ونستطيع تصوير هذه الحياة بأنها كشخص محكوم بسجن مؤبد، فهو يسكن داخل أربعة جدران ليس فيها غير كوة صغيرة يطل من خلالها بصيص نور لا يكاد يضيء مساحة واسعة من فضاء تلك المساحة المعدة له كسجن انفرادي، عقوبة أبدية بسبب جناية أو حماقة ارتكبها غيره وهو يدفع ثمن تلك الجناية.
ينط الأب على الأم، كنطيط الثور الهائج، ليقضي منها وطره، ثم لا يدري نتيجة ذلك إلا بعد أن ينتفخ بطن الأم بحمل ثقيل تنوء به، فلا تكاد تستلذ ليلاً بالكرى نتيجة ذلك الحمل الثقيل، ونهاراً لا تستطيع الحركة بكامل قواها البدنية، فتمشي الهوينى وتتمايل كالسعفة في مهب الريح، يصاحب ذلك خمول وتثاؤب مستمر، نتيجة عدم اكتفائها من لذة النوم، فيشكل كل ذلك حالة من التذمر الموقت، لكنها عادة ما تكون سعيدة وهي تحت وطأة ذلك الحمل الثقيل.
تمر الأيام والساعات على تلك الأم، ليتمخض عن ذلك تسعة أشهر ثقيلة، كأنها جبال من نصب، حتى تنفض ذلك الحمل الثقيل عن كاملها وتتنفس الصعداء، ثم تبدأ بمرحلة جديدة من المعاناة وما يصاحب تلك المعاناة من ألم وقسوة، حتى يكبر ذلك النتاج الوافد على ضنك الحياة وواقعها المرّ، وهو لا يدري لما جاء، وكيف، ولماذا وما هدفه المرسوم على جدار فوضى الوهم، وجبين المستقبل المخادع، وصفحات القدر المظلم، ثم لا يدرك أين يكون مصيره في نهاية المطاف، والسراب المجهول القاتم، فيغرق في مياه تساؤلات فلسفية لا تركن إلى أجوبة تشفي غليل السؤال.
كل ذلك بسبب تلك النزوة، أو تلك الحماقة كما أسميناها، وبالتالي هو الآخر يرتكب النزوة نفسها، ويلدغ من ذلك الجحر أكثر من مرة، بل قد تصل لعشر مرات أو تزيد. حماقة تتكرر، وجناية تزيد، وسجون تفتح أبوابها المشرئبة للوافدين، وهكذا دواليك.
الحيرة والوجود يلقيان بظلالهما على واقع مستقبلها الواهن، وتمضي السنون ونحن لا نشعر بدبيب أقدامها على اسفلت الطريق.
لقد ظلمتنا الحياة بضرب سياطها المستمر على ظهر واقعنا البائس، المضمخ بالشقاء، وفي كل يوم تند جراحنا قيحاً، لتستمر اللعبة، لعبة الحياة، من دون توقف ونحن نلف وندور، غير شاعرين باللهاث، حتى يندلع لساننا ويخرج من فيهنا، وبالتالي نخسر المعركة، لأننا قد دخلناها من غير سلاح، بل بالأحرى كانت أسلحتنا موجهة إلى صدورنا منذ الوهلة الأولى.
|
التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي
.. فودكاست الميادين| مع الممثل والكاتب والمخرج اللبناني رودني ح
.. كسرة أدهم الشاعر بعد ما فقد أعز أصحابه?? #مليحة
.. أدهم الشاعر يودع زمايله الشهداء في حادث هجوم معبر السلوم الب
.. بعد إيقافه قرر يتفرغ للتمثيل كزبرة يدخل عالم التمثيل بفيلم
.. حديث السوشال | الفنانة -نجوى كرم- تثير الجدل برؤيتها المسيح