الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


مقصّات -2-

نادية خلوف
(Nadia Khaloof)

2018 / 8 / 28
الادب والفن


كتبت قصيدة كي ألقيها على أنغام موسيقى في مقهى
دعوت إليها كلّ الوجهاء هناك
أملت أن أحصل على جائزة الشّعراء العرب في الغربة
فأنا أجيد اللعب بالكلمات، تزييفها، وأرسم قلوباً للمسافر والمهاجر، والمقيم
اعترضت طريقي صبيّة منعتني من الوصول
-ما اسمك أيتها الجميلة؟
-اسمي البطلة خاتون
هكذا قالوا عنّي عندما تخلوّا عنّي
لا تتعبي نفسك في الكلام أيتها المرأة
لقد فاز بالجائزة الشّاعر الثائر ، الوطني ، العلماني، والمتمسّك بالدين. اسمه اليوم أبو الثّوار، هو من أبلغ أنّني لست معهم. أخشى أن يسمعنا أحد فأنا أخاف. أخاف. أخاف. لا تقولي أنّني أخبرتك من سوف يفوز بالجائزة. اذهبي لو شئت، لكن الأمر كما أقول.
-لم تبدأ الحفلة بعد. أنا أيضاً لي جمهوري العريض، وربما أكثر من أبو المجد.
-أنت لم تجرّبي الحياة. أمّا أنا فقد ذقت منها، ومن أبو المجد هذا الذي كان يأتي ليشهد أننا مع الإرهاب، وعندما التقى بي. . . لا. لن أقول لك ماذا جرى. اذهبي. لن أعترض طريقك.
-ركضت، وتركتني، كنت مستعجلة على الحصول على الجائزة. وبدأت الموسيقى، وألقيت شعراً عن الوطن، والحبّ والأمل. كان أبو المجد أوّل المصفقين لي، وكذلك الجمهور. انحنيت أمامهم بكلّ وقار، تقدّم أبو المجد منّي وقبّلني من شفتيّ، وقدّم لي باقة ورد ، وهو يردّد : فلتحيا كل النساء الجميلات، والجمهور يقهقه.
كنت سوف أنسحب، شعرت بالإهانة عندما قبّلني أمام الجمهور. لا . بل شعرت بالاغتصاب، وغاب نظري عن كلّ شيء إلا عن النتيجة حيث فاز أبو المجد بالتصويت. نعم كان التصويت علنياً. لقد جلب أكثر منّي أصواتاً ، وألقى كلمة رنانة، وهو يستلم وسام الحريّة، بينما كنت أبكي، لكن أحداً لم يحاول مسح دمعي، انصرف الجميع، وأنا أتوكأ على نفسي ، عدت إلى المنزل. قصصت شعري كيفما كان، قصصت ثوبي. أردت أن أرى في تلك اللحظة تلك الصّبية خاتون. هل تذكرون من هي؟
لا أملك مواهب كثيرة. أجيد القصّ والخياطة أحياناً.
أحرقت كل دفاتري
كل كلمات الحبّ
كل أسماء العظماء
وكلّ الكتب العلميّة والدينيّة
وآخر ما حرقته صور جميع الكتاب والشعراء في ذلك المكان الذي اسمه وطن. فقط احتفظت بشعر جدي لأنّه بدوي لا يعرف الزّيف. طبعاً شعره عن الغزل، أما بطولاته الزائفة فقد أحرقتها بالبنزين.
. . .
في كلّ صباح أقوم بتمرين جلد الذّات سواء بالتأنيب ، أو بالعصا.
قرّرت اليوم أن أعلن جنوني. رميت حذائي من النافذة. نبشت شعري، قصصت ثيابي، وبينما كدت أخرج من الباب. اصطدمت بخاتون. قلت لي: هل اغتصبك أبو المجد؟
-لماذا تقولين هذا يا خاتون؟
-لأنها الحقيقة مثلاً! أبو المجد عاجز جنسياً لكنه مدمن على الاغتصاب. له عداء مع النّساء.
-قولي يا خاتون: من أين لك كلّ تلك الخبرة في الحياة.
-قصتي طويلة يا قمر.
-أو تعرفين اسمي أيضاً؟
-وهل يخفى القمر؟
أقرأ لك بعض الأشياء التي تكتبينها على الفيس بوك، وقرأت بعض المقالات التي كتبتها في بعض الصّحف. ملاحظتي الوحيدة حولك أنك تحاولين الظهور بمظهر الإنسان المثالي، وهذا يلغي مواطن الجمال في كلماتك. الجمال حالم، فوضوي، دائم الشّباب. يتطلّع إلى الحياة بقوة، عليك أن لا تصدقي ما يقولون. هم يضعونك تحت المرآة وينصرفون إلى تمجيد ذواتهم وينجحون. لا زلت تؤمنين بالعدالة وربما بالعدلة الإلهية. ربما يكون الفقر سبباً لكل ما نؤمن به، نحن نبحث عن الخلاص، ونستسلم لما يصيبنا. أنا مثلاً اغتصبني ابن عمي، وأبو المجد، وبائع الخضرة الذي كان يعطيني في كل يوم عشر ليرات، وأذهب أليه باختياري، لم أكن أتحمل أن أرى أخي الصغير جائعاً كنت في العاشرة فقط. تعودت على الاغتصاب. لا زلت في العشرين من عمري، وأبحث عن وظيفة عاهرة كي أستطيع تأهيل نفسي لدخول المجتمع من جديد، وعدني الضابط أبو علي بتأمين العمل مقابل أن أعطيه نصف دخلي، وأنا أنتظر أن يرد علي.
لا تكوني مزيّفة يا قمر. عندما ترين شيئاً قولي رأيته. أرغب أن تشاركي في حملة مي تو، وتقولين أنك شعرت بالاغتصاب عندما قبّلك أبو المجد من فمك.
-ما هذا يا خاتون. من قال لك هذا؟ ثم هل تريدين أن تسقط سمعتي الاجتماعية، وأشعر بالعار؟
-كنت في الكواليس مع الضّابط أبو علي الذي وعدني بتأمين وظيفة لي. هو يصحبني في مهماته، ويعطيني في كلّ مرة خمسمئة ليرة من حساب الزبون.
أما عن السمعة الاجتماعية فجارتنا تستّر على زوجها كي لا تسقط سمعة العائلة الاجتماعية. من قال لك أنّ سمعتك الاجتماعية تسقط لو تحدّثت بالحقيقة. أساساً لا يوجد مجتمع، ولا يهتم لتلك الأمور إلا ضدّ الفقراء.
لو أردت سوف أطلب من أبي علي أن يقيم ندوة يتحدث فيها عن مي تو، وتكونين أنت المتحدث فيها. أبو علي ينافس أبو المجد ويرغب أن يزيله من اللجان الأدبية، ويعتقد أنه يملك موهبة أكثر منه.
-يا لك من وقحة، ومنحطّة!
-بماذا تختلفين عنّي يا قمر؟ أنت ترفضين قول الحقيقة كي تبقين في نظر المجتمع قمر المثاليّة، وكأن المجتمع يعرف بك. المجتمع لا يهتمّ إلا للناجحين، وذوي المناصب. لقد سجن أبو تمّام عشرين عاماً بينما كانت زوجته تتعامل مع سجّانيه، وتوصل لهم المعلومات عن رفاقه. هي الآن تنتمي لحزب يساري معارض، ولها مركز هام في الدولة، وقد عينت زوجها سكرتيراً لها. استيقظي يا قمر. نحن هنا. لسنا هناك. إنها الديموقراطية العلنيّة ! ألم ينجح أبو المجد بالأصوات. هل تنكرين ذلك؟
-لو افترضنا أنّك عملت في الدّعارة . هل سوف تستمرّين فيها للأبد؟
-بالطبع لا. عندما أملك المال الكافي، وأجد الرجل الغني الذي يحتاجني حتى لو كان متزوجاً. أتجاهل زبائني، وأقوم بفتح مدرسة، وربما أصبح وزيرة التربية والتعليم!
- خاتون. لا أفهم بتلك الأشياء. هل الدّعارة مهنة جيدة؟
-أوه. هي مهنة، وكفى، لكنّها في الوقت الحالي تعد من أشرف المهن لأنّها واضحة. أنت هنا لا تتعرضين للاغتصاب. بل لعلاقة متبادلة أحدهم يحتاجها فيدفع مقابلها المال.
-هل هناك شواغر لمن هم في عمري؟
-لكلّ عمر راغب. لكن أعدك لو عملت بهذه المهنة فسوف تكونين نجمة الشعر، والفن والأدب.
على فكرة. هي ليست مقصورة على النساء، فمجال الدعارة اليوم تجاوز الحدود. مثلاً : المذيعين، ومقدمي البرامج الناجحين. أوصلتهم تلك الشّبكات إلى المجد. . . .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. أول ظهور للفنان أحمد عبد العزيز مع شاب ذوى الهمم صاحب واقعة


.. منهم رانيا يوسف وناهد السباعي.. أفلام من قلب غزة تُبــ ــكي




.. اومرحبا يعيد إحياء الموروث الموسيقي الصحراوي بحلة معاصرة


.. فيلم -شقو- بطولة عمرو يوسف يحصد 916 ألف جنيه آخر ليلة عرض با




.. شراكة أميركية جزائرية لتعليم اللغة الإنجليزية