الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


لماذا لا يشتاق الطلاب لمدارسهم؟

توفيق أبو شومر

2018 / 8 / 29
التربية والتعليم والبحث العلمي


قال لي صديقٌ فلسطيني يعيش في بلدٍ أجنبي:
صدقني، أشعرُ بالسعادة عندما أرى ابنيَّ يتوقان للعودة إلى مدرستهما بعد الإجازة الطويلة، بعد أن كان أخوهما الأكبر الذي درس في الوطن يكره بدءَ العام الدراسي في مدارس الوطن. فهل يعودُ السببُ إلى جو المدرسة؟ أم يعود إلى المُدرس؟ أم أنه عائدٌ إلى المنهج التعليمي؟
هذه الأسئلة دفعتني إلى أن أطرحَ بعضَ الأسئلة على عددٍ من الطلاب في مدارس قطاع غزة: هل تشتاقُ للعودة إلى المدرسة؟!
نظرَ طالبٌ في المرحلة الابتدائية إلى والده الذي يجلس معه، وأجاب: نعم!
كنتُ أعرف أنها إجابة مُجاملة للأب، فقد كان يخشى غضبَ والدِهِ إذا أجاب بالنفي، اكتشفت ذلك عندما سألتُه عن زملائه، وعن رأيه في غرفة الفصل، والنظام المدرسي، وعن المدرس، وعن المنهج التربوي. طالبتُ والدَه أن يمنحَه الضوء الأخضر للإجابة.
كانتْ إجاباتُه تشيرُ إلى أنه ساخطٌ من غرفة الفصل الضيقة، ذات الشبابيك الصغيرة المغطاة بسلكٍ كأسلاك الحدائق العامة، يُشبه شبابيك السجون!
كان غاضبا من بعض المدرسين لأنهم يستهزئون بالطلاب أمام زملائهم، لمجرد أنهم أخطأوا في الإجابة، وكارها للمدرسين الذين يحملون العصي، ويعاقبون الطلاب بالضرب، كان ناقدا جيدا لمحتويات المنهاج الدراسي المعتمد على الحفظ كأساس للتفوق، وبخاصة دروس العلوم، فهي مفتاح دخول الكليات العلمية العُليا.
أما الطالبُ الثاني الذي أجاب بجرأة، قال:
هل تقصد عودتنا إلى السجون؟ نعم، إن ما يجري داخل جدران المدرسة يُثير النفور في نفسي، على الرغم من أني متفوق في دراستي، فزملائي الكسالى يغارون مني، يتحدَّونني، يطاردونني خارج أسوار المدرسة، شكوتهم مراتٍ عديدة للمدرسين، ولكنَّ المدرسين يخشون هؤلاء الطلاب، بسبب عائلاتهم القوية ذات النفوذ، والسطوة، أشعر بالتعاسة كل صباح وأنا أقف في الطابور الصباحي المكرر الممل، وأنا أرى بعض المدرسين يحملون الأنابيب البلاستيكية، يُطاردوننا كقطيعٍ من الأغنام، لننفذ طابور الصباح المكروه، نردد الأناشيد المحفوظة بغير حماسة!
سألتُ طالبين آخرين عن اقتراحاتهما لتحسين الدراسة، فقال الأول: يجب أن نستعمل الكمبيوتر، بدلا من الحقيبة المدرسية المُنفِّرة الثقيلة، فأنا أُجيد الكمبيوتر، إلى درجة أنني مستعد لتصميم برنامج كامل!
أما الثاني فقال: المدرسة تخلو من حصص الترويح، إذ أن حصص التربية الرياضية مُمِلّة أيضا، ليست هناك ملاعب، وليس مسموحا لنا أن نستخدم ساحة المدرسة وقت الدراسة، لأن أصواتنا تزعج الفصول، لذلك فإن مدرس التربية الرياضية يكتفي بتنفيذ برتوكول تمرينات عضلية، تجلب الملل.
ولما سألته عن الموسيقى، والفنون، والرحلات المدرسية، قال: أتمنى أن نتعلم الموسيقى، والرسم، وفن التمثيل، وأن نقوم في كل شهر برحلة نتخلص فيها من واجبات الدراسة غير المحبوبة، إنَّ الفنونَ تساعدنا على التعلُّم، وتُحببنا في المدرسة!








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - انعدام الحريات
ابراهيم الثلجي ( 2018 / 8 / 29 - 11:32 )
التلميذ هو جزء لا يتجزا من منظومة مجتمعية بصحة جيدة او عليلة
ففي مجتمع يخلو من العدالة والمساواة والحرية وتكافؤ الفرص يتولد شعور للتلميذ انه ينحت في صخرة صماء بتعب دون نتيجة مما ينعكس عليه ياسا وفقدان للامل مما يجعل قلبه وباطنه يكره هذه المسالة ويعتبرها عدمية
اساسا لما ربنا العظيم اعطى الانسان حرية الاختيار وارادة منطلقة ليقبل على مدرسة الحياة بنفسية مفعمة بالامل والجوائز
التلميذ في عالمنا العربي من لحظة ما يغادر منزله لا يرى الا مظاهر الاستبداد اينما نظر فلا يمكن لدماغه الا ان يؤكد له انه في ورطة لتعمل كيمياء الدماغ بعدها عملها من افرازات كابة وضيق افق وخاصة في البلدان القابعة تحت الاحتلال والحكم الاستبدادي مع غياب كامل لخارطة طريق تعزي التلميذ بان هناك امل ببرامج اصلاحية تنقذ المجتمع العربي من سوء اداء الحكومات الوظيفية المترهلة التي ما ان يلتحق بها موظفنا الا ويبدا العد متى التقاعد وراتب دائم لانه محظوظ بواسطة


2 - الاستبداد
توفيق أبو شومر ( 2018 / 8 / 30 - 04:43 )
التلميذ في عالمنا العربي من لحظة ما يغادر منزله لا يرى الا مظاهر الاستبداد ، إنها الحقيقة، هناك استبداد في الأسرة، وآخر في المجتمع مما يعوق النمو الفكري السليم لأبنائنا، يُضاف إلى ذلك عدم وجود استراتيجيات للتعليم في ألبلدان (النائمة) كما أن الهدف من التعليم في دول العرب، أن
يصبح المتعلم موظفا حكوميا..... تحياتي

اخر الافلام

.. حلقة جديدة من برنامج السودان الآن


.. أطباق شعبية جزائرية ترتبط بقصص الثورة ومقاومة الاستعمار الفر




.. الخارجية الإيرانية: أي هجوم إسرائيلي جديد سيواجه برد إيراني


.. غارات إسرائيلية تستهدف بلدتي حانين وطير حرفا جنوبي لبنان




.. إسرائيل وإيران لم تنتهيا بعد. فماذا تحمل الجولة التالية؟