الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الإخفاق الذريع 5

أفنان القاسم

2018 / 8 / 29
مواضيع وابحاث سياسية


قرأت اليوم تقريرًا

لهيومن رايتس ووتش عن المحاكمات المغايرة للشرع التي ذهب ضحيتها "دراويش" إيران، والتي لا يضاهي القضاة فيها أحد غير القضاة في السعودية الذين يصدرون أحكامهم التعسفية بعد التعذيب أو قبله بالاعتقال والجلد إن لم يكن الإعدام دون حق الدفاع للمتهم، ودون حق السفر، ودون حق العمل، ودون حق الانتماء، وحتى دون حق التواصل على الشبكات الاجتماعية، دون حق الحياة باختصار، وَلِتُهَم تنتمي إلى أسواق البطاطا، تحت معنى هل هذه بطاطا أم بندورة، تقول بطاطا، فتتهم بالتآمر على الأمن القومي، تقول بندورة، فتتهم بالتآمر على الأمن القومي، بينما يَعْتَبِر دراويش نعمت الله كنابادي أنفسهم من أتباع الاثني عشرية الشيعية، الديانة الرسمية للدولة في إيران، لكن السلطات اضطهدتهم بسبب معتقداتهم الدينية.

بعد قراءتي

لهذا التقرير المروع، لهذا الإخفاق الذريع، أود أن أعرض على مسامع الشقيق الأكبر آية الله علي خامنئي ما الأديان وأصولها التي هذه الفئة من المؤمنين أحد فروعها، لأصل إلى أن الفرع وإن اختلف عن الأصل فهو واحد، وأن العدل يكون عدلاً كل العدل يكون في حرية العبادة، كحرية التعبير، كسائر الحريات، التي ترفع من شأن الحاكم، وتمكنه من مسائل الحكم، على عكس ما يوهم المتطفلون والمنافقون. وفي الوقت نفسه، أود أن أمارس بين يدي الأخ الجليل خطابًا جديدًا عن الدين عامة والمذهب الشيعي خاصة لم يعهده من قبل، وكل همي أن أخدم إيران والإيرانيين من عيني التنوير الذي لا أحد في العَالَمَيْنِ ضده ما عدا الأغبياء والسفهاء.

في ظرف صحي

أقول في "ظرف صحي"، ظرف من يجمع البراعة من أطرافها، يعمل الدين على جمع الناس في مجتمع متماسك الأجزاء، فكل مجتمع يكون كلاً بأجزائه، والدين بذلك يكون الشعاع الموجه لبناء الحضارة. فالإنسان بفضل الدين تمدن، فلح الأرض، وبني المدن، ومارس التجارة، وكذلك شن الحروب ليدرك معاني السلم في العبادة، ويراعي المبادئ الإلهية وكل المبادئ الأخرى التي طبعتنا والتي أسسنا بها وعليها عالمنا.

منذ

مصر القديمة حتى إيران الحديثة، والحضارات والأديان ترفد بعضها إلى درجة لم يعد هناك فصل بينها، لأن الدين هو الرابط الذي يربطنا الواحد بالآخر، وهو الرابط الذي يربطنا بالطبيعة، صنع أجدادنا الأوائل من الأنصاب الإلهية واتجاهاتها نحو النجم القطبي في الشمال والشمس في الشرق الأداة العلمية الأولى لمعرفة دورة الفصول، ليتحكموا بالطبيعة، ليضمنوا حياتهم، لأنهم لم يكونوا يفرقون بين العلم والدين، كانوا يبتهلون إلى الله لتعطيهم الطبيعة، ليعيشوا مما تعطيهم، وفي الوقت نفسه يفلحون الأرض، ويربون الماشية، ويتشكلون أفرادًا وجماعات في نظام إنتاج بدائي، مثلما نحن عليه في حضارتنا اليوم بشكل مختلف من حيث تحضرنا المادي وليس من حيث جوهرنا الإنساني.

الدين إذن

هو التجربة الإنسانية نفسها في عقله قبل روحه، فالعقل كمرادف للدماغ حسب بعض الأبحاث العلمية من السهل عليه تقبل الأفكار الدينية، والعقل كمرادف للعلم بفضل الدين يؤسس ويبدع، لهذا كان انجذاب الإنسان إلى الأديان، وكان اهتمام الإنسان بالعلوم، ومن هذا وذاك كان لكل منا تصوره للعالم، فكانت مذاهبنا، وكانت أنظمتنا الأخلاقية، وعن هذه المذاهب وهذه الأنظمة كانت تتشكل وتتشكل في الماضي كالحاضر زمر صغيرة كزمرة دراويش نعمت الله كنابادي موضوعنا، التي تختلف في السلوك عن أتباع الاثني عشرية الشيعية ولا تختلف في الكنه والماهية، إنها التعددية كمصطلح سياسي معاصر، والتي هي روح الديمقراطية الحديثة. وفي الحالة الإيرانية، هناك التقاسم بالتشابه والتقاسم بالاختلاف، وهذه ناحية من النواحي الفذة التي تشد انتباهي في المذهب الشيعي وتشد عزمي، وإلا كيفني صامدًا منذ عشرة شهور إلى اليوم أمام التجاهل، فهل هو الإحساس بالإخفاق أم الارتياب في النجاح؟

أرجو أن أكون قد أقنعت سيدي المرشد.

كلمة هامة للعلمانيين

اعتمدت في تحليلي للدين ودوره الحضاري على الظرف الصحي الذي دونه سيكون الظرف المَرَضي، وذلك بتوظيف الدين لأغراض سافلة، وطبعًا خير وسيلة للحيلولة دون ذلك هي فصل الدين عن الدولة، فنحفظ للدين دوره الخلاق في بناء الحضارة.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - كلمة أخوية صادقة إلى الأخ البدوي...
أفنان القاسم ( 2018 / 8 / 29 - 12:59 )
بدافع غيرتك على قضيتك وحبك للمرشد، أرجو أن ترفع هذا المقال لمقامه، وأن تتناقش فيه معه لصالحي هذه المرة كما آمل وليكون الحسم النهائي... ميرسي.


2 - صرح خامنئي منذ قليل أنه سيخرج من الاتفاق النووي
أفنان القاسم ( 2018 / 8 / 29 - 16:47 )
إذا كان ذلك ضروريًا، لكن الخروج هكذا دون أي بديل خطأ جسيم، خطأ لن يغتفر، بينما البديل عندي جاهز، رينبو، أعظم بديل، بها يخترق الغرب، ويفاوض من موقع القوة اتفاقًا جديدًا، أما أن يرسل الكلام على عواهنه، أو يعمل على الرجوع إلى التخصيب، فهو الانتحار بعينه، الانتحار السياسي قبل الاقتصادي فالاجتماعي... أنا أحذره من سوء المغبة!!!


3 - لكن ما يشغل بالي ما يجري على الأرض
أفنان القاسم ( 2018 / 8 / 29 - 17:38 )
الحادث الانتحاري الذي وقع اليوم في غرب إيران والذي ذهب ضحيته 11 شخصًا، والعبوة الناسفة التي تم اكتشافها البارحة وسط تجمع للمعارضة الإيرانية في ضواحي باريس، والتي تتهم فرنسا إيران بها عيانًا: التوقيت بين الحادثين يجعلني أفكر في أصابع مراكز الاستخبارات الأربعة التي تحكم العالم، فهل تعزم هذه المراكز المستقلة عن القرار السياسي المنفذة لخططها الاستراتيجية (وبعدين القرار السياسي يتبع) على انسحاب إيران من الملف النووي بالفعل، ومن هنا جاء تصريح خامنئي كرد فعل ساخن اليوم، ومن هنا جاء تصريح الكي دورسيه كرد فعل ساخن ضد إيران أمس؟ وبذلك يُفتح الباب بالفعل أمام خروج إيران من الاتفاق كفرنسا؟ هذا يعني أن الأمور خطيرة جدًا، وأن تكهناتي عن العراق (أو أي بلد آخر فكل شيء متوقع في هذه المخرأة التي هي الشرق الأوسط) ساحة لاشتعال الحريق ستصدق لا سمح الله... كلي اعتماد على حكمة المرشد وحنكته كيلا يورطوه ويورطونا كلنا معه!!!


4 - طبعًا الدين كمنظومة اجتماعية شيء
أفنان القاسم ( 2018 / 8 / 30 - 13:23 )
وكمنظومة إيديولوجية شيء آخر، الدين كمنظومة اجتماعية هو كما ذكرت فوق طبيعته ودوره، يعمل من جوه التاريخ، والدين كمنظومة إيديولوجية هو كما نقرأ عنه في كل أدبيات المع والضد خاصة المتعلقة بعلم اللاهوت التي تضع الدين بره التاريخ، وتجعل من أشيائه أشياء طبيعية بل وأكثر حتمية، بينما هي تنتمي إلى عالم التأويل اللغوي. من هنا يأتي الهجوم الهمجي على الإسلام، لهشاشته من هذه الناحية -هو وكل دين- وذلك للإبقاء على الواقع السياسي بواسطة كل الغايات المبيتة على مستوى اللغة، لكني في دراستي للقحطاني استعملت اللغة لدحض هذه الغايات أسوة بعالم اللسانيات الفرنسي رولان بارت، وهذا إن دل على شيء فهو يدل على هشاشة الأديان كمنظومات إيديولوجية، ليأتي دور المذاهب التي ما يهمني منها في هذا السياق المذهب الشيعي في موقعه بالنسبة إلى المذاهب الأخرى لا بالنسبة إلى شكله أو إلى حجمه مثلما هو دارج في الهندسة اللاكمية، فهو من طبيعة أرضية في أساطيره كعودة المهدي، ولغته لغة شعورية ككل الخطاب الحسيني، هذا يعني أن المذهب الشيعي كمنظومة تاريخية هو أقرب منه إليه كمنظومة إيديولوجية، يقربنا من الأشياء الجوهرية، لهذا نشعر بحقيقتها.

اخر الافلام

.. تصعيد إسرائيل في شمال قطاع غزة هو الأعنف منذ إعلان خفض القوا


.. طفل فلسطيني برفح يعبر عن سعادته بعد تناوله -ساندويتش شاورما-




.. السيناتور ساندرز: نحن متواطئون فيما يحدث في غزة والحرب ليست


.. البنتاغون: لدينا بعض المخاوف بشأن مختلف مسارات الخطط الإسرائ




.. تظاهرة مؤيدة لفلسطين في بروكلين للمطالبة بوقف تسليح إسرائيل