الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


منظمات المجتمع المدني ودورها في طمس الصراع الطبقي

كريم الزكي

2018 / 8 / 30
المجتمع المدني


منظمات المجتمع المدني ودورها في طمس الصراع الطبقي

(ان الهدف الاساسي وراء تأسيس منظمات المجتمع المدني هو كبح العمل الثوري المناهض للدولة البرجوازية (لسلطة رأس المال)

كريم الزكي


يعتبر مصطلح المجتمع المدني من اكثر المفاهيم جدلا في وقتنا الراهن يختلف في تقييمه المفكرون وتتباين آراء التيارات السياسية والأحزاب في تحديد ماهيته , ولا غرابة في ذلك فالأمر الذي يحدد هذا التباين هو طبيعي مرده الى تباين الخلفية الطبقية والحامل الفكري والسياسي لكل اتجاه من الاتجاهات . ان التيارات الراديكالية الداعية للمجتمع المدني نمت في مواجهة قوى ماركسية اخرى ترى منظمات المجتمع المدني انه ليس الا المجتمع البرجوازي الذي يحكمه اقتصاد السوق . وترى الماركسية ان مفهوم المجتمع المدني مفهوما برجوازيا يطمس الصراع الطبقي ويلغي دور الاحزاب الشيوعية في تحقيق الاشتراكية والشيوعية ولم تكن الماركسية مخطئة ابدا وما المجتمع المدني إلا المجتمع البرجوازي الذي يحكمه اقتصاد السوق . فالعراق اليوم وبعد الاحتلال نرى ونسمع ونلمس ( الدليل المادي ) ان ما يسمى بمنظمات المجتمع المدني ما هي إلا واجهه للرأسمالية وتغطية لاستغلالها وجشعها الطبقي , وإيهام المجتمع بمشاريعها الانسانية الوهمية فهناك الكثير جرى ويجري في العراق حاليا و كردستان خلال اكثر من عقد من السنين فعاليات كبيرة وهائلة لمنظمات المجتمع المدني ولكن على ارض الواقع لم يكن إلا الشئ اليسير جدا , نعم فهناك تمويل للمنظمات ولكن الذي يصرف يكاد لا يصدق لحجم التمويل فالسرقة تتم بين الجمعية والممول الرئيسي . ( الهدف الاساسي منها هو خلق تمويل للأحزاب التي تقبل السير وراءٍ السياسة الامبريالية وجر هذه الاحزاب وراء طريق طويل من عمليات السرقة المكشوفة وتعليمهم كيفية السرقة وبالأسلوب المدني السهل وليس السطو المسلح !!) . لقد كان التناقض بين الهيغلية والماركسية شديدا , فهيغل سمى المجتمع المدني بالطبقات الاساسية , ووصف ماركس بأن المجتمع المدني وهم من اوهام الرأسمالية , فالماركسية ترى من الواضح ان تصفية الحرفة والمهنة ونشوء الاقتصاد الصناعي وتحلل الملكيات الاقطاعية وتراجع الارستقراطية ادى الى انخلاع الافراد من رحم علاقاتهم القديمة وهنا بالذات بهذه المرحلة التاريخية طرحت بقوة فكرة ومشكلة اعادة بناء العلاقات بين المجتمع والدولة , فيرى ماركس ان مشروع التحرر السياسي الذي قامت به البرجوازية الناشئة الصاعدة مع افول العلاقات الاقطاعية ( اي الانتقال من النظام القديم الى الجديد ) لم يكن سوى مشروع استلاب جديد , فمقابل الاقطاعي ومفهوم الاجير والمالك طرح البرجوازي مشروعه السياسي
( المواطنة ) الدولة والمواطن .


فهذه الحالة الاستلابية الجديدة التي ميزت بتصدع الفرد وانشقاقه بين ذاته وهويته اي تصدعه وانشقاقه بين ماهيتين وهما ماهيتان متناقضتان متنابذتان لا توافق بينهما , ماهيته كمواطن وماهيته كمنتج . فالمواطنية بالمشروع السياسي للبرجوازية يفترض المساواتية , في حين انه يعيش في حالة من الاستغلال والتفاوت الشديد كمنتج يتعرض لنهب قوة عمله وبالتالي فأن هذه المواطنة شكلية وهي جوهر انتقادنا لمفهوم المجتمع المدني . فالمواطنة اذا هنا شكلية تماما لآن المساواتية شكلية في المجتمع المدني ,وهي لن تتحقق الا بتحرر الفرد من ازدواجية النقيضين , فتعرف فلسفيا عند اقتراب الخاص من العام . اي توافق الحرية السياسية مع شروط الحرية التي يصل اليها المجتمع الشيوعي . وان التصدع بين العام والخاص الذي احدثته البرجوازية في كل فرد هو الهدف الذي يوجه ماركس اليه ضرباته الانتقادية باعتبارها اكبر تجسيد للاستلاب البرجوازي . وكان ماركس قد استعمل في بداياته عبارة المجتمع المدني عندما كان هيغليا لكنه مالبث ان عدل عنه مستبدلا اياه بمفهوم المجتمع البرجوازي . لانه كما تعرفون فأن الماركسية ترعرعت في موروث الفلسفة اللبرالية الكلاسيكية الأوربية وبالتالي فقد وصل ماركس الى تلك الحقائق عن مفهوم المجتمع المدني هذا المجتمع الذي تترسخ فيه سلطة البرجوازية كطبقة مسيطرة بديكور اسمه الدولة الديمقراطية البرجوازية والتي تكرس كما اسلفنا الانفصال في حياة الانسان ككائن اجتماعي , وهذا الانسان يتحول في المجتمع الرأسمالي الى ( عضو موهوم في سيادة موهومة ) و يتحول الانسان الى مجرد اداة وبصبح لعبة في يد قوى متسلطة مالكة لوسائط الانتاج , فيتحول الانسان الى اسير العزلة الانانية في مجاهل الاقتصاد البضاعي وحبيس القوى الغريبة التي تهدده وتطحنه , وبالتالي يبتعد الانسان عن الحياة الانسانية الحقة التي هي وفق تعبير ماركس حياة كائن نوعي .


ان دعاة المجتمع المدني في وسط اللعبة السياسية وهم ساقطون فيها وبالتالي فهم بدون ايديولوجية مناقضة للسلطة البرجوازية فأنهم سيقعون في مطب خدمة مصلحة الدولة السياسية البرجوازية مهما موهو او اعتبروا انفسهم بحسن نية بعيدين عن السلطة القمعية سلطة رأس المال ..

ان الهدف الاساسي وراء تشجيع المجتمع المدني هو كبح العمل الثوري المناهض للدولة البرجوازية (لسلطة رأس المال) . يقول رئيس مركز ابن خلدون وهو من غلات مشجعي المجتمع المدني المتأمركين بلا خجل عن تنظيمات م, م الممولة من الغرب ان اهدافها وهو تحصين الدولة من الاضطرابات الاجتماعية , وان هذه التنظيمات تقنن السلوك الاحتجاجي لأعضائها في مواجهة الدولة وتسقط ائ فعل ثوري من خلال ملئ جيوب انصارها اثناء قيامهم بأي عمل احتجاجي لصالح هذه المنظمة او تلك ( فكل المظاهرات والفعاليات تتم بتمويل من المنظمة المعنية على ان تصب هذه الفعاليات لمصلحة المنظمة والدولة الممولة لهذه المنظمة وخاصة الدول الكبرى الرأسمالية ونهجها الديمقراطي المزيف , والعراق برهان على ذلك ) وتشرف وكالة المخابرات الامريكية على جميع التمويل بالعالم حتى لو كانت من دول رأسمالية اخرى ( منظمة اولبرايت , السفارة الامريكية وكذلك سفارات جميع الدول الاوربية والمنظمات المشبوهة لهذه الدول وهي معروفة ) المهم في كل ذلك هو سيطرة قوى الامبريالية العالمية ونهجها وطغيانها وقمعها للشعوب . ان اللبرالية الغربية الرجعية بقيادة البرجوازية تمثل الاقلية , اما سلطة الطبقة العاملة بقيادة احزابها الشيوعية الحقيقية والتي تؤمن بسلطة الاكثرية , سلطة جميع شغيلة اليد والفكر ( دكتاتورية الطبقة العاملة ) ..


ان القوى الامبريالية التي تروج للمجتمع المدني تستخدم المنظمات م.م لتنفيذ سياساتها في السيطرة على مقدرات الشعوب . وذلك بعد دراسة مطولة قام بها مجموعة من الشيوعيين في سورية والعراق والأردن ولبنان ومصر حيث وجدنا ان المنظمات غير الحكومية منظمات يساروية , ويساروية كون القائمين عليها شخصيات يسارية بل الكثير منهم شيوعيين سابقون او احزاب تسمي نفسها شيوعية ولكنها غير شيوعية و تحريفية وهي اكثر خطرا من العدو الحقيقي المتمثل بطغيان رأس المال وسلطته , و اسماء ثقافية اخذت شهرتها من ثنوات اليسار التاريخية , ولهذه الجمعيات عادة مقرات ومكاتب تقام في ارقى الاحياء في مراكز المدن , وتمويل هذه الجمعيات بمعظمه امريكي او بأحسن الاحوال اوربي كما اسلفنا , ونسجل عليها هذه الملاحظات تسعى لتجميع اكبر عدد ممكن من النخب اليسارية والشيوعية السابقة ومن المتميزين في الادب والسياسة والفن وذلك


لتسخير رصيدهم الجماهيري والدولي في اوساط الفقراء والكادحين لمصلحتها والمنشأة من اجلها , وهي تغرق الكثير من المثقفين في وهم الفعل دون فاعلية تذكر وبالتالي تحويلهم الى شخصيات اصلاحية خيرية لا بل مروجة للثقافات المتأمركة الرأسمالية وخلق الشك والتشكيك في اسس التميز الوطني الثقافي والسياسي وزعزعة الاستقرار الوطني
- تمنح عادة هذه المنظمات من الممولين اجورا مرتفعة لتلك الشخصيات الدائرة في فلكها ويزداد الثمن بزيادة اهمية الشخصية اجتماعيا وسياسيا ( كاتب , فنان , قائد في حزب يساري , مفكر , صحفي .. ) وقد يتم منح هذه الاموال ليس بشكل مباشر فقط بل لقاء خدمات واهية لتبرير شراء الذمم او للاستدراج , وبالتالي تتم عملية الافساد الحقيقي لهذه الشخصيات عبر المال السياسي ..


ومن هنا يتضح ان هذه الجمعيات تعتبر حصان طروادة لاختراق الاحزاب الثورية وتدميرها , ومن ناحية اخرى سوى محاولة تجميلية لقبح الامبريالية المجرمة التي طالما كانت جزارا حقيقيا عبر تاريخها , بغية كسر الحاجز النفسي ونسيان التراث الطويل من النهب والطغيان , ولتمرير مشاريع اقتصادية واجتماعية لصالح الاحتكارات الامبريالية , وخلق شعبية مؤيدة لوصفات صندوق النقد والبنك الدوليين ومنظمة التجارة العالمية وتأييد فكرة الخصخصة والعولمة الرأسمالية , والمصارف الخاصة وأسواق البورصة والاستثمار الاحتكاري .. من هم الان في خندق المجتمع المدني , انهم مجموعة غير متجانسة ومضحكة فهم قادمون من اوساط اليسار والحزب الشيوعي , ووجدوا انفسهم في نفس الخندق مع القوى الرجعية الاسلامية ولم يعيدوا النظر بشعاراتهم والنهج التحريفي الذي هم عليه بل اعادوا النظر بالقوى الرجعية والظلامية وتملقوا لها عبر لقاءات وتحالفات مشبوهة . وكان الداعم الحقيقي والمفعل الاساسي لهذه المنظمات هي الولايات المتحدة وخاصة الدوائر الصهيونية حيث رصدوا لها مبالغ مالية ضخمة ولكن من المستفيد ..!!


ان دعاة المجتمع المدني والمنظمات غير الحكومية هم أجزاء من مخطط امبريالي مبرمج للمنطقة من اجل تمرير مشاريع الامبريالية في السيطرة على مقدرات وثروات الشعوب وإخضاعها لهيمنتها وسيطرتها. في العراق هناك ألآلاف من هذه المنظمات تعمل في العراق مسجلة أو غير مسجلة !! . بعض هذه المنظمات تابعة لحزب البعث وجماعات الارهاب التكفيري الدولي وبعض العوائل التي كانت مرتبطة تاريخيا في برطانيا , وكذلك المخابرات العراقية السابقة وهيئة علماء المسلمين وقوى شيعية جديدة وقديمة وهي من افرازات رحم حزب البعث المنحل . والعراقيين يعرفون جيدا ان هذه المنظمات ونشاطاتها الضبابية هي الضحك على الذقون وإيهام الشعب العراقي الذي ابتلى بهم وذاق الويلات والدمار منهم ومن المحتلين الذين جاء بهم صدام وهلل لهم المستفيدين منهم حاليا على اشلاء وضحايا شعبنا المغدور والمبتلى بهذه القوى الكريهة والمجرمة ..
ومن المثير لإطلاع القراء الكرام أنه في روسيا *بوتين* تم سن قوانين تجرم منظمات المجتمع المدني وتعتبرها شبكات تجسس لدول أجنبية

الموضوع قديم وجب طرحه من جديد للأهمية
30/8/2018
المصادر .. ماركس .. باروت .. غرامشي .. صحافة ماركسية ويسارية عربية وروسية








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. ممثل صندوق الأمم المتحدة للسكان في فلسطين: ما رأيته في غزة ي


.. آلاف اليمنيين يتظاهرون في صنعاء دعماً للفلسطينيين في غزة




.. إيرانيون يتظاهرون في طهران ضد إسرائيل


.. اعتقال موظفين بشركة غوغل في أمريكا بسبب احتجاجهم على التعاون




.. الأمم المتحدة تحذر من إبادة قطاع التعليم في غزة