الحوار المتمدن
- موبايل
الموقع
الرئيسي
مُعَوّقات الإتفاق بين الأطراف
ييلماز جاويد
(Yelimaz Jawid)
2018 / 8 / 30
العمل المشترك بين القوى اليسارية والعلمانية والديمقرطية
يختلف المحللون السياسيون في طريقة إستقرائهم المعطيات التي أفرزتها الإنتخابات العامة التي جرت في الثاني عشر من أيار 2018 ، ولذلك تختلف إستنتاجاتهم التي يتخذونها أساساً لتقييم القوى السياسية المتصارعة في الساحة لتكوين الكتلة الأكبر في البرلمان والتي يمكن أن تكون مؤهلة لتكليفها بتشكيل الحكومة القادمة . تبيّن للجميع ، واضحاً ، وجود كتلتين رئيسيّتين " سائرون نصر الحكمة الوطنية " و " الفتح والقانون " . وعلى الرغم من مرور أكثر من ثلاثة شهور ونصف على إجراء الإنتخابات لم تستطع الكتلة التي تدعي أنها تمثل " السنة العرب " أن تخرج من قوقعة التخندق الطائفي ، مما أدى إلى إستفحال الخلافات بين أطرافها ، ظاهرها الخلاف على الشخص المؤهل لترشيحه لمنصب رئيس مجلس النواب وكأنما " العملية السياسية " التي بُنيت في 2003 على أساس المحاصصة ، إنما هي أزلية ، وأن منصب رئيس البرلمان هو مسجّل بالطابو بإسم السنة ! وكذا الأحزاب الكوردستانية التي ما زالت ، هي الأخرى ، متخندقة في فكر التعصّب العنصري الإنعزالي ، وتعمل جاهدة لتجميع الأطراف كلها لغرض تشكيل وفد موحّد للتفاوض مع الأحزاب الأخرى في بغداد ، بذريعة " يجب إيجاد فهم موَحّد للكرد " متناسين أن الأحزاب الكوردستانية ، وعبر التاريخ كانت متعارضة في مصالحها والمصالح الشخصية والفئوية لقادتها ، والتي تخللتها في كثير من الحالات أعمال عنف بل وحروب كانت سبباً لضحايا كثيرة . ينظر قادة هاتين الكتلتين إلى الظرف الدقيق والخطير الذي يمر به العراق بقصر نظر ويحصرون أفكارهم في قضايا ثانوية ، ويتركون القضية الأهم ، وهي قضية مصير العراق ، من حيث يكون ويتقدّم ، أو لا يكون ويتقهقر . إن الفكر السويّ يتجه بصورة عامة إلى أن الإنسان يركب المركبة التي توصله إلى الطرف الآخر بسلام ، و لا يختار المركبة المجرّبة التي لم تثبت عجزها فقط بل أوصلت البلاد والعباد إلى حافة هاوية .
يصل جميع المحللين السياسيين في إستنتاجاتهم لتفسير عدم وصول المتصارعين إلى تفاهم " منطقي ومعقول " لتشكيل الحكومة ، إلى عدم إمكان التفاهم بينهم على تقاسم المناصب ، على الرغم من تطرّق الكثير منهم إلى نقاط يسمّونها " شروط " ، ولكن الجميع متفقون على أن هذه " الشروط " ليست نقاطاً حمراء بل يمكن التفاوض والتفاهم بشأنها . إلاّ أن الحقائق " المجرّدة من كل غلاف " ، وكما أراها من وجهة نظري الشخصية ، غير ذلك . ففي حالة وجود كتلتين كبيرتين أفرزتهما نتائج الإنتخابات ، وما تبع إعلان تلك النتائج من لغط حول التزوير الذي شابها ، كان أبطالُ دعوى التزوير هم الخاسرون في الإنتخابات ، ومعلوم أن سقوط أكثر من 280 نائباً من مجموع 328 نائب في مجلس النواب الذي كان عماد النظام لدورتين إنتخابيتين كان إدانة واضحة لتلك الحقبة ، ومن المعلوم أيضاً أن واحدة من الكتلتين الكبيرتين تمثل تلك الحقبة وتريد إستعادة إعتبارها وهيبتها والحفاظ على إمتيازاتها ، أمّا الكتلة المقابلة فهي التي كانت طوال السنوات السابقة تحتج وتدين أعمال تلك الحكومات سواء بالتظاهرات في ساحات العاصمة والمدن أو الإعتصامات . إن كسب الجبهة هذه لأصوات أبناء الشعب والتي أولتها المرتبة الأعلى من عدد النواب في مجلس النواب الجديد ، والتحالفات التي حققتها ، تُعدُّ الفرصة الحقيقية للتمهيد لبناء عراق جديد مبنيٍّ على أساس حق كل فرد بالتساوي مع أخيه العراقي بدون تمييز أو تهميش .
من هنا يمكن الوصول إلى جوهر الخلاف بين الكتلتين ؛ الخلاف الذي لا يمكن التفاهم حوله ، الخلاف الذي لا يمكن التصريح بكنهه لحراجته السياسية ، الخلاف الذي يتكوّن من أعمال ( مختلفة ومتدرّجة في الحجم والأهمية ) حدثت خلال فترة ما بعد 2003 إلى الآن .
كتلة كانت قد سيطرت على الحكم لأكثر من عقد من الزمن ، حدثت خلالها أنواعٌ من أعمال " الفساد " كبيرة" و" صغيرة نوعاً ما " ؛ إستغلال المناصب لتحقيق مكاسب مادية ، سواء في الرواتب والإمتيازات ، وتشغيل الفضائيين والأقارب ، الكسب من خلال العمولات في العقود المبرمة ، إفتعال الحرائق في طوابق العقود في أكثر من وزارة ، غسيل الأموال وتحويل العملة الصعبة بصورة غير قانونية إلى الخارج بحجج عقود وهمية أو لشركات لها إرتباطات بمسؤولين ، الإستحواذ على أموال وعقارات الغير ، تهديد حياة المواطنين ، بل وتأسيس عصابات تنفذ جرائم السطو والقتل ، إيواء وتكوين حاضنات آمنة سواء لعصابات القاعدة أو الدواعش ، التعاون مع الأعداء وتسهيل عمليات حصولهم على الأسلحة والأموال بل وبيع الأسلحة لهم ، وآخرها هروب قادة عسكريين من ساحة المعركة مع الدواعش وتسليم مساحات شاسعة من أرض الوطن إليهم بدون مقاومة ، مما أدى إلى إستباحة مدن كثيرة وما فعل الدواعش من تدمير ونهب وسلب وإغتصاب وإعتداء على الأعراض وبيع النساء في سوق النخاسة ، والمجازر التي أرتكبت بحق المواطنين بضمنهم جريمة مجزرة قاعد سبايكر . إنّ هَمُّ أعضاء هذه الكتلة هو الحصول على ضمانات تحميها من المساءلة عن جميع الجرائم التي حدثت في تلك الحقبة ، وليس غريباً أن يكون أحد قرارات مجلس النواب المنتهية ولايته في جلساته الإستثنائية التي عُقدت بعد إعلان نتائج الإنتخابات " منح الحصانة لجميع أعضاء مجلس النواب مدى الحياة " ، مما يدل على محاولة أخيرة لدرء خطر المساءلة فيما بعد . أما الكتلة الكبيرة الأخرى ، فقد ورد ضمن برنامجها المعلن " مكافحة الفساد " بصورة عامة ، وليس واضحاً تماماً ، ما مدى المكافحة ، نوعاً وسعة ، ما دامت هذه الكتلة قد أعلنت أنها ستعمل على بناء الكتلة الأكبر التي تشمل جميع الأطراف ، وحكومة " أبوية " ! مما يصرف الذهن إلى أن " الأب قد يغفر لأولاده بعض الأعمال ! " . وما يقال عن أسباب صعوبة إيجاد التفاهم بين الكتلتين الكبيرتين ، يمكن أن يُقال عن تكتّل " السنّة العرب " فهم أيضاً منقسمون فيما بينهم بخصوص حاجة البعض منهم لضمانات ضد المساءلة ، وبالتالي يصعب عليهم التقرّب من الكتلة الكبيرة الثانية التي أعلنت مناهضتها للفساد دون أن ترسم الخطوط الواضحة عن ماهية أنواع الفساد القابلة للتفاهم بشأنها ، والأنواع العابرة للخطوط الحمراء . أما الكرد الذين إختلفت مصالح قادتهم طوال فترة نضالهم من أجل " حقوق الأكراد " كلٌّ بطريقته الخاصة ، وإختلافاتهم وحروبهم فيما بينهم حتى من أجل واردات الگمارك من المنافذ الحدودية ، وحقيقة وجود حكومتين واحدة في أربيل والثانية في السليمانية ، وتعارضهم ليس فقط في موضوع إحتلال الدواعش للموصل وأسلوب التعامل مع الواقع ، وكذا حتى إختلافهم في مسألة الإستفتاء ، يظهر بجلاء ميلان كتلة سياسيي " السليمانية " إلى كتلة " الفتح والقانون " بينما يعرف سياسيّو أربيل مدى تعنّت تلك الكتلة وإمتناعها عن تحقيق أي شيئ من أجل الكرد طوال سنيّ سيطرتها على الحكم ، بل بالعكس عملت على قطع التمويل عن الإقليم وعدم صرف رواتب الپيشمرگة بحجج واهية . إن الوفد المفاوض الكردي " الموحّد " ، على الرغم من إستنزاف تشكيله وقتاً طويلاً ، حتى وإن تحقق ، فهو تجميع هش قد يؤدّي إلى إنفراطه عند التفاوض ، وقد يكون سبباً في عرقلة التوافق مع التحالف الصحيح الذي يخدم القضية الكردية . لقد أضاع الديمقراطي الكوردستاني الكثير من الوقت الثمين لبناء " وفد كردي موحّد للتفاوض مع بغداد " بينما توجد في بغداد كتلتان واحدة مجرّبة أنها لم تعطِ وسوف لا تعطي في المستقبل لأنها لا تؤمن بهذا الحق للكرد ، حتى وإن أعلنت ذلك شفاها أو كتابة ، فتجارب الماضي شاهدة ، بينما الكتلة الثانية معروف عن أطرافها الإخلاص للعراق كوطن ولسكان العراق كشعب واحد ، دون النظر إلى إنتماءاتهم العرقية والدينية ، كمواطنين متساوين في الحقوق والواجبات ، فمن نافل القول ، أن الطريق الصحيح للديمقراطي الكوردستاني أن يبتعد عن موقف التعصّب العنصري ، و ينظر إلى القضية بمنظار بعيد المدى ، ولمستقبل العراق الفدرالي الحقيقي الموحّد الذي تتحقق فيه طموحات كرد العراق ، لحين تسمح الظروف الإقليمية والدولية في المستقبل لخطوات أعمق من ذلك .
بناء الكتلة الأكبر والحكومة الواعدة يكون بتعاون الجميع من العراقيين المخلصين الشرفاء .
|
التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي
.. Read the Socialist issue 1268
.. Socialism the podcast episode 130 The fight for worker’s pol
.. المحكمة الابتدائية في تونس تقضي بإعدام 4 أشخاص أدينوا باغتيا
.. حكم بإعدام 4 مدنيين والمؤبد لشخصين بقضية اغتيال شكري بلعيد ف
.. شاهد: غرافيتي جريء يصوّر زعيم المعارضة الروسي أليكسي نافالني