الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


في الثابت و المتغير

علجية عيش
(aldjia aiche)

2018 / 8 / 30
مواضيع وابحاث سياسية


سؤال يتجدد مع اقتراب موعد سياسي حساس فيه يقرر الشعب الجزائري مصيره في ظل دعوات التغيير لاسيما المعارضة التي عبرت عن رفضها لعهدة خامسة، سواء كانت حركة مواطنة أم بقية الأحزاب الإسلامية، هذه الأخيرة كلما جاء ذكرها إلا و أعادت إلى الذاكرة الحرب الأهلية التي وقعت في الجزائر في بداية التسعينيات، من أجل إقامة دولة إسلامية دستورها القرآن ( إن صدقت النوايا طبعا)، ما دفع بالديمقراطيين إلى القول: أن الإسلام غير قادر على الممارسة الديمقراطية، و كانت هناك نقاشات عميقة حول الثنائي " الدين و السلطة"، و هو ما أدّى إلى نشوء صور مختلفة لتنظيم الدولة، و الاثنان كانا يسيران على منهج المعارضة، و لكلّ رؤيته الخاصة في بناء أرضية صلبة في ترسيخ الهوية و تكوين الأمّة و حماية الشباب من التفسخ، و وضع حد لكل أشكال الهيمنة، من جهتهم يمكن القول أن الإسلاميين بالغوا في فرض أفكار متشددة و بعيدة عن الواقع، لدرجة أنهم كفروا بالديمقراطية و كفّروا أصحابها، هذه الديمقراطية التي حظيت باهتمام الكثير من المفكرين في كتاباتهم، و من بينهم المفكر الجزائري مالك بن نبي الذي تحدث في كتيب له باللغة الفرنسية عن الديمقراطية في الإسلام، في ما وصف دعاة الانفتاح الإسلاميين بأسماء عديدة منها الرجعية، الأصولية و غيرها، يقول محللون أن الحرب الأهلية في الجزائر كانت عبارة عن حرب دينية مضادة، حرب بين الدولة و المسجد، حيث كان الدين له أهمية كبيرة في الخطاب السياسي الذي كان يمهد لميلاد دولة جديدة تلغى فيها القوانين الوضعية و النظام العلماني و يطبق فيها شرع الله، و تعتبر المجتمع تبعا للتصور الديني، و اعتبروا أن القوانين التي جاءت بها الشريعة الإسلامية قوانين مطلقة لا ينبغي أن تناقش، و واجب تطبيقها حتى لو كانت عن طريق العنف باسم "الجهاد"، كانت الحرب الأهلية في الجزائر حرب الداخل مع الداخل و ليس حرب الداخل مع الخارج، و لو أن محركها من الخارج ، و ظهر ما يسمى بالإسلام المسلح، لم تنته هذه الحرب إلا بعد لقاء روما.
هذه القراءة ليست من أجل إحياء البغضاء و نحن نعيش المصالحة الوطنية، و إنما الهدف منها هو تحديد الصراع القائم ، و هو من دون شك صراع بين الثابت و المتغير، صراع بين الأصالة و الحداثة، بل كان صراع أجيال، بحيث يريد الجيل القديم أن يفرض سيطرته على الجيل الحالي ، و هو جيل الإنترنت جيل وجد نفسه مجبر على التكيف مع العولمة، و مسألة الثابت و المتغير هي قضية محورية و أساسية في موضوع التجديد ( إن الله يبعث لهذه الأمة على رأس كل مائة سنة من يجدد لها أمر دينها)، و التجديد لا يعني التخلص من القديم الذي يتحول إلى موروث تعتز به الأمم، أو محاولة هدمه و محوه، إلا أن الإسلاميين أصحاب الفكر التطرفي لا يقبلون فكر التجديد، لأنهم ينظرون إلى الأمور من زاوية دينية فقط، و يرون في دعاة التجديد أنهم يريدون إلغاء الدين و استبداله بدين جديد، و كان الشيخ الغزالي من دعاة التجديد من خلال كتابه بعنوان: "جدد حياتك"، و إنما التجديد هو إعادة النظر في الحياة الدينية للمسلمين، و تصحيح أخطاء ارتكبت بعد وفاة الرسول انطلاقا من موقع السقيفة، و الواقع أنه مع ما تشهده الأمة من استيلاب حضاري، بدأ نفر من أبناء هذه الأمة يتناولون النص الشرعي بقراءة عرفت بـ: " الحداثية" أو القراءة الجديد للنص القرآني، و هي كما يقول محللون قراءة تأويلية، و تسعى هذه القراءات الحداثية لإحداث القطيعة مع القراءات التراثية، و إلى أن تفهم النص الذيني فهما مزاجيا متلونا متقلبا مع كل عصر و ظرف بدون ضابط أو رابط، و من هذا المنطلق دأب الباحثون على تتبع مفهوم الحداثة و سياقها التاريخي لدى المثقفين العرب و مقارنتها مع الحداثة الغربية للنص الديني، و الوقوف على مختلف جوانبها ( ثورية النص، عقلية النص و أنسنة النص)، و الحداثة كمصطلح يعني الجِدَّةُ ، و هي لفظ أوروبي المنشأ، ففي الإنجليزية نقرأ modernisme و modernity و في العربية نجد المفهوم مختلف فمن حداثة إلى عصرنة و معاصرة، و المعاصرة تعني إحداث تغيير و تجديد في المفاهيم السائدة و المتراكمة عبر الأجيال نتيجة تغيير اجتماعي أو فكري أحدثه اختلاف الزمن، في حين يرى بعض المفكرين أن الحداثة مذهب أدبي أو نظرية فكرية تدعو إلى التمرد على كل ما هو ثابت، و الانقلاب على القديم الموروث بكل جوانبه و مجالاته، يبقى السؤال المطروح هو: هل كل ما ثابتٌ مقدسٌ؟ و هل كل ما هو متغيرٌ مُدَنَّسٌ؟ تلك هي المشكلة..








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. عقوبات أميركية على مستوطنين متطرفين في الضفة الغربية


.. إسرائيلي يستفز أنصار فلسطين لتسهيل اعتقالهم في أمريكا




.. الشرطة الأمريكية تواصل التحقيق بعد إضرام رجل النار بنفسه أما


.. الرد الإيراني يتصدر اهتمام وسائل الإعلام الإسرائيلية




.. الضربات بين إيران وإسرائيل أعادت الود المفقود بين بايدن ونتن