الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


لماذا لا تصلح الديموقراطية في المجتمعات الإسلاموية؟ محاولة تفكيك الواقع المتأزم في مصر 2/5

ياسين المصري

2018 / 8 / 30
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


-2-

بعض المآخذ على الديمقراطية
يقول الكاتب الأيرلندي الساخر جورج برنارد شو في مسرحية (الزواج): "إن كل تقدم معناه الحرب مع المجتمع". وهذا صحيح إلى حد كبير، لان البشر يميلون بطبعهم إلى التكيُّف مع ما يحققه لهم الواقع، فيقف الكثيرون منهم بصلابة في وجه أي التغير من نوع ما، ولا يرغمون على قبوله إلَّا بعد معاناة وألم شديدين أو حدوث كارثة تمس صميم حياتهم.
ومن ناحية أخرى نجد أن جميع المسارات السياسية في أي نظام حكم لابد وأن يعتريها الفساد أو الخطا في وقت ما، لأنها مسارات تخضع للمصالح البشرية المتغيرة والمتعددة والشديدة الاختلاف والتعقيد، وتعاني من اللامبالاة والتكيُّف مع الواقع، وهنا يتوقف الأمر دائمًا على أسلوب معالجة الخطأ في النظم الديمواقراطية.إن أخطاء المسارات السياسية في النظم الديموقراطية لا تعالج إلا بأساليب ديموقراطية، تقرها أغلبية المواطنين أو ممثليهم وتقبل بها الأقلية الباقية، ويلتزم بها الجميع معًا. عندئذ يظهر دور المعارضة لتعرض ولاءها للشعب ووفاءها لمبادئ الديموقراطية كي تزيد من شعبيتها، فتساهم مع الحكومة بشكل جدي وصادق في البحث عن الحلول الناجعة، لأن كلاهما يعمل من أجل هدف واحد هو خدمة المواطنين، والاستحواذ على موافقة أغلبيتهم في الانتخابات المقبلة.
ولكن السؤال الأهم هو:
هل يمكن أن تصبح الديموقراطية سفينة يقودها الحمقى والمعاتيه؟
الفيلسوف اليوناني أفلاطون (عاش 427 ق.م - 347 ق.م) لم يغفل هذا الأمر، فأتى، في الجزء السادس من كتاب الجمهورية، بحوار على لسان سقراط يسأل أديمانتوس:
" تخيّل أنك في سفينة ضخمة تشقُّ عُبَابَ البحار، مَن تريد أنْ يقود السفينة؟ أيُّ شخصٍ كان، أمِ العالِم بفصول السنَة وحركة النجوم والرياح والمد والجزر والمتمرس الخبير بقوانين الإبحار؟
فرد أديمانتوس: العالِم طبعاً.
ماذا ستفعل إذا قرَّر المسافرون اتباع نظام ديمقراطي في قيادة السفينة، وخسر القبطان وطاقمه في الانتخابات، وليس فيهم من تعلم القيادة؟
ماذا ستفعل إذا قرَّر المسافرون اغتيال القبطان أو تخديره ورميه في البحر مع طاقمه؟
ماذا ستفعل إذا رأيتهم يلقون بالمؤونة والأرزاق في البحر أو يهدرونها في يومٍ واحد؟
هل من المنطقي أنْ تنجو سفينة الحمقى والمغفلين وتصل إلى هدفها المنشود؟ وفي البحر عِدَّة سفن أخرى للحمقى، تتسابق إلى الهاوية.
لماذا إذن تعتقد أنَّ أيَّ إنسان بالغ له حق القرار في اختيار الشخص الذي يحكم البلاد؟ "
من الملاحظ أن أفلاطون كان على معرفة ويقين بما يرمي إليه، ولذلك ركز بشكل أساسي على أن يكون القادة ورجال الحكومة مؤهلين للعمل السياسي، وأن تعمل الديمقراطية على مراقبة آدائهم وعزل المقصرين منهم في الوقت المناسب. وهذا بالضبط ما تقوم به المعاهد العلمية المتخصصة والأحزاب السياسية الحاكمة والمعارضة ووسائل الإعلام المختلفة في النظم الديموقراطية المتقدمة.
الفيلسوف الإيرلندي جوردون جراهام Gordon Graham الذي يتبنى الحكم اللاسلطوي (الفوضوي)، لم يعترض في كتابه: "قضية مرفوعة ضد الدولة الديمقراطية"
The Case Against the Democratic State, Charlottesville, Va.: Im-print- Academic
على خاصتين للديمقراطية، الأولى هي قدرة أفراد الشعب على أن يملوا على السياسيين الكيفية التي سيحكمونهم بها؛ والثانية قابلية أكبر عدد من الناس للمشاركة في الانتخابات؛ ولكنه اعترض على خاصية ثالثة، بل واعتبرها من أهم مساوئ الديمقراطية، وهي أن يكون لكل شخص من أفراد الشعب البالغين (عدا السجناء والمجانين) الحق في الإدلاء بصوته ومن ثم القدرة على المشاركة في الحياة السياسية بغض النظر عن المؤهلات الثقافية أو العلمية التي يحملها، مما يتسبب في حدوث خلل في نظام الحكم قد يؤدي إلى إنهيار الدولة. يقول جراهام في مقدمة الكتاب: "إن الفكرة التي قدمها أفلاطون عن سفينة الحمقى تثبت أن الديمقراطيات القديمة أو الحديثة تحتوي في طياتها على مشكلات غير قابلة للحل، حيث أن مشاركة جميع الأفراد في الحياة السياسية تعني أنه لا بد أن يمتلكوا جميعهم نفس المستوى من الثقافة والوعي والخبرة بالأساليب المثالية للحكم حتى يمكنهم الاختيار على هذا الأساس، إضافة إلى اتفاقهم على نفس الاهتمامات السياسية في كل مرة يدلون فيها بأصواتهم، وهو الشيء الذي يستحيل تحقيقه عملياً، ويجعل من الحكم أداة في أيدى عصبة من الجهلاء وعديمي الخبرة".
ويذهب جراهام إلى أن "الديمقراطية الاجتماعية"، "تعكس قدرة أغلبية الشعب على اتخاذ القرار أياً كان نوعه. فإذا صوتت الأغلبية مثلًا على قتل مليون شخص، فإن الحكومة سوف تكون ملزمة من واقع المبادئ الديمقراطية بقتل هؤلاء أو على الأقل بمحاولة قتلهم".
أما "الديمقراطية الليبرالية" المطبقة حاليًا في معظم دول أوروبا وهي نظام حكم تذعن فيه الحكومة - أيضًا - لرأي الأغلبية، ولكن على ألَّا يضر هذا الرأي بالحريات الشخصية للأفراد وحقوقهم في الحياة وحرية المعتقد والتعبير عن آرائهم بأيّة وسيلة سلمية مهما كان نوعها، إي أنها يجب أن تحترم حقوق الإنسان وتمنع الأغلبية - على الرغم من حقهم في اتخاذ القرار - من الفتك بالأقليات.
ومع أنه يرى هذه الديموقراطية على أنها تعكس أفضل نظريات الحكم التى عرفها العالم على مر التاريخ، إلَّا أن هذا لا يمنع (بحسب رؤيته) من وجود بعض العيوب الجوهرية، أولها: العيب التقليدى الذي أشار إليه أفلاطون، وثانيها: قابلية هذا النوع من الديمقراطية للتحول إلى النوع السيء لأن الضمان الوحيد لحمايته للحريات هو احترام الحاكم لحقوق الإنسان وقدرة مؤسسات المجتمع المدنى على الدفاع عنها، وإيقاف الحاكم أو عزله إذا اقتضى الأمر، وهو ما يمكن الإخلال به في أي وقت أو حتى تزييفه في ظل رضا الأغلبية عن هذا الخلل.
واعترض جراهام على وجهة نظر عالم الرياضيات والفيلسوف الإنجليزي توماس هوبز (1588-1679)، التي تقول: " إنه بدون الحكومة، قد ينهار المجتمع، إذ تصبح الحياة انفرادية ، فقيرة ، سيئة ، وحشية وقصيرة"، أي أن المجتمع بدون حكومة يصبح فوضويًا، والفوضى سيئة. بقوله إنه: "إذا كان هدف الحكومات هو منع الفوضى، فإنها بحد ذاتها كانت ولا تزال بعيدة عن النجاح. وكانت السبب الرئيسي للصراعات والحروب في كل العصور التاريخية، وما زالت السبب الرئيسي لصراعات وحروب اليوم. فكانت هي المسؤولة عن تجاوزات كاليجولا، وعن معسكرات الموت في عهد ستالين وهتلر، وعن الثلاثين مليون شخص الذين ماتوا جوعا في الصين في عهد ماو تسي تونغ. وهي المسؤولة، اليوم، عما يحدث في زيمبابوي وكوبا وكوريا الشمالية ".
ويذهب إلى أن الحكومات لا تفشل فقط في منع الجريمة، بل هي التي تخلق الجريمة، واستشهد (بحظر) بالولايات المتحدة الأمريكية، التي خلقت المافيا، وأن كل الحكومات الغربية سنت قوانين ضد استخدام القنب والهيروين والكوكايين والمخدرات الأخرى. ولكن هذه القوانين لا تمنع الأشخاص الذين يتعاطون المخدرات فحسب، بل وتسمح أيضًا للمجرمين بإدارة إنتاجها وترويجها، لتكون بذلك ثالث أكبر صناعة في العالم بعد السلاح والنفط، وبالتالي يصبح المجرمون أثرياء للغاية. فتكون العواقب كارثية على القوم العاديين وحدهم.
كذلك نجد الكاتبة سوزان روم أكرمان في كتابها "الفساد والحكم" الصادر عن الاهلية للنشر والتوزيع والطباعة - لبنان 2003، وقد اعترفت بأن الفساد يشكل جزء لا يتجزأ من النظم الديكتاتورية، إلا أنها تحدثت عن بعض العيوب في النظام الديموقراطي، أهمها من وجه نظرها: " إن الديمقراطية تسمح بتمرير الفساد. فالفساد لديه قدرة كبيرة على التفشي في النظم الديموقراطية، خاصة في غياب آليات عملية على أرض الواقع تستطيع منعه بالشكل الكافي ".
وتلخص فكرتها في قدرة المؤسسات المالية الضخمة على التلاعب بأصوات الناخبين من خلال دفع الرشاوي الانتخابية أو تمويل الحملات الانتخابية لمرشحين معينين لمناصب سياسية مهمة. وجميعنا يعرف كيف يحتاج حزب ما أو شخص ما ينوي الترشح لمنصب سياسي إلى تمويل حملته الانتخابية، وهذا يفتح الطريق للمال السياسي - بطرق غير قانونية - وقد يتحمل عبء توفيره الأثرياء مقابل ضمان ولاء السياسيين الآتين من صناديق الاقتراع لهم. وبالإضافة إلى ذلك على حد قولها يمكننا أن نتخيل أيضاً كيف يمكن أن تتحكم رؤوس الأموال بالمؤسسات الإعلامية من أجل تزييف وعي الجماهير، لتكوِّن في النهاية تياراً من الرأي العام يتوجه بدوره للتصويت على قرارات تصب في مصلحة فئة تمتلك كماً أكبر من المال.
وترى سوزان كما يرى أمثالها أن الأفكار السائدة في المجتمعات الحديثة غالباً ما تكون انعكاساً لما يُعرف بالثقافة الجماهيرية (وهي مجموع الأفكار والمفاهيم السائدة في وسائل الإعلام والسنيما والكتب الأكثر مبيعاً)، وغالباً ما يتم تمرير هذه الأفكار إلى الجماهير دون أن تمر على معيار الدقة أو اختبار زائفها من صوابها، مما يخلق اتجاهاً عاماً في المجتمع للتصويت  لهذه الأفكار السائدة أياً كانت، في الوقت الذي يفقد فيه الفرد قدرته على تقييم الأمور وهو ما يعني فقدانه لاستقلاليته.
لا شك بان معظم أولئك المفكرين اللاسلطويين الذين يتوجهون دائمًا بالنقد للديمقراطية، على اعتبار أنها أحد أنظمة الحكم وترسخ مفهوم الدولة، يعتبرون أن الدولة مصدر للشرور ويسعون إلى مجتمعات بدون حكام. ولكنهم لا يؤسسون لمفاهيم استبدادية للحكم تعمل على الضد من المفاهيم الديمقراطية، ولكنهم في المقابل ليس في استطاعتهم تقديم بديل لها، بل يحاولون إقامة الحجة على أن المجتمعات الحديثة يمكنها الاستغناء عن السلطة تماماً وعن جميع نظريات الحكم التي ترتبط بها إستبداديةً كانت أو ديمقراطية. وهم على أي حال يخدمون الديموقراطية بنقدهم لها، إذ ينبغي عندئذ على الديموقراطيين أخذ أقوالهم دائمًا في الحسبان والعمل على تعديل مسار الديموقراطية باستمرار.
ونظرًا إلى أن الديموقراطية خاصة الليبرالية الاشتراكية تفترض بالضرورة وجود حس بالقيم المشتركة بين أفراد الشعب، لأنه بخلاف ذلك لا يحظى النظام بالشرعية السياسية المطلوبة. قد يفهم من هذا بالخطأ أن الشعب يشكِّل وحدة واحدة، ولكن العكس هو الصحيح، فلأسباب تاريخية تفتقد العديد من الدول إلى الوحدة كدولة قومية، لوجود فوارق لغوية ودينية وثقافية واقتصادية عميقة بداخلها، بل تكون هناك جماعات أو طوائف معادية للأخرى بشكل فاعل كالسنة والشيعة (في العراق وسوريا ولبنان مثلا). إضافة إلى أن الديمقراطية كما يظهر من تعريفها تتيح المشاركة الجماهيرية في صنع القرارات، مما (قد) يتيح لطرف استخدام العملية السياسية ضد طرف آخر أو يسمح للأكثرية الاجتماعية أن تطغى على الأقليات الأخرى في المجتمع. لذلك فإن النظم الديموقراطية الليبرالية الحديثة توجه اهتمامًا خاصًا لحماية الأقليات المتواجدة ضمن نفوذها، على العكس من نظم الحكم غير الديمقراطية، حيث يتم فيه كبت الأنفاس ومنع التنافس الداخلى من البروز إلى السطح كما هو الحال في جميع الدول الإسلاموية. من الطبيعي، عندما يخف هذا الكبت أو يزول المنع، تنطلق العصبيات ويحتد الصراع بين الجماعات الدينية والعرقية وأصحاب المصالح ويظهر جليًّا في شكل حروب دموية.
فعندما تفكك الإتحاد السوفيتي في عام 1991، وبدأت دول الكتلة السوفيتية السابقة بدمقرطة أنفسها، اندلعت الحروب الأهلية في يوغسلافيا السابقة وفي القوقاز ومولدوفا كما حدثت أيضًا حروب في أفريقيا والعراق وفِي أماكن أخرى من العالم الثالث. ومع ذلك تظهر النتائج الإحصائية بان سقوط الشيوعية والزيادة الحاصلة في عدد الدول الديمقراطية صاحبها تناقص مفاجيء وقوي في عدد الحروب بين الدول والحروب الأهلية والعرقية والثورية وفي أعداد اللاجئين والمشردين في الأوربيتين.
كما يؤخذ على الديمقراطيات الليبرالية المعاصرة أنها من تعريفها تسمح بالتبادل الدورية للسلطة وتغيير الحكومات في وقت قصير. (أربع أو خمس سنوات)، تواجه الحكومة بعدها انتخابات جديدة، لذلك تفكر مبكرًا في كيفية الفوز فيها، وهذا ما يشجعها على تفضيل السياسات التي تعود بالفائدة على الناخبين (أو على السياسيين الانتهازيين) في وقت قصير المدى قبل موعد الانتخابات المقبلة، بدلاً من تفضيل السياسات المرهقة وغير المحبوبة التي ستعود بالفائدة الجمعية على المدى الطويل. ولكن إذا توفرت رؤية واضحة وملزمة للجميع لما يجب أن يكون عليه الوطن في الحاضر والمستقبل، يصبح هذا الأمر غير ذي شأن يذكر. فالديموقراطية يجب أن تتحكم في الحاضر والمستقبل، بصرف النظر عمن يحكم.
قد يؤخذ على الديموقراطية قضية الاختيار الشعبي فيما يختص بدراسة كيفية إتخاذ القرارات لدى الناخبين والساسة والمسؤولين الحكوميين من المنظور الاقتصادي. فأحد المشاكل التي يجري تناولها بالدراسة في هذ الموضوع هي أن الناخب قد يشعر بالإحباط لاعتقاده أنه لا يملك الكثير من التأثير في مسار القضايا السياسية، فيصاب باللامبالاة أو الإهمال تجاهها، مما يتيح لمجموعات المصالح الخاصة والسياسيين الانتهازيين بما لديها من مال وتنظيم أن يقفزوا إلى السلطة ويتسببوا في إحداث أضرار بالمجتمع (مثلما فعل أدولف هتلر في ألمانيا، وَعَبَد الناصر وخلفاؤه من العسكر في مصر، ومحاولات الإخوان المتأسلمين الدائبة للقذف إلى السلطة).
كذلك فإن كلفة الحملات السياسية في الديمقراطيات النيابية قد تكون عالية جدًّا، مما يجعل النظام السياسي يفضل تشكيل حكومة من الأثرياء على حساب الفقراء. لذلك كانت الديمقراطية الأثينية في اليونان القديمة تخصص بعض المناصب الحكومية للمواطنين الفقراء بشكل عشوائي وذلك بهدف الحد من تأثير حكومة الأثرياء. ولعنا نذكر هنا أن عبد الناصر كي يلتف على هذا الأمر، جعل حق الإنتخاب إجباريًا على المواطنين وفرض غرامة على المتخلِّفين منهم، وخصص نسبة من الفلاحين والعمال والنساء لعضوية مجلس الشعب، وجميعها إجراءات غير ديموقراطية بالمرة.
ومن ناحية أخرى ونظرًا إلى أن الديموقراطية الحقيقية تحرِّك الشعب لصالح الشعب نفسه، فإنها تعمل في فضاء واسع من العواطف والمصالح والرؤى المتناقضة للمواطنين، لذلك من السهل على السياسيين الانتهازيين استغلالها وزتحويلها إلى مسرحية هزلية غير نزيهة تهدف إلى تهدئة الجماهير، أو التآمر بواسطتها على المشاعر لإثارة الجماهير وفقاً لأجندة سياسية معينة. وقد يشجع النظام المرشحين منهم على عقد الصفقات مع الاغنياء من مؤيديهم على أن يقدموا لهم في المقابل قوانين أو استثناءات يفضلونها في حال فوز المرشح الانتهازي في الانتخابات - أو ما يعرف بسياسات الاستمرار في الحفاظ على مناطق النفوذ الرئيسية. وهذا ما سوف نأتي إليه لاحقًا.

الإجراءات العملية في الديموقراطية الحديثة
عندما تبدأ دولة ما بتأسيس نظام ديموقراطي ينبغي لها أولا أن تضع دستورًا يناسبها، بحيث ينظم العلاقات والمسؤوليات بين المؤسسات التشريعية والقضائية والتنفيذية، ويوجد التوازن بينها بحيث لا تستبد أحداها بأمور الدولة، وأن يضمن هذا الدستور الحريات الأساسية للمواطن على أساس المساواة بين جمع الأشخاص والفئات والطبقات وبين المرأة والرجل. وبعد إنشاء مؤسسات الدولة يتم انتخاب رئيس الدولة طبقا للدستور واللوائح والقوانين المنظِّمة، فيحكم بواسطة المؤسسات الموجودة. ويمكن انتخاب الرئيس إما مباشرة من المواطنين أو يقوم أعضاء البرلمان بانتخاب رئيس الجمهورية وذلك تبعًا لما يحدده الدستور.
يجب أن ينص الدستور على أمور معينة أهمها:
1. مدة خدمة الرئيس، أربع سنوات أو خمسة أو سواهما، قابلة للتمديد مرة واحدة لا أكثر، وليس من شأنه تغيير الدستور.
ولا يتم تغيير الدستور بأي حال من الأحوال إلا بطلب من الهيئة القضائية إلى البرلمان، ويكون ذلك بناء على موافقة ثلثي الأعضاء على الأقل.
2. نظام واستقلال محكمة دستورية عليا، تراعي تمشي الرئيس والقوانين التي تصدرها الوزارة أو البرلمان مع بنود الدستور. وترجع إليها الوزارة والبرلمان في حالة الخلاف على قانون جديد من القوانين المدنية، وقد يقوم رئيس الجمهورية باستشارتها أيضا في بعض الموضوعات، مثل النظام الاجتماعي والقانون الدولي.
3. استقلالية القضاء، وان يكون الجميع أمام القانون سواء، من الوزير إلى المواطن العادي،
4. استقلالية الصحافة، وتعددية وسائل الإعلام حتى لا تسيطر جهة على اعلام الجمهور،
5. أمور الحكم وتوفير العمل للشباب والإدارة الاقتصادية والمالية واستقلالية البنك المركزي وأمور الري والزراعة والصحة والتعليم وأمور الجامعات ومراكز البحث العلمي الأساسي والتطبيقي ومراكز البحوث العلمية في الزراعة والري وتعمير الصحراء وزراعتها من الأمور المتخصصة التي لا يمكن للجيش القيام بها وانما يقوم بها مختصون وزراء من أعضاء البرلمان.
6. يتشكل البرلمان من أعضاء أحزاب تم انتخابهم، عددهم يحدده الدستور، ويحدد عددا منهم لكل محافظة (محافظون منتخبون) لتمثيل الدولة بكاملها، على ان يكون عدد أعضاء البرلمان بحسب أغلبية الأصوات التي حصل الحزب عليها. يقوم البرلمان أو الحكومة بصياغة القوانين الجديدة ويقترع عليه في البرلمان. يمكن إذاعة جلسات البرلمان مباشرة في التلفزيون ليطلع المواطنون على مايجري فيه طالما لا تخص مواضيع أمن البلاد، ويمكن لأعضاء البرلمان استدعاء جلسة خاصة - يمكن أن تذاع في التلفزيون مباشرة - وتقوم بسؤال وزير مشتبه فيه.
7. أحزاب سياسية تقوم بإقناع الجمهور ببرنامج إصلاحاتها، وبحسب أغلبية أعضاء الحزب في البرلمان يمكن تكوين الحكومة من أعضاء البرلمان، وقد تكون حكومة تآلف بين حزبين أو ثلاثة للحصول على أكثر من نصف مقاعد البرلمان،
8. تحديد عدد الأحزاب بوضع نسبة أدنى (مثلا 5%) لدخول البرلمان، هذا يحفز الأحزاب أن تكون واضحة في مبادئها وواضحة في برنامجها وتحاول جذب جمهور إليها بالحوار والإقناع. تمويل الأحزاب من الدولة ويكون نصيب كل منها بحسب نسبة انتخابها من المواطنين. (زيادة عدد الأحزاب تضيع قدرة المعارضة في البرلمان)، وشفافية التبرعات التي يحصل عليها كل حزب سياسي من جهات مدنية.
9. البوليس "في خدمة الشعب" ويتبع وزارة الداخلية، ووزير الداخلية مسؤول عن عملها أمام البرلمان وأمام رئيس الوزراء. القبض على المشتبه به لا بد وأن يكون بأمر قضائي، ولمدة أيام قليلة تحت التحقيق. ويجب أبلاغ أهله وتعريفهم بمكان حجزه خلال 24 ساعة، وكذلك ان يمكن أهله من زيارته لمنع سوء المعاملة في الحجز. و"من حق " المشتبه فيه الاتصال بمحامي يدافع عنه. تدريب أعضاء البوليس على سبل التعامل المهذب مع المواطنين بين الحين والحين في دورات تدريب.
10. تفعيل اتحادات العمال والنقابات واستقلاليتها بضمان الدستور، وحرية عمل جمعيات الرعاية، والجمعيات التطوعية، ونشاطات المجتمع المدني وغيرها، مثل اتحادات طلبة الجامعات ورابطة أتحادات طلبة الجامعات على مستوى الدولة.
11. الفن في تنفيذ الديموقراطية هو تأليف دستور ينظم العلاقات بين المؤسسات التنفيذية الكبيرة في الدولة بحيث تراقب بعضها البعض باستقلالية، ويكون لكل منها رقيبا يحاسبها على أساس منطوق الدستور.
12. الاهتمام بتدريس حقوق الفرد وتدريس العلاقات بين المؤسسات التشريعية والتنفيذية في الدولة في المدارس، حتى يتكون نشأ يعرف ما له وما عليه في المجتمع الذي يعيش فيه، ويكون منهم من ينضم لأحزاب يستطيع من خلالها دعم العمل الحزبي وتعلم طرق الحوار ويكون فعالا مشاركا في إحداث التغيير والإصلاح والتقدم.

حكم الأقلية
أو الأوليغاركية (أحيانا: الأوليغارشية Oligarchy)
هو شكل من أشكال الحكم تكون السلطة السياسية فيه محصورة بيد فئة صغيرة من المجتمع تتميز بامتلام المال أو النسب أو النفوذ العسكري أو الديني.
كلمة "أوليغاركية" مشتقة من الكلمة اليونانية: ὀλιγαρχία أوليغارخيا. وغالبا ما يكون نظام حكم الأوليغاركية في أيدي عائلات أو جماعات نافذة معدودة تورث النفوذ و القوة من جيل لاخر.
وقد كان أفلاطون أول من أشار إلى هذا الحكم في كتابه "الجمهورية" حيث قسم أنظمة الحكم إلى: الدولة المثالية "جمهوريته" ثم الدولة الديمقراطية ثم الأوليغاركية ثم عاد في كتابه "السياسة" وقدم تقسيما أنضج وأوضح هو من ستة أنواع: منها ثلاثة تتقيد وتحترم القانون وثلاثة لا تلتزم بالقانون ومنها حكم الأوليغاركية.
وجاء أرسطو بعد أفلاطون وقدم مزيدا من التفاصيل لمواصفات حكم القلة فقال أنها تشترط نصابا مالياً معيناً في الذي يتمتع بصفة المواطن. وأضاف أرسطو أن نوع الحكم يتوقف على الثروة والملكية، ويتوقف مدى اتساع الحكومة الأوليغاركية على مدى اتساع طبقة أصحاب الأملاك. وبهذا يكون أرسطو قد مهّد لاستخدام هذا المصطلح كمرادف لحكم الأثرياء أو البلوتوقراطية، إلا أن الأوليغاركية لا تعني دائماً حكم القلة الأثرياء، وإنما هي مصطلح أوسع يشمل أيضاً أي ميزة أخرى غير الثراء.
وفي رأي أرسطو أن الأوليغاركية تنتهي دائماً بحكم الطغيان وتصبح مشكلتها الرئيسية هي الاستئثار بالسلطة والتركيز على الاحتفاظ بها أطول وقت ممكن مهما كان الثمن.
وفي العصر الحديث يستخدم هذا التعبير أيضًا لوصف الحكومات التي تعتمد على نفوذ أجنبي، أو التي ليس لها رصيد جماهيري، أي فاقدة الشرعية، فتعتمد في المقام الأول على دوائر التأثير في السلطة مثل رجال المال أو الصناعة.
دول منطقة الشرق الأوسط بكاملها وشمال أفريقيا، باستثناء إسرائيل، تحكم جميعها بنظام حكم الأقلية الملكية أو العسكرية أو الدينية أو الجماعات السياسية الانتهازية.
في المقال القادم سوف نلقي نظرة خاطفة على العلاقة بين الديموقراطية والليبرالية العلمانية..








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - هنا اقدم خلاصة,العلماء والفلاسفة الاولون واللاحقون
علاء الصفار ( 2018 / 8 / 31 - 11:45 )
تحية طيبة
ان خرط الديمقراطية الغربية هو مصيدة ف..ئران للعمال وفقراء الشعب, ان الديمقراطية الغربية هي حرية راس المال والشركات واصحاب الفيييل عفوا اصحاب الاموال,اني اعتقد الديمقراطية الغربية هي ضحك على الذقون فهم يمنون على الشعب الجاهل_نعم الجاهل الغرب وامريكا_ الشعب الجاهل هو من يعتاش على ما ترميه له الدول البرجوازية من قذا رات و سفا لة. طبعا كلنا يعرف ان افضل ديمقراطية كانت في فرنسا, وبعدها انكلترا وامريكا, وكلنا يعرف ان هذه الدول بنت حياتها المرفهة على جماجم شعوب الهند وافريقيا والعرب و اللاتينو وعراق اليوم! اي ان الرفاهية لهذه الشعوب اسقططت الجرائم في ذهن الشعوب الجاهلة في تلك الدول,فالانانية تجذرت في قلوب هذه الشعوب التي تسمى شعوب حرة, و هي شعوب ليست حرة الا نسبة للافارقة والعرب, الذين يعيشون العبودية الحقيقية, اي تم التمييز على اساس بائئئخ, لان الشعوب غير واعية و تملك من حقارات السلطة الغربية الكثير, الا وهي العنصرية و التزمت, فالغربي يلبس و يأكل افضل من العربي وهذا لا انكار فيه, لكن الغربي يسكت عن جرائم سلطته في الخارج.اقول حين يَسلح الشعب الغربي باثقافة ستنهار تلك الديمقراطية!ن

اخر الافلام

.. #shorts - 7- Al-Baqarah


.. #shorts -10- Al-Baqrah




.. #shorts -12- Al-Baqarah


.. #shorts-1- Al-Fatihah




.. #shorts -2-Al-Fatihah