الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


دور المعارضة السياسية في النُظم الديمقراطية. الحلقة (2)

صبحي مبارك مال الله

2018 / 8 / 31
مواضيع وابحاث سياسية


دور المعارضة السياسية في النُظم الديمقراطية. الحلقة (2)
ذكرنا في الحلقة الأولى، تعريف المعارضة السياسية، إنها دعامة من دعامات النظام الديمقراطي، كما تطرقنا إلى حقوق المعارضة السياسية وواجباتها، وان تكون المعارضة من تحت قبة البرلمان ضمن النظام الديمقراطي التعددي والمعارضة السياسية تؤمن بالتداول السلمي للسلطة وأن تعمل على مراقبة أداء الحكومة وإستجوابها تحت حماية الدستور كما لها رأيها ودورها في الإعتراض على التشريعات أو تعديلها والموافقة عليها أو رفضها. كما بيّنا عندما تكون المعارضة خارج البرلمان أو تنسحب وتلجأ للعمل السري وكذلك عندما تكون المعارضة في البرلمان وفي الشارع في آن واحد. ولكي تكون للمعارضة قاعدة جماهيرية واسعة فلابدّ إن تكون لها أهداف، بالمقابل قد تمارس المعارضة دور المعارضة التوافقية.
النظام الديمقراطي لايمكن ان يقام إلا في ظل أجواء ديمقراطية حقيقية تترسخ فيها مبادئ حقوق الإنسان، الحق في تاسيس الأحزاب السياسية وفق قوانين الأحزاب، وتعتمد على حرية الرأي والتعبير، حق التصويت ففي ظل الأنظمة الديمقراطية يجري التداول السلمي للسلطة وعبر الإنتخابات حيث تصبح التعددية السياسية والفكرية والحزبية وضعاً طبيعياً ويعتبر من مستلزمات وجود وإستمرار النظام البرلماني المُثبت في الدستور. وفي هذا النظام تتمتع المعارضة السياسية بحرية مزاولة الأنشطة السياسية والجماهيرية وتكون بمستوى مماثل لما هو مسموح به لأحزاب الأغلبية الحاكمة. وتعتمد هذه الحرية ومزاولة العمل السياسي المعارض على 1- دور ووضع المعارضة السياسية الذي جاء عبر فترة تأريخية طويلة .2- إتباع أساليب سياسية ودستورية متفق عليها 3-المنافسة الحزبية لأجل الوصول إلى السلطة السياسية. كما نلاحظ تناوب الأحزاب على الحكم على ضوء نتائج الإنتخابات مع الإبقاء على المؤسسات الدستورية والسياسية القائمة وقواعد العمل السياسي والحفاظ على السلم الأهلي .
الأنظمة البرلمانية تختلف من دولة إلى اخرى بإختلاف أحكام دساتيرها والوعي السياسي والدستوري والثقافي ومدى ترسخ التوجه الديمقراطي في البلد وإحترام حقوق الإنسان. الدول ذات الأنظمة الحزبية الثنائية تؤدي المعارضة السياسية دورها بشكل فعال كما تعتبر إيجابية وتتميز بالإعتدال وعدم التطرف وكما نلاحظ ذلك في بريطانيا، فان الحزب الذي لايحصل على الأغلبية في الإنتخابات، يشكل الأقلية في البرلمان ويقود المعارضة وبنفس الوقت يشكل حكومة الظل. أما في الدول البرلمانية ذات الأنظمة الحزبية المتعددة، فأن المعارضة السياسية تمتلك الحرية في ممارسة النشاط السياسي هدفها الوصول إلى السلطة، وان مشكلة تشكيل الحكومة يرتبط بالكتلة الأكبر التي تتكون داخل البرلمان بعد ظهور نتائج الإنتخابات، فأذا لم يحصل أي حزب على الأغلبية، يتوجه نحو الإئتلاف لتكوين الكتلة الأكبر التي تستطيع تشكيل الحكومة بعد تسمية رئيس الوزراء. الحكومة الإئتلافية تتميز حكوماتها بعدم الإستقرار في حالة عدم وجود برنامج متفق عليه، وعدم الأستقرار ياتي من إنسحاب أي حزب من الإئتلاف الحكومي مما يؤدي بها إلى الإنهيار. وينظر إلى حكومة الإئتلافات بأنها تكون ضعيفة ولا تستطيع إصدار قرارات وإقتراح تشريع قوانين مهمة، لصعوبة حصولها على موافقة جميع أطراف الإئتلاف فتكون قراراتها توافقية وسطية. تعمل المعارضة السياسية حسب طبيعة النظام الديمقراطي هل هو نظام ديمقراطي رئاسي أم نظام ديمقراطي برلماني حيث يوجد إختلاف بين النوعين اللذين يحددان بالدستور والقوانين وكذلك بنوع النظام الإنتخابي وقانون الإنتخابات، الرئيس يُنتخب أما بشكل مباشر أو غير مباشر، على الأغلب يُنتخب بشكل مباشر، في النظام الرئاسي يمتلك الرئيس صلاحيات السلطة التنفيذية والتشريعية، مثلاً في أمريكا يكون هو الرئيس وهو رئيس الوزراء وهو يعين الطاقم الحكومي ويقترح القوانين وفي بلدان أخرى يمنح الرئيس صلاحيات تنفيذية ويعين رئيس وزراء، ففي النظام الرئاسي يكون للرئيس دور كبير في إدارة الدولة. النظام الإنتخابي في الولايات المتحدة معقد جداً، وهو يعتمد ثنائية الحزبين فالرئيس ينتخب وبصورة رسمية من خلال المجمع الإنتخابي الذي يتواجد فيه المندوبين المنتخبين في الولايات وكل ولاية لها عدد من المندوبين يمثلونها، المجموع يكون في المجمع 538 مندوب فأذا حصل المرشح للرئاسة 270 صوت فما فوق يكون هو الرئيس وبنفس الوقت يجري الإنتخاب الشعبي المباشر وأذا فاز المرشح في هذا الإنتخاب لايؤخذ به وأنما هو دليل للمندوبين في المجمع الإنتخابي ومثال على ذلك في إنتخابات أمريكا الأخيرة فازت كلنتون شعبياً ولكنها خسرت في المجمع الإنتخابي بسبب إختلاف عدد المندوبين بين الولايات وفاز ترامب وخسر شعبياً ولكنه أصبح هو الرئيس . النظام الرئاسي قد يؤدي إلى الدكتاتورية ويصبح البرلمان ضعيف وغير فعال بسبب (المركز الدستوري القوي والصلاحيات والإختصاصات المخولة للرئيس) وأذا لم يكن الرئيس من الأغلبية الموجودة سواء في مجلس النواب أو في مجلس الشيوخ، سوف يواجه معارضة قوية فهو قد لايستطيع تمشية قراراته، فأما أن يخضع لرأي المعارضة أو يمارس حقه الدستوري بإستخدام حق الأعتراض التوفيقي . أما في الدول الرئاسية المتعددة حزبياً، فأن الرئيس لابد أن يكون ضمن أحد الأحزاب ويترشح من خلال نفوذ ذلك الحزب. وفي البرلمان سوف تحصل إئتلافات أو تكتلات معارضة للرئيس وحزبه أو تكون بجانبه. كما قد يمنح الرئيس صلاحية حل البرلمان في حال إستمرار التعارض وعدم تمرير القوانين المقترحة من قبله. في النظام البرلماني تكون كل الصلاحيات التشريعية بيد البرلمان ففي النموذج العراقي وحسب الدستور، النظام برلماني تعددي ديمقراطي. والإنتخابات تجري مرة واحدة ينتخب فيها المرشحين لمجلس النواب حيث يتم إنتخابهم من التحالفات المتعددة أو الأحزاب والبعض القليل مستقل وعندما يفوز تحالف ما بمقاعد قد لاتكفيه ليكون الكتلة الأكبر التي تحتاج إلى 165 مقعد من أصل 329 عدد مقاعد البرلمان العراقي، فهو يضطر إلى البحث عن حلفاء وكتل لكي يكَّون الكتلة الأكبر التي بيدها تشكيل الحكومة. البرلمان العراقي وحسب توقيتات دستورية يقوم بإنتخاب رئيس مجلس النواب ونوابه ومن ثم إنتخاب رئيس الجمهورية ونوابه. وكشرط لرئيس الوزراء ان يُرشح من قبل الكتلة الأكبر ويكلفه رئيس الجمهورية بتشكيل الوزارة. وكما نلاحظ فأن كل المناصب تأتي من خلال مجلس النواب وكذلك الموافقات على المناصب الوزارية والإدارية الخاصة والأمنية وغيره . لمدة ثلاث دورات تشريعية في العراق لم تظهر معارضة سياسية رصينة مُتفِقَة على برنامج معين بسبب إن كل الكتل السياسية مشتركة في الحكم ولايظهر رأي برلماني معارض لأن المصالح متشابكة ولكن تظهر بين الحين والآخر إعتراضات وعدم موافقة على العديد من مشاريع القوانين أو محاولة عرقلة تشريعها، كما إن المناكفات بين الكتل السياسية والصراع الدائر أدى إلى تجميد عمل مجلس النواب والحكومة فالجميع لديهم مصالح على قاعدة المحاصصة السياسية والطائفية والإثنية، وبعد أن طفت على السطح تداعيات الخراب الكبير الذي سببه الفساد لم يستطع مجلس النواب والحكومة عمل شيئ بل تم التستر على جرائم الفساد بإعتبار الجميع مشتركين بالجريمة. وأذا تخيلنا وجود معارضة ملتزمة وصحيحة تنتقد الأوضاع وتكشف بكل جرئة ما حصل لما تمادى الفاسدين والمخربين في أعمالهم الشنيعة وسرقة أموال الشعب. مثل هكذا معارضة حقيقية يجب أن توفر لها مستلزملت ضمانات دستورية وقانونية تتمثل بمواد دستورية تحميها وتقر وجودها الشرعي والدستوري. كما هناك مشكلة التكتلات ذات الإرتباطات الإقليمية والدولية والتي تسير حسب الدعم المقدم للكتل التي تمثلها فتملي عليها ما تريد من العراق، وبدون وازع أو ضمير وطني تتوجه بعض الشخصيات المرتبطة بها إلى توفير المناخ لتمرير تدخلات تلك الدول. المعارضة السياسية الوطنية تتمثل فيها شروط ومنها 1- الولاء الوطني العراقي 2-تعتبر ممثلة للشعب وليس للطائفة أو القومية أو الإثنية 3—لاتتحالف مع قوى خارجية أو تعمل لحساب مصالح مرتبطة بإجندات خارجية لدول إقليمية ودولية 4-ان لاتنتقم أو تصفي خصومها عندما تكون في سدة الحكم 5-الذي يريد التصدى للعمل السياسي والبرلماني إن يكون ذا نضج سياسي وديمقراطي وإن يلعب دوراً متميزاً في المعارضة ولايساوم على مصالح الشعب.
كما إن المعارضة السياسية عندما تريد أن تشكل مجموعة ضغط على الحكومة يجب أن تنسق بين عملها في داخل مجلس النواب وبين نشاطات خارج البرلمان من تظاهرات ورفع مذكرات أو أصدار البيانات وغيرها من الوسائل كما تستطيع تحقيق أكبر مشاركة شعبية من خلال النقابات والإتحادات ومنظمات المجتمع المدني كي تستطيع تحريك الشارع وتحريك مجلس النواب بالإتجاهات الإيجابية معتمدة على الضمانات الدستورية (يتبع)








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. بعد -الإساءة لدورها-.. هل يتم استبدال دور قطر بتركيا في الوس


.. «مستعدون لإطلاق الصواريخ».. إيران تهدد إسرائيل بـ«النووي» إل




.. مساعد وزير الخارجية الفلسطيني لسكاي نيوز عربية: الاعتراف بفل


.. ما هي السيناريوهات في حال ردت إسرائيل وهل ستشمل ضرب مفاعلات




.. شبكات | بالفيديو.. سيول جارفة في اليمن غمرت الشوارع وسحبت مر