الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الرأسمالية المعولمة: حقيقة ام وهم ؟/الجزء الاول

مظهر محمد صالح

2018 / 9 / 3
العولمة وتطورات العالم المعاصر


الرأسمالية المعولمة:
حقيقة ام وهم ؟/الجزء الاول
مظهر محمد صالح
ا-مدخل: اثارت بريطانيا ومنذ انتمائها الى الاتحاد الاوروبي في العام 1973 قضيتين اساسيتين اديتا في نهاية المطاف الى ترجيح كفة دعاة الانفصال عن اتفاقية الاتحاد الاوروبي، والذي اكده استفتاء 23 حزيرن 2016 ليتشكل جوهر موضوع الأنسحاب، كانت:أولهما، ما سببته قوة الاتحاد النقدي الاوروبي من اضعاف في القدرة التنافسية للاقتصاد البريطاني وغلبة كفة المجموعة الاقتصادية لدول (منطقة اليورو) وتفوقها وعلى حسب مؤشرات الاقتصاد الكلي وان هذا الامر نجم بالغالب عن غياب التنسيق والتناغم الحقيقي بين السياسة النقدية للبنك المركزي الاوروبي والسياسة النقدية لبنك انكلترا وبلوغهما مرحلة ما يسمى بالتمانع المتبادل بعد ان ظلت بريطانيا بعيدة عن الاندماج في تلك الوحدة النقدية الاوروبية.
وثانيهما التي تمثلت بارتبط موضوع الانسحاب من الاتحاد الاوروبي بمشكلة تدفق المهاجرين غير الشرعيين الى الجزر البريطانية عبر اوروبا ،اذ يُقدر عددهم اليوم قرابة المليون مهاجر وما ترتب عليه من مشكلا ت اجتماعية وعرقية وتنافس غير مشروع في سوق العمل البريطانية. واللافت ان ذلك الانسحاب بات متوافقا مع مطالب اجزاء اخرى من اوروبا بالانفصال عن الاتحاد الاوروبي نفسه ،بل وبدأت تفجر اشكالات دستورية واقتصادية ومؤسساتية سلبية رتبها الاستفتاء آنفا.وازاء النزعة اليمينية التي يقودها المحافظون بالانسحاب من الاتحاد الاوروبي والتي تؤيدها قوى اليمين الاوروبي و الامريكي علانية ، قد جعلت من فكرة الكتل الاقتصادية الموحدة الكبرى وتطبيقاتها الراهنة ومستوى ارتباطها بتطور الراسمالية تحت مطرقة التفكيك ،بل ان العولمة الراسمالية المركزية نفسها غدت متخمة بفخاخ الشك واللايقين . فلاغرابة ان نشهد اليوم انطلاقات جديدة لمفهوم الدولة-الامة او الدولة-القومية تقودها قوى اليمين في الغرب الراسمالي بدلاً من الدولة-السوق ،فضلا عن الترويج للحركات العنصرية ضد المهاجرين من الشعوب الاخرى الى المركز الراسمالي الغربي والذين ينعتوهم بالغرباء، رافضين التعددية المجتمعية والانسجام الثقافي والحضاري بين البشر.فعلى الرغم من ان العصر الذي نحياه هو عصر المعلوماتية (اي الثورة التكنولوجية الرابعة-الثورة الرقمية والجينية) وهو بحق عصر التواصل السريع بين البشر داخل الدول والمجتمعات والشعوب. الا ان اشكالية التواصل الاقتصادية والمجتمعية داخل المنظومة الراسمالية العالمية على الرغم من سرعة وشائج علاقاتها،فانها لاتعني ان العالم قد غدا منصهراً في بودقة القرية الاقتصادية والمجتمعية الصغيرة، بل ان ثمة (اغتراب) مجتمعي خطير يمتلك حواجز وفواصل وقيود مضنية وسميكة يفرزها النظام الراسمالي نفسه وباستمرار وهي اقوى من الحدود السياسية بين الدول.
فقدرة التواصل من الناحية التاريخية بين مناطق العالم، سواء بين الراسمالية المركزية في عهودها الماركنتالية او التجارية القديمة والبلدان المحيطية كالمستعمرات وغيرها ، قد اُطلق عليها بالعولمة القديمة .وهي في حقيقة الامر ليست عولمه بل هي نمط انتاج وعلاقات انتاج ووشائج وترابطات غير متكافئة داخل النظام الراسمالي العالمي ليس الا. ففقدان التجانس الاقتصادي والتكنولوجي وتكافوء القوة والثروة بين مركز الراسمالية وبلدانها المحيطية منذ نشوء التراكم الاولي لراس المال لايمثل سوى دورة حياة النظام الراسمالي الساعي الى الربح وتركيز الثروات وتحويلها الى المركز الغربي مهما تبدلت مراحله وتغيرت ثوراته التكنولوجية الاربعة المتعاقبة. وبين الحقيقة والوهم،يبقى التساؤل القائم :هل ان الراسمالية المعولمة هي شيءٌ جديد ام مستحدث ؟ يلحظ انه حالما وجدت الراسمالية (بظهور الملكية الخاصة لوسائل الانتاج ونمط وعلاقات الانتاج الملازم لها) فانها اخذت بالانتشار عالمياً.فالملاحون البحريون الذين قهروا المحيطات وواصلوا رحلاتهم من القارة الاوروبية باتجاه القارات الاخرى في القرنين الخامس والسادس عشر هم في حقيقة الامر قد رسموا خارطة الطريق لانتشار الراسمالية االتجارية كما يقول جيمس فولجر (في كتابه الموسوم :الراسمالية /اوكسفورد 2015 ) حيث انهم هيأوا سبل انتشار تلك الراسمالية الماركنتالية عالمياً.فالمثال على ذلك هو تطور التجارة الاطلسية البحرية الثلاثية الابعاد. اذ ابتدأت بصيد العبيد من على شواطيء غرب افريقيا و تولت نقلهم كقوة عمل منتجة مباعة في حقول ومزارع القارة الامريكية او منطقة البحر الكاريبي ،ولم تعد تلك السفن البحرية الى اوروبا الا وهي محملة بالسكر والخمور والقطن كثمن للعبودية وهو قيمة ما قام بانتاجه اولئك الرجال والنساء المستعبدين .في حين اسهمت ثورة الاتصالات الاولى في القرن التاسع عشر من خلال اكتشاف الهاتف وقوة الاتصالات التي حطمت المسافات البعيدة واسهمت في توليد نمط من التشابكات والعلاقات والاواصر التجارية والاقتصادية والبشرية ربما لا يختلف عن توجهات العولمة الحالية ، رافقها تطور هائل في النقل بالسفن والقطارات من خلال اتساع استخدام قوة البخار باستعمال الوقود الاحفوري لتحريك دواليب السفن والقطارات وجعل نقل البضائع التجارية والمواد الخام من القارات البعيدة الى اوروبا وامريكا اكثر يسرا واقل كلفة في القيمة والوقت.
وبهذا لم يختلف واقع النظام الراسمالي عبر تطوره كظاهرة ذات وشائج وصلات مع مناطق العالم البعيدة منذ العصر الماركنتالي خلال تفكك القرن الوسيط وحتى الوقت الحاضر لكي يستمر التساؤل نفسه:هل الراسمالية هي ظاهرة معولمة بالطبيعة؟ يمكن القول ثانية ان عبارة الراسمالية المعولمة غدت المنطلق او المكان المشترك الذي على اساسه تعيد الراسمالية انتاج نفسها وصياغة اسسها ومنطلقاتها.فالمبالغ العملاقة التي تتدفق حاليا متنقلة بين اسواق العالم والتي تقدر ب 5 تريليونات دولار يومياً هي واحدة من ظواهر هذه العولمة.في حين تمارس الشركات المتعدية والمتعددة الجنسية ادارة نشاطات انتاجية في بلدان مختلفة تنتهي بتكامل المنتج الواحد في مناطق مختلفة من العالم.كما ان اسواق السلع والخدمات وكذلك اسواق عوامل الانتاج(العمل وراس المال) تتحد في توليد الانتاج على نقطة جغرافية واحدة بالرغم من تباعد المسافات بينها. هذه هي الحقائق التي تغلف الراسمالية المعولمة وتؤثر في حياة الناس يومياً. ومع ذلك، هنالك الكثير من الاوهام التي تغلف فكرة العولمة الراسمالية نفسها.لذا فان انسحاب بريطانيا من تشابكاتها وروابطها الاوروبية هي المسالة التي تجعلنا ان خوض في مفهوم يسمى باوهام العولمة بدلاً من حقائق العولمة.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. تقارير عن ضربة إسرائيلية ضد إيران وغموض حول التفاصيل | الأخب


.. إيران وإسرائيل .. توتر ثم تصعيد-محسوب- • فرانس 24 / FRANCE 2




.. بعد هجوم أصفهان: هل انتهت جولة -المواجهة المباشرة- الحالية ب


.. لحظة الهجوم الإسرائيلي داخل إيران.. فيديو يظهر ما حدث قرب قا




.. نار بين #إيران و #إسرائيل..فهل تزود #واشنطن إسرائيل بالقنبلة