الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الرأسمالية المعولمة: حقيقة ام وهم؟/الجزء الثاني

مظهر محمد صالح

2018 / 9 / 3
العولمة وتطورات العالم المعاصر


الرأسمالية المعولمة:
حقيقة ام وهم؟/الجزء الثاني
مظهر محمد صالح
2-الراسمالية المعولمة: الحاضر والمستقبل ،على الرغم من ان الراسمالية المعولمة جاءت تعبيراً مختصراً لمفهوم شاع تداوله في العقود الاخيرة من القرن العشرين ليجسد لنا بان المؤسسات الراسمالية و تطبيقاتها قد انتشرت على مساحات جديدة من العالم وادت الى ربط اجزاء بعضها البعض بطرق مبتكرة قادت الى تحولات في العالم نفسه الذي نعيشه اليوم، وان الراسمالية غدت نظاماً سائداً و مستمراً في المدى المستقبلي المنظور.،لكن الراسمالية نفسها مازالت تغرق بالاوهام النافية لعولمتها وعلى وفق الاتجاهات الموضوعية الاتية:
الوهم الاول: ترى الراسمالية المعولمة انها ظاهرة حديثة العهد ترتبط( بالعصر الرقمي -عصر المعلوماتية) في حين ان الراسمالية هي ظاهرة عالمية منذ نشاتها وارتبطت تشابكاتها الجغرافية بمختلف القارات والمناطق التي كانت ومازالت تعيش عصر ما قبل الراسمالية بسب تفوقها التكنولوجي سواء باستخدام وسائل النقل البحري والنقل بالقطارات وظهور الهاتف و تطور وسائل الاتصال في القرن التاسع عشر او استخدام الانظمة الرقمية في القرن الحادي والعشرين.فهي راسمالية منجذبة نحو بؤر المصالح وليس نحو الاندماج المعولم بالضرورة. وعلى هذا الاساس ظل تطور الراسمالية المركزية منفصلاً عن محيطه المتعثر ،سواء على الصعيد المؤسسي او الانمائي .وان التفرقة مازالت واضحة للعيان بين اقتصاد العالم الاول المتقدم و اقتصاد العالم الثالث المتخلف حتى اللحظة.
الوهم الثاني: تدعي الراسمالية المعولمة بانها وفرت تدفقا لرؤوس الاموال على الصعيد العالمي.ولكن حقيقة الامر ان رؤوس الاموال المتمثلة بالاستثمار الاجنبي المباشر والمتصدي للقطاعات الحقيقية هو مازال متركزاً و بنسبة 70بالمئة في الاقتصادات المركزية الكبرى نفسها وتحديداً في قطاع الخدمات المتقدمة كشركات التامين والمصارف والاتصالات و غيرها والتي تُسهل جميعها قوة الترابط والتعامل داخل المجموعة الراسمالية المركزية التي لايزيد عددها اليوم على 20 بلداً غنياً جاذبة للاستثمار الاجنبي المباشر. في حين ترتخي الراسمالية المركزية المعولمة حتى مع محيطها الاقرب لها (اي اوروبا المركز/كالمانيا على سبيل المثال لاتعني اوروبا المحيط/ كاليونان). وهذا هو جل الصراع ومصدر الفزع الاوروبي ومخاوفه من انسحاب بريطانيا كراسمالية مركزية من النادي الاوروبي.وخوف العولمة الراسمالية المركزية من فقدان وجودها تدريجياً.
الوهم الثالث: هو انقسام العولمة وتحيزها الى المركز الراسمالي الصناعي الام بدلا من كونها متعددة الاطراف مع محيطها الابعد. فلا تختلف ازمة اسواق الطاقة اليوم كثيرا عن ازمة اسواق المال في الماضي القريب عند تعرضهما للاخفاقات السعرية المؤثرة في إستدامة النمو والاستقرار الاقتصادي . فانهيار الاسواق المالية العالمية في ازمة العام 2008لاتختلف في آثارها السلبية على النشاط الاقتصادي في بلدانها عما تتعرض اليه اسواق الطاقة من انهيارات سعرية منذ منتصف العام 2014 وحتى الوقت الحاضر وأثر ذلك في تفاقم الضائقة الاقتصادية التي تتعرض اليها البلدان المنتجة للنفط حتى وقت قريب. فمازال المدافعون عن الراسمالية المعولمة يرون فيها الحل الوحيد في التصدي للمشكلات الاقتصادية العالمية الخطيرة كالتلوث والفقر والامراض وسوء التغذية وتزايد المجاعة .وان ثمة مليار انسان حول العالم يعاني قلة حصوله على المياه النظيفة​.وطالما ان المشكلات الاقتصادية و غيرها لاتحل نفسها بنفسها ،فأن واحدة من المصاعب التي لايمكن تخطيها في عالمنا اليوم (كالتقليل من استخدام السيارات وفتح الحدود امام التجارة الدولية او تحسين الصحة العامة ومواجهة الامراض المزمنة التي تحيط بنا على سبيل المثال) والتي لامناص من مواجهتها وإحتوائها بكونها من النواقص والعيوب التي لاتلائم اخلاقيات ومباديء عصر العولمة. فبالرغم من ذلك يبقى التساؤل المهم:هل العولمة متحيزة في سياساتها و تعمل من طرف واحد لمصلحة المركز الراسمالي في مواجهة مشكلات الاقتصاد العالمي ولاسيما المحيطية منها ؟ كلنا يتذكر انه عندما تعرضت المصارف وشركات التامين الكبرى في نيويورك الى سلسلة من الافلاسات والانهيارات المالية في مطلع خريف العام 2008 حيث اضطرت حكومة الولايات المتحدة بالتوجه الى البنوك المركزية في دول العالم المتقدم،ابتداءً من البنك المركزي الاوروبي في فرانكفورت وانتهاءً بالبنك المركزي الياباني في طوكيو وهي تحثهم على فكك مايسمى بفخ السيولة الذي كبل الاقتصاد العالمي ، وذلك عن طريق تعظيم الاصدار النقدي( في اطار ما سُمي بسياسات التيسير الكمي ) بغية تجنيب العالم مخاطر الركود والتدهورالاقتصادي عن طريق تدوير الائتمانات وتحريك عجلة النشاط الاقتصادي الدولي. ولاننسى المثال الشهير الذي ساقه الاقتصادي ( راندي إيبنك) في كتابه الصادرفي نيويورك في العام2009 والذي جاء تحت عنوان:إقتصاد القرن الحادي والعشرين،إذ يوضح راندي في مثاله ،مشخصا الاقتصاد المعولم في وقت الاًزمة، قائلاً:عندما تريد الضفدع الجلوس في إناء من الماء الساخن فأنها ستقفز حالاً خارج الاناء خشية موتها! ولكن عندما ترقد الضفدع مسترخيةً في إناء من ماء بارد ترتفع سخونته تدريجياً حتى يصبح شديد الغليان فان الضفدع سيطفوا ميتاً داخل ذلك الاناء.
فسكوت العولمة اليوم امام تدهور السوق النفطية ودخول مجموعة الدول النفطية في عجز في موازناتها المالية و موازين مدفوعاتها في وقت مازال معظمها يسترخي في اناء الركود والبطالة اوالعوزالشديدين دون ان تبادر الدول الصناعية بتقديم يد المساعدة العاجلة في مِنحٍ اوقروض ميسرة ولو عن طريق مايسمى باتفاقات التبادل النقدي
بمعنى ان تضع البلدان الصناعية ودائع كافية لدى مصارف البلدان النفطية لتستخدمها في سد احتياجاتها لمواجهة ازمتها المالية الراهنة ،اذا ما كانت العولمة متعددة الاطراف حقاً ام لا. بل على العكس فان صناديق الثروة السيادية لمجوعة البلدان النفطية الغنية هي مصدر صراع خفي بين المركز الراسمالي الغني والاغنياء الجدد من مناطق النفط الخام وغيره وهو امر غير مرغوب فيه ذلك بجعل المركز الراسمالي يحمل اكثر من هوية في تعريف الراسمالية المعولمة والسماح للاغنياء الجدد بتوليد هيمنة مركزية مصدرها محيط العالم غير المعولم.وخير من كتب عن ذلك هو( توماس بكتي) في كتابه :راس المال في القرن الحادي والعشرين، الصادر في العام 2009 ،عندما انذر بان العالم الراسمالي المركزي سيدفع جل ايجارات قطاع العقار في الحواضر الاوروبية كعوائد استثمارات صناديق الثروة السيادية التي يمتلك احدها على سبيل المثال امير من امراء النفط.!!! ولكن تتحدث العولمة المركزية عن مجموعات الفائض النفطي في صراعاتها المركزية ولم تاخذ بالاعتبار مجموعات العجز النفطي.

الوهم الرابع: يرى مناصرو الراسمالية المعولمة بانها الظاهرة التاريخية التي ستوحد العالم وتؤدي الى تكامله ،ولكن حقيقة الامر ان مزيداً من الانقسامات والانشطارات في الكيانات السياسية والاقتصادية تحدث اليوم في العالم.كما ان مزيداً من الانقسامات يشهدها العالم في انقسامه وتقسيمه على اساس التفاوت الاقتصادي واللامساوة والناجمة بالاساس عن تفاوت في الثروات والدخول.فالمكون الرئيس لعدم المساواة في الدخل العالمي (معامل جيني) عند مطلع الالفية الثالثة انقسم الى مجموعتين يطلق عليهما البرفسور داني كوا( من المجلس الاقتصادي الوطني الماليزي ) ب:قمم التوأم: فالمجموعة الاولى التي تضم 13 بالمئة من سكان العالم وتتلقى اقل من 50 بالمئة من الدخل في العالم ،تضم الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا واستراليا واليابان وتضم اكثر من 500 مليون نسمة حيث متوسط دخل الفرد السنوي فيها يقارب 12 الف دولار .اما المجموعة الثانية،التي تضم 42 بالمئة من سكان العالم ولكنها تتلقى 9بالمئة من الدخل العالمي،والتي تضم هذه المجموعة الهند واندونيسيا والصين وتتالف من ملياري انسان ونيف ،الا ان نصيب الفرد فيها من الدخل لايزيد على 1000 دولار الا قليلاً. وان 50 مليون شخص في العالم يحصلون على دخل سنوي يعادل دخل قرابة 3 مليارات شخص من فقراء العالم سنوياً.
الوهم الخامس و الاخير: ترى الراسمالية المعولمة بانها أعادت تنظيمها على اساس الدولة-السوق العابر للسيادة وليس على المستوى المحلي او الوطني.ولكن في ظل الانقسامات الدولية الراهنة والتي آخرها ظاهرة انسحاب بريطانيا من الاتحاد الاوروبي او ظاهرة (بريكست) فان مبدأ الدولة-الامة او الدولة القومية مازال هو الاساس في تحديد هوية البلدان و توجهاتها ونشاطات تعاونها الانتقالي بين مختلف الامم الراسمالية المركزية.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. من هي نعمت شفيق؟ ولماذا اتهمت بتأجيج الأوضاع في الجامعات الأ


.. لماذا تحارب الدول التطبيق الأكثر فرفشة وشبابًا؟ | ببساطة مع




.. سهرات ومعارض ثقافية.. المدينة القديمة في طرابلس الليبية تعود


.. لبنان وإسرائيل.. نقطة اللاعودة؟ | #الظهيرة




.. الجيش الإسرائيلي يعلن استهداف بنى تحتية لحزب الله جنوبي لبنا