الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


غالبية الاميركيين تعارض سياسة ترامب

جورج حداد

2018 / 9 / 5
العولمة وتطورات العالم المعاصر


إعداد: جورج حداد*

يقول الكثير من التحليلات الاميركية ذاتها ان دونالد ترامب لم يكن هو الفائز في الانتخابات الرئاسية الاميركية سنة 2016، بل هيلاري كلينتون.
ولكن بعد الفشل الذريع لاميركا في الاضطلاع والاحتفاظ بدورها بوصفها القطب العالمي الاوحد بعد انهيار الاتحاد السوفياتي وظهور البوتينية، وخصوصا بعد فشل الطبقة السياسية الحاكمة في الولايات المتحدة في التغلب التام على آثار الازمة المالية ـ الاقتصادية في اميركا، التي لا تزال تجرجر ذيولها حتى الان، ولا يدري حتى المنجمون متى تنفجر من جديد...
بعد هذا وذاك قررت "الحكومة العميقة"، التي تحكم اميركا من وراء الستائر الدستورية والقانونية والسياسية، ان تأتي بدونالد ترامب الى البيت الابيض بوصفه رأس جبل الجليد للانقلاب الذي تريد "الحكومة العميقة" تحقيقه في اميركا. ويتمثل هذا الانقلاب فيما يلي:
اولا ـ ازاحة الشريحة السياسية المحترفة عن الامساك بالسلطة، بوصفها "ممثلا سياسيا" للطبقة الرأسمالية الاحتكارية الاميركية. والمأخذ الاساسي على هذه الشريحة السياسية المحترفة انها، في الوقت الذي تمثل فيه مصالح الطبقة الرأسمالية الاحتكارية، فإنها من اجل النجاح بالانتخابات والاحتفاظ بمواقعها، "تعطي اذنا" اكثر من اللازم "للناخب" او "للشارع" او "للشعب". مما يكون احيانا، ولو جزئيا جدا، على حساب المصلحة الشاملة او بعض المصالح المحددة للطبقة الرأسمالية الاحتكارية.
ثانيا ـ لقد ذهبت اميركا بعيدا في الانفاق الخارجي على "الاصدقاء" و"الحلفاء"، وعلى الجيوش والاساطيل والمخابرات الاميركية التي تحمي هؤلاء "الاصدقاء" و"الحلفاء" في جميع انحاء العالم. وآن الاوان ان تقلب اميركا الحد الاخر للسيف وان تجبر هؤلاء "الاصدقاء" و"الحلفاء" ان يدفعوا لاميركا ثمن حمايتها ورعايتها لهم.
ثالثا ـ ان الشريحة السياسية المحترفة اصبحت كالقطط المدللة جدا تخشى اي مواجهة، ولا تخوض حربا الا وتخسرها، وتميل الى "السلام!" اكثر مما تقتضيه مصلحة الرأسمال الاحتكاري الاميركي التي تتطلب وضع العالم على شفير الحرب بشكل دائم ضد شتى الاعداء الحقيقيين او الوهميين والمفترضين، من اجل تطوير صناعة الاسلحة ـ العمود الفقري للاقتصاد الاميركي.
رابعا ـ ان الشريحة السياسية المحترفة اصبحت كالقطط السمان التي تعيش وتسمن ليس على اصطياد الفئران والجرذان، بل على ما يقدم لها من اطعمة جاهزة من قبل "اصحابها" ـ اي الطبقة الرأسمالية الاحتكارية بالذات ـ وصار العمل السياسي "مهنة" بحد ذاتها، تحاذي وتزاحم وتضارب على "مهنة" الرأسمال الاحتكاري المرتبط بالاقتصاد. وقد ادى ذلك الى انتفاخ البيروقراطية السياسية الاميركية، على حساب الضمور النسبي للاقتصاد الاميركي وبالاخص ضمور الانتاج.
ولهذه الاسباب قررت "الحكومة العميقة" الاميركية تجاوز الشريحة السياسية الاميركية والاتيان برئيس من قلب عالم البيزنس، من اجل تجليس البوصلة المنحرفة للامبريالية الاميركية واخراجها من مأزقها الراهن في وجه روسيا الصاعدة والصين وحلفائهما.
وهكذا اتوا بالبهلوان دونالد ترامب بمعزل عن مسرحية الانتخابات الرئاسية ونتائجها.
ولكن "انتخاب!" ترامب لم يمر بسهولة، اذ نظمت المظاهرات ضده في كافة ارجاء الولايات المتحدة. وهذا يحدث لاول مرة لدى انتخاب اي رئيس اميركي.
الا ان ترامب لم يأبه لذلك وشكل فريق عمله المصغر وشمر عن زنوده وبدأ في افتعال الازمات مع العالم اجمع تحت الشعار الترامبوي ـ الهتلري: اميركا فوق الجميع!
وفي غضون ما يقرب السنتين الماضيتين فرض ترامب اسلوبه، وكون جمهوره، ووضع الشريحة السياسية الاميركية المحترفة خلف ظهره. والان يعول ترامب على ان يكسب الانتخابات النصفية القادمة لمجلس النواب ومجلس الشيوخ في الخريف القادم، وان تصبح له الاكثرية في المجلسين.
ولكن معارضي السياسة التهريجية الغوغائية والمغامرة لترامب، الذين يخشون من ان تؤدي هذه السياسة الى عزلة اميركا وربما تلقيها ضربات موجعة، هؤلاء المعارضين يزدادون عددا ووضوح رؤيا.
ومؤخرا اجرت Washington Post بالاشتراك مع ABC News، استطلاعا للرأي في الولايات المتحدة. واظهر هذا الاستطلاع ان 60% من المستطلعين لا يؤيدون اعمال الرئيس الاميركي دونالد ترامب. وحوالى 50% منهم يؤيدون توجيه الاتهام له ومساءلته. وفقط 36% اعلنوا ان عمل ترامب كزعيم للبيت الابيض هو مفيد. و49% من المستطلعين اعلنوا ان على الكونغرس ان يبدأ باجراءات عزل ترامب عن مركز الرئاسة. و 46% اعلنوا انهم ضد تحويله للتحقيق.
اما 53% من المستطلعين فيعتبرون ان ترامب مسؤول عن عرقلة القضاء فيما يتعلق بقضية التدخل الروسي في الحملة الانتحابية الرئاسية الاميركية.
وأيد الاجراءات الاقتصادية لترامب 45% من المستطلعين، وعارضها 45% ايضا.
وتنوعت شعبية الرئيس لدى مختلف الاتجاهات السياسية: اذ ايده 78% من انصار الحزب الجمهوري. بينما عارضه 93% من انصار الحزب الدمقراطي و59% من المستقلين.
وقد نقلت نتائج هذا الاستطلاع وكالة الصحافة الفرنسية.
ان نتائج هذا الاستطلاع تبين انه قد ولى عهد الاستقرار الذي كان يتجلى في نظام الحزبين في اميركا. وسواء فاز انصار ترامب بالاكثرية في الانتخابات القادمة للكونغرس ام لم يفوزوا فإن عصر الاستقرار الداخلي لاميركا ذهب الى غير رجعة وان اميركا قادمة على هزات سياسية داخلية يصعب التكهن بها ومعرفة مسارها ونتائجها.
ـــــــــــــــــــــــــــــ
*كاتب لبناني مستقل








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. انفجارات أصفهان.. قلق وغموض وتساؤلات | المسائية


.. تركيا تحذر من خطر نشوب -نزاع دائم- وأردوغان يرفض تحميل المسؤ




.. ctإسرائيل لطهران .. لدينا القدرة على ضرب العمق الإيراني |#غر


.. المفاوضات بين حماس وإسرائيل بشأن تبادل المحتجزين أمام طريق م




.. خيبة أمل فلسطينية من الفيتو الأميركي على مشروع عضويتها | #مر