الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الحلقة 7 (الاخيرة) : الضعف الجلي في العقل السياسي العراقي / دراسة في موازنة العراق للسنة المالية 2018

عبد الستار الكعبي

2018 / 9 / 6
مواضيع وابحاث سياسية


بعد صراعات عميقة بين اطراف العملية السياسية في العراق ، صوت مجلس النواب في 3/آذار/2018 على مشروع قانون الموازنة المؤلف من 58 مادة . ثم أرسلها الى رئاسة الجمهورية بكتابه بالعدد (1/9/2822) في (6/آذار) لغرض المصادقة عليها استنادا الى البند (ثالثا) من المادة (73) من الدستور العراقي النافذ التي ذكرت صلاحيات رئيس الجمهورية حيث نص هذا البند على (ثالثاً ـ يصادق ويصدر القوانين التي يسنها مجلس النواب، وتعد مصادقا عليها بعد مضي خمسة عشر يوما من تاريخ تسلمها. ).
وأعاد مكتب رئيس الجمهورية قانون الموازنة الى مجلس النواب بكتابه بالعدد (م.ر.ج/1/5/650) بتاريخ (13) من نفس الشهر وذلك (لوجود عدة مخالفات دستورية وقانونية ومالية وشكلية، راجين معالجتها ليتم المصادقة عليها) كما نص على ذلك . واشار بيان لرئاسة الجمهورية الى هذه المخالفات بالقول "وجود نحو 31 نقطة تتقاطع مع التشريعات النافذة" وان اعادتها الى مجلس النواب هو " لإعادة تدقيقها شكلاً ومضموناً من الناحية الدستورية والقانونية والمالية" كما ورد في نفس البيان. وأضافت الرئاسة في بيانها ان "اعادة الموازنة جاء اثر قيام خبراء ومستشارين قانونيين وماليين بدراستها وتدقيقها تفصيلا لتشخيص أهم المخالفات الدستورية والقانونية والمالية لبعض المواد او البنود او الفقرات المقتضى معالجتها قبل التصديق وكذلك معالجة اي خلل في صياغتها الشكلية" .
ان اعتراض رئاسة الجمهورية على مشروع قانون الموازنة تضمن اشارات او معالجات لبعض الاخطاء والنواقص والمخالفات التي وردت في نص القانون . وان بعض ماورد في الاعتراض صحيح وبعضه ناقص وبعضه خطأ وبعضه مخالفات قانونية وبعضه يدل على عدم فهم المستشار القانوني لرئيس الجمهورية ومن معه من مستشارين وقانونيين ودوائر مختصة لنص الموازنة المعترض عليه من قبلهم .
واعترض مجلس النواب ومجلس الوزراء على اعتراض الرئاسة بحجة عدم دستوريته وعدم وجود صلاحية لرئيس الجمهورية لاعادة الموازنة الى مجلس النواب .
وبعدها اصدر مجلس النواب قانون الموازنة من دون مصادقة رئيس الجمهورية وذلك استنادا الى نفس البند المذكور أنفا والذي ورد في (، وتعد مصادقا عليها بعد مضي خمسة عشر يوما من تاريخ تسلمها.) حيث مضت خمسة عشر يوما من تاريخ تسلم الرئاسة لقانون الموازنة دون ان يصادق عليها رئيس الجمهورية فعد قانون الموازنة مصادقا عليه ونشر بعدها بالعدد (4485) في 2/4/2018 من جريدة الوقائع العراقية .
ولابد من العرض ان اعداد الموازنة هو من اهم واجبات السلطة التنفيذية وقد بينت المادة (62) من الدستور العراقي النافذ مسؤولية كل من مجلس الوزراء ومجلس النواب في موضوع الموازنة حيث نصت على :
(اولاً ـ يقدم مجلس الوزراء مشروع قانون الموازنة العامة والحساب الختامي إلى مجلس النواب لاقراره.
ثانياً ـ لمجلس النواب اجراء المناقلة بين ابواب وفصول الموازنة العامة، وتخفيض مجمل مبالغها، وله عند الضرورة ان يقترح على مجلس الوزراء زيادة اجمالي مبالغ النفقات.)
وكذلك نصت المادة المادة (80) على :
( يمارس مجلس الوزراء الصلاحيات الاتية:
رابعا: اعداد مشروع الموازنة العامة والحساب الختامي وخطط التنمية.).
وخلاصة الامر ان مشروع قانون الموازنة معد من قبل السلطة التنفيذية باعلى مستوياتها (رئاسة الوزراء ، وزارة المالية ، وزارة التخطيط ، مجلس الدولة) ويرسل الى مجلس النواب الذي يحيله بعد التصويت عليه اى رئيس الجمهورية لغرض المصادقة عليه .
ولابد من الاشارة الى ان وجود اعتراضات صحيحة في رد رئاسة الجمهورية يعني وجود اخطاء في قانون الموازنة تطلبت هذه الاعتراضات . ومن جهة اخرى فان وجود هذه الاخطاء يدل على ضعف قدرة مجلسي الوزراء والنواب في مورد اعداد الموازنة .
ومن المعلوم ان مجلس الوزراء يضم عددا من المستشارين والموظفين القانونيين واللغويين والاقتصاديين وكذلك دائرة قانونية بمستوى مديرية عامة اضافة الى ان ارسال القوانين الى مجلس النواب يسبقه عرضها من قبل مجلس الوزراء على (مجلس الدولة)، الذي يضم كبار المستشارين القانونيين في البلد، لغرض مراجعتها وتصحيحها واعداد صيغتها النهائية من النواحي القانونية واللغوية.
وان مجلس النواب كذلك يضم عددا من النواب حملة شهادات الاختصاص في الامور المالية والقانونية واللغوية موزعين على لجانه المختصة بهذه الجوانب والتي تضم مستشارين ذوي خبرة في مجال عمل تلك اللجان اضافة الى دوائره ذات العلاقة التي تضم العديد من الموظفين ذوي الخبرة القانونية والادارية.
ومثل ذلك رئاسة الجمهورية التي تضم مستشارين وموظفين ودوائر ولجان بالاختصاصات القانونية والمالية واللغوية.
ومع كل ذلك صدر قانون الموازنة وفيه الكثير من الاخطاء والسلبيات والاضرار بالمصلحة الوطنية.
فماذا يعني وجود هذا الضعف في قانون الموازنة ؟! وهل يمكن ان نقبل وجود اخطاء ومخالفات لغوية وقانونية ومالية في نص مشروع قانون الموازنة الذي يمر عبر كل هذه المؤسسات الاعلى في البلاد والاسماء المعروفة والمناصب الكبيرة والشهادات العليا والدوائر ذات الاختصاص والتي يفترض بها جميعا ان تكون على اعلى مستوى من التخصص والخبرة والقدرة على الابداع في موضوع اصدار الموازنة ؟!
ان ما حصل في موضوع الموازنة من خلافات وصراعات والتصويت عليها والاعتراض عليها من قبل رئاسة الجمهورية ثم الاعتراض على اعتراض الرئاسة من قبل رئاسة مجلس النواب ورئاسة مجلس الوزراء واخيرا نشر قانون الموازنة في الجريدة الرسمية مع ما فيه مما ذكرناه من موارد الضعف والخلل يعني الضعف الكبير في العقل السياسي العراقي على اعلى المستويات وفي السلطات المختلفة . وقد بينا هذا الامر من خلال تشخيص وعرض الاخطاء والسلبيات والتضاربات والمخالفات التي تضمنها قانون الموازنة وبشكل واضح وبتفصيل مستند على قانون الموازنة نفسه في الحلقات الـ (6) قبل هذه الحلقة من دراستنا عن قانون الموازنة الاتحادية للسنة المالية 2018 .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. احمد النشيط يصرح عن ا?ول راتب حصل عليه ????


.. تطور لافت.. الجيش الأوكراني يعلن إسقاط قاذفة استراتيجية روسي




.. أهم ردود الفعل الدولية حول -الرد الإسرائيلي- على الهجوم الإي


.. -حسبنا الله في كل من خذلنا-.. نازح فلسطين يقول إن الاحتلال ت




.. بالخريطة التفاعلية.. كل ما تريد معرفته عن قصف أصفهان وما حدث