الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


هل انتشر الإسلام بالسيف؟

محمود يوسف بكير

2018 / 9 / 6
مواضيع وابحاث سياسية


مقدمة نظرية

في محاولاتنا لاستنتاج وفهم ما حدث في الماضي البعيد ينبغي أن نتحلى بالشجاعة والعقلانية عندما نبحث في كتب التراث عن حقيقة ما حدث. وعلينا أن نتذكر أن من سجلوا هذه الكتب كانوا بشرا مثلنا خاضعين لأهوائهم وإملاءات حكامهم وأصحاب النفوذ وأن الأقوياء هم من يكتبون التاريخ. كما أن هذا التراث لم يخضع لعمليات التوثيق والتسجيل والتدقيق التي نعرفها اليوم ولهذا السبب تباينت آراء الرواة في وصف نفس الحدث، ولذلك نرى دائما عبارة " وفي رواية أخرى. ..." ومسالة ترجيح رواية على أخرى كانت ولازالت معضلة في تحقيق المراجع القديمة علميا وثبت أنه لا توجد منهجية أفضل من منهجية إعمال العقل والتنقيب عن الدوافع الاقتصادية.

الخطورة هنا أن هذه الروايات القديمة اكتسبت نوعا من القداسة والعصمة بحكم الزمن الطويل الذي مر عليها دون أن تخضع للبحث والتمحيص، وهناك الان مقاومة شديدة من جانب حراس هذه الأقانيم المقدسة ومن العامة والحكام لإخضاع هذا التراث للنقد والبحث العلمي. ولكن الناس سوف تدرك يوما ما أن فعل المعرفة المنقولة في العلوم الإنسانية مكون عادة من كم معين من الحقيقة المجردة وكم أكبر منه بشكل متفاوت يتمثل في رأينا الشخصي والطريقة التي نرى بها هذه الحقيقة، بمعنى أن المعرفة الإنسانية هي عبارة عن شيء من الحقيقة مشحون بعواطفنا وخلفياتنا الاجتماعية والثقافية. ...الخ وفي النهاية فإننا لا نري الاشياء كما هي ولكن كما نراها نحن كما كان بيكاسو يفعل في رسومه.
ولذلك نقول دائما إنه يتعين إخضاع أي رواية حتى لو تم اسنادها إلى مصادر مقدسة إلى نوع من المنطق والعقلانية قبل قبولها.

حالة عملية

من يقول إن الاسلام انتشر بالموعظة الحسنة والكلمة الطيبة فقط لا يعرف شيئا عن التاريخ الدموي للبشرية. ولا أدري لماذا يتحرج المسلمون من مقولة إن الإسلام أنتشر بالسيف، وكان الأحرى بهم أن يردوا على ما يعتبرونه إتهاما بطرح السؤال التالي: وهل وجدت أي حضارة أو نظام من أي نوع نجح في التمدد وبسط نفوذه خارج حدوده دون استعمال القوة؟
وحتى الحيوانات والطيور والحشرات تلجأ لأساليب الغزو والقتل والارهاب عندما تكون بحاجة للسيطرة على قطعة ارض أو مورد مياه أو حتى على مجموعة من الإناث.

إنها أذن غريزة تزود بها كل الكائنات الحية من أجل بقائها، فلماذا إذا مطلوب من المسلمين أن يعتذروا على ما قاموا به من غزوات مسلحة وقتل ودمار لإنشاء إمبراطورتيهم؟ ولماذا يوصف الاسكندر المقدوني بأنه كان قائدا فذا ويقال على محمد بأنه كان إرهابيا؟ اليس هذا نوع من التجني والازدواجية؟

وحديثا علينا أن نسأل كيف انتشر تنظيم الدولة الإسلامية داعش في كل من العراق وسوريا؟ ألم ينتشر بالقوة والارهاب وسياسة الأرض المحروقة والسبي وبيع البشر في أسواق النخاسة؟ أم أنه انتشر بالكتاب والسنة والدعوة والخطب العصماء؟ بالطبع لو كان هذا ممكنا لفعلوها وتجنبوا كل هذه المعارك والضحايا والدمار. ولكن المبادئ والشعارات لا تؤخذ بجدية من المتلقي إلا إذا كان وراءها قوة تدعمها وتحميها. والان يحتضر نظام داعش من جراء تحالفات غربية وإقليمية ضده. وهذا يثبت أننا نعيش في غابة كبيرة وأن البقاء للأقوى وليس لحاملي الشعارات.

وعادة ما يكون لما يسمى بالحروب الدينية أهدافا اقتصادية بالمقام الأول وليس دينية ولكن كنوع من التجمل يتم إلباس العملية لباسا دينيا لإخفاء الأغراض الحقيقة للغزو وهي السلب والنهب والسيطرة على مقدرات الشعوب.
والدليل على هذا أنه لا توجد حروب دينية تبشيرية تأتي من المناطق المتحضرة إلى المناطق الصحراوية القاحلة وقليلة الموارد، لإنه لا توجد دوافع الاقتصادية لعملية الغزو بالأساس.

وفي بداية التوسع الإسلامي أيام الخلافة الرشيدة لم يكن غرض الهجوم على ممالك الفرس والروم هو دعوتهم للإسلام بقدر ما كان البحث عن الرزق والسبايا والتمتع بحياة الرفاهة بعد طول معاناة في هجير الصحراء وحياة البداوة القاسية.

كما انه ليس من المتصور أن يقوم هذا البدوي المسكين برحلة تستغرق شهورا على حصانه او ناقته وسط مخاطر جمة كي يصل لبلاد فارس او الروم لدعوة شخص لا يعرفه للإسلام ودخول الجنة معه والنجاة من النار ثم يقفل عائدا خالي الوفاض الى خيمته في الصحراء! أكيد لو وجد انسان يفكر بهذه الطريقة فإنه سيكون بحاجة إلى مستشفى للأمراض العقلية ولكن البدو كانوا اذكياء.

هذا البدوي بداهة يقوم بهذه الرحلة الخطرة طمعا في مردود اقتصادي كبير في بلاد فارس والروم، وهو يعرف أنه لا سبيل إلى هذا إلا باتباع أدبيات المغازي من إرهاب وتخويف وان استدعى الأمر القتل والتدمير إذا ما كان حفل الاستقبال على غير ما يرام وكانت المقاومة للغزاة عنيفة.

مرة أخرى نقول انه لا غرابة في هذا السلوك الانساني وإنما الغرابة في إنكار الحقائق والبديهيات والادعاء بأشياء مجافية للمنطق والعقلانية.
وحتى في المرات القليلة في التاريخ الإنساني التي لم يلق الغزاة فيها أي نوع من المقاومة لأجندتهم الاقتصادية أو الدينية، فإنه من الارجح أن ما حدث هو أن ابناء الشعوب المغزية أدركوا انه من المستحيل أن تتفاوض على حياتك وحريتك مع انسان ممسكا بسيف أو مدفع وتبدو على محياه أثار عدم التحضر وضيق الخلقة. في مثل هذه المواقف التفاوضية الصعبة فإنك تسلم بما يطلب منك إثارا للنجاة وكنوع من التكتيك لحين يأتي الفرج وهذا ما حدث بالفعل مع حركة داعش في بدايتها في كل من العراق وسوريا حيث استسلم لها أبناء المناطق التي احتلوها دون مقاومة كبيرة.

التاريخ الان ودائما ما يعيد نفسه عسانا أن نفهم ما حدث قديما.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - بين نشر الدين وتاسيس الامبراطورية
بولس اسحق ( 2018 / 9 / 6 - 21:40 )
{من يقول إن الإسلام انتشر بالموعظة الحسنة والكلمة الطيبة فقط لا يعرف شيئا عن التاريخ الدموي للبشرية. ولا أدري لماذا يتحرج المسلمون من مقولة إن الإسلام أنتشر بالسيف، وكان الأحرى بهم أن يردوا على ما يعتبرونه اتهاما بطرح السؤال التالي: وهل وجدت أي حضارة أو نظام من أي نوع نجح في التمدد وبسط نفوذه خارج حدوده دون استعمال القوة(وهل قائد هذه الحضارة او الإمبراطورية ادعى النبوة ويجب نشر دينه)؟ وحتى الحيوانات والطيور والحشرات تلجأ لأساليب الغزو والقتل والإرهاب(أي تعترف بانه انتشر عن طريق الإرهاب والغزو والقتل) عندما تكون بحاجة للسيطرة على قطعة ارض أو مورد مياه أو حتى على مجموعة من الإناث( وما علاقة هذه بنشر الدين)}... أي انك تعترف ان الإسلام جاء لتأسيس امبراطورية... ام ان الأوراق اختلطت عليك فلم تميز بين نشر الدين وتأسيس امبراطورية!!


2 - شعوب وأمم لا تتقدم ولا بعد ألف سنة ! محلك سر
عبد الله النديم ( 2018 / 9 / 6 - 23:35 )
الآن !؟ وبعدما مضي من القرن الواحد والعشرين بعد الميلاد 18 عاماً ما زال ذاك السؤال يطرح بين يوم وآخر !؟؟ : هل انتشر الاسلام بالسيف ؟
منذ ألف سنة قالها أبو العلاء المعري في بيت واحد من الشعر - لخص فيه الاسلام كله . كيف انتشر - بقوله : جلوا صارماً - الصارم هو السيف - , وتلوا باطلاً , وقالوا صدقنا , فقلنا نعم
!!
أبو العلاء المعري - 973 -1057م - قالها منذ ألف عام . - رجل كفيف البصر ! فهما وقالها - . وبعد الألف عام من قولته . ما زلنا نتساءل ان كان الاسلام قد انتشر بالسيف .. ! وكأنه قد انتشر بتوزيع الزهور والحلويات علي الناس
طالما ان ذاك السؤال لا يزال يتردد .. فأغلب الظن انه بعد ألف عام قادم .. سيظل يتردد نفس ذاك السؤال
الأخ الكاتب : لا نقصدك أنت بالذات فلست انت الوحيد الذي يطرح ذاك السؤال .. عنوان مقالك


3 - حاشا أن يكون البدو -أذكياء- حاشا
حورس ( 2018 / 9 / 6 - 23:48 )
(لماذا يوصف الاسكندر المقدوني بأنه كان قائدا فذا ويقال على محمد بأنه كان إرهابيا؟ اليس هذا نوع من التجني والازدواجية؟)

الاسكندر لا يحكم بلداننا اليوم ولا يغيب وعي شعوبنا , الاسكندر ليس رسولا من عند إله وأخلاقه وسيرته ليست أسوة لنا ولا لليونانيين والاوروبيين قبلنا .. عندما ينهق المسلم بأن محمده ذو خلق عظيم ونبي رحمة وما أرسل إلا رحمة للعالمين يكون من الواجب تذكيره بحقيقته

(ولكن البدو كانوا اذكياء)

تساؤلات عديدة لا تزال قائمة عن حقيقة استعمار فارس والعراق وسوريا إلى أن وصل السرطان إسبانيا والرواية الرسمية للتاريخ عليها كلام كثير , لكن حتى لو اعتمدنا ما تزعمه الكتب الاسلامية البدوية الصفراء يصعب الكلام عن -ذكاء- و -عبقرية- للبدو إلا إذا اعتبرنا شغل العصابات وأساليب الصعاليك والوحشية التي تتجاوز عالم الحيوان -ذكاء- . -غباء- الامم المتحضرة في تلك الأزمنة ساعد البدو ليظهروا -أذكياء- كغباء الغربيين اليوم على أرضهم مع الاسلام والمنتسبين إليه


4 - حاشا أن يكون البدو -أذكياء- حاشا
حورس ( 2018 / 9 / 6 - 23:49 )
قد يكون السؤال الأهم من نشر الاسلام ؟ البدو أم أجدادنا الموالي ؟ وأيضا هنا وانطلاقا من الواقع اليوم (التاريخ الان ودائما ما يعيد نفسه عسانا أن نفهم ما حدث قديما.)

البدو قطعا لم يكونوا -أذكياء- بل أجدادنا من كانوا الأغبياء.


5 - شكرا أستاذ علي سالم
محمود يوسف بكير ( 2018 / 9 / 7 - 10:50 )
قرأت تعليقك ولكن لا أدري لماذا قامت إدارة الحوار بحذفه مع انه لم يتضمن أي الفاظ جارحة. أرجو من الاخوة الاعزاء في الكنترول نشر التعليق أو ان ترسله مرة أخرى. مع تحياتي


6 - شكرا أستاذ علي سالم
محمود يوسف بكير ( 2018 / 9 / 7 - 10:54 )
قرأت تعليقك ولكن لا أدري لماذا قامت إدارة الحوار بحذفه مع انه لم يتضمن أي الفاظ جارحة. أرجو من الاخوة الاعزاء في الكنترول نشر التعليق أو ان ترسله مرة أخرى. مع تحياتي


7 - الأستاذ بولس اسحق
محمود يوسف بكير ( 2018 / 9 / 7 - 11:04 )
واضح انك لم تقرأ المقال بعناية، بالطبع ليس هناك فرق بين تأسيس دين أو إمبراطورية ، كلاهما يحتاج إلى قوة تسانده.واضح أن الامر اختلط عليك


8 - الاستاذ حورس
محمود يوسف بكير ( 2018 / 9 / 7 - 11:17 )
البدو نجحوا في بناء امبراطوريةبغض النظر عن الشكل فهل كان هذا نوع من الغباء؟ اذا كان هذا رأيك فمعنى هذا أن كل الامبراطوريات كانت غبية


9 - الأستاذ محمد البدري
محمود يوسف بكير ( 2018 / 9 / 7 - 14:30 )
اشكرك على تعليقك الذي أرسلته لي ادارة الحوار ولكنها قررت عدم نشره وانا اعتذر عن هذا
واتمنى على الادارة نشر التعليق لان الكنترول لديهم . او ارجو منك اعادة ارساله وانا واثق انه سينشر . انا سعيد بأنك فهمت مغزى الموضوع عكس الاستاذ بولس. وسوف اعلق على ما ذكرت
رغم عنفه فور نشر التعليق. مع تحياتي


10 - تعليق على المقال
صباح ابراهيم ( 2018 / 9 / 7 - 15:16 )
لم ينشر أي دين في العالم باستخدام أساليب الغزو والقتل وسبي النساء واغتصابهن بحجة الجهاد في سبيل الله إلا في الإسلام .
ولم يستعبد البشر و يباعون في اسواق النخاسة كعبيد و اماء الا في تاريخ الاسلام الديني أثناء الجهاد والغزوات والدعوة الى الإسلام .

داعش او دولة الخلافة الاسلامية الجديدة هي خير من جسّد الاسلام واظهر شكله الحقيقي أمام كل البشر مجددا في القرن الواحد والعشرين ، حتى ولدت لدى العالم اجمع فوبيا الاسلام .
لايوجد تحريض على كراهية الاخر في الاديان الا في الاسلام .
الاسلام بدأ باليهود الذين يسميهم كتاب محمد باخوة القردة والخنازير ، ومن المغضوب عليهم ، ويشبههم بالحمير التي تحمل اسفارا وكالانعام بل اضل سبيلا . ويحاربون المسيحية ويتهمون كتابها بالتحريف .
كل من لا يؤمن بالاسلام فهو مشرك ويعتبر نجس حسب كتابهم ( انما المشركون نجس)
و لا يوجد في العالم يهدف الى الانتشار بقوة السيف والاحتلال و التوسع الا في الاسلام .
فهل دين الله الحق له مثل هذه الخصائص التي لا يقبل بها عقل ولا منطق ولا دين ولا اله ؟