الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


مضافة المختار، وروّاد البثّ المباشر

إدريس سالم

2018 / 9 / 7
الصحافة والاعلام


يعيش ناشطو مواقع التواصل الاجتماعي ما يمكن تسميته بفترة ازدهار لظاهرة البثّ المباشر، ليس فقط في المجال التقني، بل في المجال الاجتماعي والإنساني والترفيهي، فها هي شبكات وتطبيقات اجتماعية قائمة على أساس هذا الأسلوب الجديد والنشاط الإنساني المحدّث، لكي تجذب إليها المزيد من المستخدمين المهتمين بالإعلام الاجتماعي، والواضح في الأمر أن الكثير من الأشخاص قد أصبحوا يهتمون بهذا الأسلوب، سواءً من ناحية البث والنشر أو من الناحية الأخرى، التلقي والمتابعة.

حقيقة، والحقيقة يجب أن تقال:
أبدعتم أيّها المخاتير.
كنتم أبطالاً في الفيس بوك، ولكن تحت أيّ خانة؟
صنعتم من المجد فوضى عارمة.
كرّهتم المجتمع من المجتمع.
زرعتم في عقول الشباب مفاهيم جديدة عن الديمقراطية وحرية الرأي والرأي الآخر، بالقذف والشتائم والاتهامات والتخوين والتهديد والوعيد.
علّمتم الجيل الجديد الانحراف والخروج عن القانون الاجتماعي.
كنتم محلّلين سياسيين وخبراء عسكريين ودبلوماسيين، من الطراز الرفيع، استقبلكم أشهر القنوات العالمية مثل BBC و CNN و Sky News و FOX و Rudaw و Monte Carlo، لا بل هم اشتهروا بكم.

إلى أبو جورج الكوردستاني، الوجه البشوش وصاحب قناة (Raste Rast).
إلى مختار إسبانيا، ذاك المتهم عبر صفحات الفيس بوك بأنه يقبض الأموال مقابل كلّ بثّ.
إلى أوسب بركل، المتنازل عن بعض من ممتلكاته لحفنة من الفاسدين.
إلى سمير متيني، صانع المزاودات وبائع الوطنيات.
إلى حجي نوح، أمير المؤمنين ولاعن الأديان والمذاهب.
إلى أبو علي كصاب، الذي فضّل المال على كوردستان، والذي صرخ "نحن باقون" في إشارة إلى أنه ماضٍ في عرض البثوث المباشرة.
إلى إبراهيم كابان، ذاك المريض الذي يعاني من الإسهال المزمن في القومية، واضطرابات في الفكرة، وارتجاج دماغي في سماع الحقيقة والأخذ بها، وسوبرمان التخوين والشتائم.
وإلى داران عصمت، الشاب الذي يعلم ما يريد من البثّ المباشر.

– أين كانت مواقفكم وأفعالكم الطنّانة من النظام السوري والمعارضة الإسلامية وممارسات حزب الاتحاد الديمقراطي (PYD) يوم كنتم على تراب الوطن؟
– أين أنتم من كلّ المحاضرات وورشات العمل التثقيفية والتنموية والتوعوية التي عمل عليها أكاديميي وأصحاب الكلمة، من أجل ازدهار المجتمع وإعلاء القضية الكوردية في مدن غربي كوردستان؟
– لم غياب التنظيم والتهديف في حلقاتكم العشوائية، التي هي ترفيهية كوميدية من الدرجة الأولى والأخيرة، ولا شيء غير ذلك؟
– باعتباركم لاجئون في الدول الأوروبية، لماذا لا تتعلّمون اللغة الأجنبية، وتندمجون مع المجتمع الأوروبي بدل السهرات الكوميدية المليئة بزرع الأحقاد والفتن بين الناس والإضرار بالقضية الكوردية «لست في وارد تخوينكم، وأنكم تقبضون الأموال من جهات خاصة».

”في حلقة فيسبوكية، كان داران عصمت معدّاً لها على صفحته، وأبو علي كصاب ضيفاً مشاركاً، دار نقاش بينهما وهما – المقيمان في أوروبا – حول أهداف ومطالب كلّ من حركة المجتمع الديمقراطي والمجلس الوطني الكوردي.
أبو علي صرّح بأن TEV – DEM و ENK.s يطالبان باستقلال كوردستان «أيّها القارئ أنت في حلم. TEV – DEM تحارب الاستقلال وتخوّن كلّ مَن يطالب بها»، إلا أن داران أثبت أن أبو علي يفضّل المال على القضية، رغم إدعاء الأخير بأنه يحبّ كوردستان أكثر من المال، معلّلاً بمدى إمكانية معايشة حلم الاستقلال.

داران أوقع أبو علي في الفخّ بطريقة ذكية، وخرج منه مغلوباً ذليلاً، فقدّم عرضاً لأبو علي، وهو منح بيته في كوباني، ذو الأربع غرف، مع راتب رمزي يعيله على صعاب الحياة، مقابل أن يعود من أوروبا، ويعيش فيها ويصرخ أمام بيته: (أريد كوردستان).

هنا طالب أبو علي بعقد اتفاق وتأمين حقه، للحصول على البيت والراتب، وقد وافق داران مقدماً السندات والوعود لتحقيق ذلك، ثم سأل أبو علي (ماذا لو تهرّبت من وعدك، وقطعت الراتب عني؟)، أجابه بكل دبلوماسية (عشْ، كما يعيش الكوبانيون)، فيردّ أبو علي بأن إمكانية العيش هناك صعبة وقاسية، مقدماً تبريراته التي لا قيمة لها أمام كلامه عن كوردستان، ليغلق داران النقاش بقوله (أنت لا تريد كوردستان، أنت تريد المال والجاه والرفاهية أولاً، ثم كوردستان ثانياً)“.

أتساءل:
– إلى أيّ درجة يتواجد متابعين مثقفين ومسؤولين كورد وأحزاب سياسية في البثوث المباشرة المطوّلة؟
– هل القنوات والإذاعات والمواقع الإخبارية عملت أيّ حوار أو لقاء مع أصحاب هذه البثوث، واستفادوا من تجربتهم في الإعلام الاجتماعي؟
– هل ما يقال في البثوث المباشرة سواء من المُعدّ أو الضيف يعتبر كلاماً ذو مصداقية وموضوعية، ويأخذ به الإعلام الكوردي؟
– لم الكتّاب والمحلّلين السياسيين لا يخرجون كضيوف مع أبطال هذه البثوث؟
– إلى أيّ درجة يقدّم البثّ المباشر الفائدة المرجوة للناس والمجتمع؟

النسبة التي أفادت القضية الكوردية والثورة السورية سياسياً واجتماعياً عبر اجتماعات البثّ المباشر، التي باتت تشبه اجتماعات أهالي القرى في مضافات المخاتير هي (5%) فقط، ولا أريد قذف المثقفين الذين يحاولون إيصال هموم الشارع الكوردي إلى المعنيين – أفراداً وجماعات – ولكن (80%) من روّاد البثّ المباشر على الفيس بوك إما استعراضيون، وإما متسلّقون، وإما متخلّفون، فهنالك أشخاص يخرجون إلى البث المباشر متناقضون مع الواقع وواقعهم، وهنالك صحفيون وإعلاميون مرتزقه يجمّلون الواقع بالتزييف والتزلف وهز الذنب، ليحصلوا على منافع شخصية، منها مادية ومنها تحفيزية.

إذاً:
باتت خاصية البث المباشر كاجتماعات الناس في مضافة المختار، يتجمعون في كلّ فرح أو ترح، ويتناقشون على أمور الزراعة والرعي والزواج والسياسة نقاشات لا تطوير فيها ولا نتيجة، لأن الكلمة الأخيرة في صنع القرار وتنفيذه هي للمختار، فلم تنهال عليهم التعليقات والإعجابات من كل حدب وصوب في كل بث مباشر؟ في حين وفي كلّ منشور لهم على صفحاتهم نجد تعليقين أو ثلاثة وبضعة إعجابات، وهذا دليل على أن القول والفعل كلّ منهما بحاجة للآخر.

لقد سمعت خبراً من مصدر مطلع وحسّاس، أن «مارك زوكربيرغ» الرئيس التنفيذي في شركة فيس بوك قام بتوجيه كتاب شكر وتقدير للمواهب التي ذكرتها سالفاً، ودعوته لهم لحضور الحفل المقام في "مينلو بارك" بولاية كاليفورنيا الأمريكية، من أجل استلام الجوائز العالمية، وذلك تقديراً لجهودهم البنّاءة في تطوير الإعلام الاجتماعي، وكشف الفساد ومحاربة الفاسدين، ونبذ العنف والفتنة والعنصرية، والحدّ من حملات تجنيد الأطفال الكورد والسوريين، وتطوير التعليم، وتكريم المناضلين وتعرية الأحزاب الكوردية وارتباطاتها بالأجندات الخارجية، وفضح الرموز التي باعت عفرين وكركوك وكوباني وشنكال، وتواصلهم مع المنظمات الإنسانية والشركات الإعمارية ودعوتهم من أجل المساندة في إعادة إعمار كوباني وباقي مدن سوريا.

والأسماء التي ذكرتها في بداية المقدمة ذكرتها عن سابق إصرار وترصّد، لا لأهينهم أو أخوّنهم، بل لأنهم باتوا في نظر الناس أبطالاً حقيقيين ومحرّضين على خلق الفوضى بين المجتمع الكوردي والسوري دون أن يدركوا ذلك، لأن كلّ صاحب بثّ مباشر يمدح ويمجّد الأخر، فهم لم يفلحوا في تقديم أيّ رؤية صحيحة وسليمة ومنطقية للقضايا المصيرية للشعب الكوردي ولا للأزمة السورية، لم يستطيعوا قيد نملة تقديم المساعدة للاجئين، سواء بتأمين حقوقهم أو تخفيف حدة استغلالهم من قبل الحكومات التي استقبلتهم أو المنظمات الإنسانية.

أخيراً:
من المؤكد في الدرجة الأولى أن الخلل ليس في الأداة، ولكن في طريقة استخدامها في النشر والترويج والاستفادة بين الملقي والمتلقي، وأداة البثّ المباشر أداة قوية وضرورية في الوقت الراهن، ولكنها تستخدم بشكل سلبي خطير من قبل المستخدمين الكورد، يعود ضررها الأول والأخير على المجتمع والقضية الكوردية، وأصبح من الضروري وجود توعية سريعة، من خلال عقد ورشات عمل وندوات ومحاضرات تضمّ خبراء في مواقع التواصل الاجتماعي، لتوعية مستخدميها ووضعهم في الطريق الصحيح، خاصة اهتمام الأهالي بالأجهزة الذكية الخاصة بهم، لأن هذا الأمر قد يسبّب لهم إحراج ونوع من إفشاء الأسرار والخصوصية، وإخراج عن البيئة الاجتماعية وتفتيت العقل.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. حماس تواصلت مع دولتين على الأقل بالمنطقة حول انتقال قادتها ا


.. وسائل إعلام أميركية ترجح قيام إسرائيل بقصف -قاعدة كالسو- الت




.. من يقف خلف انفجار قاعدة كالسو العسكرية في بابل؟


.. إسرائيل والولايات المتحدة تنفيان أي علاقة لهما بانفجار بابل




.. مراسل العربية: غارة إسرائيلية على عيتا الشعب جنوبي لبنان