الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


دور المعارضة السياسية في النُظم الديمقراطية. الحلقة (3)

صبحي مبارك مال الله

2018 / 9 / 8
مواضيع وابحاث سياسية


دور المعارضة السياسية في النُظم الديمقراطية. الحلقة (3)
تناولنا في الحلقة الثانية الماضية العديد من النقاط ومنها، النظام الديمقراطي لايمكن إن يقام إلا في ظل أجواء ديمقراطية حقيقية، وهناك شروط لبناء النظام الديمقراطي،وهي تأسيس المؤسسات الدستورية وفي مقدمتها المؤسسة التشريعية، وفصل السلطات عن بعضها البعض وهي التشريعية، التنفيذية، والقضائية، وتأمين حقوق الإنسان، وتأسيس الأحزاب وفق قانون الأحزاب، وضمان حرية التعبير والتظاهر والإعتصام ضمن المواد الدستورية في الحقوق والحريات، والتعددية السياسية والفكرية والحزبية بحيث تاخذ وضع طبيعي. من مستلزمات وجود وإستمرار النظام البرلماني، مزاولة العمل السياسي المعارض ضمن شروط معينة وفي مقدمتها التداول السلمي للسلطة من خلال الإنتخابات، كما إن الأنظمة البرلمانية والإنتخابية تختلف من دولة إلى أخرى. نظام الحكم الديمقراطي يوزع بين نظامين وهما رئاسي وبرلماني وكل نظام له آليات وصلاحيات ومدى تأثير وقوة البرلمان في التشريعات وإصدار القوانين، وعادةً يطرح سؤال أيهما أفضل الرئاسي أم البرلماني؟ وكما هو واضح بأن النظام الرئاسي قد يفضي إلى الدكتاتورية وأغلب الصلاحيات تكون بيد شخص الرئيس مع إزدواجية السلطة التنفيذية وضعف السلطة التشريعية وتغليب السلطة التنفيذية ويكون مصير البرلمان بيد الرئيس عندما يمتلك صلاحية حل البرلمان. عند دراسة التاريخ السياسي العراقي منذ كان تحت الإحتلال العثماني الذي دام مدة أربعة قرون ومن بعده الإحتلال البريطاني ومن ثم تأسيس الدولة العراقية وبداية الحكم الملكي والتي كانت تسمى بلاد مابين النهرين مكونة من ثلاثة ولايات (الموصل، بغداد، البصرة)، كانت التجربة البرلمانية قصيرة حيث لم تنمو التقاليد الديمقراطية بالإتجاه الصحيح وبقيت التجربة مبتسرة ومنقطعة التواصل، لم تتكون معارضة سياسية ودستورية كتقليد تأريخي و لم يمارس الشعب حقوقه كما يجري في البلدان الديمقراطية، وبالتالي إنحصرت المهام التشريعية والتنفيذية بيد سلطة رئيس الوزراء ومجلس الوزراء.
بتتويج الملك فيصل الأول في 23آب 1921 ولدت الدولة العراقية والتي أصبحت ذات نظام ملكي بعد صراع سياسي وعسكري بين الشعب والمحتلين البريطانيين، فبعد إعلان الحرب على الدولة العثمانية التي دخلت الحرب العالمية الأولى إلى جانب ألمانيا ودول المحور، من قبل بريطانيا حيث إحتلت الفاو في 23/11/1914 ثم دخول بغداد بقيادة الجنرال مود في11/03/1917، وأكملت إحتلالها للعراق في 1918 فحكمت العراق بواسطة حكامها العسكريين للمدن العراقية، وكانت هناك إتجاهات حول إدارة العراق ومنها ربط العراق بحكومة الهند البريطانية أي تهنيد العراق وإتجاه آخر ربطه بالحكومة البريطانية مباشرة في لندن. في 25نيسان 1917 عقد مؤتمر سان ريمو في باريس حول المناطق التي إنتزعت من الحكم العثماني ومن قرارات المؤتمر وضع العراق وفلسطين تحت الإنتداب البريطاني .ونتيجة لعدم قبول الشعب بالإحتلال، إندلعت ثورة العشرين في 30حزيران 1920 والتي شملت معظم مناطق العراق، ثم عقد مؤتمر القاهرة في آذار 1921، حيث إجتمع ممثلي الدوائر البريطانية والمخابرات حيث أقترح تشرشل أسم فيصل ملكاً على العراق، في حين كان مطروح على طاولة المؤتمر خيارين أولهما نظام ملكي والثاني نظام جمهوري وكلاهما له مؤيدين ومعارضين في الإدارة البريطانية، فأصدر مجلس الوزراء العراقي تحت الإحتلال البريطاني (بياناً في 11تموز 1921 طالب فيه بالمناداة فوراً بفيصل ملكاً على العراق بشرط أن تكون حكومته دستورية نيابية ديمقراطية مقيدة بالقانون) ثم جرى إستفتاء لمعرفة رأي الشعب وكانت النتيجة إلى جانب (فيصل)بالرغم من التشكيك بها لعدم دقة الإستفتاء والأمية المتفشية وبعض الألوية(المحافظات) لم تشارك في الإستفتاء. في 12أيلول /1921 أُعلن عن تشكيل حكومة جديدة ودائمة برئاسة (عبد الرحمن النقيب) ونتيجة عدم مشاركة كل مكونات الشعب العراقي ظهرت معارضة سياسية وإندلاع معارك وحروب عديدة داخلية وخارجية، حيث إستمرت في التأثير بعد إنتهاء الإنتداب سنة 1932م وما بعد ذلك. لقد كانت بداية تكوين المعارضة السياسية التي كانت تطالب بالدستور وتقييد سلطات وصلاحيات السلطان في العهد العثماني، ثم تعلن الجهاد ضد الأنكليز في فترة إحتلال العراق، ثم تطالب بالإستقلال ورفض الحكم البريطاني أثناء فترة حكمها المباشر.ومنذ فترة العشرينات وقبل تتويج فيصل الأول، ظهرت أحزاب منها حزب حرس الإستقلال والذي كان يعتبر نفسه ممثل المعارضة الداعية للإستقلال والتصدي للأنكليز وحزب الحر العراقي وهويضم جماعة عبد الرحمن الكيلاني الداعي للإرتباط بالأنكليز ورفض إنهاء إحتلال العراق، والحزب الثالث حزب العهد وهو حزب مجموعة ضباط المنفى، ضباط الثورة العربية الكبرى. وهذه الأحزاب سرعان ما كانت تختفي بزوال ظروف تأسيسها. ثم ظهرت أحزاب سياسية أخرى بعد مجيئ فيصل وتأسيس الحكم الوطني مثل حزب النهضة والحزب الوطني اللذان عملا على معارضة المعاهدة البريطانية –العراقية الخاصة بالإنتداب 1922، كما نظما المظاهرات ضدها مما دفع المندوب السامي بيرسي كوكس إلى قمع الحزبين وغلق الصحف ونفي بعض قيادي الحزبين وفي عام 1931 إتفق حزب الشعب الذي أسسه ياسين الهاشمي مع جعفر أبو التمن زعيم الحزب الوطني على تأسيس حزب الأخاء الوطني حيث كان يمثل السنة والشيعة، باشر هذا الحزب حملة قوية ضد الحكومة وسياستها وبنفس الوقت تصاعد نشاط العمال ومنها إعلان الأضراب، وفي عام 1932 ظهرت مجموعة الأهالي نسبة إلى جريدة الأهالي ذات التوجهات الليبرالية العراقية وكانت نواة الحزب الوطني الديمقراطي حيث تشكلت معارضة سياسية تستند إلى برنامج فكري. تشكلت خلال العهد الملكي 59 وزارة إلى حين سقوط النظام الملكي الذي إستمر 33عاماً منها 14 وزارة شكلها نوري السعيد، كما جرى حل كافة المجالس النيابية الستة عشر (16) قبل أوانها عدا الدورةالتاسعة (1939-1943) م، عدد الوزارات التي شكلت في فترة الإنتداب البريطاني (14) وزارة، وعدد الوزارات في عهد الإستقلال (16) وزارة،وفي عهد الإحتلال البريطاني الثاني شكلت ( 19) وزارة وفي عهد الملك فيصل الثاني بعد إنتهاء الوصاية وتتويج الملك شكلت (10) وزارت لم يأخذ النظام الديمقراطي حسب الدستور مداه في تكوين تقاليد برلمانية وتأسيس معارضة سياسية رسمية محمية، بل كانت تسود تلك الفترة سياسة الإرهاب والقمع والإعتقال وغلق الصحف وسحب إجازات الأحزاب ومحاربة الأحزاب والمنظمات السرية وإعلان الأحكام العرفية كلما هبّ الشعب في تظاهرات وإضرابات وإعتصامات وإنتفاضات وحل مجلس النواب مع تردي الأوضاع الإقتصادية والمعيشية والتدخل الأجنبي وعقد معاهدات وإتفاقيات جائرة حيث ساد الفقر والبطالة وتراجع الإقتصاد الوطني بالرغم من إستثمار النفط المكتشف، وتدخل شركات النفط الأجنبية في شؤون العراق. أما في النظام الجمهوري إلى حين سقوط نظام صدام حسين، أيضاً لم تظهر معارضة سياسية رسمية ولم يُشرع قانون للأحزاب، بل كانت أغلب الأحزاب المعارضة تعمل في السر وفي خارج الوطن، ولهذا إستمر الفراغ السياسي الديمقراطي. وبعد الإحتلال الأمريكي تكونت نواتات العمل الديمقراطي وبدأ العملية السياسية و ظهرت الأحزاب حسب قانون إدارة الدولة حيث فُتحت المقرات الحزبية وممارسة العمل العلني وبعد المرحلة المؤقتة وإجراء الإستفتاء على الدستور الدائم، ومن ثم إجراء إنتخابات مجلس النواب الدورة الأولى. ولكن عملت الإدارة الأمريكية على ترسيخ سياسة المحاصصة الطائفية والقومية والإثنية وإنقسم المجتمع العراقي حيث إنجر الشعب العراقي إلى الإقتتال الأهلي وتوفر مناخ للمنظمات الإرهابية لتمارس دوراً إرهابياً ضد الشعب والقيام بحملة إغتيالات ضد المواطنين حسب الفكر والهوية. ولم تظهر أيضاً معارضة سياسية منظمة وإنما الجميع شاركوا في الحكم ولم يقم مجلس النواب منذ دورته الأولى بواجبه، وبدلاً من إعادة البناء ظهرت آفة وأرضة الفساد فتم النهب والإختلاسات وضياع ثروات وأموال الشعب وإلى لحظة كتابة هذا المقال لم نجد معارضة في مجلس النواب ذات بعد جماهيري وشعبي تضغط بإتجاه التغيير والإصلاح. ولهذا خرجت جماهير الشعب إحتجاجاً على ما حل في العراق من تخريب وفساد وتدهور الخدمات ووضع إقتصادي مزري وسط مؤامرات دولية وإقليمية وتدخل سافر في شؤون العراق .
المصادر:1- المعارضة والضمانات الدستورية (سربست مصطفى ) 2-موسوعة السياسة العراقية (د. حسن لطيف الزبيدي) 3- البدايات الخاطئة (عبد الآله الفكيكي) 4- مجموعة مقالات 5- عبد الرزاق الحسني –الوزارات العراقية.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. تونس.. زراعة الحبوب القديمة للتكيف مع الجفاف والتغير المناخي


.. احتجاجات متزايدة مؤيدة للفلسطينيين في الجامعات الأمريكية




.. المسافرون يتنقسون الصعداء.. عدول المراقبين الجويين في فرنسا


.. اجتياح رفح يقترب.. والعمليات العسكرية تعود إلى شمالي قطاع غز




.. الأردن يتعهد بالتصدي لأي محاولات تسعى إلى النيل من أمنه واست