الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


قراءة مبسطة في الوضع السياسي الراهن

محسن أمين

2018 / 9 / 8
مواضيع وابحاث سياسية


يعيش المغرب أزمة حادة على كافة المستويات، أزمة لا يمكن قياسها بالمراحل السالفة نظرا لتشعب الاوضاع في هذا البلد من جهة ومن جهة أخرى لطبيعة النظام القائم والمزيد من الارتماء في أحضان الامبريالية وخدمة مصالحها في المنطقة الشيء الذي خول له القيام بدور الشرطي والمنقذ والخادم الامين لكل المخططات التصفوية خدمة لأسياده وبتوجيهات من صندوق النقد الدولي والبنك العالمي على حساب القوت اليومي للشعب المغربي.
على مستوى السياسة الاجتماعية
بلغت الأوضاع الاجتماعية درجة من التردي لم يشهد المغرب لها مثيلا فالقدرة الشرائية للمواطن تراجعت بشكل ملفت أمام عوامل ضاغطة أهمها البطالة التي استشرت في أوساط المجتمع، والارتفاع المهول للأسعار كل ذلك بإزاء فشل السياسات الاجتماعية المتعاقبة من قبيل الإجراءات الوقائية للحد من ارتفاع نسبة البطالة، أو الحد من الهجرة السرية، أو من الاتجار في المخدرات، أو هذا إلى جانب بروز مؤشر الأمية في ارتفاع مهول في نسبته المئوية المرتفعة رغم ما يُروَّج له لإنجاح حملة التربية غير النظامية ومحاربة الأمية … إذ لا صوت يُسمع، ولا نداء يلبَّى، ولا عقل يستجيب إذا اشتد الجوع ، ودِيست الكرامة بالعطالة والبطالة، واكتوى الإنسان بلهب الأسعار
في ظل هذه الأوضاع المتردية انطلقت مبادرات، حملت في داخلها عوامل الفشل، ورُفعت شعارات للاستهلاك الإعلامي والسياسي من قبيل التنمية المستدامة، والنهوض بالعالم القروي، وكان آخرها: مبادرة التنمية البشرية !! دون أن يكون لها جميعها على سطح الواقع الاجتماعي أثر ملموس
على مستوى التدبير السياسي للاقتصاد
لعل ما يميز التدبير السياسي في واجهته الاقتصادية الامتثال الكامل والرضوخ المطلق لتوجيهات صندوق النقد الدولي، وتنفيذ إملاءاته التخريبية على حساب الحاجيات الملحة للنمو والاعتناء بحاجيات المجتمع المغربي
ومن سمات فشل التدبير السياسي للاقتصاد نذكر ما يلي
الانخراط الكامل في خوصصة المؤسسات العمومية، وما شاب هذه العملية من ضرب كل ما حققه الشعب المغربي من مكتسبات، فضلا عن إهدار عائداتها /ميزانيات ضخمة في مجالات استهلاكية تسييرية عوض صرفها في مجالات تنموية
إبرام اتفاقيات مجحفة كاتفاقية الصيد البحري الأخيرة، واتفاقية التبادل الحر مع الولايات المتحدة الأمريكية التي لم تراع واقع الاقتصاد المغربي وقدرته على استيعاب تداعياتها
محدودية استمالة وجلب الاستثمار الأجنبي نظرا لتعقيدات المساطر والإجراءات وارتفاع الكلفة الضريبية. هذا إلى جانب بروز فئة من السماسرة النافذين الذين بيدهم الحل والعقد في المجال
استقالة النظام من مراقبة سوق الشغل في البلد. وما نتج عن ذلك من إغلاق للمئات من المعامل والشركات في كبريات المدن وأخرها وليس آخرها معمل النسيج بمكناس سيكوميك الذي شرد أكثر من ٨٠٠ أسرة طبعا بتواطؤ مع الكل بما فيهم النقابة
الاحتكار الاقتصادي الممارس من طرف مجموعات اقتصادية مرتبطة بالنظام ـ
نموذج مجموعة أونا/ الشركة الوطنية للاستثمار/ المدى وما نتج عنه من تضييق على الاقتصاد
سلسلة الفضائح المالية والاختلاسات التي طالت مؤسسات وازنة كالبنك العقاري والسياحي، والقرض الفلاحي، وصندوق الضمان الاجتماعي، وشركة الطيران، وشركة كومانا، وشركة التنمية الفلاحية وغيرها كثير
تهريب الأموال وتكديسها في الخارج بشكل ملفت، على حساب إفقار الشعب. وكانت بعض الجرائد قد نشرت من قبل، على هامش هامش مناقشة الميزانية آنذاك، أن المغرب يعتبر رابع دولة عربية تمتلك احتياطا من العملة الصعبة في الأبناك الغربية
ولنا أن نتساءل: لمن كل هذه الأموال الطائلة؟ وكيف تم تهريبها؟ ولماذا لا تُسترجع وتستثمر داخل الوطن؟
التركيز في الاستثمار في دول إفريقيا عوض الاستثمار في البلد خدمة لمصالح الرأسمال العالمي!
على مستوى التدبير السياسي العام
إن الأزمة الخانقة التي تطبع الحياة الاجتماعية للمواطنين، والتدبير الاقتصادي الفاشل ما هما إلا تجل واضح للأزمة السياسية العامة ولطبيعته التبعية في البلاد
ومن سمات الأزمة في الحقل السياسي
التحكم المطلق من طرف النظام في المشهد السياسي عن طريق ضمان الولاءات، والضغط بشتى الطرق والملفات لضبط التوازنات
السياسية، وضمان الاستقرار السياسي، والتركيز على الخطاب بقضية الصحراء الغربية كلما اشتد الخناق عليه
بلقنة الحياة السياسية بتفريخ ما يزيد عن 40 حزبا سياسيا وما يقارب 30 مركزية نقابية وخلق قيادات بيروقراطية خدمة لمصالح الباطرونا وللمرء أن يتساءل: أبلغ الاجتهاد والعبقرية في ميدان تدبير الشأن السياسي إلى درجة أن يُفرَزَ هذا العدد الهائل من الرؤى والأنماط السياسية … أم هي الحسابات الشخصية، والمبادرات المشلولة، والتدبير الخفي لتشتيت وتمييع المشهد السياسي؟ الكل في خندق واحد العمل من داخل المؤسسات ومن أجلها ومن أجل إنقاذ النظام
وسواء كان هذا أو ذاك فإن النظام هو الرابح الأكبر، ولعل الشعب هو الخاسر
إطلاق ترسانة من التدابير والقوانين الوقائية / الحمائية التي تزيد من تأزم الحياة السياسية، وتحد من الحريات والحقوق، والتي عادة ما تأتي كرد فعل على أوضاع وظروف ومستجدات كما حدث مع قانون الإرهاب وقانون الصحافةوقانون الأحزاب
الإعفاءات عن الجرائم السياسية التي ترتكب في حق الشعب المغربي وعدم المتابعة والمحاسبة بتكليف الرجعية في هاته الملفات بنهج سياسة عفا الله عما سلف.
سن سياسة التدخل المباشر في كل المجالات والقضايا من خلال إنشاء لجن إنقاذ مشلولة ومتحكم فيها كاللجنة الملكية لإصلاح التعليم، والمجلس الاستشاري لحقوق الإنسان، وهيئة الإنصاف والمصالحة، والمجلس الملكي الاستشاري لشؤون الصحراء
الاستنجاد بالأحزاب النقابات رغم وضعها المترهل في مواقف حرجة لإطفاء ومحاصرة المد الذي يعرفها الشارع
وبالموازات مع طبيعة النظام الرجعي لا بأس من الوقوف عن بعض سمات الأزمة للنقابات والتيارات التي تدعي انها الى جانب المستضعفين
غياب الديمقراطية الداخلية
شيخوخة الزعامات السياسية على رأس أحزابها، وعدم استعدادها للتنحي عن كراسيها
ـ استفحال ظاهرة الانشقاقات الداخلية، واستقلالية أجنحة، ثم إنشاء أحزاب جديدة، غالبا ما تكون نتيجة لخلافات شخصية بروز ظاهرة التوريث الحزبي، وتوريث العشيرة، سواء في أجهزة ودواليب الحزب والنقابة
عدم الالتزام بالقوانين والنظم الداخلية للمؤسسات الحزبية والنقابية كما هو الحال في شأن تأجيل المؤتمرات أو عدم عقدها البتة لسنوات طوال
إن الأحزاب السياسية حسب تقييم أحد المحللين هي نخب تحكمها نخب،
على مستوى ما يسمى السياسة الأمنية
ظلت بما يسمى المقاربة الأمنية المنتهجة من طرف النظام هي الدرع الواقي ضد كل أشكال التحرر، والسلاح الأمثل لإسكات من سلك طريق التغيير. وتاريخ المغرب حافل بالاعتقالات والاختطافات، والمحاكمات الصورية، والأحكام الجاهزة بالإعدام أو المؤبد وغيرها من الأحكام القاسية بل والزج بالعشرات والمئات في معتقلات سرية هذا فضلا عن التصفية الجسدية، وتدبير الاختفاءات القسرية، والسكوت عن مجهولي المصير
وما السجون والمعتقلات السرية التي تم الكشف عنها (تازمامارت ـ قلعة مكونة ـ درب مولاي الشريف ـ دار بريشة …) إلا عربون عن التاريخ الأسود للنظام. يسير من خريطة الموت التي رسمتها مرحلة من تاريخ النظام الاسود ولا زال
ورغم الخطابات المشلولة والشعارات الجوفاء ” تبني خيار المصالحة والقطع مع الماضي …” وإنشاء هيئة الإنصاف والمصالحة فإن المقاربة الأمنية لازالت هي السلاح الأنجع لمواجهة المستجدات والطوارئ، ولعل الاغتيالات والاعتقالات التي نعيشها اليوم ومنها اعتقالات جرادة والريف خير شاهد على ما نقول
قمع الوقفات الاحتجاجية سواء تلك التي يقوم بها المعطلون الطلبة ـ الأساتذة ـ الممرضون ـ الأطباء، أو تلك التي تشنها القطاعات العمالية والموظفون والأطر. ولم تسلم من ذلك حتى الوقفات السلمية التضامنية،
حملات الاعتقالات الجماعية، واقتحام المنازل، وسرقة الممتلكات، والتضييق في الأرزاق، والطرد من العمل، وتشميع البيوت، وتلفيق التهم والمحاكمات الصورية بالجملة والأحكام الجاهزة عن طريق التعليمات كما يحدث مع مناضلي أوطم وجرادة والريف
انطلاقا مما سبق فإن الوضع السياسي العام في المغرب، في تجلياته الاجتماعية والاقتصادية والسياسية، ينحو منحى مأساويا يزداد فظاعة نتيجة الإفلاس على كافة المستويات، وفي الشعارات الجوفاء التي لا تجد لها وقعا في الميدان وهدر المال العام وإنهاك المواطن وتدميره وتشجيع السرقات أو التفويتات والخوصصة، أو عن طريق الاتفاقيات المشبوهة وما إلى ذلك
كل هذا على مرأى ومسمع أحزاب ونقابات باعت أرصدتها التاريخية الهزيلة من أجل مناصب مشبوهة ومساهمة في تزيين صورة نظام عميل، على حساب كرامة الشعب، وحقه في التمتع بخيرات بلاده التي سُرقت منه
في حين يتفرغ النظام ووكلاءه لتشجيع الميوعة والفساد وجميع الأمراض المتعفنة حيث اكتسحت المخدرات شرائح المجتمع بما فيهم الفتيان والفتيات والأطفال، كما تضاعفت وتيرة الإجرام، واستفحل الفقر والأمية والتشرد وتدهورت القطاعات الأساسية من التعليم إلى الصحة إلى الشغل وكثرت العطالة والبطالة والتسول وتراجعت القوة الشرائية لدى المواطن بشكل مهول،
مشهد كارثي لن تنفع معه حلول ترقيعيه من قبيل تلك التي ترفعها أحزاب نقابات مهترئة، أو يُروج لها إعلام مسخر، أو تسعى للعمل لها مؤسسات مهترئة، أو تتصدى لها مبادرات مهزوزة وفارغة
مشهد كارثي لا يجب أن يبقى حبيس الوصف
واقع كارثي يستلزم منا الوقوف بجدية حول هذا الهجوم الوحشي للنظام على أبناء الشعب وقيادة المعارك البطولية للشعب المغربي
واقع كارثي يفرض علينا المزيد من النضال وتوجيه الصراع في مساره الصحيح
واقع كارثي لا يزيدنا الا قوة وصلابة للمزيد من النضال والصمود الى جانب الشعب المغربي في أفق تأسيس الاداة الثورية القادرة وحدها من أجل قلب موازين القوى لصالح المستضعفين ومن أجل مجتمع خال من الطبقات








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. إنسحاب وحدات الجيش الإسرائيلي وقصف مكثف لشمال القطاع | الأخب


.. صنّاع الشهرة - تيك توكر تطلب يد عريس ??.. وكيف تجني الأموال




.. إيران تتوعد بمحو إسرائيل وتدرس بدقة سيناريوهات المواجهة


.. بآلاف الجنود.. روسيا تحاول اقتحام منطقة استراتيجية شرق أوكرا




.. «حزب الله» يشن أعمق هجوم داخل إسرائيل.. هل تتطورالاشتباكات إ