الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


تمرين قراءة لقصيدة الشاعرة ذكرى لعيبي (ظننتكَ لي وحدي)

وجدان عبدالعزيز

2018 / 9 / 10
الادب والفن


عند استغراقي في قراءة اولية لقصيدة الشاعرة ذكرى لعيبي ، وجدتني ادخل الصراع بين الجسد والروح ، فانسجام الظاهر والباطن ، هو سر من اسرار السعادة ، والتي لن تكتمل حتى اخر رمق من الحياة ، ليكون المنتظر في الحياة الاخروية افتراضا لاكتمالها ، هو فعل الخير وشياع الحب بين الانسانية ، هذه الاهداف السامية حملتها القصيدة في معان خفية تحتاج لكد الذهن والاستغراق بقراءات متعددة ... فإن السعادة في معناها الوحيد الممكن هي حالة الصلح بين الظاهر و الباطن بين الإنسان و نفسه و الآخرين و بين الإنسان و بين الله. فينسكب كل من ظاهره و باطنه في الآخر كأنهما وحدة، و يصبح الفرد منا و كأنه الكل.. و كأنما كل الطيور تغني له و تتكلم لغته. و قال طالوت لجنوده في القرآن: (( إن الله مبتليكم بنهر فمن شرب منه فليس مني و من لم يطعمه فإنه مني )).وهذه إشارات و رموز إلى الحقيقة.فمثلا الشهوة ، فليس وجودها لنشبعها أكلا و شربا ومضاجعة و تكديسا للمطامع و الثروات.. و إنما وهبنا الشهوة لنقمعها و نكبحها و نصعد عليها كما نصعد على درج السلم. فالجسد هو الضد الذي تؤكد الروح وجودها بقمعه وكبحه و ردعه و التسلق عليه لاجل تكون معادلة متوازنة تحافظ على الروح والجسد معا. فالإنسان الروحي يجعل اهتمامه الأول بروحه وبأرواح الغير أيضًا. ويتحاشى كل شيء يعطل طريق الروح، سواء من الخطأ بالنسبة إلى نفسه، أو العثرة بالنسبة إلى غيره.. يهتم بسلامة روحه، وبالنمو في الروح. ذلك لأن روحه هي نفخه الله فيه ، بينما جسده من التراب.. بالروح يصير مثل ملائكة الله في السماء، وتصير له صلة مع الله ومحبة، وصلة مع العالم الروحاني من الملائكة والقديسين.وقد يطول الحديث في موضوعة صراع الروح والجسد ، لاستدرك القراءة الثانية لقصيدة الشاعرة ذكرى لعيبي لاسترداد معنى اخر ، وهو الحب قرين الروح ، كون الحبيب ملاذ للحبيبة بدالة الصدق والاندماج الروحي ، ولكن الصراع يبدأ حينما يحدث الفراق الغير مبرر ، وتتسع المسافات بينهما ... تقول الشاعرة ذكرى :


(وظننت أنني أقدر أن أعيش بدونك
وظننت أن الاحزان ستفارقني حين أحببتك
وظننت أن الدمع سيخجل من عيوني،
حين قَبلّتها ذات فجر
وظننت أن الفصول ستغيّر دورتها
وتتوارى خلف لقاءاتنا
وكانت ظنوني "إثماً"
قلقي وحدَه كان يقيناً
ابتعادي عنك كان يقيناً
جسدي مهاجر ...
وأفكاري، مشاعري معك
قلقي أن عمري يتجه إلى الغياب
لا إلى أحضانك)

وكانت حصيلة الظن اليقيني ، جسدها مهاجر ، فقط مشاعرها الصادقة معه ، وكان القلق يحوم بالغياب من حولها ، وبقي الصراع يغذيه نفس الغياب وتستدركه الذكرى دون بيان العلة سواء كانت بائنة او ظاهرة او هي مخفية غائبة ... تقول في موضع اخر : (ويرعبني قلقي يؤرقني/يفقدني توازني/ومشكلتي أكبرُ مما تتخيـّل .مشكلتي، صارت كل خطواتي تبدأ منك/وتنتهي بك/مشكلتي، بوصلتي فقدتْ كلَّ الاتجاهات/إلا اتجاهَـك أنت) .. اذن المشكلة الكامنة في نقائها "هي" ، وابتعاده الغير مبرر "هو" ، وبالتالي اصبحت مشكلة انسانية ليست مشكلة ذكرى لعيبي وحدها ، ولا مشكلة الانسان الذي جعلته ملاذا لها ، انما مشكلة صراع بين الروح والجسد ، بين الحب والكره ، بين الخير والشر ، بين السعادة في الحب وبين التعاسة بالغياب ، بين الوفاء وبين الغدر .. بعد هذه الرحلة الشاقة تعلن الشاعرة بيت القصيد بقولها :

(هل تعرفُ كيف يقطّع أوصالي مجردُ التفكير
أنك معها؟
هل تعرف كيف يحترق قلبي؟
قلبي المسافر دائماً إليك.)


قصيدة/ظننتكَ لي وحدي / ذكرى لعيبي








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. شراكة أميركية جزائرية في اللغة الانكليزية


.. نهال عنبر ترد على شائعة اعتزالها الفن: سأظل فى التمثيل لآخر




.. أول ظهور للفنان أحمد عبد العزيز مع شاب ذوى الهمم صاحب واقعة


.. منهم رانيا يوسف وناهد السباعي.. أفلام من قلب غزة تُبــ ــكي




.. اومرحبا يعيد إحياء الموروث الموسيقي الصحراوي بحلة معاصرة