الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


عبقرية ترامب

توفيق أبو شومر

2018 / 9 / 12
القضية الفلسطينية


أعترف في البداية أن سلسلة عبقريات الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب ليست من إبداعاته الشخصية، بل هي من إبداعات لوبي إسرائيلي أمريكي مُحنَّك، يُحرِّك من وراء الستار دُمية الرئيس، فالرئيس الأمريكي مؤدٍ بارعٌ لمخطط هذا اللوبي!!
لعلّ أبرز عبقرياته تتمثل في سياساتِه الاقتصادية والمالية، فهو الرئيس الأمريكي الأول الذي اعاد مسلسل فرض الضرائب على البضائع المستوردة، أي أنه قلب النظام الرأسمالي وحوَّله إلى نظامٍ اشتراكي، فأزال شعارَ أمريكا التقليدي: "أمريكا رائدة النظام الرأسمالي، ومؤسِّسة نظام التجارة الحُرَّة، وموئل الحريات، ومُعلِّمة الديموقراطيات"!!
هذه العبقرية الترامبية دفعتْ حتى الصين، وهي الدولة الشيوعية التقليدية، وكذلك روسيا، وهما أكبر دولتين في منظومة دول (الستار الحديدي) في سالف العصر والأوان، دفعتْ هاتين الدولتين للاحتجاج على هذا الانقلاب!!
لم تتوقف عبقريات اللوبي الأمريكي الإسرائيلي، في إنتاج الرئيس، ترامب فقط، بل استنسخت عبقرية أخرى في صورة الأنثى، وهي العبقرية نيكي هيلي، مندوبة أمريكا في الأمم المتحدة، هذه الأنثى اضطلعت بمهمة خطيرة أخرى، وهي تفكيك كل مؤسسات الأمم المتحدة التي تُشرِّع القوانين ضد إسرائيل، بدأت باليونسكو، ومجلس حقوق الإنسان، ومحكمة الجنايات الدولية، والأونروا، ويبدو أن الخطة تقتضي أيضا بإنهاء مجلس الأمن الدولي، ومِن ثّمَّ تفكيك كل المنظومة الدولية في المستقبل القريب!
أما عبقرية دونالد ترامب الثانية فهي سياستُه نحو المهاجرين إلى أمريكا من دول العالم، فهو مع الهجرة إذا كان المهاجرُون من ذوي البشرة البيضاء والعيون الزرقاء، من الدول الاسكندنافية والأوروبية، وهو ضد الهجرة إذا كان المهاجرون، من الملونين، أو كما أسماهم العبقري ترامب، من دول (نفايات العالم)!
أما عن أبشع ما تفتَّقتْ عنه قريحتُه العبقرية، إصدارُ أمرٍ رئاسي لشرطة الحدود الأمريكيين أن يفصلوا أسر المهاجرين عن بعضهم، أي أن يسمحوا للأمهات والآباء بالهجرة بشرط مصادرة أبنائهم، وفصلهم عنهم، وإرسالهم إلى أماكن احتجاز أخرى ، لا يعرف آباؤهم مواقَعَها. هذا الأمر الرئاسي سيجعلهم يُصابون باللوعة والحسرة على أبنائهم، فيبكون، ويلطمون شوقا لأبنائهم، ومن ثَمَّ، يتوبون ويندمون عن محاولة الهجرة!!
وبما أنَّ هذه البشاعة لم تلقَ ردا قاسيا من دول العالم، وجرتْ التعمية على تسويقها في الإعلام، خوفا من سطوة مسيري الامبراطور العبقري، ترامب، وخشية من أن يحجبَ مشغلو دونالد ترامب الدعم المالي عن المحتجين على سياسته؛ لذا فإنه استحدث بعبقريته غير العفوية مشروعا جديدا، لقيَ هوىً في إسرائيل، وهو فصل أبناء وأحفاد اللاجئين الفلسطينيين عن آبائهم وأجدادهم، وإلغاء صفة اللجوء عنهم، بدأ بإلغاء الدعم الأمريكي عن منظمة الأونروا المختصة باللاجئين الفلسطينيين، وإعادة النظر في عدد لاجئي الأونروا، وأن عدد اللاجئين الحقيقيين هو فقط بضعة آلاف لاجئ، وليس كما هو مثبت في سجلات الأونروا خمسة ملايين ونصف المليون، ثم إلحاقها بالمفوضية السامية لشؤون اللاجئين، ليُصبحوا كلاجئي أفغانستان، والصومال، والنيبال، وغيرهم من لاجئي العالم!
بدأت الخطة بالفعل، بدأتْ بإيقاف الدعم المالي عنها، ثم منع الآخرين من تسديد العجز في موازنتها، ثم استحداث آليات دعم جديدة، ليست تابعة للأونروا، فالخطة ربما تكون بإلقاء الأونروا في حضن الجامعة العربية، أو في حضن المنظمة الدولية للتطوير، ثم في المرحلة النهائية سيتم دمج الأونروا بالمفوضية السامية لشؤون اللاجئين، مما سيُلغي صفة اللجوء عن أكثر من مليوني لاجئ فلسطيني في الأردن، لأن لهم حق الإقامة فيها، وسيلغي حقوق اللاجئين في سوريا، لأن سوريا أصدرت عام 1956م قانونا رقم، 260 يسمح للفلسطينيين بالإقامة والعمل!. أما عن فلسطينيي لبنان فمن ينطبق عليهم صفة اللجوء عددهم فقط، وفق آخر إحصاء مائة وأربعة وسبعون ألفا !
أما عن فلسطينيي غزة والضفة، فهم إذا ساروا في مسار (دولة) فسوف تسقط عنهم صفة اللجوء تلقائيا!!








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. رداً على روسيا: بولندا تعلن استعدادها لاستضافة نووي الناتو |


.. طهران تهدد بمحو إسرائيل إذا هاجمت الأراضي الإيرانية، فهل يتج




.. «حزب الله» يشن أعمق هجوم داخل إسرائيل بعد مقتل اثنين من عناص


.. 200 يوم على حرب غزة.. ومئات الجثث في اكتشاف مقابر جماعية | #




.. إسرائيل تخسر وحماس تفشل.. 200 يوم من الدمار والموت والجوع في