الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


شراكة الأنهار الدولية... من المنبع حتى المصب

سعد عزت السعدي

2018 / 9 / 12
دراسات وابحاث قانونية


النهر الدولي هو النهر الذي يعبر مجراه أراضي أكثر من دولة كنهر الدانوب، أو الذي يشكل حدوداً بين دولتين كنهر دجلة بالنسبة إلى سورية والعراق، أو الذي يجمع الضفتين معاً كنهر الراين.
تُعدّ المصادر المائية من الثروات الطبيعية والضرورية لاستمرار الحياة الإنسانية ولوجود الكائنات الحية كافة، ويُرمز بهااليوم إلى سيادة الدولة وسلطانها، تماماً كالأرض والفضاء. لكن المياه العذبة القابلة للاستخدام من قبل سكان الكرة الأرضية لا تؤلف سوى ما يعادل 1 % فقط من المصادر المائية المتوافرة، والباقي مياه محيطات وبحار مالحة وكتل جليدية توجد في مناطق شبه خالية من البشر، كما تعاني كثير من الدول ـ وخاصة في الوطن العربي ـ
التوزيع غير المتساوي للمصادر المائية العذبة، وانعدام المساواة الفعلية في تقسيم المياه، وقساوة الظروف المناخية الناتجة من مشكلات القحط والجفاف شبه الدائمة، وظاهرة الاختيار غير المدروس بعناية لنمط معين من التنمية المبذرّة لكميات كبيرة من المياه، والتوسع السكاني المتزايد والتمدن العشوائي وعدم فعالية نظام السقاية وضعف الصيانة وتفاقم مشكلة التلوث المائي. وهذا ما أدى أحياناً إلى ظهور عدد من
المنازعات بين الدول من أجل السيطرة على مجرى المياه العابر والمجاور لأراضيها.
1ـ مفهوم المجرى المائي الدولي: استعرضت لجنة القانون الدولي جميع المفاهيم المستخدمة للأنهار الدولية، مثل: الحوض النهري والحوض المائي الدولي وحوض التصريف الدولي، وقررت أخيراً اعتماد مفهوم المجرى المائي الدولي الذي عرَّفته المادة الثانية من الاتفاقية بأنه: نظام المياه السطحية والجوفية، المتواجدة في عدة دول، والتي تشكل بموجب روابطها الفيزيائية مجموعة موحدة تصل بشكل طبيعي إلى نقطة التقاء مشترك.
2ـ الاستخدام العادل والمنصف للمصادر المائية: تقر المبادئ القانونية والأعراف الدولية بشكل عام بمشاعية انتفاع الدول المتشاطئة للمجرى المائي.
وان لكل دولة مشاطئة الحق في استخدام حصتها من مياه النهر دون إلحاق الأذى بغيرها. ولقد درجت الهيئات الدولية، على الأخذ بهذه المبادئ والأعراف لحل المنازعات المتعلقة بالمياه المشتركة بين الدول، مع الأخذ بعين الاعتبار خصوصية كل مجرى مائي. والمعبر عنها بالأوضاع الجغرافية والمناخية والمائية والزراعية والبيئية لحوض المجرى من جهة، والأوضاع الديموغرافية والاجتماعية والاقتصادية للدول المتشاطئة والمشاركة في المجرى من جهة أخرى.


اتفاقية قانون استخدام
المجاري المائية الدولية
في الأغراض غير الملاحية
إن النصوص الواردة في اتفاقية جنيف والاتفاقيات الثنائية والمتعددة الأطراف، لم تعد كافية لرفد القانون الدولي بالأحكام اللازمة لمواجهة النزاعات المائية. وبقي المفهوم القديم هو السائد إلى حين قامت الجمعية العامة للأمم المتحدة بالموافقة على الاتفاقية الدولية لاستخدام المجاري المائية الدولية في الأغراض غير الملاحية.
ففي عام 1997 . تبنت الأمم المتحدة قرارا بالموافقة على الاتفاقية الدولية حول استخدام المجاري المائية للإغراض غير الملاحية والتي تمثل الإطار القانوني الدولي الذي يحكم أمور المياه المشتركة. ويمكن اعتبارها اتفاقية إطارية حيث أنها تطرح إطارا عاما للمبادئ التي يمكن تطبيقها أو تعديلها لملائمة أي حالة خاصة للمياه الدولية المشتركة.
ويشترط في تنفيذ هذه الاتفاقية أن تقوم الدول بالتوقيع عليها، والتي تسمى أيضا أطراف الاتفاقية. حيث تعي هذه الأطراف أهمية المجاري المائية الدولية واستخدامها في الأغراض غير الملاحية في مناطق كثيرة من العالم. وتضع في اعتبارها الفقرة أ من البند 1 من المادة 13 من ميثاق الأمم المتحدة والتي تنص على أن تقوم الجمعية العامة بإجراء دراسات ووضع توصيات بقصد تشجيع التطوير التدريجي للقانون الدولي و تدوينه.
وتري هذه الدول أن التدوين الناجح والتطوير التدريجي لقواعد القانون الدولي التي تنظم استخدام المجاري المائية الدولية في الأغراض غير الملاحية من شأنهما أن يساعدا في تعزيز و تنفيذ الأغراض والمبادئ الواردة في المادتين الأولى والثانية من الميثاق.
وتأخذ هذه الدول في اعتبارها المشاكل التي تؤثر في العديد من المجاري المائية الدولية والناجمة عن جملة أمور منها زيادة الاستهلاك والتلوث. وتعرب الأطراف عن اقتناعها بأن وضع اتفاقية إطارية من شانه أن يكفل استخدام المجاري المائية الدولية وتنميتها وحفظها وإدارتها وحمايتها، والعمل على تحقيق الانتفاع الأمثل والمستدام بها بالنسبة للأجيال الحالية والمقبلة. كما تؤكد أهمية التعاون الدولي و حسن الجوار في هذا المبدأ حيث تدرك الأحوال والاحتياجات الخاصة للبلدان
النامية.
وتشير إلى المبادئ والتوصيات التي اعتمدها مؤتمر الأمم المتحدة المعني بالبيئة والتنمية المعقود عام 1992 الواردة في إعلان ريودوجانيرو وجدول أعمال القرن 21. وتشير أيضا إلى الاتفاقات الثنائية المتعددة الأطراف القائمة في ما يتعلق باستخدام المجاري المائية الدولية في الأغراض غير الملاحية. وإذ تضع في اعتبارها ما تقدمه المنظمات الدولية، الحكومية منها وغير الحكومية، من إسهامات قيمة في تدوين القانون الدولي و تطويره التدريجي في هذا الميدان. وتعرب عن تقديرها للأعمال التي اضطلعت بها لجنة القانون الدولي بشأن قانون استخدام المجاري المائية الدولية في الأغراض غير الملاحية.
وتعتبر هذه الاتفاقية شأنها شأن الاتفاقات الإطارية الدولية الأخرى من حيث قبول الدول الأعضاء في الأمم المتحدة بالانضمام إليها. وقد انضم العراق الى هذه الاتفاقية بقانون رقم 39 في عام 2001.
واخيرا يمكن القول ان ازمة المياه في العراق اصبحت معضلة تتطلب تضافر الجهود وان يراعي المفاوض العراقي ومن خلال المفاوضات على تحديد حقوق العراق المائية والتي يتم التوصل إليها من خلال اتفاق لإصدار اتفاقية تتعلق بتنظيم الانتفاع
بمياه نهر الفرات في غير شؤون الملاحة .
ولابد على الدول المتشاطئة على نهر دجلة ان تعتبر جميع الدول المتشاطئة شركاء في النهر ، وهذا ما يستلزم الارتكان إلى القواعد القانونية والأعراف الدولية العامة الملزمة لجميع الدول والقابلة للتطبيق على المجاري المائية الدولية كمبدأ حسن الجوار وحسن النية وبخاصة الاتفاقية الأخيرة لعام 1997الخاصة بقانون استخدام المجاري المائية الدولية في الأغراض غير الملاحية .
يعد ملف المياه العراقية من الملفات المهمة فهو ملف أمن قومي وكذلك أمن غذائي وعلى أعلى مستوى لذا يتوجب أن يحتل هذا الملف مركز الصدارة من ضمن القضايا المهمة في العراق، مع التأكيد على أنه ملف غير قابل للمساومات ولايمكن لأي دولة من الدول المتشاطئة انقاص حقوق العراق المائية أو المساس بها .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. تضامناً مع الفلسطينيين في غزة.. عشرات الطلاب يتظاهرون بالموت


.. ممثل صندوق الأمم المتحدة للسكان في فلسطين: ما رأيته في غزة ي




.. آلاف اليمنيين يتظاهرون في صنعاء دعماً للفلسطينيين في غزة


.. إيرانيون يتظاهرون في طهران ضد إسرائيل




.. اعتقال موظفين بشركة غوغل في أمريكا بسبب احتجاجهم على التعاون