الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


عُزلة.

نوميديا جرّوفي

2018 / 9 / 13
الادب والفن


(قصة قصيرة)

لم تخبر أحدا بما كانت تعاني، كتمت آلامها كلها في أعماقها حتى صديقها المقرب لم يعلم أنها جدّ مريضة لدرجة أنها لا تعلم كم بقي لها من وقت لتعيشه.
لأسبوع مضى هزل جسمها بطريقة رهيبة أكثر من ذي قبل بالرغم من أنها كانت تتناول الطعام و لو قليلا.
القولون العصبي بخبث المرض كان في مرحلة متقدمة جدا،حتى الدواء لم ينفع و التحاليل الأخيرة لم تُبشر بخير، إذ أنّ دمها لم يعد كما كان و هي مهددة بجلطة دماغية في أيّ لحظة أيضا، أورام خبيثة بأربعة أكياس ظهرت في حلقها و تسبب لها إرهاقا جسديا ناهيك عن النفسي.. باتت متعبة من المرض و الحياة و الحزن و الألم.
نصحها الطبيب بالابتعاد عن الأجواء التي تسبب لها التوتر لأنه عنوان هلاكها.
حاولت الهروب من واقعها و لكن دون جدوى.. و كلما أحست بألم في عمقها كانت تذهب للبحر تبثّه أحزانها بدموع حارة ، أو تهرب حيث الطبيعة الأو في الجبل و هناك تُحدّث نفسها و تشتكي لها آلامها الدفيفنة.
لم تملك الشجاعة لتخبر بمرضها أحدا، و لا حتى في مقر عملها، إذ ظلّت تذهب للعمل و عندما تتعب تطلب عطل بدون أجر..
لا تتحمّل أن ترى نظرات الشفقة موجّهة إليها، فهي صامدة و قوية لكنها ضعيفة داخلها..
ابتسامتها لا تفارق محياها بالرغم من انهيارها الذي تُخفيه.
فجأة انعزلت عن الجميع، حتى ظهورها أصبح نادرا وسط العائلة و الأصدقاء.
نحولها أرهقها و أحرجها بشدة و تعبت من نظرات الدهشة في عيون الجميع.
تمنّت أمنية باتت مستحيلة في اللقاء لإنسان قدّسته في أعماقها بصمت لسنوات، حتى أنها تركت رسالة في رفّ مكتبها تقول فيها:
أنا لا أخشى الموت ..ما أخافه هو ألاّ أموت بين ذراعيك..
منذ أن تدهورت حالتها أصبحت يوميا تشعل شمعة لمدة سنة كاملة.. هل كانت لشفائها أم لنجواها أم لأمنيتها أم لقلبها المعذّب؟!
و هكذا غادرت الحياة بصمت و تركت لغزا عميقا و جرحا بليغا في تلك الروح المعذبة و التائهة.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. كل يوم - لقاء في الفن والثقافة والمجتمع مع الكاتب والمنتج د/


.. الفنان أحمد سلامة: الفنان أشرف عبد الغفور لم يرحل ولكنه باقي




.. إيهاب فهمي: الفنان أشرف عبد الغفور رمز من رموز الفن المصري و


.. كل يوم - د. مدحت العدل يوجه رسالة لـ محمد رمضان.. أين أنت من




.. كل يوم - الناقد الرياضي عصام شلتوت لـ خالد أبو بكر: مجلس إدا