الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


حول أساليب الانتاج قبل الرأسمالية - والحتمية التاريخية للأزمة العامة للرأسمالية (3)

خليل اندراوس

2018 / 9 / 14
ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية



داخل الإقطاع
في عهد الاقطاعية اتسع الانتاج البضاعي البسيط شيئا فشيئا أي انتاج المنتجات برسم المبادلة، ولكن هذا الانتاج في البداية كان يرتكز على الملكية الخاصة لوسائل الانتاج وعلى العمل الفردي، وبين منتجي البضائع احتدمت المنافسة الضاربة وأخذت تقسمهم الى فقراء واغنياء سواء في المدينة ام في القرية، ومع اتساع السوق شرع منتج البضائع الذي يتمتع ببعض الوزن يستأجر اكثر فأكثر الفلاحين والحرفيين ممن حل بهم الخراب. وهكذا اخذت العلاقات الرأسمالية تنشأ تدريجيا في قلب النظام الاقطاعي كذلك سلكت ولادة الرأسمالية سبيلا آخر، فان الرأسمال التجاري بشخص التجار شرع يخضع لنفسه مباشرة انتاج الفلاحين والحرفيين


كان وقت عمل الفلاح القن ينقسم الى قسمين: الوقت الضروري والوقت الاضافي. كان الفلاح يوجد النتاج الضروري للقيام بأوده وأود عائلته، اما في الوقت الاضافي فكان يوجد النتاج الاضافي الذي كان يستولي عليه الاقطاعي بشكل ريع عقاري (الريع – العمل او السخرة، الريع العيني او الفريضة العينية او الريع النقدي) وكان استثمار الفلاح من جانب الاقطاعي بشكل الريع العقاري يؤلف السمة الاساسية للنظام الاقطاعي عند جميع الشعوب. والى جانب سكان القرى كان ثمة سكان المدن، كان سكان المدن يتألفون بصورة رئيسية من الحرفيين والتجار وكانت المدن تخضع لسلطة الاقطاعي الذي تقوم في ارضه، وقد ناضل سكان المدن في سبيل تحررهم وغالبا ما ظفروا بالاستقلال وقد اثر نمو المدن وتطور التجارة تأثيرا قويا في القرية الاقطاعية فأخذ الاقتصاد الاقطاعي ينجذب شيئا فشيئا الى حركة السوق، وكان الاقطاعيون بحاجة الى المال لتدارك الاشياء الكمالية، ولذا شرعوا يفرضون على الفلاحين الفريضة النقدية عوضا عن السخرة والفريضة العينية، ومع الانتقال الى الريع النقدي اصبح الاستثمار الاقطاعي اثقل وطأة والنضال بين الاقطاعيين والفلاحين اكثر حدة.
اعتمد تطبيق النظام الاقطاعي على وجود ثلاثة اركان رئيسية خاصة فيه وتقسم الى الآتي:
المجتمع القروي: شكل المجتمع القروي الفئات التي عاشت على زراعة الاراضي عن طريق الاعتماد على التعاون المشترك بين الناس، والركن الثاني للمجتمع الاقطاعي هو نظام الدومين، اشتقت كلمة الدومين من الاصل اللاتيني ومعناه السيد المالك، واطلق عليه عدة مسميات والقاب في اوروبا مثل السيد او البارون، كما عرفت كلمة الدومين بمعنى كافة املاك الاقطاعيين ويعتمد نظام الدومين على تقسيم الارض الى قسمين: حيث ينتفع صاحب الارض بأحد هذه الاقسام، اما القسم الآخر يوزع على الفلاحين مقابل تقديمهم خدمات للاقطاعيين، ومع مرور الوقت ازدادت سلطة الاقطاعيين فأصبحوا حاجزا يفصل بين الفلاحين في الدومين وحكومات الدول. والركن الثالث للنظام الاقطاعي هو النمو الاقتصادي، يعد النمو الاقتصادي عبارة عن العصر الذي شهد نمو وتطور النظام الاقطاعي خلال القرنين التاسع والعاشر للميلاد، حيث كانت اوروبا الغربية متأثرة بالعديد من الاحداث والاضطرابات السياسية والاجتماعية كما يشار لتلك الفترة بأنها شكلت عصرا من الظلام، وعموما من الممكن تقسيم هذا العصر الى ثلاثة عصور فرعية وهي:
• عصر التمهيد: هو اعتبار النظام الاقطاعي ظاهرة حدثت نتيجة لتطور القوى المنتجة والتي فرضت بشكل ضرورة تاريخية الاستعاضة عن علاقات الانتاج القائمة على الرق بعلاقات انتاج اخرى تغير وضع القوة المنتجة والارتقاء من مجتمع الرق الى التشكيلة الاجتماعية الجديدة الاقطاعية.
• عصر النمو: هو العصر الذي شهد حربا في القرن التاسع للميلاد ادت الى تطور النظام الاقطاعي.
• عصر اكتمال النمو الاقطاعي وهو العصر الذي شمل القرنين الحادي عشر والثاني عشر للميلاد وتزامن مع غياب الحكومات ذات الطبيعة المركزية في اوروبا الغربية، وفي المقابل ازدادت سيطرة وهيمنة طبقة الاقطاع التي حرصت على تأسيس عائلات اقطاعية مما ساهم مع تطور القوى المنتجة في تطور العصر الاقطاعي.
ومع تطور القوى المنتجة في العهد الاقطاعي والتي وصلت الى مستوى ارفع مما كانت عليه في عهد الرق فأصبح تكنيك الانتاج في الزراعة اكثر اتقانا، وانتشر المحراث الحديدي وغيره من ادوات العمل الحديدية انتشارا واسعا. ونشأت فروع اقتصادية جديدة وحققت زراعة الكرمة وصناعة الخمور وزراعة الخضار نهوضا مرموقا ونمت تربية المواشي والفروع المرتبطة بها: صنع الزبدة والجبنة. واتسعت المروج والمراعي وتحسنت، وفي ميدان الحرفة ارتفعت في المدينة شيئا فشيئا ادوات العمل واساليب معالجة الخامات وتخصص الحرف، وظهرت حرف جديدة منها صناعات الاسلحة والمسامير والاقفال والاحذية والسروج وغيرها، وتحسن صب الحديد ومعالجته. وفي القرن الخامس عشر ظهرت الافران العالية، والى ذلك الزمن تعود الاكتشافات الجغرافية الكبرى. غير ان النظام الاقطاعي الذي انبثقت في قلبه هذه القوى المنتجة الجديدة، اخذ يعرقل تطورها، فاصطدمت القوى المنتجة بإطار علاقات الانتاج الاقطاعية الضيق، ولم يكن في وسع الفلاحين الرازحين تحت نير الاستثمار الاقطاعي ان ينتجوا المزيد من المحاصيل الزراعية لأن انتاجية العمل غير الحر كانت منخفضة جدا، وفي المدينة كان نمو انتاجية العمل الحرفي يصطدم بالعقبات التي اقامتها انظمة الحرف ولذا تطلب هذا الوضع تصفية علاقات الانتاج القديمة واقامة علاقات جديدة متحررة من قيود الاقطاعيين، وهكذا انبثقت في احشاء الاقطاعية علاقات الانتاج الرأسمالية. وفي عهد الاقطاعية اتسع الانتاج البضاعي البسيط شيئا فشيئا أي انتاج المنتجات برسم المبادلة، ولكن هذا الانتاج في البداية كان يرتكز على الملكية الخاصة لوسائل الانتاج وعلى العمل الفردي، وبين منتجي البضائع احتدمت المنافسة الضاربة وأخذت تقسمهم الى فقراء واغنياء سواء في المدينة ام في القرية، ومع اتساع السوق شرع منتج البضائع الذي يتمتع ببعض الوزن يستأجر اكثر فأكثر الفلاحين والحرفيين ممن حل بهم الخراب.
وهكذا اخذت العلاقات الرأسمالية تنشأ تدريجيا في قلب النظام الاقطاعي كذلك سلكت ولادة الرأسمالية سبيلا آخر، فان الرأسمال التجاري بشخص التجار شرع يخضع لنفسه مباشرة انتاج الفلاحين والحرفيين، وفي بادئ الامر برز الرأسمال التجاري وسيطا عند تبادل البضائع ثم اخذ يشتري ويحتكر البضائع بانتظام من صغار منتجي البضائع ويمدهم بالمواد الاولية ويمنحهم القروض المالية. وهكذا كان صغار المنتجين يقعون في تبعية التجار الاقتصادية، وبعد ذلك راح الرأسمال التجاري يجمع الحرفيين المشتتين في مبنى واحد يشتغلون فيه عمالا بالاجرة وعلى هذا النحو تحول الرأسمال التجاري الى رأسمال صناعي والتاجر الى رأسمالي صناعي، واخذت الرأسمالية تولد في القرية ايضا. ومع تطور الانتاج البضاعي تعاظم سلطان النقد، ولهذا شرع الاقطاعيون ينتقلون الى الريع النقدي. وقد كان تطور العلاقات النقدية حافزا لانقسام الفلاحين الى برجوازية ريفية وفلاحين منوا بالخراب، وهكذا في قلب النظام الاقطاعي ولد الانتاج الرأسمالي في المدينة والريف وغدت ازاحة الاقطاعية كطبقة سائدة ومسيطرة ضرورة تاريخية.
إن كل تاريخ الاقطاعية كان حافلا بنضال طبقي ضار بين الفلاحين والاقطاعيين وقد تفاقم هذا النضال على الاخص في اواخر العهد الاقطاعي وزعزعت انتفاضات الفلاحين النظام الاقطاعي وادت به الى الهلاك، وقد ترأست البرجوازية النضال ضد النظام الاقطاعي واستغلت انتفاضات الفلاحين الأقنان والعمال ضد الاقطاعيين لكي تستولي على السلطة السياسية وتصبح الطبقة السائدة. قال انجلز في كتابه الاشتراكية الطوبوية والاشتراكية العلمية ما يلي: "يعترف الجميع تقريبا ان النظام الاجتماعي الحالي هو من صنع البرجوازية، فان اسلوب الانتاج الخاص بالبرجوازية والذي اطلق عليه ماركس اسم اسلوب الانتاج الرأسمالي لم يكن يتلاءم مع امتيازات المناطق والفئات الاجتماعية ومع العلاقات الشخصية المتبادلة في النظام الاقطاعي فحطمت البرجوازية النظام الاقطاعي لكي تقيم على انقاضه النظام الاجتماعي البرجوازي وسيادة حرية المزاحمة وسيادة حرية التنقل وسيادة المساواة امام القانون بين مالكي البضائع، أي بكلمة أخرى سيادة جميع لطافات البرجوازية. ومذ ذاك افتتح الطريق امام تطور اسلوب الانتاج الرأسمالي تطورا حرا، وما ان حول البخار وآلات العمل الجديدة المانيفاكتورية القديمة الى صناعة كبيرة حتى اخذت القوى المنتجة التي نشأت تحت قيادة البرجواية تتطور بسرعة واتساع لا سابق لها، وكما ان المانيفاكتورة والحرف التي تطورت بتأثيرها دخلت في حينها، في نزاع مع القيود الاقطاعية الناجمة عن نظام الحرف، كذلك تدخل الصناعة الكبيرة حين يكتمل تطورها في نزاع مع الاطار الضيق الذي يحصرها فيه اسلوب الانتاج الرأسمالي. وها ان القوى المنتجة الجديدة قد تجاوزت اشكال استثمارها البرجوازية. وهذا النزاع بين القوى المنتجة واسلوب الانتاج ليس نزاعا متولدا في رؤوس الناس كالنزاع بين الخطيئة الاصلية والعدالة الالهية، فهو موجود في الواقع، موضوعي، خارج عنا، مستقل حتى عن ارادة وسلوك الناس الذين اوجدوه.
وليست الاشتراكية الحديثة سوى انعكاس هذا النزاع الواقعي في الفكر، انعكاسه المثالي اولا في رؤوس ابناء الطبقة العاملة التي تتألم مباشرة من هذا النزاع ونعني بها الطبقة العاملة".








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. صباح العربية | الثلاثاء 16 أبريل 2024


.. الشرطة الأميركية توقف متظاهرين بعدما أغلقوا الطريق المؤدي لم




.. اعتقال متظاهرين أغلقوا جسر البوابة الذهبية في كاليفورنيا بعد


.. عبد السلام العسال: حول طوفان الأقصى في تخليد ذكرى يوم الأرض




.. Britain & Arabs - To Your Left: Palestine | الاستعمار الكلاس