الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


يهودُ مصرَ …… المصريون

فاطمة ناعوت

2018 / 9 / 15
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني



هل هناك خللٌ صياغيّ في عنوان هذا المقال؟ بالتأكيد. العنوانُ يكاد يشي بضعف لغوي، وتأكيد على مؤكَّد، وتعريف مُعرَّف. كأن نقول: “فلاحو مصرَ المصريون!”، أو "فراشةُ البستان التي في البستان!”، أو غرفة البيت داخل البيت!”؛ كل ما سبق من عبارات ركيكة، تصفُ الشيءَ مرتين، وهذا غير مقبول في اللغة. فما معنى أن أكرر أن الغرفةَ "داخل البيت"، بعدما ذكرتُ أنها: “غرفةُ البيت"؟! لهذا أعتذرُ عن عنوان المقال؛ فهو غير موجّه للعارفين بشؤون اللغة وأمور التاريخ، بل موجّهٌ للشباب الذي لا يعرفُ أن هناك مواطنين مصريين أصلاء، يعتنقون اليهودية، وليس لهم أية علاقة بدولة إسرائيل، اللهم إلا علاقة الإنكار، كما علاقتنا جميعًا كمصريين مع الكيان الصهيوني المحتلّ. بل إن يهودَ مصر دفعوا الفاتورة الأخسر بسبب نشوء دولة إسرائيل، حيث لوحقوا وطُردوا من وطنهم، وهُجِّروا قسرًا من ديارهم، وأُحرقت مؤسساتُهم ومصانعُهم وذاقوا صنوفَ الويل، حتى أوشكوا على الفناء التام من أرض مصر. العنوان الركيك صياغيًّا موجّه للذين لا يعرفون أن العقيدة لا تتقاطع مع الهوية والجنسية، وأن عقيدة المواطن لا تنتقص من حقوق المواطَنة.
وهنا، يجبُ أن أطرح معلومة سياسية بسيطة لمن لا يعرفها. يكتسب الإنسانُ حقَّ المواطنة في دولة ما، وفقًا لأحد القوانين التالية: 1- قانون الأرض: الذي يمنح الفردَ الجنسيةَ، بموجب أرض ولادته، دون النظر إلى جنسية والديه. 2- قانون الدم: الذي يمنحُ الفردَ جنسية والده لحظة الميلاد. 3- قانون الهجرة: بموجبه يحصل الفردُ على جنسية الدولة التي هاجر إليها؛ إذا توافرت لديه شروط الهجرة ووافقت الدولة المانحة. 4- قانون حقّ العودة: وهو ينطبق على كل يهودي فوق ظهر هذا الكوكب، مهما كانت جنسيته أو البلد التي ولد بها. بموجبه يحقّ لليهودي الحصول على الباسبور الإسرائلي بمجرد دخول أرض فلسطين المحتلّة. وهنا علينا التفكير قليلا. أولئك اليهود المصريون المقيمون اليوم بيننا على أرض مصر، ولا يمتلكون إلا الجنسية المصرية، لماذا ضحّوا بالحصول على الجنسية الإسرائيلية التي تمنحهم مزايا لا حصر لها، وفضّلوا البقاء في مصر؟ لا تحتاج الإجابةُ ذكاءً ولا تأويلًا. لأنهم مصريون خُلصاء يعتنقون مصريتهم مثلما يعتنقون عقيدتهم. تلك هي الفكرة التي يدور حولها مقالي: شرفُ الانتماء إلى مصر، وهو المفهومُ الأوحد للوطنية عندي.
في منتصف أربعينيات القرن الماضي، ترأّس د. طه حسين مجلة أدبية رفيعة المستوى اسمها "الكاتب المصري"، انشغلت بترقية القارئ العربي أدبيًّا وفلسفيًّا وسياسيًّا واجتماعيًّا. مَن الذي أسّس تلك المجلة وموّلها؟ سبعةٌ من يهود مصر. ومثلما نهضوا بمصر في الحقل الثقافي، نهضوا بها صناعيًّا واقتصاديًّا، حيث أسسوا مؤسسات لاستصلاح الأراضي مثل "شركة مساهمة البحيرة"، ونشطوا في تصنيع القطن المصري فكان رقم واحد على مستوى العالم، وكذلك شركات الألماس والمنسوجات مثل شيكوريل وعدس وريفولي وبنزيون وبيع المصنوعات وعمر أفندي وغيرها، وكانت من الرقي بحيث أن أميرات العالم كنّ يجئن إلى مصر لشراء الملابس والألماس، من محال اليهود المصريين. مازلتُ أكرّر عبارة: "يهودٌ مصريون"، خوفًا من أولئك الذين لا يفهمون إلا بالتكرار المخلّ بأدبيات اللغة!
بأسًى أخبرتني السيدةُ المصرية "ماجدة هارون"، رئيس الطائفة اليهودية بمصر: "حين كنتُ طفلةً، يصطحبني أبي للمعبد اليهودي للصلاة، لم أكن أجد موطئ قدم شاغرًا، الآن غدونا فقط أربعةَ أشخاص!” كان تعدادُ يهود مصر 11 ألف شخص حتى عام 1948. أمرٌ مؤسف أن نصف خريجي الجامعة المصرية يظنون أن كل يهودي هو بالضرورة صهيوني أو حتى إسرائيلي!!! أمرٌ مخزٍ أن كثيرًا منّا لا يميزون بين "اليهودية" كعقيدة، و"الصهيونية" كفاشية سياسية.
يهودُ مصر الشرفاءُ الذين أحبوا مصر بكل جوارحهم، ثم لوحقوا بالبغضاء والعنف والأذى من بلطجية الجهل والعماء؛ حتى اضطروا للرحيل عن مصر التي ولدوا وكبروا فيها وأحبوها ونهضوا بها، لا يعرفون لهم وطنًا غيرها. في عيدكم بالأمس أقدم لكم محبتي واعتذاري. وإن غدوتم أربعة أشخاص فقط، إلا أن مواقفكم الوطنية لا ينساها التاريخُ، ولا تنساها مصر. وفي يوم قريب، حين ينصلح حالُ التعليم في بلادي، سوف يعرف الأطفالُ المصريون في المدارس كيف أحبَّ يهودُ مِصْرَ وطنَهم مصرَ أكثرَ من ملايين ممن لا يعرفون قيمتها. ملعونٌ عند الرحمن من أدخل العقيدةَ في حقوق المواطنة.
ن كبري شركات المقاولات العامة واستصلاح الاراضي
***








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - محاولات يائسة
ماوكلي ( 2018 / 9 / 15 - 10:40 )
لتغطية الشمس بغربال, اليهودي الموصوف في المقال هو اليهودي بالإسم وغير الملتزم بتعاليم دينه , اليهودي الحقيقي مثله مثل المسلم مثل المسيحي لا وطن عنده إلا دينه.


2 - الدينصار لعنة حين يستغله ملك السعودية والامبريالية
علاء الصفار ( 2018 / 9 / 15 - 13:04 )
تحية طيبة
الديانات التوحيدية نشأت في مصر الفراعنة واستقبلها انبياء فضائيون و نكروا جهد الفراعنة و غيرهم من البشر. لذا تم التشويه و باسم الدين و صار الحروب, فاليهو د اعتقدوا ان مريم عا هر والمسيحي آمنة بمريم العذارء واسطورة الحمل الفضائي.هكذا صار صراع كبير لقتل اليهو د,ففي اسبانيا المسيحية كان يحرق اليهو د, في بلداننا لم نرى حرق اليهود!وصار قتل كبير في الغرب إذ تم قتل نصف سكان اوربا! بعدها تم عزل الكنيسة بعد انتصار الثورة البرجوازية,و تحول الإرهاب من ديني إلى عنصري, فجاء هتلر الكاثوليكي وقام بقتل الروس الغير آريين ودعى لقتل الغجر والعرب وكل الشعوب الضعيفة فتم التفرقة العنصرية وتم الملاحقة اليهو د على أساس قومي_ديني, بعد هزيمة هتلر قام الغرب بتحويل غضبهم على العرب لاجل استعمارهم, وتم دعم الصهيو ني هرتزل,ليتم إرهاب اليهو د المؤمنين والرافضين لقتل المسلمين في فلسطين, بهذا تم ارهاب اليهو د في مصر وغيرها من اجل انشاء الوطن اللقيط!
https://www.facebook.com/photo.php?fbid=2029058867200431&set=p.2029058867200431&type=3
لنرى اليوم ظهور الوهابية بدعم امريكا لبن لادن و داعش لابو بكر للقتل!ن


3 - الاسلام يحث المسلم على التعامل مع اهل الكتاب بالبر
على على محمود ( 2018 / 9 / 16 - 01:14 )
قال تعالى
لا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ أَنْ تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ

انا مقتنع بهذا المقال جدا فدين الاسلام لايعادى احد من اهل الكتاب طالما انه لايعادينى ولا يقاتلنى ولا يخرجنى من موطنى
لذلك ايام الحروب الصليبية كان نصارى الشام يقفون مع المسلمين لانهم من بلد واحد وانهم جيران اما المحتل الغاصب والناهب للبلاد وقاتل الانفس فهو الذى وجب قتاله ومحاربته
مثل الصهاينة اليهود الذين يحتلون فلسطين ويفعلون باهلها الافاعيل

لكن نصارى او يهود يعيشون فى اى بلد مسلم او اغلبهم مسلمين تكون معاملتهم بالبر والقسط اى العدل والانسانية والكل له حق المواطنة والتآلف والجيرة والمعاملة الحسنة بنوايا خالصة وكل على عقيدته وشريعته فهذا لاشىء فيه البته
وعلى المواطن المسلم والنصرانى واليهودى الا يقع فى الفتن الخارجية او من المهجرين الذين يريدونها خراب ودمار
يا ايها الناس انا خلقناكم من ذكر وانثى وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا ان اكرمكم عند الله اتقاكم

اخر الافلام

.. لابيد: كل ما بقي هو عنف إرهابيين يهود خرجوا عن السيطرة وضياع


.. عام على حرب السودان.. كيف يعرقل تنظيم الإخوان جهود الحل؟ | #




.. خالد الجندي: المساجد تحولت إلى لوحة متناغمة من الإخلاص والدع


.. #shorts yyyuiiooo




.. عام على حرب السودان.. كيف يعرقل تنظيم الإخوان جهود الحل؟ | #