الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الكرد في الاحتدام الأمريكي الروسي على سوريا

محمود عباس

2018 / 9 / 16
مواضيع وابحاث سياسية


انتقلت المعارضة السورية من شعار (إسقاط النظام) إلى شعار (لا بديل عن إسقاط الأسد) أولا لأنهم جزء من النظام، وثانيا لان معظم الدول الداعمة للمعارضة التكفيرية تسيرها أنظمة مماثلة للنظام السوري أو متعاونة. ولا يستبعد أن ورائها تركيا، للوصول مع روسيا إلى حل سياسي بينهما، ولهذا سيتم لقاء القمة بين بوتين وأردوغان في يوم الإثنين القادم حسب تصريح وزير خارجية تركيا. وعسكري بين السلطة وقسم من المعارضة، حسب المؤشرات التركية ومنها تحشداتها العسكرية على الحدود مع محافظة إدلب لمنع السوريين من دخول إراضيها.
كما وتكمن إشكاليات عديدة وراء الاختلاف وعلى ألية ونوعيتي الحل والتنفيذ، ويأتي ضمنها التدخل الأمريكي المباشر في مسألة إدلب. وللأمريكيين غايات مقابل الهيمنة الروسية على سوريا، تتجاوز مسألة النزوح أو دخول السلطة إلى محافظة إدلب، وتبينت بعض من نقاطها في الوثيقة المرسلة مع اللجنة الدولية المصغرة إلى السيد دي مستورا، قبل الاجتماع المتوقع إنعقاده في جنيف، وهي تتكون من صفحتين، حسب التقرير الصادر من اللجنة، واللافت للنظر مطالبة أمريكا ولأول مرة، بعد أن كان المطلب روسيا حصرا على مدى السنوات السابقة، إشراك الكرد تحت اسم الشمال السوري في عملية كتابة الدستور وتحديد نوعية الحكم والذي حدد ببند على أن يكون لا مركزيا، ومن هذا المطلب وكما كانت روسيا تقدمها تتبين أن الكرد عنصر مهم في حل القضية السورية سياسيا.
وما لم يتم ذكره في الوثيقة هي قضية المعارضة العسكرية المجتمعة بكل فلولها المتبقية في إدلب، وتتبين أن أمريكا وروسيا ومثلهم تركيا وإيران متفقون جميعا على مسألة الانتهاء من المنظمات المسلحة التكفيرية، وما يحصر مؤخرا بهيئة تحرير الشام ليست بأكثر من مسألة وقت، وهذه هي المقدمة والعملية ستشمل جميع الفصائل، لكن القضية تكمن بما سيحصل عليه كل دولة من مكتسبات قبل التخلص منهم فكل دولة لها مصالح بوجودهم أو القضاء عليهم، والتصريحات الأمريكية المشابهة للتركية حتى ولو اختلفت الاتهامات والحجج، لكن تركية موافقة ضمنيا على ما تخطط له روسيا في القضاء على المعارضة، وأمريكا رغم من تصاريحها في هذه اللحظة غير مهتمة وغير قلقة بما سيتم في إدلب، وما يسرب من أحاديث شفهية أن أمريكا تدعم الفصائل المعارضة بأسلحة خفيفة في إدلب، تعكس توجهات منها:
1- إما أنها تحرضهم على المقاومة وهذه ستؤدي إلى القضاء التام عليهم.
2- أو أنها تخطط لقضية أعمق وأبعد، ولها علاقة بالوجود الإيراني، وهي عملية ضغط مباشر على روسيا لإخراج إيران من سوريا، حتى ولو لم تكن بشكل كلي، وروسيا لن تفعلها مهما صرحت، لان الوجود الإيراني أكبر سند لها في مواجهة أمريكا والقوى السنية في المنطقة.
3- ولا يستبعد أن تكون العملية تهديدا مباشر لروسيا في حال شددت على طرح إخراجها من شرق الفرات أن تجعلهم كالقاعدة في أفغانستان وتسخرهم كأدوات مثلما تم في بداية الصراع هناك مع الإتحاد السوفييتي.
ومعروفة لدى العسكريين وهو ما يطبقه السياسيون أيضا، أن الهجوم خير وسيلة للدفاع، والضغط الأمريكي على الإعلام حول إدلب، هي رسائل لإسكات روسيا وإيران ليس فقط حول وجودها في منطقة شرقي الفرات بل شكل الإدارة الراغبة تشكيلها هناك، وعلاقتها بالسلطة المركزية ونوعيتها، وهذا ما تم طرحه في الوثيقة المذكورة سابقا، حيث التركيز على لا مركزيتها، وتقليص وتوزيع صلاحيات الرئيس القادم، ولهذا انتقلت أمريكا من سبب داعش لوجودها في شرقي الفرات إلى الوجود الإيراني وميليشياتها وداعش هناك، وتم تكرارها مرارا من عدة شخصيات رئيسة في الإدارة الأمريكية.
ومن الجهة المقابلة، أصبحت معروفة للعالم الصراع الأمريكي الروسي على تركيا، رغم ما يظهر من خلافات بين تركيا وأمريكا والناتو، والإشكالية تتجاوز عملية الانقلاب الفاشل، والقضية الكردستانية في المنطقة، بل لها علاقة مباشرة بالدعم التركي للمنظمات الإسلامية التكفيرية، وتوجهها الإيديولوجي من دولة إسلامية علمانية إلى إسلامية تكفيرية، والتي ترى أوروبا أن في هذا الانحراف تهديد مباشر لأمنها، وروسيا ذاتها منتبهة لهذه المعضلة لكنها قضت وتقضي بدون تأني وهوادة على الحركات التكفيرية الإرهابية أينما كانت، والمسألة التركية هي واحدة من أهم القضايا التي تقف وراء الخلاف الروسي الأمريكي والتي تنعكس على طريقة الحل لمسألة إدلب، وتستخدمها تركيا بكل وضوح، وهي في الواقع عملية لا تختلف عن تلك التي تمت في الغوطة الشرقية ودرعا.
الرسائل الأمريكية لروسيا متعددة اللهجات والغايات، ومنها قضية بقائها في المنطقة، وبشكل خاص في شرقي الفرات، ومن خلفها محاولة العودة إلى منطقة عفرين بعد طرد المعارضة وإخراج تركيا منها، أو لربما حتى ببقائها فيها ولمدة، والحوارات اللامنتهية حول منبج والاتفاقية المبطنة بينهما قد تكون مثالا لما سيتم بشكل مبدئي حول عفرين، لكن على الأرجح لن تطول بقاء تركيا بعد القضاء على المعارضة هناك، وهذه من أحد أهم الأسباب التي تدفع بتركيا في الدفاع عن المعارضة في المنطقة بشكل خاص دون غيرها من المناطق السورية، تحت حجة القضايا الإنسانية، والهجرة المتوقعة. وهنا تكمن لب الخلاف الأمريكي الروسي، من سيملئ الفراغ، وروسيا تعلم أن الدخول الأمريكي إلى عفرين تعني بداية التوجه إلى إدلب والامتداد إلى البحر، وهذه بحد ذاتها لها علاقة مباشرة مع الوجود الإيراني والميليشيات التابعة لها في سوريا.
والرسائل المبطنة في البعد الدبلوماسي عادة تكون قصيرة وبحوادث صغيرة، ولكن المطالب تكون ضخمة على أمل القبول بالمخطط، وهذا ما يجري الأن بني روسيا وأمريكا في سوريا، والخلافات تثار على عدة مناطق، من إدلب إلى شرقي الفرات، إلى عمليات إتهام البعض باستخدام الأسلحة المحظورة دوليا، إلى شكل الدولة السورية القادمة، إلى مسألة الوجود الأجنبي فيها، وعملية دعم الأسلحة للمنظمات المتعددة فيها، وبينهما هناك القضية الكردية التي لا تثار، لولا إثارتها من قبل تركيا واحيانا إيران والسلطة الراغبة بالعودة إلى المنطقة الشرقية بعد الانتهاء من إدلب.
كان بودنا أن نعنون المقال (كيف تنحر المعارضة السورية المسلحة) لان خطط قتلها وعلى مراحل، ربما لم تكن واضحة في بدايات التوجه إلى آستانا، لكنها تبينت عندما تم تجميعهم في محافظة إدلب ومنطقة عفرين تحت راية تركيا، والمراقبة الروسية، ومن حينها وبطرق وأئدهم من جميع المناطق السورية فلم يعد غريبا مسيرة إضعاف المعارضة بشقيها وإرضاخهم لشروط السلطة وروسيا، وطرق وأئدهم من جميع المناطق السورية.
وبغض النظر عن المطامح الروسية في احتواء مجمل الملف السوري، وعودة الأمريكيين إلى الساحة بعد التردد الذي ساير إدارة ترمب في بداياته، تبقى مجريات تقسيم المصالح بارزة في المشهد العام، ورغم تصعيد الخطاب الإعلامي على قضايا جزئية بالنسبة لمصير الشعوب السورية وقادم الدولة، كإشكالية استخدام السلاح الكيميائي في إدلب، في الوقت الذي تستعمل فيه أسلحة لا تقل عنها تدميراً للبنية التحتية وقتل الشعب، والمثارة على الإعلام ودعوة مجلس الأمن من قبل الطرفين ولمرتين حول نفس المعضلة، وبصيغتين مختلفتين، تظل مصلحة السوريين في نهاية البنود المتوقعة عرضها بينهما، وجل ما يجري رسائل سياسية تسبق المحاورات المتوقعة حدوثها بين الدولتين فيما بعد إدلب أو ربما بعد عفرين.
فحتى الواقعة التي حدثت في قامشلو قبل فترة، بين قوات النظام وفصيل من الأسايش، كانت في حيزها العام رسالة أمريكية إلى النظام وروسيا، مثلها مثل التي توجهها إليهم في إدلب، وتصريحات مستشار الرئيس الأمريكي جان بولتن المتكررة والتي تشبه التهديدات تخفي ورائها ما يطمح إليه الأمريكيين، والمعروفة للروس، بل وعلى الأغلب تم تداولها بينهما، ومنها البقاء الأمريكي في شرق الفرات، وعدم دعم تركيا سياسيا، وهي لعبة لإعادتها إلى الحاضنة الأمريكية بدون شروط، وإخراج إيران من سوريا أو تقليص وجودها.
وما يجري الأن في إدلب، هي محصلة سنوات أربع من الاقتحام الروسي للساحة السورية وتخلي أمريكا عن المعارضة، وتلاعب تركيا وقطر والسعودية بشقيها العسكري والسياسي، وتحريفهما من قضية السوريين إلى أدوات تستخدمهما لمصالحهم. وقضية الوجود العسكري للمعارضة في إدلب بل وفي عفرين وجرابلس والباب ستنتهي عاجلا أم أجلا، وستعود إلى حضن السلطة، وبسيادة روسية، وتكمن المعضلة الرئيسة بعد إدلب، حيث قضية عفرين وشرقي الفرات أي جنوب غربي كردستان بكل حيثياتها ومعضلاتها.

د. محمود عباس
الولايات المتحدة الأمريكية
[email protected]
15/9/2018م








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مليار شخص ينتخبون.. معجزة تنظيمية في الهند | المسائية


.. عبد اللهيان: إيران سترد على الفور وبأقصى مستوى إذا تصرفت إسر




.. وزير الخارجية المصري: نرفض تهجير الفلسطينيين من أراضيهم | #ع


.. مدير الاستخبارات الأميركية: أوكرانيا قد تضطر للاستسلام أمام




.. وكالة الأنباء الفلسطينية: مقتل 6 فلسطينيين في مخيم نور شمس ب