الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


البصرة..فتنة تلد أخرى!

نجاح محمد علي
سياسي مستقل كاتب وباحث متخصص بالشؤون الايرانية والإقليمية والارهاب وحركات التحرر

(Najah Mohammed Ali)

2018 / 9 / 16
مواضيع وابحاث سياسية


قبل يوم من تنفيذ سيناريو الحرق في البصرة، وصلت الى سكرتير المجلس الأعلى للأمن القومي الايراني الأميرال علي شمخاني إشارة أن تياراً عراقياً بعينه سيهاجم عصر الْيوم التالي (الجمعة) مبنى القنصلية الايرانية ومقرات الحشد الشعبي ويحرقها، بالاضافة الى حرق مقرات الأحزاب في مخطط يرمي الى تصعيد التوتر الأمني داخل البصرة، ورفع وتيرة التصعيد بين العراق وايران، وإظهار أن مظاهرات البصرة المطلبية المشروعة التي اندلعت منذ العاشر من يوليو تموز الماضي، تُحمل مسؤولية ماتعانيه البصرة المنتج الأكبر للنفط العراقي، ايران والأحزاب الاسلامية المتحالفة معها والحشد الشعبي.
ولفت انتباه المسؤول الايراني أن الإشارة كانت عراقية وجاءت من داخل بيت "زعيم سياسي نافذ" وأنه جماعته متورطون في مخطط حرق البصرة، لاستدراج الحشد الشعبي وبالتالي ايران والأحزاب الاسلامية المتحالفة معها الى حرب شيعية شيعية كان بعض العارفين حذر منها ومن خطة وضع خطوطها الرئيسة في مارس 2007 السفير الأمريكي الأسبق لدى إسرائيل"مارتن إنديك" وقدمها للجنة العلاقات الخارجية في الكونغرس الأمريكي بشأن احتواء السعودية زعامات دينية وشيوخ عشائر وصحفيين وصحفيات وشخصيات من الشيعة ، والتحضير لتحويل العراق الى منصة لمواجهة ايران، ولو وصل الأمر الى تكرار نموذج "الحرب العراقية الايرانية" خصوصاً وأن القرار الدولي رقم 598 أوقف فقط تلك الحرب المجنونة التي استمرت ثماني سنوات، ومازالت حالة اللاحرب واللاسلم هي الحاكمة للعلاقات بين البلدين، وجود مسائل حدودية شائكةعالقة، وتصعيد غير مسبوق يثير الكراهية بين شعبين تجاورا على طول حدود الجغرافية الطويلة (1460كم آهلة من الجانبين بقبائل مشتركة) والتأريخ.
وتعاملت طهران مع الإشارة بجدية بالغة وأوعزت الى القنصليةَ لاتخاذ الإجراءات الضرورية وإخلاء المبنى من كل الوثائق الهامة ونقلها الى مكان آمن، وأمرت موظفيها بعدم التواجد في المبنى في يوم الجمعة وهو أيضاً عطلة رسمية.
وصدرت في نفس الوقت تعليمات مشددة الى الفصائل الحشدية ومقرات الأحزاب بالانسحاب وتفادي الصدام مع المهاجمين والاكتفاء بتصويرهم، والأنداس بينهم لتوثيق هوياتهم والتعامل مع الموضوع استخبارياً، وربط الأحداث لمعرفة الجهات العراقية المتورطة، والأطراف الخارجية.
وبدا واضحاً أن الفصائل والتي كانت قادرة على حماية مقراتها وتوفير الحماية أيضاً للقنصلية الإيرانية تعمدت الانسحاب لكي تحرج الحكومة ورئيسها حيدر العبادي ولتحمله في نهاية المطاف مسؤولية ما جرى في البصرة بل وتحميله مسؤولية إطلاق النار على المتظاهرين السلميين ما أدى الى سقوط ضحايا وجرحى ، وهو ما ظهر جلياً في الجلسة الاستثنائية لمجلس النواب (وهي غير قانونية لأن رئيس السن لايحق له الدعوة لها وإدارتها) والتي دعا لها السيد مقتدى الصدر وتم بثها على الهواء وسبقها أن مقتدى استدعى محافظ البصرة أسعد العيداني واتفق معه على سيناريو إحراج العبادي في البرلمان وقد أخفق مع وزرائه للصحة والموارد المائية والبلديات في إقناع البصريين بشكل خاص، بالمبررات التي ساقوها حول أزمة ماء البصرة، بعد أن كشفت مبادرة المرجع السيد علي السيستاني وحل ممثله سيد أحمد الصافي هذه الأزمة التي استمرت سنوات بيوم واحد، أن حكومة العبادي، تعمدت الإبقاء على هذه الأزمة وأزمة الكهرباء لغاية في نفس يعقوب، وماعبر عنه تقرير متلفز موحد بثته ماتسمى قنوات "المقاومة" العراقية عن الجهات التي تقف خلف فتنة البصرة.
فقد شكلت هذه القنوات هيئة موحدة لتنسيق المواقف الإعلامية من التطورات اللاحقة خاصة مايتعلق بالبصرة.
التقرير
بعد تلك الحوادث مباشرة، وبينما كانت القوات الأمنية العراقية منهمكة فقط في قطع الطرق المؤدية الى القنصلية الأمريكية في البصرة، أعلنت تنسيقيات المتظاهرين وشيوخ العشائر الذين ساندوهم، براءتهم من مسلسل حرق البصرة، بل وسارع البعض منهم الى التواجد في حفل تدشين مبنى جديد للقنصلية الايرانية، وقام آخرون في تنظيف المنطقة التي تتواجد فيها القنصلية لارسال رسالة عن اجهاض مخطط الإيقاع بين الايرانيين والعراقيين، وبثت قناة النجباء التابعة لحركة حزب الله النجباء(لها فصيل يقاتل في سوريا) تقريراً ذكرت فيه معلومات تفصيلية مصورة أشارت بأصابع الاتهام الى السفارة الأمريكية وقنصليتها في البصرة، وقالت إن قائد عمليات البصرة جميل الشمري اجتمع قبل يوم من حريق البصرة، الى القنصل الأمريكي تيمي ديفيس ونسق معه تطورات الْيوم التالي،
ونشرت القناة صور ناشطات مع القنصل الأمريكي كن في مقدمة المظاهرات في البصرة ، وحشدت مع عدد من أعضاء البرلمان الجديد،لاتهام الولايات المتحدة بالعمل على زعزعة أمن واستقرار العراق، والوصول إلى إعلان حكومة طواريء ترفض للإبقاء على حيدر العبادي في رئاسة الوزراء.
وفي نفس السياق جاءت تصريحات مسؤولين ايرانيين، ركزوا على تجاهل الرد على حادث القنصلية، وأشاروا فقط الى قصف الحرس الثوري الايراني بالصواريخ مقراً تابعاً للحزب الديمقراطي الكردستاني الايراني داخل كردستان العراق،وأنها إشارة "العين الحمراء" عما ستؤول إليه العلاقة مع العراق إذا تحول الى قاعدة لزعزعة أمن واستقرار إيران.
وفي خضم تحذيرات الولايات المتحدة إيران، بأنها ستردُ بسرعة وبحزم للدفاع عن حياة الأمريكيين، إذا وقع أي هجوم ينتج عنه إصابة أمريكيين، أو يلحق أضراراً بمنشآت أمريكية فى العراق، هدد بيان لفصائل من الحشد الشعبي بالرد وبقوة إذا استمر مسلسل زعزعة الأمن بحجة المظاهرات مااعتبرته واشنطن تمهيداً لاستهداف مصالحها في العراق وقالت الثلاثاء إن إيران "لم تتحرك لوقف هذه الهجمات التي ينفذها عملاؤها في العراق، الذين تدعمهم بالتمويل والتدريب والأسلحة".
وجاء الرد من النائبة العراقية، انتصار الموسوي، الأربعاء، التي حذرت بالمقابل من خطورة بقاء القنصلية الأمريكية في محافظة البصرة، محملة القنصل الأمريكي وبعض منظمات المجتمع المدني مسئولية ما يجري في المحافظة.
وقالت الموسوي- في بيان إن بقاء القنصلية الأمريكية في البصرة يشكل خطراً على أمن وسيادة البلاد، ونحن نعمل على إخراج القوات الأمريكية من هناك.وأضافت أن "الدورة البرلمانية الرابعة ستشهد المضي لإخراج القوات الأمريكية من العراق، وتقنين عدد موظفيها الذين يعملون في السفارة والقنصلية"، مشيرة إلى أن بقاء القنصلية الامريكية في البصرة، يشكل خطراً على المحافظة كونها الجهة المسئولة مباشرة على إحراق مكاتب الحشد الشعبي (حسب تعبيرها).،
وسبقت حوادث الحرق التي لم توفر ديوان المحافظة ومستشفى خاص بالحشد الشعبي واستثنت فقط مكتب مقتدى الصدر وسرايا السلام التابعة له، والقنصلية الأمريكية إعلان 12 فصيلاً من فصائل «الحشد الشعبي» أنها لم تعد تأتمر بقيادة الهيئة التي بات رئيس الوزراء احيدر العبادي يرأسها بالوكالة بعد إقالته رئيسها مستشار الأمن الوطني فالح الفياض.
الكتلة الأكبر
حاولت كل الأطراف السياسية المتصارعة على كعكة البصرة ونفطها الذي يضخ 90% في ميزانية العراق، استغلال "فتنة البصرة" وركوب موجة المظاهرات في معركة الوصول نحو تشكيل الكتلة الأكبر، وقد برز واضحاً حجم التفاهم بين طهران التي أوفدت قائد فيلق القدس قاسم سليماني للدفع باتجاه تشكيل حكومة عراقية غير معادية لايران، والمرجعية الدينية في النجف التي عرّت الحكومة المركزية والحكومة المحلية عبر اهتمامها بمشاكل البصرة الخدمية إذ كلّف المرجع الأعلى معتمديه في العتبتين العباسية والحسينية بحل أزمة المياه فيها، أطلقت رصاصة الرحمة على أحلام العبادي وداعميه في الولاية الثانية ، وقالت إنها لن تتعاون مع رئيس ووزراء ممن تسلم مناصب تنفيذية في الحكومات السابقة.
وحاول العبادي معارضة رأي المرجعية عندما أعلن ماتبقى من أعضاء كتلة "النصر" التي يتزعمها وانفرط عقدها بخروج فالح الفياض وعشرين نائباً معه، أن العبادي هو المرشح الوحيد لها لرئاسة الوزراء، لكنه تلقى إشارة من واشنطن بعد أن أكد المرجع السيستاني على موقعه مجدداً رفضه ترشيحه ، أن العبادي ماعاد مرشحها المفضل، فبادر هو الخميس الى التصريح أنه سيلتزم بتوجيهات المرجعية وبالتوقيتات الدستورية ولن يتشبث بالسلطة، ليعود الى الواجهة من جديد اسم فالح الفياض وطارق نجم، ويطرح مقتدى الصدر اسم عادل عبد المهدي وزير المالية الأسبق، في بورصة المتنافسين على رئاسة الوزراء.
وهناك بالطبع أسماء أخرى لكن التسريبات من أطراف كردية تنظر للفياض بعين الرضا حالياً ووصفه بأنه رجل الملفات الصعبة وكونه يتمتع بقدر كبير من العلاقات المتوازنة بين الأطراف المحلية والإقليمية وأيضاً مع الولايات المتحدة ولديه تجربة في التنسيق الاستخباري مع روسيا عندما كان يحضر اجتماعات لجنة التنسيق الاستخبارية الرباعية بين العراق وايران وروسيا وسوريا اضافة الى علاقات التفاهم مع تركيا والسعودية ومع دولة قطر مايجعله إذا حظي بدعم المرجعية أن يكون مرشح تسوية، بشرط أن يحصل التفاهم مجدداً حول الملف العراقي بين إيران والولايات المتحدة، كما كان في السنوات الماضية قبل مجيء الرئيس الأمريكي دونالد ترامب وضغوط مبعوثه "بريت ماكغورك" لفرض كتلة النواة لتصبح الكتلة الأكبر والتي وصفها حلفاء واشنطن العراقيون بالاستفزازية.
فهل نحن أمام تفاهمات أمريكية إيرانية تنعكس في وعلى أزمات اقليمية ولبنان بسمل خاص، أم أن "فتنة البصرة" التي يقول القيادي في التيار الصدري حاكم الزاملي إن أداء العبادي فيها أجهض مشروع إعادته من جديد الى رئاسة الوزراء، ستلد فتنة أخرى؟!
"القدس العربي"








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مدير الاستخبارات الأميركية: أوكرانيا قد تضطر للاستسلام أمام 


.. انفجارات وإصابات جراء هجوم مجهول على قاعدة للحشد الشعبي جنوب




.. مسعفون في طولكرم: جنود الاحتلال هاجمونا ومنعونا من مساعدة ال


.. القيادة الوسطى الأمريكية: لم تقم الولايات المتحدة اليوم بشن




.. اعتصام في مدينة يوتبوري السويدية ضد شركة صناعات عسكرية نصرة