الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


متلازمة الاحتياطيات الأجنبية وتمويل التجارة الخارجية في العراق/الجزء الاول

مظهر محمد صالح

2018 / 9 / 17
الادارة و الاقتصاد


متلازمة الاحتياطيات الأجنبية وتمويل التجارة الخارجية في العراق/الجزء الاول
مظهر محمد صالح

1- مقدمة في اشكالية النظام النقدي
  تبتدأ  آلية تراكم العملة الاجنبية لدى البنك المركزي العراقي (والتي تمثل احتياطيات البلاد الاساسية الدولية ) من خلال قيام وزارة المالية بمقايضة ما لديها من ايرادات بالنقد الأجنبي والذي تحقق بالاساس من صادرات البلاد النفطية لقاء حصولها على ماترغبه من الدينار العراقي الصادر من بنك الإصدار (البنك المركزي العراقي )ليدخل الدينار الى التداول ولكن عبر ابواب الصرف في الموازنة العامة للدولة . ولما كانت مهمة البنك المركزي العراقي هي الحفاظ على استقرار قيمة الدينار العراقي (الذي جرى اصداره والتصرف به بصورة رئيسة عبر نفقات الموازنة العامة المذكورة وحسب الآلية المشار اليها في اعلاه )فان مثل هذا الامر قد حدد توجهات السياسة النقدية للبنك المركزي العراقي وقيدها في كيفية استخدام النقد الاجنبي المتاح والتصرف به من رصيد الاحتياطي الاجنبي نفسه، ذلك لمواجهة الانفاق الكلي اوطلب السوقً المحلي الفعال على السلع والخدمات والمنافع الأجنبية .
لذا فقد وضعت السياسة النقدية في العراق سٌلم اولوياتها الذي يتلخص في خفض معدلات التضخم والسيطرة على المستوى العام للاسعار بما يساعد على تحقيق الاستقرار بكونه حاضنة الاستخدام والنمو الاقتصادي،ذلك على وفق قانون البنك المركزي العراقي رقم 56 لسنة 2004.ففي نظام اقتصادي ريعي يؤلف الانتاج النفطي فيه حوالي 55% في الغالب من مكونات الناتج المحلي الاجمالي فأن النقد الاساس base money في الميزانية العمومية للبنك المركزي صار متأثراً في تركيبه ومكوناته بحركة الحساب الجاري لميزان المدفوعات وحركة الموازنة العامة في ايراداتها ونفقاتها.وإزاء معظلة القوى الهيكلية المولدة للتوقعات التضخمية ،التي ارتبطت تكاليفها على الاقتصاد بحركة النشاط الريعي وقدرة التدفقات الداخلة من النقد الاجنبي وعلى النحو الذي يعكسه الحساب الجاري لميزان المدفوعات، وهكذا جرى تصميم النظام النقدي في العراق، خلال العقد الاخير، على انقاض مدرستين مختلفتين في الاتجاه ومتكاملتين في تحقيق هدف الاستقرار واحتواء التوقعات التضخمية.فمثلما شكلت العملة الاجنبية النسبة العظمى من موارد الموازنة العامة وبنسبة 90%فأكثر وهي عوائد الموارد الطبيعية من النفط المصدر،نجد ان الميزانية العمومية للبنك المركزي في جانب موجوداتها أخذت تتبدل في تركيبها لمصلحة الموجودات الاجنبية وتحل محل الموجودات المحلية تدريجياً.وبهذا غدت الموجودات الاجنبية المكون الرئيس للنقد الاساس.فمبادلة المالية العامة لموجودت الموازنة العامة من النقد الاجنبي الذي يشكل عوائد النفط بالدينار العراقي (العملة المصدرة) شكلت مايسمى بالخلق العمودي للنقودvertical creation وهو مبدأ في السياسة النقدية يرى بأن تحقيق الاستقرارقدي وخفض التوقعات التضخمية يقتضي العودة الى المبادي التي جاءت بها (مدرسة العملة currency school )التي حاولت منذ منتصف القرن التاسع عشر،ان تبرهن بأن الاصدار الكثيف للعملة يعٌد المسبب الرئيس لتضخم الاسعار.وبغية تقيد الاصدار النقدي،فينبغي الحفاظ على ما يعادله من ذهب (التغطية بالعملة الاجنبية للنقد الاساس حالياً) وقد إستند الامرالى مايسمى بقانون القواعد المصرفية البريطانية Bank Charter Act الصادر في العام 1844ميلادية.
اللافت ان الموازنة العامة هي مصدر التدفقات الداخلة للعملة الاجنبية والمولدة للاحتياطيات الرسمية منها،في حين ان السوق من الطرف الاخر تمثل التدفقات الخارجة من العملة الاجنبية .وازاء هذا الانفصال في شكل التدفقات الاجنبية بين السوق والدولة ،بعد ان انتقل النقد المصدر كمطلوبات على الميزانية العمومية للبنك المركزي من الموازنة العامة الى الميزانية العمومية لقوى السوق ، فقد خضعت السياسة النقدية في التعامل عبر الميزانية العمومية للبنك المركزي بأتجاهين مختلفين يمثلان مدرسة العملة ازاء اقتصاد الدولة الموفر للعملة الاجنبية والمتدفقة الى الداخل عند خلق النقود وتوليدها عمودياً ومواجهة فائض طلب السوق على السلع والخدمات عن طريق امتصاص مناسيب السيولة الفائضة بالدينار العراقي والتدخل ببيع العملة الاجنبية من خلال عمليات السوق المفتوحة او عمليات التعقيم .وهنا يكون النظام النقدي في تعامله مع تيارات السوق اقرب الى (مدرسة الصيرفة Banking School )ولو بصورة جزئية جداً.وتعد مدرسة الصيرفة مدرسة مناؤة لمدرسة العملة وتعاكسها تماماً في مفهوم الاحتياطيات والتغطية بالعملة الاجنبية.حيث تؤمن مدرسة الصيرفة بأن الاصدار النقدي هو ظاهرة افقية،اي الخلق الافقي للنقود horizon creation وان العملة المصدرة التي تخلقها المصارف تاْتي من منطلق ان البنك المركزي هو الملجأ الاخير للاقراضLLR .لذا من السهولة بمكان استبدال العملة المصدرة بالذهب وقت ذاك او بالعملة الاجنبية في الوقت الحاضر،ذلك عندما يرغب المودعين في اطفاء ودائعهم بالذهب او النقد الاجنبي، ما يعني ان التغطية هي حاصلة اساساً عند طلب التحويل الى الذهب النقدي او غيره.وترى مدرسة الصيرفة،بأن العملة المصدرة الى التداول هي تحت سيطرة السلطة النقدية من خلال توافر القدرة على التحويل الخارجي والحفاظ على الاستقرار النقدي بما لايزيد على احتياجات قطاع الاعمال والتجارة.لذلك تعارض هذه المدرسة الاحتفاظ بالذهب او العملات الاجنبية بما يحقق التغطية الكاملة للنقد الاساس خارج حاجة التحويل الخارجي .
لذا،فأن تركيبة الاقتصاد العراقي المعتمد على عوائد تصدير الموارد الطبيعية في تحقيق التدفقات الداخلة وسلوك السوق في توليد التدفقات الخارجة عبر السوق المصرفية،جعل السياسة النقدية تمسك بصورة مزدوجة بالمدرستين في تعاملها مع اقتصاد الدولة واقتصاد السوق.وان تلك الازدواجية قد أثرت في حركة واتجاه الميزانية العمومية للبنك المركزي نفسه بكونها مرتكز الاهداف التشغيلية في عمليات السياسة النقدية.وعلى الرغم من ذلك ،فأن الميل صوب مدرسة العملة في الخلق العمودي للنقود والتغطية الكاملة للنقد الاساس full coverage بالعملة الاجنبية من جانب المطلوبات النقدية، ظلت حالة مستمرة في تشكيل النظام النقدي ،طالما لم يغادر الاقتصاد الوطني اشكاليات النظام الاقتصادي الريعي حتى اللحظة.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. صندوق النقد الدولي: تحرير سعر الصرف عزز تدفق رؤوس الأموال لل


.. عقوبات أميركية على شخصيات بارزة وشركات إنتاج الطائرات المسيّ




.. متحدث مجلس الوزراء لـ خالد أبو بكر: الأزمة الاقتصادية لها عد


.. متصل زوجتي بتاكل كتير والشهية بتعلي بدرجة رهيبة وبقت تخينه و




.. كل يوم - فيه فرق بين الأزمة الاقتصادية والأزمة النقدية .. خا