الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


بوب وودوارد :الشرق الأوسط في مكائد المخابرات المركزية

سعيد مضيه

2018 / 9 / 17
مواضيع وابحاث سياسية


بوب وودوارد: الشرق الأوسط في مكائد المخابرات المركزية الأميركية

استأثر كتاب بوب وودوورد "الخوف" باهتمام العالم ، نظرا لأنه كشف الكثير من عيوب الرئيس الأميركي ترمب، تلك التي تزكي نظرة عدم الاحترام تجاه الرجل. وفي مثل بلداننا ، حيث لا يجوز أن يكتب عن الرئيس إلا المديح والإشادة بثاقب بصيرته وسهره على الرعية وتوجيهاته السديدة لرئيس وزرائه وللوزراء، يعتبر الصحفي الأميركي مثالا في الشجاعة . كيف لا ، وهو الصحفي الذي أطاح في سبعينات القرن الماضي بالرئيس الأميركي نيكسون!! بمهارة الحواة أحال وودوارد الفساد السياسي والتلاعب بالديمقراطية الشائعين في السياسات الأميركية إلى مأثرة حفظها التاريخ: الديمقراطية الأميركية مكنت صحفيا من الإطاحة برئيس الجمهورية!! طمست تماما أهداف الإطاحة بنيكسون - قطع الطريق على نوايا وقف حرب فييتنام والتوصل الى تفاهم مع السوفييت حول الحد من سباق التسلح. لم يكن بوب وودوارد ليفلح في تصديه للرئيس لولا دعم ومساندة المخابرات الأميركية. وبدون موافقة الوكالة مرت بصمت فضائح جميع الرؤساء اللاحقين.
بوب وودوارد صحفي تقصي يعمل بصحيفة واشنطون بوست ، وهي من أبرزعناصر الميديا الرئيسة التي لا يتاح التحرير فيها إلا للحلقة الضيقة صاحبة القرار والمعتبرة ضمن ملأ القوم. ومن الصحيفة يشهر وودوارد صولاته ويقوم بالتقصي ليفصح عن خفايا ما بات معلوما للجمهور مع إخفاء ااستراتيجية السياسات الأميركية. دوما يقدم وودوارد شطحات السي آي إيه بمعزل عن جوهر السياسات الأميركية. هذه المرة وجه الملاكم ضربته القاضية (حسب تقديرات متفائلة) للرئيس ترمب، معددا نواحي قصور في شخصيته لا تؤهله لحكم الولايات المتحدة : يغير آراءه ومواقفه مرات عدة في اليوم؛ مدير حملته ستيف بانون، الرجل الذي أبعده ترمب بعد نجاحه في الانتخابات، أدرك أنه يتعامل مع مرشح "بلا مواقف مبدئية، وأنه مستعد لفعل أى شىء وقول أى شىء كى يفوز"؛ دخل المعركة الانتخابية "غير مصدق، غير مهيأ، ببرنامج لا يعرفه، بأهداف غير محددة"! فقط دفعه مدير حملته للتقرب من النازيين الجدد ، أقصى اليمين وما زالوا يشكلون قاعدته الانتخابية وجمهوره المؤيد بحرارة؛ يسجل عليه الصحفي الأميركي جهله المطبق بقواعد السياسة، جهله بالنظام السياسى الأمريكى، تعامله مع الساسة والسياسيين فى بلاده والعالم مثلما يتعامل مع رجال الأعمال.، ولديه القدرة على التراجع عما قال أو يقول، كما يعتقد أن أى حقيقة، حتى لو كانت مدرجة ومثبتة رسمياً فى سجلات الدولة الأمريكية، يمكن تعديلها أو طمسها أو إنكارها.
هذا السرد لشخصية ترمب، وإن كان يفضح القصور في الديمقراطية الأميركية ، حيث المال السياسي يغطي على المثالب، يبدو سطحيا ومخادعا لدى مقارنته بما كتبه عن ترمب الصحفي الأميركي مارك بروجينسكي؛ إذ نفذ من شخصية ترمب الى النظام الذي اتاح لشخصية غير سوية الوصول الى المنصب السامي بالولايات المتحدة: "ما لا يمكن المبالغة فيه أو تجاهله ان نجاح ترومب الانتخابي جاء نتيجة تراكم سلسلة طويلة من الهجوم ضد الديمقراطية ، وان حضوره في المشهد السياسي الأميركي قد وضع الديمقراطية على المحك. يعكس انتخاب ترومب جانبا هاما من اميركا؛ هذا الجانب معروف جيدا( ولو ان تفاصيله غير معروفة تماما) فقد تغذى من فساد الطبقة السياسية وحدبها على منافعها الخاصة ، إنها جماعات الضغط والمتنفذون من ملأ السلطة، الى جانب الميديا الرئيسة في الولايات المتحدة. والكثير من معالم "الاستثنائية" الأميركية وذهنية القتل وفدت من السيكولوجية العميقة التي يحرص ترومب على تمجيدها وتغذيتها لكي يستثمرها" .
وفي مناسبة أخرى يتم الكشف عن سطحية مقاربات بوب وودوارد للقضايا الأميركية، التي يذهل بها جمهوره. فقد تناول الصحفي الإسرائيلي جوناثان كوك حكاية تناولها وودوارد في صحيفة واشنطون بوست. أشار إلى أن روبرت موردوخ أحد طواغيت الصحافة في الغرب حاول شراء الرئاسة الأميركية.الخبر مثير لدى الإنسان العادي. "في اوائل عام 2011 أرسل جرايلز، رئيس أبرز ممتلكاته الإعلامية ، فوكس نيوز ، الى الجنرال ديفيد بيتريوس في أفغانستان لإقناعه بخوض انتخابات الرئاسة". أشار كوك الى صحفي بريطاني متنفذ يكتب في الغارديان، يدعى بيرنشتاين تطرق أيضا لموردوخ وحكاية إفساده للسياسة . كتب بيرنشتاين في الغارديان ان لموردوخ عملاء داخل البوليس وبين السياسيين في بريطانيا . لاحظ بيرنشتاين ان لموردوخ تاريخ حافل في إفساد المؤسسات الديمقراطية الأساس على طرفي الأطلسي، تعد من بين الحكايات السياسية والثقافية بعيدة الأثر خلال السنوات الثلاثين الماضية.
يعلق كوك على الصحفيين: الحقيقة الساطعة ان موردوخ لا يشكل خطرا على الديمقراطية فقط ، أبعد من ذلك ان طواغيت الميديا واحتكاراتها عابرة القارات مهيمنة كليا على النظام السياسي في الولايات المتحدة وبريطانيا ؛ كما انها تتحكم في ما نسمعه ونراه. والسخرية المرة ان الصحفييْن العامليْن في المؤسسات الإعلامية الكبرى يستطيعان رؤية المعايير المفروضة من قبل السادة . وهذا يشمل أبرز العاملين في المهنة بيرنشتاين وبوب وودوارد.
ضمن سلسلة الكتب المتضمنة استقصاءاته أصدر بوب وودوارد عام 1987 كتاب "السياق.. حروب السي آي إيه" . تسابقت صحيفتا الدستور والرأي في الأردن على نشر حلقات من الكتاب تحكي تخريبات وكالة الاستخبارات الأميركية المركزية في أنحاء العالم. أقبل القراء على مطالعة المسلسلات؛ ذلك أن الوكالة سمعتها رديئة ولها تاريخ مشين في قلب الأنظمة الوطنية والتدخل في الشئون الداخلية للدول.
قال لي الصديق أحمد عريقات، عمل موجها للغة الإنجليزية في التربية الأردنية قبل أن يتقاعد، انه تلقى من الولايات المتحدة الكتاب باللغة الإنجليزية، وتبين له ان الترجمات تجنبت الإشارة إلى جرائم الوكالة في الأقطار العربية. وقال هذاهو الكتاب الأصلي تطالعه وسأدخل المدينة الطبية لإجراء عملية بالقلب، وأسترده منك بعد أن أتعافى. مكث الكتاب بحوزتي مدة شهر.
سرد وودووارد تصرفات بيل كيسي مدير وكالة الاستخبارات المركزية في عهد ريغان- عقد الثمانينات المنتهكة للدستور الأميركي وللقوانين : أليس محرما بموجب الأمر الرئاسي الذي يحظر المشاركة في الاغتيالات؟(394). تعرض كيسي بسبب ذلك لضغوطات من بعض أعضاء الكونغرس. غولد ووتر وجه اتهامات ضد كيسي بالتجاوز دمرت مصداقية كيسي، " وأعتقد من المستحيل على كيسي مواصلة القيام باعباء وظيفته ويجب عليه ان ينصرف الآن.إلا أن ريغان أصدر بيانا جاء فيه: أنني لم أغير رايي في بيل كيسي"(152). طلب كيسي من نائبه، أينمان الدفاع عنه؛ فسّر أينمان في مقابلة مع تيد كوبيل في شبكة تلفزيون أي بي سي ان خصومة غولدووتر مع كيسي راجعة الى تنافس انتخابي قديم(153). " وقال كيسي بحدة لن ياخذ أحد وظيفتي مني، فأنا أعمل للرئيس"(170). مورس الكذب جزافا في ممارسات اجهزة الوكالة والتستر على التناقض حاد بين التصريحات للميديا للظهور بوجه حسن وبين الممارسات العملية القبيحة للغاية. من هذا المنطلق تعامل وودوارد كصحفي يفضح اكاذيب كيسي وتحيزه ضد الصحافة وحقها في الوصول الى الخبر؛ لكنه اظهر الأمر وكأنه مجرد هواية او لعبة غمّاية وسلب حرية الصحافة "الحريصة" على الحقيقة والموضوعية: "طورت اجهزة لا يمكن أن تخطر ببال كتاب القصص الخيالية ولا يتخيلها المخرجون السينمائيون.إذ يمكن إيصال خطوط الهاتف او الغرف أو وضع أجهزة تصنت دون اداة اتصال فيزيقية (214). حصلت الواشنطون بوست على خبر يتعلق بالكنيسة في ماناغوا ؛ استدعى كيسي محرر البوست وتقرر عدم نشر الخبر(375). وفي 10أيار تلقت كاترين غراهام رئيسة مجلس إدارة البوست مكالمة من الرئيس أبلغها ان الخبر حول بيلتون سيتسبب بالضرر. فالاستخبارات الجيدة حالت دون 125 حادث إرهاب في العام الماضي. وامتنعت غراهام عن نشر الخبر(461).
لمصلحة من، او في أي سياق تمارس السي أي إيه جرائمها القذرة او ما دعاه حروبها؟ هذا ما يسكت عنه بوب وودوورد . "كان ألن دالس مدير السي أي إيه في عهد أيزنهاور يقول إذا أردتم وكالة في زاوية نائية مظلمة نتخلص من العمليات السرية. والرؤساء يريدون دوما طريقة مخفية لإنجاز المهام"(56). حوى كتيب دليل المعلومات العسكرية الذي فضح امره والمقدم الى الكونترا عبارة " إن أمكن استئجار محترفي إجرام لتنفيذ ‘مهام مختارة’ .... وهذا يذكّر باستئجار السي آي إيه جون روسيلي عضو المافيا لاغتيال فيدل كاسترو في بداية الستينات"(389).
تناول بوب وودوارد نهج المخابرات المركزية في أنحاء العالم وخصص حيزا كبيرا للشرق الأوسط. كانت الثورة الإسلامية في إيران(1978) قد انتصرت وقوضت نظام الشاه. الدراما الإيرانية فتحت الأعين على قصور في عمل التجسس الأميركي ، إذ قصرت الاتصالات على رئيس الدولة ، والآن يتوجب تعميق الصلات. كما أثار التحول الإيراني فزع الأنظمة الأبوية العربية ، الأمر الذي استغلته الوكالة، فعرضت على الأنظمة إرسال بعثات أمنية لتدريب وتنظيم الطواقم الأمنية في كل بلد عربي. رُفِض العرض من قبل نظام القذافي، ونظام اليمن الجنوبي. استُهدِف نظام القذافي بحملة اكاذيب تزعم إعداد فرق اغتيالات للقادة الأميركيين انتهت بتوجيه ضربات لاغتيال القذافي؛ اما في اليمن الجنوبي فقد اعتقلت شبكة تخريب تعمل لصالح سي آي إيه وتنفق عليها السعودية.
وما إن حدث الغزو الإسرائيلي ضد لبنان (1982) حتى اكملت البعثات الأمنية مهماتها واطمأنت الأنظمة من غضب شعوبها ؛ صمتت صمت الرضى طوال قرابة الثمانين يوما على ضرب عاصمة عربية بالصواريخ واستباحة بلد عربي، وزادها شارون بالإشراف على مجزرة صبرا وشاتيلا (16أيلول 1982) راح ضحيتها ازيد من ثلاثة آلاف ضحية . أدرك كيسي ان لبنان هو البلد العربي الوحيد الذي تستطيع إسرائيل التوسع فيه؛ واستنتج أن شارون ينوي خلق ظروف تبرر التدخل العسكري الإسرائيلي هناك (216). تم الغزو وعرفت المخابرات الأميركية والبريطانية أن سبب العملية المعلن هو خداع للتغطية . فقد تم اغتيال السفير الإسرائيلي في لندن على أيدي جماعة أبو نضال المنشقة عن المنظمة. طورت السي آي إيه علاقات وثيقة مع شارون والموساد ونجحت في إقامة صلات بين المسيحيين والإسرائيليين، وجعلت من بشير مشتركا بين الموساد و السي آي إيه . ونقلت اسمه من قائمة العملاء العاديين . بقيت العلاقة مع بشير سرية وقدمت له كل شيء لحمايته(217). استقبل كيسي وزير دفاع إسرائيل، شارون ، وكانت إسرائيل تقدم الدعم لحزب الكتائب الذي يرأسه بشير الجميل.طلب شارون عشرة ملايين دولار من السي آي إيه لدعم الجميل .عارض أينمان بسبب دموية بشير ضد مسيحيين آخرين.إلا أن ريغان وقع على امر سري للغاية يقضي بتقديم المطلوب إلى ميليشيا بشير(203).
علم كيسي أن الموساد تغلغل في سوريا ولبنان بعملاء من الدرجة الأولى. إلا أن الإحساس عميق بأن الإسرائيليين يمتنعون عن المساعدة، وأن أرواح الأميركيين معرضة للخطر. تدهورت علاقة الموساد ب السي آي إيه بعد غزو لبنان وسحب المارينز من هناك. كان لبنان كارثة بالنسبة للبلدين، ولا شيء كالفشل المشترك يسيء للعلاقات بين طرفين.عملت الوكالتان معا بدون ود متبادل. كان التقدير في لانغلي أن التعاون بين الوكالتين يسير باتجاه واحد(380).
اتفق بندر وكيسي على وجوب توجيه ضربة درامية ضد الإرهابيين في لبنان...احضر السعوديون إنجليزيا خدم في الفرقة الخاصة بالطيران الحربي-نخبة الكوماندوز للقوات الخاصة، ليكون قائدا لعملية لن تكون للسي آي إيه علاقة بها(396). تم تفجير بالضاحية في 8 آذار 1985، استهدف بيت محمد حسين فضل الله، اودى بحيوات ثمانين شخصا، وجرح مائتان. إلا ان فضل الله لم يصب بأذى. اتفق السعوديون مع فضل الله على دفع مليوني دولار مقابل الامتناع عن مهاجمة المؤسسات الأميركية والسعودية ، وجه المبلغ لتوفير مواد غذائية وادوية للمحتاجين ونفقات تعليم.
اهتم وودوارد بالمغرب ومصر ولبنان وسوريا؛ اما السعودية فكانت سخية في دفع الأموال التي يبادر بها كيسي قبل موافقة الكونغرس او دون موافقته ." كلما تعثر الحصول على الأموال من الكونغرس لجأ ت السي آي إيه الى السعودية. بطلب من كوغان رئيس قسم العمليات الخاصة بالشرق الأوسط قدمت مساعدة بقيمة عشرة ملايين دولار للكونترا ثم زيدت الى خمسة عشر مليونا على الأقل(354). والسعوديون يقدمون مساعدة للمقاومة ضد الحكم الماركسي في أثيوبيا وهذا طبيعي بالنسبة للسعوديين . كما قدموا مليوني دولار للانتخابات في إيطاليا لمنع وصول الشيوعيين الى الحكم(397). وتجأر السياسة الأميركية بالشكوى من تدخل روسي في انتخاباتها!!
ملك المغرب ، الحسن الثاني قامت علاقة صداقة مع فيرنون وولترز، الملازم في جيش ايزنهاور أثناء الحرب العالمية الثانية، وكان في سن 13. استمرت العلاقة حتى الفترة 1972- 1976 حين كان وولترز نائبا لمدير المخابرات المركزية والضابط المكلف بالملك الحسن الثاني.. ساعدت المعونات التقنية على إبقاء الملك الحسن الثاني منذ العام 1961، وبالمقابل اطلق الملك الحسن الثاني أيدي السي آي إيه ووكالة الأمن القومي في البلاد. وأجريت في المغرب عمليات استخبارية حساسة لصالح الولايات المتحدة بتقنية متقدمة للغاية(308).
وفي مصر "منذ كامب ديفيد مني السادات بالعزلة داخل الشرق الأوسط" (168). أرادت الوكالة بقاء السادات حيا، هذا أولا؛ وثانيا فقد أرادت عبورا للمعلومات الداخلية الدقيقة عن السادات، وعن سياسات القصر ومناوراته... اعترى الوكالة ابتهاج وانتعاش إذ قدر لها الحصول على مصادر وثيقة الصلة فعملت فهارس عن تقلبات وأهواء عشرات الوزراء ووكلاء الوزارات وطموحاتهم وسياساتهم. تعامل السادات مع مدير الوكالة كضابط اتصال(313) . كان السادات رصيدا للمخابرات لم تدفع له بصورة مباشرة وليس تحت إشرافها بأي معنى من المعاني.إلا أنه فتح نفسه وفتح بلاده امام السي آي إيه . باع نفسه بنسبة 110%الى اللاعبين الكبار. تلقى ، وهو نائب للرئيس عام 1970، راتبا شهريا من السعودية؛(وهذا ما يرجح اتهام السادات بأنه أعد لعبد الناصر فنجان قهوته الأخير ووضع فيه مادة مهلكة). واعتقدت الوكالة انها امتلكته وامتلكت الجيش المصري ودولا عربية أخرى. وظن الإسرائيليون كذلك بعد كامب ديفيد. وفشلت الإجراءات الأمنية والحرس المحيط به؛ فاغتيل في عرض يوم 6 أكتوبر 1986. قدم تيرنر مثالا كيف أن السي آي إيه ووكالة الأمن القومي قد نصبت اجهزة تصنت إليكترونية على الحكومة المصرية ووضعت العملاء من القمة للقاعدة. ولشتى الأهداف العملية كان الرئيس السادات معروفا تماما للسي آي إيه وللحكومة الأميركية. جمع المعلومات قضية ملحة في منطقة مضطربة مثل الشرق الأوسط وبخاصة في مصر الآن. بعد اغتيال السادات أراد المزيد من العناصر البشرية ومن الأجهزة الإليكترونية حتى في اعلى مستويات الجهاز الحكومي.(312).
التقى كيسي بالرئيس المصري مبارك، وبذلت السي آي إيه اهتماما كبيرا لتحذيره من مخاطر خارجية لدرجة انها تجاهلت المخاطر الداخلية في مصر... وباتت الوكالة بحاجة الى مزيد من القنوات المعتمدة للمعلومات في مصر. ولم تكن هناك حدود في جمع المعلومات خاصة في منطقة مضطربة مثل الشرق الأوسط ومصر. أراد المزيد من الأجهزة الإليكترونية حتى على أعلى مستويات الجهاز الحكومي..يجب وضع أناس في الشارع كي يروا إن كان هناك من يريد إطلاق النار على مبارك(87). "...ثم امضى ساعات مع رئيس مكتب الوكالة الذي يشرف على أكبر المرافق التابعة للوكالة خارج الولايات المتحدة كانت معظم الأسلحة والمساعدات التي تذهب الى افغانستان تعبرمن مصر، والسعودية تقدم من الأموال اكثر مما تقدمه السي آي إيه(104). كذب إعلان مبارك أن خاطفي الباخرة اشيل لارو قد غادروا ؛ فقد كانت هواتف مبارك مراقبة(486).
لابد أن الترتيبات الاستخبارية المشار إليها استمرت حتى انتفاضة يناير وعملت عناصر السي آي إيه في تخريب الانتفاضة. ومن نماذج التخريبات أنها لعبت دورالطرف الثالث في تأجيج الاشتباكات المسلحة بين الجيش والجماهير المنتفضة. وكذلك الأمر في سوريا . ويثور التساؤل: ألم يكتشف السيسي ، وهو مدير الاستخبارات العسكرية رأس خيط لتلك الشبكة من عملاء السي آي إيه؟! ألم يتم مصرع شيماء الصباغ، المناضلة المصرية، شيماء الصباغ على أيدي أحد أفراد الشبكة؟ ألم يصعد أفراد الشبكة إلى سلطة التقرير في النهج الاقتصادي، على الأخص، المرتبط بصندوق النقد الدولي في مصر؟
أما إسرائيل فكانت لها مكانة خاصة عند كيسي. "كان لكيسي صلة بإسرائيل ومنحها فرصة اوسع من أي وقت مضى للوصول الى الأقمار الصناعية. وأبدت إسرائيل امتنانها. رسميا أنكرت إسرائيل تقديم العون للكونترا ؛ إلا ان التقارير نقضت ذلك. فما من بلد تدفن أسرارها واستخباراتها مثل إسرائيل....وانا أقوم بتحقيقاتها عثرت على مصدر ممتاز أيد تقديم إسرائيل مساعدات للكونترا. وقال انها فرصة نظيفة وذهبية ، مقابلها سوف تقدم الولايات المتحدة 2,5 بليون دولار على شكل مساعدات عسكرية واقتصادية(355). في الحقيقة كان للموساد عناصر بشرية جيدة ذات أهمية حيوية في لبنان وسوريا والاتحاد السوفييتي . سر كيسي من الموساد. فقد رأى في المنطقة اعتمادا كثيرا على العنصر البشري. ولهذا ميزته ، مراقبة أربع وعشرين ساعة وتحذير مبكر(269).
في 7حزيران 1981 وتلقى أينمان نائب كيسي مكالمة تفيد ان إسرائيل قصفت ودمرت مفاعلا نوويا عراقيا مستخدمة طائرات زودتها بها الولايات المتحدة . اجرى تدقيقا ووجد أن ان إسرائيل بموجب تبادل المعلومات الاستخبارية، عقد بموافقة كيسي، تستطيع الوصول الى الأقمار الاصطناعية الأميركية واستخدمتها في وضع خطة الغارة.غير أن أينمان لم ير كيف يمكن للولايات المتحدة الاحتفاظ بسياسة متوازنة إذا سمح لإسرائيل إلقاء قنابلها على الشرق الأوسط مستخدمة الاستخبارات الأميركية....اعجب كيسي بجرأة الإسرائيليين،... وعندما عبّر البيت الأبيض عن الصدمة وفرض عقوبات على إسرائيل ومنع عنها طائرات الإف- 16 أحس كيسي انها قد تكون خطوة ملائمة ديبلوماسيا وسياسيا، وقال في قرارة نفسه إنها مخادعة(160). في العام 1985 أقامت السي آي إيه اتصالا مباشرا في غاية السرية بين واشنطون وبغداد لتزويد بغداد بمعلومات أفضل وأسرع من الأقمار الاصطناعية الأميركية. التقى كيسي بمسئولين عراقيين كبار كي يتاكد أن القناة الدائرة تؤدي وظيفتها(480).
معظمها وقائع حروب السي آي إيه افتضحت على الصعيد الدولي، بقي العرض سطحيا أغفل الأهداف الاستراتيجية لحروب الوكالة. للمقارنة فيما يلي تقرير صحفي لأحد العاملين في المخابرات الأميركية عن ملابسات عدوان حزيران، الذي غير نظام الشرق الأوسط لصالح التحالف الأميركي – الإسرائيلي:
ميلفين غودمان عمل موظفا مبتدئا بالوكالة أثناء العدوان؛ و يعمل حاليا زميلا متقدما في مركز السياسات الدولية وأستاذا بقسم الحكومات بجامعة جون هوبكينز.أحدثُ مؤلفاته "تحذير من السي آي إيه"؛ ومن مؤلفاته كتاب " تقهقر وسقوط السي آي إيه وغياب الأمن القومي: ثمن العسكرية الأميركية". في ذكرى حزيران، 5حزيران 2017 نشرعلى موقع كاونتر بانش مقالة عنوانها "حرب الأيام الستة واكاذيب إسرائيل. ما رأيته بالسي آي إيه". ويقول " لم نجد إشارة حول استعدادات عسكرية مصرية ، بناء على رصد القوة الجوية و سلاح المشاة. رأينا ان الإسرائيليين منهمكون في نشر الأكاذيب لكي يحصلوا على الدعم الأميركي. لذلك صدمنا إذ تلقينا من وولت روستو ، مستشار الرئيس جونسون للأمن القومي ، رفضه الموافقة على تقييمنا الاستخباري بصدد الهجوم الإسرائيلي". قال روستو وصلتنا "تأكيدات" من سفير إسرائيل بواشنطون ان بلاده سوف لن تبدأ بالهجوم مهما كانت الظروف. بالنتيجة واجه تقريرنا رد فعل عدائي من مجلس الأمن القومي ، لأنه وصف الهجمات الإسرائيلية المفاجئة لمطارات الأردن وسوريا ومصر. ولحسن الحظ دعم ريتشارد هيلمز، مدير السي آي إيه، تقديراتنا، ودعمها أيضا المركز القومي للقيادة العسكرية . طلب روستو من كلارك كليفورد رئيس هيئة مستشاري الرئيس للشئون الدولية وهال ساوندرز اختصاصي الشئون العربية في مجلس الأمن القومي فحص تحليلاتنا ، وايد الرجلان تقريرنا".
ويقول الباحث،"علاوة على كذب الإسرائيليين على البيت الأبيض( والحقيقة تكاذب الطرفين ) بصدد من بدأ الحرب، فقد كذب العسكريون الإسرائيليون على السفير الأميركي في إسرائيل، حول وجود خطر عدوان عسكري مصري. في هذه الأثناء استفادت السي آي إيه من صور فوتوغرافية التقطها القمر الصناعي تظهر الطائرات المصرية رابضة على أرض المطار وأطراف اجنحتها على تماس، الأمر الذي يشير بعدم وجود نوايا الهجوم.
يضيف غودمان : مضى عشرون عاما لأعلم ان احد الموثوقين من قبل الرئيس(الأميركي) كان في زيارة إسرائيل وقت بدء الحرب وتوجه مع السفير الأميركي ، باربر، لزيارة اشكول رئيس وزراء إسرائيل. وفي الأثناء أطلقت صفارات الإنذار فطمأن الجنرال أهارون ياريف ، رئيس الاستخبارات الإسرائيلي، الحضور بعدم الحاجة للنزول إلى الملاجئ." صفارات الإنذار جزء من مسرحية خطر الغزو العربي، الذي قامت إسرائيل بضربة استباقية لمنعه.
هكذا يقدم التقصي الحقيقي عرضا موضوعيا يحظى بالموضوعية وبالمصداقية.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مراسلنا: دمار كبير في موقع عسكري تابع لفصائل مسلحة في منطقة


.. إيران تقلل من شأن الهجوم الذي تعرضت له وتتجاهل الإشارة لمسؤو




.. أصوات انفجارات في محافظة بابل العراقية وسط تقارير عن هجوم بط


.. جيش الاحتلال يعلن إصابة 4 جنود خلال اشتباكات مع مقاومين في ط




.. بيان للحشد الشعبي العراقي: انفجار بمقر للحشد في قاعدة كالسو