الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


بغداد الأزل بين الهزل والهزل

صادق إطيمش

2018 / 9 / 17
مواضيع وابحاث سياسية


بغداد الأزل بين الهزل والهزل
العنوان مستوحى من المسرحية الرائعة " بغداد الأزل بين الجِد والهزل " التي أعدَّها واخرجها ومثل فيها ، إلى جانب كبار فناني وفنانات العراق آنذاك ، الفنان العراقي الكبير قاسم محمد ، وقدمتها فرقة المسرح الفني الحديث على مسرح بغداد عام 1974 ، ويعالج موضوعها صراع المتناقضات القائم في الحياة البغدادية ، وعلى الأخص في السوق البغدادي ، العباسي القديم .
لقد كانت بغداد تعيش هذه المتناقضات وتتعامل مع الجدِي منها والهزلي بمقدرة عالية من توظيف الظواهر الإجتماعية التي تتكرر يومياً في ذلك المجتمع ، دون خوف من طغيان ما هو سلبي منها على ما يريده الناس ان يكون .
وبغداد اليوم تعيش تلك المتناقضات ايضاً ، لكنها مشوبة بالخوف الكبير الذي يتزايد يوماً بعد يوم من ان يحل محل تلك القيم والعادات والتراث والعلاقات التي لم تسمح بطغيان ما هو سلبي في الحياة وفي المجتمع البغدادي ومن ثم العراقي عموماً ، على ما يريده الناس اليوم فعلاً .
بغداد اليوم تغرق في اوحال عصابات لم تتعظ بحدَث ، ولم تراع اخلاق ، ولم تلتزم بمُثل وقِيَم ، ولم تقف على قول ظاهره جِد وباطنه كذب ودجل . وإلا فما معنى ان يقف مسؤولون كبار في الدولة العراقية ، التي لم تتخل عن لقبها المحاصصاتي البغيض ، لينشروا اقذر الغسيل الذي جاءت به حكوماتهم خلال الخمس عشرة سنة الماضية ، ثم يتسابقون لإرتداء هذا الغسيل بانفسهم وبطوع ارادتهم وهم في غبطة وفرح ، ملوحين باصابع النصر ، نصر الرذيلة على الفضيلة .
خلفاء البعثفاشية المقيتة الذين إحتل نباحهم بعض مواقع إعلامهم ، يذرفون الدموع على الشعب العراقي الذي اخطأوا بحقه ، داعياً شيطانهم الأكبر، مثلاً ، الى ضرورة ابتعاد الطبقة السياسية التي جاء بها الإحتلال الأمريكي بعد سقوط دكتاتورية البعث الى الحكم ثانية لأنها فشلت فشلاً ذريعاً ، وهو منها ، على كافة الأصعدة التي تبنتها :
https://www.youtube.com/watch?v=BMLcdhhxN7g

لكن هذا الشيطان تقدم كل الفاسدين من رهطه ليظل على رأس عصابته الحاكمة التي لملمت بعض ما تمزق من اوصالها لتخوض العملية الإنتخابية الأخيرة ولتساهم المرة تلو المرة في المهزلة التي بدأت تأخذ طريقها الى تبني نفس ذلك النهج المحاصصاتي اللئيم في اول جلسة عقدها الداخلون الجدد لما يسمى بالبرلمان العراقي في دورته الرابعة . فهل هناك من مهزلة تجري على مسرح هذا البرلمان اكبر من هذه المهزلة ؟
وتوالى نباح المسعورين من داخل وخارج الوطن من المعتذرين كونهم كانوا لصوصاً حينما استلموا مسؤولية الحكم في العراق الذي ابتلي بقذاراتهم :
https://www.youtube.com/watch?v=4k_VwRypcGM
إلا ان لفلفات ضمائرهم قد انفرجت اليوم وتبين لهم بانهم لم يكونوا كما كانوا يدعون تقاةً ورعين ، لا ينطقون قبل البسملة ولا يتحركون قبل التوكل على الله ونبيه وآل بيته ، ولا تمتد ايديهم إلا للوضوء، لقد تبين لهم بانهم فعلاً لصوص وقادة عصابات اجرموا سنيناً بحق شعب ووطن جاءوا يعتذرون منهما اليوم، مع تقديم كل اجراءات الإعتذار التي اكتشفوها فجأة. فهل عاش الشعب العراقي بكل تاريخه حتى الأسود منه مهزلة كهذه المهزلة التي تستصغر عقول الناس الى هذه الدرجة من الغباء ؟
وسمعنا نباحاً آخر ممن وضع على رأسه اكاليل الغار ورفرفت حوله رايات الإنتصار ليعيد ويكرر ما تقيأت به افواه سابقيه باكياً على الشعب العراقي الذي ارهقه هو ورهطه لخمس عشرة سنة مضت ، داعياً شلة زملاءه من اللصوص الى التدبر من غضب الشعب وإصلاح ما خربوه خلا سنين تسلطهم على حكمه :
https://www.facebook.com/MnBaghdad/videos/1038480996315998/
وامتثل لعقل ابن آوى ليعوي حول الإصلاح والخلاص من المحاصصات وسلوك طريق العفة والنزاهة بعد ان امتلأت الكروش وكثرت نِعم الله بالعقارات التي تصدرتها عبارات ، هذا من فضل ربي ،و ، رزقكم في السماء وما توعدون ، وما اشبه من العبارات التي اغاضت ابليس حقاً ، فجهوده بتعليمهم كيف يجنون هذه الثروات قد ذهبت سدىً بعد ان نسب هؤلاء الأبالسة الصغار كل ما جنوه الى الله .ونفس هذا الباكي والمتذمر من سياسات المحاصصات التي ساهم بها بكل ما اوحى به صاحبه خارج الحدود ، نفس هذا المتباكي يفتتح اول عمل له فيما يسمى بالبرلمان العراقي الجديد بالمقايضة والمزايدة على المناصب التي بدأ مزادها العلني في سوق هرج بغدادي جديد ،لم يحظ بمقدار ذرة من سمعة سوق هرج بغداد التاريخي العريق الذي عكست بعض مفاصله مسرحية " بغداد الأزل بين الجد والهزل " لتخرج مسرحية سوق الهرج الجديد وترينا بغداد الأزل هذه وهي تسير من مهزلة الى مهزلة اكبر منها واشد منها ضراوة ينطبق عليها المثل القائل : شر البلية ما يضحك .
وهكذا يستمر النباح وتستمر معه المهازل التي تستغفل عقول الناس وتستهين بكل ما يفكر به الإنسان العراقي المغلوب على امره في كل المجالات التي لم يترك لصوص السياسة من رواد الإسلام السياسي واعوانهم اي ثغرة فيه للسلب والإحتيال والفساد إلا ونفذت شياطينهم منها ، ثم يتنافسون اليوم على رجم شياطينهم ليس اثناء تأدية مناسك حجهم كل عام فقط ، بل يحاول كل منهم رجم شياطين غيره في مناسك استمرار ممارساتهم في التسلط على الشعب العراقي وخيراته في وطنه . وما ذلك إلا قمة المهازل ؟
لا نريد الإستمرار في التطرق الى هذه المسرحيات التي لم نعد نجد ما يضحكنا فيها ، إذ ان تكرارها ، كما يجري اثناء تكرار اي نكتة ، لم يعد يبعث المرح اكثر مما يبعث الإستهزاء والإحتقار للفعل والفاعل على حد سواء. إلا ان ما نريد التطرق اليه يتعلق بآخر مهزلة من مهازل بغداد الأزل والتي كان مسرحها نفس ذلك المسرح الكئيب المسمى بالبرلمان العراقي .
موضوع هذه المسرحية هو السوق البغدادي ايضاً ، تماماً كموضوع مسرحية الفنان الكبير قاسم محمد ، التي استعرنا عنوانها هنا. إلا ان هذا السوق البغدادي الجديد يختلف عن سوق بغداد بين الجد والهزل ، الذي يتعامل ، حقاً وبمقدرة عالية ، مع تناقضات هذا السوق التي تشكل جزءً من التناقضات الإجتماعية السائدة آنذاك. إن سوق بغداد الجديد بين الهزل والهزل ، لا يتعامل مع متناقضات ، بل مع ثوابت تشكل النتيجة الحتمية لهكذا تجار وخبراء في عمليات البيع والشراء التي تبلغ عشرات الملايين من الدولارات. فالأمر لم يعد اذن يتعلق بطعام البخيل ، بل بالمنصب الثقيل بكل الأحمال المالية وغير المالية التي يوجه حملها وتفسيمها بين هذا التاجر او ذاك شبكة من الدلالين الذين اعطوا مزادهم نكهة خاصة ، فهو علني وغير علني في آن واحد . لندع بعض شهود العيان في هذا السوق التجاري يتحدثون عما شاهدوه في اولى افتتاحيات هذا السوق البغدادي الجديد :
https://www.youtube.com/watch?v=-UDMmDtdMyk
وما اكدنا عليه اعلاه من مسرحيات توبة ابن آوى ينعكس تماماً في هذه المسرحية الهزلية التي تطرقت الى تفاصيلها لمن لم يشاهدوها من بنات وابناء الشعب العراقي الذين لم يزل بينهم ، بالرغم مما تعرضوا ويتعرضون له من ظلم وجور واستغلال وقمع واحتقار من قبل لصوص الإسلام السياسي ومريديه ، ممن ينتخب هؤلاء ، واضعين بهم ثقتهم كاتقياء صالحين لا ياتيهم الفساد بكل انواعه من قريب او بعيد.
الشيئ الذي يبعث على الإستغراب هو الصمت االمطبق الذي يواجهه هؤلاء اللصوص ، منفذي المسرحيات الهزلية البغدادية ، من القضاء العراقي ، وخاصة مكتب السيد المدعي العام ، الذي لم ينبس ببنت شفة لحد الآن ليضع الحد لمثل هذه المهازل التي تجري امامه ، مع ان ذلك من صميم اختصاصه الذي يتعلق هنا باعتراف هؤلاء الساسة باستغلال مناصبهم وممارساتهم للفساد والإحتيال واللصوصية التي تجاوزوا فيها على القوانين العراقية السائدة .
الذي اعلمه شخصياً سواءً عبر المعايشة الشخصية ، او عبر القراءة واستقصاء المعلومات ، حول دور الإدعاء العام في الدول التي تحترم اجهزتها القضائية وتسهر على تطبيق قوانينها ، هو ان يتبوأ المدعي العام دور الرقيب الثاقب البصر لكل ما يجري من اختراق للقوانين السائدة ، لا بل ويفتش في الزوايا والمخابئ عن ابسط خروقات القوانين مستعملاً بذلك كل وساءل الكشف عن هذه الخروقات ، سواءً كان ذلك غبر الإعلام او الإعترافات او حتى التحري عن الدعايات التي تطلق هنا وهناك بغية التأكد من صحتها وبغية ازالة الشك باليقين .
وإذا ما درسنا وضع اللصوصية التي اخترقت كل القوانين في العراق منذ 2003 ولحد الآن ، فسنجد الكثير الكثير من المؤشرات والدلائل التي لا يرقى اليها الشك والتي تبرر للسيد المدعي العام العراقي ان يتخذ حزمة من الإجراءات القانونية الرادعة حفاظاً على شرف القوانين العراقية وعلى رعاتها في القضاء العراقي . لا نريد الإسهاب هنا في تعداد المؤشرات والدلائل التي تقود لملاحقة الفاسدين وهي كثيرة جداً ومتوفرة حتى على ابسط المستويات في الشارع العراقي ، لكننا نشير الى بعضها التي اكتسبت وتكتسب اهمية خاصة لا تدع مجالاً للشك في اي اجراء يتخذه المدعي العام العراقي .
أول هذه الدلائل هي الوثائق الكثيرة والمهمة والصارخة التي طرحها المرحوم الدكتور احمد الجلبي والتي اشارت بكل وضوح الى حجم الفساد الذي نفذه مسؤولون كبار في الدولة العراقية ومن زعماء الأحزاب الحاكمة الإسلامية وغير الإسلامية ، حيث فقد الشعب والوطن مئات المليارات من الدولارات بسبب ذلك . لم يتم اي اجراء لمجرد الإستفسار من هؤلاء السياسيين عن صحة ما جاء في هذه الوثائق ، ناهيك عن تقديمهم للقضاء ومحاسبتهم على الأقل من خلال التحقيق في الأمر فقط . ومروراً بكل التصريحا النارية التي اطلقها ولا زال يطلقها احدهم حول فساده ورشوته بالذات وبعض زملاءه في العملية السياسية الذين لم يزالوا يتبوأون نفس المواقع القيادية في الدولة العراقية ولم يعر الإدعاء العام العراقي لكل اعترافات مشعان الجبوري على نفسه وعلى زملاءه بالرغم من ان السيد المدعي العام يعلم تماماً بأن الإعتراف سيد الأدلة . وانتهاءً بالأقوال الصادمة التي جاءت بها مؤخراً وفي بداية اعمال ما يسمى بالبرلمان العراقي، مع احترامنا للقلة النزيهة في هذا المجلس، النائبة ماجدة التميمي ، المنشور رابطها اعلاه ، من الإخلال بطريقة التصويت على رئيس مجلس النواب والتي وراءها ما وراءها من انتهاكات يجب ، نعم يجب ، على السيد المدعي العام العراقي التحري عنها وحماية شرف القضاء العراقي والقوانين التي يرعاها في كل مؤسسات الدولة العراقية التي يستصرخ اهلها شيباً وشباباً ، رجالاً ونساءً ، شمالاً وجنوباً ، شرقاً وغرباً ، همتكم الوطنية وشرف مهنتكم الذي يُنتهك منذ خمس عشرة سنة ولا مدافع عن هذا الشرف الذي لم يسلم من أذى احزاب الإسلام السياسي وكل مريدي العملية السياسية الفاشلة في العراق .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - مسكينة بغداد يصول فيها على مدى التاريخ الاوبا ش
علاء الصفار ( 2018 / 9 / 18 - 13:04 )
تحية طيبة
لا اختلف حول موضوع الفوضى الخلاقة لامريكا بفساد سلطة بغداد, البرجوازية قلنا قبل نصف قرن افلست, ويعني ذلك حين تربع صدام العو جة على السلطة,وذلك يذكرني برواية المرحوم غاريسية ماركيز, وخريف البطريرك, حيث يصور ماركيز الدكتاتور يطلل من شرفة دار السلطة جامو س ضخم _يلتهم العلف,فزمن العولمة للحروب الموجه كما الصواريخ الذكية, الى نحر_ الشعوب وباسم الديمقراطية, فأكل الطعم الاغ ..بياء ثم خان من خان وسكن المهزوم دار الشيطان الاخرس,وبعضهم راح الى وليمة الاعشاب الخضراء, لذا ان سلطة المحاصصة هي تحول لشكل البرجوازية, فبعد ان عملت برجوازية ابن الاعو جة, على الحروب وما أدراك ما الحروب فخسر العراق ليس 60 مليارد للخزينة, بل خسر العقول وربح المشوهين بالعاهات الجسدية والفكرية, هكذا جاء بو ل للعراق وانشأ حكومة يطل من شُرَفتها مئات الجو ا ميس و قد اصابها الجوع بجنون الببقققر, وهذه هي شكل الحكومة التي خرجنا ضدها قبل 2003 و صرخ فينا البعض انتم متعاطفين مع الجموس.قلنا لهم انكم متعاطفين مع شرب دماء الابرياء, و
ليس الجام وس في شرفة السلطة.وهكذا رأينا كيف رفرف علم الصا عينة علنا مع دخول الموساد بغداد!ن

اخر الافلام

.. في زلة لسان جديدة.. بايدن يطلب من إسرائيل ألا تقتحم حيفا


.. اعتصام أمام البرلمان في المغرب للمطالبة بإسقاط التطبيع مع إس




.. ما طبيعة الرد الإسرائيلي المرتقب على هجوم إيران؟


.. السلطات الإندونيسية تحذر من -تسونامي- بعد انفجار بركان على ج




.. خيمة تتحول لروضة تعليمية وترفيهية للأطفال في رفح بقطاع غزة