الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الدين الخرافات الجهل

عايد علقم

2018 / 9 / 18
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


وُجدنا بين طبيعةٍ حَطت جبالها وشجرها وبحرها ونهرها عَبر ملايين السنين وما عرفنا فيها إلا الظلامَ والنهارَ والعنف ، عالمٌ مجهول وصراع وحشيٌ مغروز في كل كائن حيٍ فيها ... كُنا مختلفين متخلفين فضولين بعيدينَ عن أنفسنا بل تائهين، فخيالنا وتأملنا في طبيعة غريبة قاسية أعطتنا الثقة...فدفعنا فضولنا الى الاكتشاف والمعرفة ، سِرنا بين اضلاعها ، فعشنا بين الخوف والألم وماضي لا نعرفه ، وكان ذلك سبباً ان يستقر الشر فينا ، وحاربنا بعضنا بعضاً ، صراعٌ دائمٌ والبقاءُ للأقوى... لذلك إنتصبنا قائمين وانتصرنا على الطبيعة وعلى من هم أضعف منا .. ولكن أُصبنا بالحيرة حين فتحنا أعيننا ... جعلتنا الطبيعة أسيادَ البقاء ، ولكنها لم تقدمَ لنا الأدوات اللازمة لفهم العالم ... كل ما نعرفه عن الحياة ( الموت ) الذي لحق بالأخرين والذي يُذكرنا بمصيرِنا ... لذلك أصبحنا خائفينَ غيرَ مدركينَ المصير.
ومرت السنون فقرأنا قصصاَ كثيرة وألفنا حكاياتٍ جرتنا الى حزن أو ما شابه !! وربما الى فرح ودموع، خاصةً حين تندمج مع قصة ما ... فتخلو الى نفسك لتتفكرَ أو ربما تسرح في خيالك لتجدَ نَفسك بين قصة ربما تكون حقيقية ..أو فيها من الوهم والخيال ما لا يمكن أن يُطاق ... كالديانات السماوية مثلاً التي هي متساوية في الاتجاه ومعاكسة في الآراء ومستخلصة من منبع واحد هو الايمان.

الانسانُ الأول نجحَ في حكِ حجرين فأشعلَ النارَ، فهي بالنسبة له كانت بداية نجاح عظيمة فبدونها لا يستطيع أن يكمل مسيرَ حياته ... تخيل انك تعيش بدون نار .. وهذا ما درسناه في الكتب المدرسية ولا زلنا نحفظ الكثير عن الانسان الأول البدائي كيف إستطاع ان يجعلَ حياته مستقرة من جميع النواحي ... اذاً نحن نعرف ان آدم أبو البشر هو من وُجدَ اولاً على هذه الأرض ... هل مثلاً حكَ حجرين فأوقدَ ناراً ... فكانت التجرِبةُ معه وليس مع من سبقه ، أو من جاء بعده ، هل كان آدم لا يعرف حك حجرين .. يمكنُ أن يكون سؤالاً بحاجة الى إجابة... فاذا طالت الإجابة أو إستحالت ، فهذا يعني أننا أمةٌ مأزومةٌ مهزومةٌ لأن هناك من يحاول منعنا من التفكير والتدبر .. وأقولها جازماً أيضاً نحن حقاً ضد كل سلطة ظلامية تمنع العقل الإنساني من الوصول الى نور الحرية ... فالحقيقةُ واضحة بين أعينهم ولكنها بإرادتهم يجعلوها تتوه في وهم عميق ... لذا علينا أن نتدبر ونفكر لنصلَ الى الحقيقة كاملة ، لأنها جزءٌ من تاريخنا الذي بني على إعتقادِ أنه تاريخٌ متنور، لكنه في حقيقةِ الأمر وهم بين دوائر متداخلة ... طابعهُ عالمٌ عربيٌ متخلف لتثبيت الناس على تشكيلِ قوم يحملُ السلام ... ليصلَ الى إسلامٍ وحضارةٍ عربية ... مصطلحٌ بالطبعِ لا يمكنُ تحاشيهِ كون هذا الأمر أيضاً هو قضية رئيسة يتوافق معَ فئاتٍ مختلفة ورغباتٍ أهدافها موجهة الى الانسان المشتت إذا ما قورن بعدد السنين ... فلإنسانُ واحدٌ إذا توقف عن حقن ادمغته بالخرافة وذلك بحاضرٍ قد يُطيَعْ ومستقبلٌ يُخضِعُ العقل للمنطق الذي يجعلنا فيه نقبلُ المنطقَ بكل اشكاله
العلمُ يعترف بالواقع والحقائق كالحقائق على الأرض التي هي حقائق العقل ومتعة المعرفة والتي تنتهي ايضاً بإماطة اللثام عن ما هو مشكوك فيه .. لتصيبَ المجتمعات بما هو حقيقي وعلمي غير ما ترويه الخرافات ... فاذا كنا مقتنعين بكروية الأرض فالمعرفة في ذلك ثبات لا غوغائيةَ فيه ... فلا بد أن نعترف أن ذلك تنوير وعقلانية، أم اننا نريد أن نتبع العادات والاباء والاجداد بإسم اننا نحب الدين دون معرفة ... إذا كانت السألة هكذا فهذا جهلٌ بلا حدود ... وأفكارٌ لاعقلانية بُنيت على أساسٍ ذاتَ طابعٍ تاريخيٍ مزيف، وأن المعركة ستكون على كلِ من يخالف ذلك التاريخ والاعتقاد ... إذاً هي سلطةٌ متواصلة، لا زالت بل زادت مع الحركة الوهابية ... وممنوعٌ عليك التفكير والتفكر والتدبر مهما كانت الأسباب.
الخرافات أدت بنا الى جهل واضح وحقيقي لا لمعرفة حقيقة ما يجري وما يدور حولنا ... خرافات جعلتنا بالفعل نتوه مع جهل واضح في المعنى والرؤيا ... فالجهل حينها سيكون له مخاطر على المتلقي ويمكن أن يكون جاهلاً فيزداد جهله أكثر .. وهكذا لو جلست مع من يفكر بعقله ربما يثيرك بعلم انت تجهله ... اذاً العلم لا بد انه يثير احساساً قويا بالدهشة .. العلم والمعرفة يدعوان للفخر في بعض حالاتهما ... العلم صحي للعقل ... فنحن نريد ديناً مبني على المعرفة والعلم لا ديناً مبني على الايمان الغيبي؟!
الحياة لدينا لها إرادة خاصة، وأصبح لنا سلطة على كل شيء .. البحر الهواء الطبيعة بكل اشكالها وكل شيء حي يتحرك على هذه الأرض ... اعدادنا كثرت وأزداد حكامنا وباركنا أرضنا التي نمشي عليها... ولنا تراث مشترك أصبح ذاكرة مفقودة ... وأصبحنا عالم كبير تفصله المسافات واللغة ... وأصبحنا من هذا العالم خائفين مستسلمين ... سيطرت علينا أمم عظيمة وصلت الى ما وصلت اليه .. ونحن كنا بينهم الأقلَ حظاً .. تلاشينا وراء الوهم وعدم السؤال .. لأننا نسجنا على هذه الاض حكايات خرافية سيطرت على عقولنا ... برز لنا أعداء بعد أن إتحدنا بكل فخر تحت خرافاتنا .. وكل ما سعينا وراءه لم يمنحَنا الصمود بل أصبحنا أعداء لبعضنا البعض فالأخ انقلب على أخيه فاصبحنا نتقن القوة ، أصبحنا أسياداً وعبيد ووجدنا ان الخلاصَ تدمير بعضنا البعض لأننا نسجنا لأنفسنا ما نسجه الاسلاف قبلنا ، فَخرَ كل منا ساجداً مستسلماً ... سلمنا قلوبنا وعقولنا للأيديولوجيات العقائدية واختلفنا في كل شيء حتى بالتفسير، وكَثْرة الاحاديث النبوية المزيفة ، وبحثنا عن المعرفة في التقاليد الغابرة وحفزنا قوانا بطبيعتنا البدائية ، وخَلْفنا الموت والدمار والدماء .. فهي أعظمُ تحفة لدينا وأعظم تراث... فأصبحت حياتنا غير مستقرة او فيها ما يبعثرها ، لأنها تسيرُ وفقَ نبوءاتِ يوم القيامة ... جوعٌ متزايدٌ وتوترٌ قائمٌ من عدم وجود ما يكفي ، نسيرُ جنباً الى جنب مع طبيعتنا الجاهلة والغاشمة ، ودائماً نلتمس الاجابات لنكونَ خارجَ حدود الجهل ، نتأمل العالم المتحضر ، ربما بعد ذلك نتطور فكرياً واخلاقياً وربما نصلُ بعد ذلك الى بصيرةٍ أعظم وأبعدُ مما قد يتخيله أسلافنا ، والجهل يزداد فينا يوماً بعد يوم ... لكن وبعد كل ما سبق لا بد أن يكون هناك اناسٌ عقلاء إكتسبوا الشجاعة من العلم والعقل فقفزوا بنا الى ما هو أبعد لنرى بوضوح حقيقة ما يجري ... إذاً لا زال لدينا الكثير لنعرفه من هؤلاء وعلينا ان نعرف من نحن حتى لا يعترينا الجهل الذي تلبس بنا على مر العصور لندفعَ عقولنا الفضولية خارج حدود الجهل حتى نلمح أصل المكان والزمان .
فالأساطير والخرافات خرجت من وحي عدم المعرفة حينما كان الانسان لا يقدرُ أن يفهمَ شيئاً عن هذا الكون العظيم ... جاء العلم وكان هو من أخرجنا من الظلمة وفتح أعيننا على الحقيقة ، فأصبح التطور من الابسطِ الى الاعقد ومن الأدنى الى الارقى ... فنُسجت خرافات الدين فأصبحت أقوى من حقائق العلم .. أينبغي ان يُستخدم التعليم أو تشغيل العقل لتعزيز الجهل.... وهل خرافات الدين أقوى من حقائق العلم ؟
نحن في هذا الكون وجود .. وكل انسان موجود هو ما بين الحياة والموت .... إذاً وجدت فرصة بيئية ووسيلة جينية جعلت وجود المخلوقات فإتبعَ كل منا ديناً معين.... فظهرت الديانات الابراهيمية ... اليهودية والمسيحية ثم الإسلامية وفي الهند البوذية والهندوسية والزرادتشية فأصبحت الشعوب الإسلامية هي اكثر الشعوب تنوعاً ... سنيون وشيعه وزيدية واسماعيليه (والأثنا عشرية الصوفية) والنواصب فالجهمية والمعتزلة والبهائية والعلوية والاباضية والكيسائية .. وهناك اختلافٌ ايضاً بين المسلمين على المذاهب ، المذهب المالكي والشافعي والحنبلي والحنفي والجعفري وهناك السلفيين والوهابيين .. ولكن هناك من المسلمين منهم من يخوض في عالم المعرفة .. إعتمدَ على العقل لا النقل ومنهم من لا يؤمن الا بالنقل ، ولا يُشغلَ عقله بشيء مهما كانت الأسباب ، وممنوعٌ عليه أن يفكر او يسأل ، حاجزٌ إسمنتيٌ يصعُبُ إختراقه ... وكل مسلم مفكر او مسلم مثقف دينياً يُعتبرُ ملحداً ...فالحق أقول ، إذا نظرنا الى الإسلام فان النسبة الكبيرة مسالمون لا يميلون الى العنف اما الآخرون وهم نسبة تتعدى 20% هم مسلمون حركتهم من أجل دوافعَ سياسةٍ ، وليس من أجل الدين ... لكن النسبة الكبيرة للأسف الشديد وما أشدَ أسفي لا يؤمن إلا بما سمعَ.. دون أي معرفة أو علم .. أو حتى السؤال يخشاه ..
لذلك برزت أهمية هذا الدين ، وبدأ الصراع وبدأ الأخذ والشد وكأن الدين والعلم على خلاف وصراع والسبب في ذلك أن العلم قائم على العقل.
بعد كل ماحصلَ لنا ، لا زلنا كما كنا وكما نحن عليه الان دون تغيير يُذكر ... ولا زلنا نبحث عن أجوبةٍ مجهولةٍ ، فهي أجبرتنا على البحث ، فهي بالنسبة لجهلِنا مهمة ، وربما لا يمكن إكمالها بسبب هذا الحاجز المنيع حتى لو وصلنا الى جزء من الحقيقة ، فالحياةُ قصيرة ومليئة بالاحتمالات ... لكن يبقى الغموضُ يلازمنا في هذا العالم الصغير ، وتحت غطاء السماء ، لكن لا شيءَ أفضلَ من العقل ... وأبخسُ شيءٍ تحت غطاءِها أن تعتمدَ على النقل ... من هنا يجبُ أن ننطلقَ حتى نهزمَ كل الاحتمالات والفوضى المستقرة بداخلنا ... يمكن أن تكون الطريق مختلفة ووعرة ولكن في النهاية ستؤدي بنا الى حياة أفضل حتى نندمج في قصة واحدة لنزيل القديم لإفساحِ المجالِ لجيلٍ جديد ، عَرفَ الحقيقة وأدركها ، ولننهي كل شيء من ذاكرة الاحياء والاقبال على حياة جديدة فيها النور والامل والخلاص ، لننعُم بجمالٍ حقيقيٌ فيها ...فهي هديةٌ جميلةٌ من الله ، ومستعدون للموتِ في أي وقتٍ ، لأن الموتَ جزءٌ لا يتجزأُ من هذه الحياة .









التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. عرب ويهود ينددون بتصدير الأسلحة لإسرائيل في مظاهرات بلندن


.. إيهود باراك: إرسال نتنياهو فريق تفاوض لمجرد الاستماع سيفشل ص




.. التهديد بالنووي.. إيران تلوح بمراجعة فتوى خامنئي وإسرائيل تح


.. مباشر من المسجد النبوى.. اللهم حقق امانينا في هذه الساعة




.. عادل نعمان:الأسئلة الدينية بالعصر الحالي محرجة وثاقبة ويجب ا