الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الحرب التجارية الاميركية ضد روسيا والصين والعالم

جورج حداد

2018 / 9 / 18
العولمة وتطورات العالم المعاصر


إعداد: جورج حداد*

تؤكد اميركا اكثر فأكثر انها لا تستأهل الصفة التي كانت ـ ولا تزال بعض ابواقها ـ تتشدق بها وهي انها "زعيمة" ما كان يسمى "العالم الحر" وانها حصن للدمقراطية ونصير للحريات وحقوق الانسان والشعوب. ويبدو ذلك بوضوح من قراراتها الاخيرة بقطع المساعدات الانسانية عن منظمة "الاونروا" لغوث اللاجئين الفلسطينيين وعن المستشفيات الفلسطينية في الاراضي الفلسطينية المحتلة، وهي المساعدات التي كانت تستخدم من اجل استمالة قيادة منظمة التحرير الفلسطينية والسلطة الفلسطينية الاوسلوية ودفعها لخيانة الشعب الفلسطيني والتخلي عن حقوقه التاريخية المشروعة، والاستسلام والانضواء تحت لواء مخطط تهويد فلسطين، باسم "السلام!" وحق تقرير المصير للشعوب.
وتتكشف اميركا اكثر فأكثر انها دولة شوفينية وفاشية تتستر بالدمقراطية وتترجم زعامتها لـ"العالم الحر" بـ"حقها" في نهب شعوب ودول العالم دون حسيب ولا رقيب.
واليوم، وتحت شعار ترامب الهتلري "اميركا اولا!" تشن اميركا حربها التجارية، الضرائبية والعقوباتية، ضد روسيا والصين والاتحاد الاوروبي وتركيا ودول العالم اجمع، وفي تعارض تام مع الاعراف والقوانين والانظمة التجارية التي تقرها منظمة التجارة الدولية التي كانت اميركا ذاتها من اكبر مؤسسيها.
ومؤخرا قامت سلطة ترامب بفرض حزمة جديدة من العقوبات المالية والاقتصادية ضد روسيا بحجة مضحكة هي تدخل روسيا في الانتخابات الرئاسية الاميركية سنة 2016. اما كيف وكم ستؤثر هذه العقوبات على روسيا فتلك مسألة اخرى. وقد صرح وزير المالية الروسي انطون سيلوانوف ان هذه العقوبات هي مزعجة ولكنها غير مخيفة.
كما فرضت ادارة ترامب ضرائب جمركية اضافية بنسبة 25% على سلع صينية مستوردة الى اميركا بمبلغ اجمالي قدره 16 مليار دولار، وبذلك تبلغ قيمة الضرائب المفروضة على السلع الصينية منذ شهر تموز حتى الان 100 مليار دولار. وستشمل الضرائب لائحة من السلع الصينية على رأسها الموتوسيكلات ومقطورات السكك الحديدية والطوربينات البخارية. وسترد الصين بالمثل، وستشمل ضرائبها سلعا اميركية مثل الفحم الحجري والادوات الطبية والسيارات.
وقد وجهت واشنطن ضربتها اولا، على الرغم من ان البلدين كانا قد اتفقا على تجديد المباحثات بينهما لتسوية الخلافات التجارية. واستقبل نائب وزير المالية الاميركي دايفيد مالباس نظيره الصيني وانغ شوين. ولكن مصدرا اميركيا مطلعا صرح لوكالة Bloomberg انه لا يتوقع للقاء ان يسفر عن نتيجة ذات اهمية وانه سيتم الاكتفاء ببيان مشترك انه جرت مناقشة بناءة بين الطرفين. وكان الرئيس ترامب قد اجرى مقابلة مع رويترز قال فيها انه لا يتوقع الكثير من لقاء الرجلين.
وجاء في تقرير لمؤسسة Moody’s "ان التوتر التجاري بين البلدين سوف يشتد وانه على الارجح سوف يزداد هذه السنة وسيكون له تأثير سلبي على النمو الاقتصادي لعام 2019". وجاء في تحليل لهيئة تحرير الجريدة الصينية الشعبية Global Times ان المجتمع الصيني لا يتوقع ان يتوصل البلدان قريبا الى صفقة، من شأنها انهاء الخلاف التجاري بينهما.
وفي مقابلة مع إراية (قناة) CNBC علق وزير التجارة الاميركي اولبير روس على ذلك بالقول " اننا لن نستسلم بسهولة وسنرد بالعقوبات. وفي نهاية المطاف نحن لدينا امكانيات للرد اكبر من امكانياتهم وهم يعلمون ذلك. واقتصادنا هو اقوى من اقتصادهم وهم يعلمون ذلك ايضا".
وحسب مصادر لوكالة Bloomberg فبعد فشل المحادثات في حزيران الماضي اخذت وزارة التجارة الاميركية تعمل على وضع لائحة متطلبات جديدة تجاه الصين. ومن اولى متطلبات واشنطن العمل على تخفيض العجز التجاري الاميركي ـ الصيني البالغ 200 مليار دولار لصالح الصين، وكذلك ان تقوم الصين بتغيير سياستها التجارية القائمة على القواعد التجارية العالمية.
وعلق ناطق بلسان وزارة الخارجية الصينية على ذلك بالقول "نأمل ان تكون الولايات المتحدة مستعدة لاقامة تفاهم". وتؤكد الصين انها تحرص على تطبيق قواعد منظمة التجارة الدولية. وافاد مصدر من وزارة التجارة الصينية ان بكين سوف تتقدم بشكوى على الولايات المتحدة لدى منظمة التجارة العالمية بخصوص اللائحة الجديدة من الضرائب الجمركية الاميركية.
ومن جهة ثانية سوف يقدم البنك المركزي الصيني 149 مليار يوان (22 مليار دولار) لتمويل الشركات والبلديات. وسوف يعود البنك الى تطبيق سياسة التوسع المالي بصيغة قروض للبنوك التجارية كما نشرت جريدة Financial Times. وهذه الحقنة المالية هي تدخل آخر من قبل الدولة الصينية لتحفيز إقراض الشركات والسلطات المحلية.
وافادت المصادر المطلعة ان الدولة الصينية عازمة على العودة لتطبيق سياسة التوسع المالي لاجل دعم وتطوير الاقتصاد.
وتعتمد الدولة الصينية على عوامل اقتصادية عديدة من اهمها التحديث السريع للتكنولوجيا، الذي يواجه صعوبات بسبب الخلافات التجارية، وتأمين المقدمات الضرورية للنمو الاقتصادي الثابت. ووجود التمويل السريع ومنخفض الفائدة هو شرط ضروري لكل ذلك.
وفي المقلب الاخر يعلن الرئيس ترامب ان الولايات المتحدة يمكن ان تنسحب من منظمة التجارة العالمية. وهذا من شأنه ان يقوض احد اسس الاقتصاد العالمي المعاصر الذي سبق لاميركا ان ساهمت في ارسائه كما كتبت Reuters.
وقد علق على ذلك المدير العام للمنظمة التجارية العالمية روبرتو أزيفيدو الذي قال ان تهديدات الرئيس الاميركي هي تكرار لما سبق وقالته اميركا قبلا وليس فيها سببا جديدا للقلق ولا داعيا للهلع.
ولكن ترامب يقول امام Bloomberg ان (الاجانب) لا يتعاملون بعدل مع اميركا في التجارة العالمية، ومنظمة التجارة العالمية تسمح بذلك، و"اذا لم يتغيروا، سوف انسحب من المنظمة". كما حذر انه قد يتخذ اجراءات ضد المنظمة. ووصف المنظمة بأنها مصيبة وكارثة.
ــــــــــــــــــــــــــــــــ
*كاتب لبناني مستقل








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. وزير الخارجية التركي: يجب على العالم أن يتحرك لمنح الفلسطيني


.. غارات إسرائيلية تستهدف بلدتي عيتا الشعب وكفر كلا جنوبي لبنان




.. بلومبيرغ: إسرائيل طلبت من الولايات المتحدة المزيد من القذائف


.. التفجير الذي استهدف قاعدة -كالسو- التابعة للحشد تسبب في تدمي




.. رجل يضرم النار في نفسه خارج قاعة محاكمة ترمب في نيويورك