الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


صلاح الدين الأيوبي .. والتأسيس للدولة الكردية؟!! (4)

بير رستم
كاتب

(Pir Rustem)

2018 / 9 / 18
دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات







الدولة الأيوبية بديلاً عن الخلافة العباسية
إننا رأينا في الحلقة الماضية من بحثنا عن شخصية صلاح الدين الأيوبي، كيف قام بإرساء أسس وقواعد الدولة الأيوبية في مصر وذلك بعد إزالة ملك الفاطميين وحكمهم، لتكون له ولأبنائه وأقاربه مقاليد ومفاتيح الحكم في رقعة جغرافية امتدت إلى اليمن وفلسطين والحجاز، مما شكل خطراً على المركز دمشق وكيف جهّز الخليفة العباسي نور الدين زنكي جيشاً للذهاب إلى مصر للقضاء على هذه الدولة الوليدة، لكن حنكة وذكاء صلاح الدين الأيوبي وكذلك موت الخليفة "نور الدين" أفشل المخطط وبذلك قويت شوكة الدولة الأيوبية وقائدها صلاح الدين وخطط للاستيلاء على المركز دمشق حيث الحاضرة الأهم في مركز القرار السياسي وبذلك يكون قد استولى على كل الدولة الإسلامية تقريباً.. وتقول ويكيبيديا في ذلك؛ "كان نور الدين زنكي قد استخلف ولده الملك الصالح إسماعيل ذي الأحد عشر ربيعًا، أميرًا على دمشق، وبعد أن توفي نور الدين كان أمام صلاح الدين خياران أحلاهما مرّ:[64] إما أن يُهاجم الممالك الصليبية من مصر ويتركها مفتوحة وعرضة لهجمات بحرية أوروبية وبيزنطية، أو أن ينتظر حتى يستنجد به الملك الصالح خصوصًا وأنه ما زال صبيًا لا يستقل بالأمر ولا ينهض بأعباء الملك، كذلك كان أمام صلاح الدين خيار حاسم، وهو أن يدخل دمشق ويسيطر عليها ويتولى شؤون البلاد بنفسه، ويُحضرها لقتال الصليبيين، غير أنه تردد في إتيان الخيار الأخير، بما أنه قد يُنظر إليه حينها أنه قد شق عصا الطاعة ونكر المعروف والاحترام المتبادل والثقة التي منحه إياها نور الدين زنكي عندما ولاّه قيادة الجيوش بعد وفاة أسد الدين شيركوه، وساعده على تمكين منصبه في مصر، وعندها قد لا ينظر إليه الجنود والناس أنه جدير بقيادة جيش المسلمين. لذا فضّل صلاح الدين انتظار دعوة من الملك الصالح، أو أن ينذره بنفسه من احتمال تصاعد الخطر الصليبي على دمشق.[65]".

وتضيف الموسوعة وتقول: "واختلفت الأحوال بالشام، فنُقل الصالح إسماعيل إلى حلب وعُين سعد الدولة كمشتكين، أمير المدينة وكبير قدامى الجنود الزنكيين، وصيًا عليه حتى يبلغ أشدّه، وسرعان ما طمع كمشتكين بتوسيع رقعة نفوذه حتى تشمل باقي مدن الشام الداخلية والجزيرة الفراتية، وقرر فتح دمشق، فراسل أمير المدينة، شمس الدين بن المقدم سيف الدين غازي بن قطب الدين مودود أمير الموصل وابن عم الملك الصالح إسماعيل، طالبًا منه التدخل للمساعدة، لكنه رفض، فكاتب شمس الدين بن المقدم صلاح الدين،[66][67] فتجهز منمصر في جيش كثيف وترك بها من يحفظها وقصد دمشق مظهرًا أنه يتولى مصالح الملك الصالح. تكوّن جيش صلاح الدين من 700 خيّال، عبر بهم الكرك وصولاً إلىبصرى، وفي أثناء الطريق انضمت إلى الجيش جموع من الكرد والعرب من أمراء وأحرار وبدو "سيماهم في وجوههم" كما ورد على لسان صلاح الدين.[68] دخل الجيش دمشق في شهر ربيع الأول من عام 570 هـ، الموافق فيه شهر نوفمبر من سنة 1174م، وأول ما دخل صلاح الدين كان دار أبيه وهي الدار المعروفة بالشريف العقيقي، واجتمع الناس إليه وفرحوا به وأنفق في ذلك اليوم مالاً جليلاً وأظهر السرور بالدمشقيين، وصعد القلعة وتسلمها من نائب القلعة الطواشي جمال الدين ريحان بعد 4 أيام من وصوله.[66]". وهكذا وبدخوله لعاصمة الخلافة فاتحاً أو مستولياً عليها فقد أصبح هو الخليفة والسلطان الذي لا ينازعه أحد من المسلمين وبذلك باتت الدولة الأيوبية محل الخلافة العباسية وهذه نقطة جد مهمة وللأسف كل الباحثين يغفلونها بقصد أو سهواً حيث وبعد دخول القائد صلاح الدين دمشق انتهت الدولة العباسية واقعياً وأصبحت المرحلة أو الدولة الأيوبية، لكنها وللأسف لم تمتد بها العمر طويلاَ لتصبح هي الأخرى خلافة إسلامية بصبغتها الأيوبية الكردية.

إن ما نود التأكيد هنا بأن القول من الباحثين في التاريخ الإسلامي على أن الدولة الأيوبية كانت جزء من الخلافة العباسية هي صحيحة لفترة ما، لكن وبعد أن قوي شوكة الدولة الأيوبية في مصر وفلسطين واليمن والحجاز وبلاد الشام، باتت كياناً خاصاً مستقلاً تعرف باسم الدولة الأيوبية حيث وصل الأمر بالخليفة العباسي نور الدين زنكي لتجهيز الجيوش من أجل إعادة مصر وباقي الأمصار لسلطة الدولة والمركز العباسي، لكن وفاته ومناورة صلاح الدين السياسية أفشل الحملة، بل وتكللت مساعي السلطان صلاح الدين الأيوبي بالنصر التام مع دخوله إلى الشام وباقي مدن وأمصار بلاد الشام وبذلك تكون الخلافة العباسية فعلياً انتهت وباتت مرحلة وعصر جديد من الدولة الإسلامية وهي عصر الدولة الأيوبية حيث تقول الموسوعة الحرة بهذا الخصوص ما يلي: "استناب صلاح الدين أخاه سيف الإسلام طغتكين على دمشق قبل انطلاقه لضم باقي مدن الشام الداخلية التي استحالت مستقلة عن أي تبعيّة بحكم الأمر الواقع بعد وفاة نور الدين زنكي، فغنم حماة بسهولة، وعدل عن حصار مدينة حمص لمناعة أسوارها،[69] ثم حوّل أنظاره نحو حلب وهاجمها بعد أن رفض أميرها "كمشتكين" الخضوع،[70] وخرج الصالح إسماعيل إلى الناس وجعل يُخاطبهم ويحثهم ألاّ يسلموا المدينة إلى جيش غاز، وقد قال أحد المؤرخين الأيوبيين أن كلمات الصالح إسماعيل أمام الناس كانت "كأثر سحر ساحر" على السكان.[71]". وإننا نلاحظ كيف أن الخليفة العباسي "الصالح إسماعيل" ولد نور الدين زنكي يتفق مع "كمشتكين" لوقف زحف الجيش الأيوبي، بل يتآمران على قتل صلاح الدين مع أحد قادة الحشاشين حيث تقول الموسوعة بأن؛ " راسل كمشتكين شيخ الحشاشين المدعو رشيد الدين سنان، الذي كان على خلاف مع صلاح الدين ويمقته مقتًا شديدًا بعد أن أسقط الدولة الفاطمية، واتفق معه على أن يقتل صلاح الدين في قلب معسكره،[72] فأرسل كتيبة مكونة من ثلاثة عشر حشاشًا استطاعت التغلغل في المعسكر والتوجه نحو خيمة صلاح الدين، إلا أن أمرهم انفضح قبل أن يشرعوا بالهجوم، فقُتل أحدهم على يد أحد القادة، وصُرع الباقون أثناء محاولتهم الهرب.[71][73]".

طبعاً وفي هكذا ظروف من الفوضى وغياب الدولة وكثرة الإمارات والدويلات لا بد أن كل قائد يحاول أن يأخذ جزء من السلطة والنفوذ حيث تكثر الصراعات ويبقى الزعامة لمن يقدر أن يعيد النظام مجدداً لجسد الدولة والكيان السياسي وهنا كان لذكاء وحنكة وشخصية القائد التاريخي صلاح الدين دوراً كبيراً حيث وبعد أن أخذ دمشق المركز السياسي للخلافة فقد كثر الأقاويل والخصوم حوله؛ إن كانوا أعداء خارجيين أو داخليين حيث توضح الموسوعة هذا الجانب فتقول؛ " وفي أثناء ذلك، تحرّك ريموند الثالث صاحب طرابلس لمهاجمة حمص، وحشد جيشه بالقرب من النهر الكبير الجنوبي، على الحدود اللبنانية السورية الشمالية حاليًا، لكنه سرعان ما تراجع عن تحقيق هدفه، لمّا بلغه أن صلاح الدين قد أرسل فرقة عسكرية كبيرة مجهزة بالعتاد اللازم لتنضم إلى حامية المدينة.[67][74] وفي غضون هذا الوقت كان أعداء صلاح الدين في الشام والجزيرة الفراتية يطلقون حملات مضادة له ويهجونه كلّما سنحت الفرصة، فقالوا أنه نسي أصله، فهو ليس سوى خادم للملك العادل نور الدين زنكي، بل خادم ناكر للمعروف لا يؤتمن على شيء، خان سيده ومولاه ونفى ولده من بلاد أبيه إلى بلاد أخرى، وجعل يُحاصرها بعد ذلك. فردّ صلاح الدين على تلك الحملات الشرسة قائلاً أنه لم يُحاصر حلب ولم يحضر إلى الشام منذ البداية إلا لحماية دار الإسلام والمسلمين من الجيوش الصليبية، وليستعيد ما سُلب من الأراضي المقدسة، وإن هذه مهمة لا يمكن أن يتولاها صبي لم يبلغ أشدّه بعد، ويسهل التلاعب به من قبل أصحاب النفوس الخبيثة. وليُطمئن الناس أكثر، سار صلاح الدين على رأس جيشه إلى حماة ليُقاتل فرقة صليبية أُرسلت لفتح المدينة، إلا أن الصليبيين انسحبوا قبل اللقاء بعد أن بلغهم حجم الجيش الأيوبي،[74] فدخل صلاح الدين المدينة بسهولة، وتسلّم قلعتها في شهر مارس من سنة 1175م، بعد مقاومة عنيفة من حاميتها.[75]".


وتضيف الموسوعة كذلك؛ "بعد هذه الأحداث، علم سيف الدين غازي بن قطب الدين مودود بن عماد الدين زنكي صاحب الموصل أن صلاح الدين قد استفحل أمره وعظم شأنه، وخاف إن غفل عنه استحوذ على البلاد واستقرت قدمه في الملك وتعدى الأمر إليه، فأنفذ عسكرًا وافرًا وجيشًا عظيمًا وقدّم عليه أخاه عز الدين مسعود بن قطب الدين مودود وساروا يريدون لقاءه ليردوه عن البلاد،[11] فلما بلغ صلاح الدين ذلك فك الحصار عن حلب في مستهل رجب من السنة عائدًا إلى حماة استعدادًا للقائهم. وعندما وصل عز الدين مسعود إلى حلب، انضم إلى جيشه عسكر ابن عمه الملك الصالح إسماعيل بن نور الدين، وخرجوا في جمع عظيم، فلما عرف صلاح الدين بمسيرهم سار حتى وافاهم على قرون حماة وراسلهم وراسلوه واجتهد أن يصالحوه فما صالحوه، ورأوا أن ضرب المصاف معه ربما نالوا به غرضهم،[11] والتقى الجمعان عند قرون حماة بقرب نهر العاصي، ووقعت بينهما معركة عظيمة هزم فيها الزنكيون على يد صلاح الدين، وأُسرت جماعة منهم، وذلك في التاسع عشر من شهر رمضان من سنة 570 هـ،[67] الموافقة في 23 أبريل من سنة 1175 م، ثم سار صلاح الدين عقيب انتصاره ونزل على حلب مرة أخرى، فصالحه الزنكيون على أخذ معرة النعمان وكفر طاب وبارين.[76]". وبذلك فقد تم القضاء بشكل شبه تام على الدولة العباسية لتكون مرحلة الدولة الأيوبية الكردية ويـ(علن صلاح الدين نفسه ملكًا على البلاد التي افتتحها بعد انتصاره على الزنكيين، وخطب له أئمة المساجد يوم الجمعة باسم "الملك الناصر"، وضُربت الدنانير الذهبية في القاهرة باسمه، وعضّد مُلكه بالزواج من أرملة نور الدين زنكي المدعوة عصمة الدين خاتون. وسرعان ما أصبحت سيادة صلاح الدين على البلاد سيادة مشروعة عندما أسند الخليفة العباسي في بغداد إليه السلطة على مصر والمغرب الأدنى والنوبة والحجاز و تهامة وفلسطين وسوريا الوسطى،[51] وخلع عليه لقب "سلطان مصر والشام".[77]). وإنني أشك في قضية "إسناد السلطة" له من قبل "الخليفة العباسي في بغداد"، بل أرفض تلك القراءة تماماً حيث المنتصر لا ينتظر "إسناد السلطة" من المهزوم، إلا إذا فهمناه في سياق أن السلطان صلاح الدين استخدم هذا "التكليف" كنوع من الدهاء السياسي لكي لا يزيد من خصومه حيث كانت بغداد والخلفاء العباسيين هم من يملكون الشرعية بحكم الوراثة وبالتالي فهو استخدمهم كما كان حال الفاتيكان مع الزعماء والقادة الصليبيين.

وإن كان هناك من يشك في قراءتنا واستنتاجنا السابق فإننا نحيله للفقرة السابقة والتي تقول بأن؛ ((اعلن صلاح الدين نفسه ملكًا على البلاد التي افتتحها بعد انتصاره على الزنكيين، وخطب له أئمة المساجد يوم الجمعة باسم "الملك الناصر"، وضُربت الدنانير الذهبية في القاهرة باسمه، وعضّد مُلكه بالزواج من أرملة نور الدين زنكي المدعوة عصمة الدين خاتون. وسرعان ما أصبحت سيادة صلاح الدين على البلاد سيادة مشروعة عندما أسند الخليفة العباسي في بغداد إليه السلطة على مصر والمغرب الأدنى والنوبة والحجاز و تهامة وفلسطين وسوريا الوسطى،[51] وخلع عليه لقب "سلطان مصر والشام".[77])) حيث الأتباع لا يعلنون أنفسهم ملوكاً، بل يتم تعيينهم أمراء من قبل الخلفاء والسلاطين والملوك، كما أن التابع لا يحق له أن "يخطب له الأئمة باسمه" أو "يضرب النقود والدنانير باسمه"، بل و"يعقد قرانه على أرملة الخليفة الذي سبقه؛ أي أرملة الخليفة نور الدين الزنكي". وهكذا فإن كل ما سبق يؤكد ما ذهبنا إليه بأن المرحلة أو الخلافة العباسية انتهت وبدأ عصر الدولة والخلافة الأيوبية بدليل أن حكم الدولة الأيوبية شملت مساحات وأمصار وبلدان فاقت بكثير مما بقي لوريث الخلافة العباسية في بغداد حيث تلك المصادر تؤكد بأن السلطان صلاح الدين الأيوبي بات يحكم ويبسط سيادته وسيطرته على كل البلاد التالية: "مصر والمغرب الأدنى والنوبة والحجاز و تهامة وفلسطين وسوريا الوسطى" وليس صحيحاً بأن الخليفة العباسي في بغداد هو الذي أوكل أو أسند حكم تلك البلدان لصلاح الدين الأيوبي حيث رأينا كيف إنه حاول مع ابن عمه وريث نور الدين الزنكي بالقضاء على الدولة الأيوبية، لكنهم هزموا عند حماة وبذلك انتهت الخلافة العباسية وكانت مرحلة الدولة الأيوبية والتي لو كتب لها الاستمرار بعد هذا القائد التاريخي الفذ لكانت غيرّت الكثير من صفحات التاريخ والواقع الجيوسياسي للمنطقة والعالم ولكانت اليوم كردستان إحدى أهم دول المنطقة وذلك بدل تركيا وريثة الخلافة العثمانية حيث كنا رأينا كردستان وريثة للدولة والخلافة الأيوبية.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. موريتانيا - مالي: علاقات على صفيح ساخن؟ • فرانس 24 / FRANCE


.. المغرب - إسبانيا: لماذا أعيد فتح التحقيق في قضية بيغاسوس للت




.. قطر تؤكد بقاء حماس في الدوحة | #غرفة_الأخبار


.. إسرائيل تكثف القصف بعد 200 يوم من الحرب | #غرفة_الأخبار




.. العرب الأميركيون مستاؤون من إقرار مجلس النواب حزمة مساعدات ج