الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ليس إسلاميًا فقط

فريدة النقاش

2018 / 9 / 19
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


قضية للمناقشة: ليس إسلاميًا فقط


لعل الدفاع المستميت للدوائر المتنفذة فى السياسة الأمريكية والأوروبية عن الجماعات الأصولية المسلحة فى سوريا، وفى كل من مصر وليبيا أن يبين لنا كيف أن مثل هذه الجماعات هي فى الأساس صناعة مخابراتية دون أن نتجاهل حقيقة اعتمادها فى الانتشار الواسع على الأوضاع المزرية اقتصاديا وسياسيا فى البلدان التي تمددت فيها.
ويتكشف لنا كل يوم ان تأسيس مثل هذه الجماعات وتمويلها هو ركيزة اساسية للاستراتيجية الامبريالية لتمزيق البلدان، وتفتيت الشعوب على أسس دينية وطائفية وحتي إثنية، وقد انتشرت مثل هذه الجماعات فى كل الديانات دون استثناء.
ومع موجة التطرف الديني يشهد عصرنا كثرة الخلط بين الدين والفقه حتي أن كثرة الخلط بين الدين والفقه، حتي أن اقوال بعض الفقهاء المسلمين على نحو خاص وكتاباتهم اصبحت مقدسة او تكاد، وباتت كأنها بحاجة الي جهاز تأويل قوي لكي تتلاءم مع تغير الزمان والمكان والعلاقات الانسانية، لان الفقهاء الاربعة على نحو خاص “ابو حنيفة” و”ابن حنبل” و”المالكي” و”الشافعي” أصبحوا فى عداد الأنبياء والرسل، قولهم ليس من عندهم وانما من عند الله ولا تجوز مناقشته، كما يظن الكثير من عامة المسلمين وتستفيد الموجة الدينية اليمينية من هذا الخلط، وليس الاسلام هو الدين الوحيد الذي ولدت من داخله أفكار التطرف والعنف وتحولت إلى منظمات جهادية على شاكلة القاعدة اذ تشهد المسيحية نمو ظاهرة المسيحية الصهيونية التي تتضمن نفيا لجدارة وانسانية كل البشر الآخرين، وتنهض على رؤية خرافية تتأسس عليها حركة المحافظين الجدد وهم الملهمون السياسيون للرئيس الأمريكي الأسبق.. جورج بوش الذين صكوا له مصطلح محور الشر والحرب الصليبية، وهمسوا له بضرورة شن الحرب على العراق، ومن قبل احتلال افغانستان ويحرضونه الآن ضد سوريا وإيران وفنزويلا.. لارواء العطش الأمريكي للنفط تحت رايات دينية، اما العراب الروحي لهذه الفرقة البريطاني برنارد لويس الذي مات مؤخرا فهو واحد من أكبر المتخصصين فى الاسلام والمؤرخين له. اي أن حركتهم تنهل من منابع دينية متعددة ولكنها ترتبط ارتباطا وثيقا بالعنصرية الصهيونية وبالمشروع الجهنمي التوسعي الإسرائيلي- الأمريكي. وفى إسرائيل هناك مدرسة “بشيفات مركازمراف” التي هاجمها مسلحون فلسطينيون فى القدس الغربية قبل أسابيع وهي مرتع للتطرف الديني الصهيوني، كما أنها مهد الحركة الاستيطانية، والي جانب تخريجها سلسلة طويلة من دعاة العنف وممارسيه فقد انبثقت منها حركة “جوش ايمونيم” وهي حركة مؤلفة من قطاع الطرق المسلحين الإسرائيليين الذين يسرقون الاراضي الفلسطينية ويقتلعون أشجار الزيتون، ويضعون اليد على قلب المدن العربية، ويجعلون حياة الفلسطينيين حياة بائسة فى الاراضي المحتلة.. كما يصفهم الكاتب البريطاني باتريك سيل، وفى كل من الهندوسية والبوذية فرق متطرفة كثيرة ويتميز الاسلام بانه انتج علما خاصا به هو علم الفقه، الذي راكم تراثا هائلا على امتداد السنين، وانشغل دارسو الاسلام بالبحث عن سر السلطة التي اكتسبها الفقهاء، جنبا الي جنب سر الثبات والاستمرار للمذاهب الفقهية عبر العصور، وطالما قطع هذا الثبات الطريق على حركة الاصلاح الديني وهمشها استنادا الي الفقه الذي بات مقدسا وحيث تمتعت المذاهب الاربعة بالصدارة فى التفكير والممارسة الاسلاميين عبر ما يزيد على عشرة قرون، ورغم ان النص القرآني يتضمن أسسا يمكن الاعتماد عليها لبناء “العلمانية” كما حدث فى ماليزيا على سبيل المثال اي فصل الدين عن السياسة وعن الدولة لا عن الحياة، والتماس حلول واقعية للقضايا عبر إعمال العقل فإن صمود الفقه وتحوله إلى نص مواز عطل هذه المسيرة، ومن الثبات على وجه اليقين انه لا وجود لحد الردة فى القرآن الكريم، ولكن الإمام “الشافعي”، ولأسباب تخص عصره رأي أن علة الجهاد هي الشرك وأدي تقديس “الشافعي” الي ملاحقات متواصلة عبر تاريخ المسلمين للمفكرين الاحرار واتهامهم بالشرك والكفر، وصولا الي قتل بعضهم ومصادرة أفكار الآخرين وإحراق الكتب والنفى من الاوطان.. ولم يقدس هؤلاء المفكرون الاحرار الفقه، واستفادوا من علوم عصرهم تماما كما فعل الفقهاء القدامي، وتابعوا تطور مناهج العلم وادواته ونتائجه فى شتي الميادين بما فى ذلك علم الأديان المقارن الذي يتطور تطورا مذهلا، وفات العالم الاسلامي فى معظمه الاستفادة من هذا الغني والتنوع فى دراسة الاديان لأنه غرق فى صموده وثباته لاسباب يطول شرحها، وأخذ يقدس فقهاء عاشوا وانتجوا اعمالهم قبل ما يزيد على الف عام فضلا عن أنهم بشر فحسب، وتابعنا مؤخرا ما حدث للجماعة التي تسمي نفسها بالقرآنيين، وهم باحثون مؤمنون معاصرون فى علوم القرآن، يرون أنه هو المصدر الوحيد الذي يعتد به فى معرفة الدين الإسلامي لأن السنة النبوية والأحاديث الشريفة كان قد جري تدوينها بعد موت الرسول بقرنين من الزمان وأنتج الفكر الإسلامي عشرات الكتب عن الأحاديث المنحولة والموضوعة.. وقد تعرضوا للمحاكمة والحبس. القرآن إذن يختلف عن الفقه وهي الفكرة البسيطة التي يحرص أصحاب المصالح على طمسها ليسهل لهم السيطرة على الوعي العام وقيادته فى اتجاه مصالحهم.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - المحافظين العرب
طارق المصرى ( 2018 / 9 / 19 - 10:28 )
السيدة الأستاذة/ فريدة النقاش
سلام وتحية
مقالاً جيداً أوضح الحقيقة التى طالما يتجاهلها بعض المثقفين، لكنى أو د معرفة المحافظين العرب الجدد الذين يسيطرون على دهاليز صناعة القرارر فى الدول العربية وخاصة مصر، إذ أننى أرى تراجعاً حاداً لدور المثقفين فى مصر وأمتلك مكانهم رجال يقودون ثقافة المحافظين الدينية الأسلامية، والمشهد المصرى الطائفى يشهد على خطورة إمتلاك هؤلاء المحافظين الإسلاميين للكثير من مؤسسات الدولة بأوامر من عبد الفتاح السيسى الذى تنازل عن دوره الرئاسى لصالحهم حتى يخلقوا توازن دينى وطائفى يعطيه الوقت لتحقيق مشارعه الأقتصادية سواء عسكرياً أو إجتماعياً.
إلى متى يخاف المثقفين ويختبئون وراء عباءة الإسلام بل وينتصرون بسكوتهم للإسلام بقتل أو هدم أو منع صلاة الآخر بحرية؟
فى أنتظار مقالك عن هؤلاء الفئران الجدد من المصريين الذين يخربون محاولات إقامة مصر الحضارية على أسس مصرية.
ولك الشكر.

اخر الافلام

.. إيهود باراك: إرسال نتنياهو فريق تفاوض لمجرد الاستماع سيفشل ص


.. التهديد بالنووي.. إيران تلوح بمراجعة فتوى خامنئي وإسرائيل تح




.. مباشر من المسجد النبوى.. اللهم حقق امانينا في هذه الساعة


.. عادل نعمان:الأسئلة الدينية بالعصر الحالي محرجة وثاقبة ويجب ا




.. كل يوم - الكاتب عادل نعمان: مش عاوزين إجابة تليفزيونية على س