الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


قسوة التاريخ وفشل سلطة الإسلام السياسي في العراق

شاكر الناصري

2018 / 9 / 19
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


حين تحاصرك الفضائح، ولا تمتلك ما تتستر به على فشلك وفسادك وعجزك وانحطاط مشروعك السياسي، يمكنك استقدام التاريخ، التاريخ في أبشع صوره، واستغل صورة أو واقعة منه، حملها كلّ وقائع الظلم الأسود والدموي وتاجر بها، حولها إلى مصدر لكل المآسي التي تعتقد انها حلت بك، أو بمن تحتكر تمثيلهم الآن، عندها ستنجح في تجاوز محنتك، أو فضائحك..

ولأنّنا نعيش في عراق يدار بقوة الفساد وصدفة القدر البغيض، فإنّ هذه السردية، الواردة في أعلاه، تعمل الان وبكل قوتها وزخمها، رغم كل وقائع حياة أهلنا وناسنا في العراق، وهزال الدولة وفشلها، بل وتحولها إلى مجرد قوة بائسة لايمكنها أن تكون أعلى، أو أقوى من حزب ومليشيا مسلحة ومؤسسة دينيّة. تلك السردية التي تتماهى تماماً مع نهج قوى الإسلام السياسي الشيعي الحاكم في العراق الذي يستغل مأساوية الوقائع التاريخية وتحويلها إلى رافعة للاستئثار بالسلطة والغرق في متاهات الطائفية وانتهاك قيم المواطنة والحقوق المشروعة للإنسان.

مَن شاهد جلسة مجلس النواب العراقي واستمع إلى خطاب النائب عن كتلة الفضيلة، عمار طعمة، ومحاولته البائسة لاستحضار التاريخ الدموي فيما يخص بغداد وهارون الرشيد، سيعرف انها محاولة من محاولات الإسلام السياسيّ الشيعي للمتاجرة بوقائع التاريخ وحوادثه الدمويّة وتصديرها إلى عالم اليوم وتحويلها إلى مصدر رعب أو ظلم تاريخي يحيق بشيعة العراق!!

الأصل، ان محاولة عمار طعمة لم تأتي من فراغ، بل هي تمرين يومي تمارسه قوى الإسلام السياسي الشيعي للمتاجرة بالتاريخ واستغلال لحظاته ووقائعه الدموية في عالم اليوم، تماماً، مثلما يحدث مع واقعة كربلاء والاستثمار السياسي والطائفي الذي تقوم به القوى المذكورة لهذه الواقعة..

لم تكن بغداد عاصمة لأحد، بل هي مدينة ولدت من رحم التاريخ وسيرورته، دولة قوية تحكم أرجاء العالم، فتبني لها عاصمة ومركز للحكم، فتولد بغداد، دولة تحكمها قواعد ذلك الزمان، بعنفه وقسوته وسطوة الحكام والسلاطين وقوانين السلطة وحركة التجارة والفتوحات والصراعات والحروب الوحشية والدموية بين الامبراطوريات السائدة آنذاك.

التاريخ نفسه يخبرنا ان مئات الآلاف من الأشخاص قتلوا وتم التمثيل بجثثهم، خوزقة وحرقاً وتمثيلاً بالجثث، تلك الجرائم تنبع من قوانين الوضع السائد آنذاك وقسوة الحاكم وبطشه من أجل الحفاظ على ملكه ودولته.

إنّ من حقنا أن نسأل النائب عمار طمعة، ما الذي قدمتموه لبغداد، أي مكانة تحتل في عرفكم ونهجكم؟؟ ألا تكفي كل هذه الخرائب والتدمير الممنهج الذي تمارسونه وتشرفون عليه كل يوم، ألا تكفي فضائح الفساد والتلاعب البغيض بحياة العراقيين ومصيرهم وتحولهم إلى أشباح تنتظر العطف وفرص العمل والماء الصالح للاستخدام البشري للتدليل على مدى اهمالكم وتجاهلكم، بل واستخفافكم ببغداد وما تعنيه من رمزية حضارية وتاريخية؟؟

إنّها مدينة كتب عليها أن تكون عاصمة العراق، ومثلما كانت عاصمة الخلافة العباسية وهارون الرشيد، صارت عاصمة صدام حسين، فكانت، مثل العراق، كبيرة عليه فلم يتمكن من حكمها واخضاعها رغم كل الجرائم الدموية والاستبدادية التي ارتكبها بحق العراق والعراقيين، فسلمها لمن جاء من بعده، بفعل الاحتلال والحرب، خرائب وانقاض.

لن ينجو أحد من حكم التاريخ. ومثلما تحملون هارون الرشيد وصدام حسين وكل حكام العراق الذين سبقوكم، هذا التاريخ الطويل من الظلم والمآسي، فإنّ التاريخ سيحاكمكم وسيبرز وقائع ما ارتكبتموه بحق بغداد والعراق عموماً..
لم تتمكنوا من تقديم صورة مختلفة عن الحكام الذين سبقوكم، بل كنتم نسخة مشوهة ومرعبة عنهم، فسادكم وطائفيتكم وصمة عار كبرى في تاريخ العراق، مثلما كان صدام حسين وكل طغاة العراق وحكامه وصمة عار أيضا...








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. المقاومة الإسلامية في العراق تعلن استهدافها هدفا حيويا بإيلا


.. تونس.. ا?لغاء الاحتفالات السنوية في كنيس الغريبة اليهودي بجز




.. اليهود الا?يرانيون في ا?سراي?يل.. بين الحنين والغضب


.. مزارع يتسلق سور المسجد ليتمايل مع المديح في احتفال مولد شبل




.. بين الحنين والغضب...اليهود الإيرانيون في إسرائيل يشعرون بالت