الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


سعد سوسه سلمان

حياةالبير كامو ج 2

2018 / 9 / 20
الادب والفن


إلا أن كل تلك المواقف لن تشفع له موقفه من الجزائر البلد التي ولد كامو ونشأ على أرضها ، إذ إن موقفه لم يكن موقفاً محدداً من القضية الجزائرية ، فعلى الرغم من أنه كان يندد بالسياسة ألاستعمارية التي تتبعها فرنسا ضد الجزائرين المسلمين الذين يطالب بمساواتهم مع الفرنسيين ومنحهم الحقوق نفسها كونهم أهل البلاد ألاصليين ، وعلى الرغم من دعوته لأقامة ( الهدنة المدنية ) وتحقيق الصلح المدني بين الفرنسيين والجزائريين عام 1956 ، على الرغم من كل ذلك فان البير كامو لم يتخذ موقفاً حاسماً من الاستعمار الفرنسي بل أنه كان يريد أن يظل قدر الجزائر قدراً فرنسياً لأنه كان يخشى لو أعطى الشعب الجزائري حريته ، أن يصاب ببؤس عظيم ، وأن يؤدي ذلك الى انغلاق الجزائر على عصبيتها ، بدلا من إنفتاحها على أوربا000 وليس لنا بالتأكيد أن نبرر مثل هذا الموقف ، لانه مستوحى من منطق أستعماري كان الفكر يربأ بكامو أن يستعين به 0 فدعوة كامو الى فرنسة الجزائر التي كان يجب أن يكون ولاؤه الاول والاخير لها هو موقف يحسب ضده بالتأكيد لأنه يهدم كل ما نادى به من حرية وعدالة للانسانية جمعاء ، ولأننا لانريد أن ننحاز الى البير كامو ، ولأن هدف البحث ايضاً يقتضي الكشف عن سلبيات الموضوع وايجابياته ، لهذا نجد أن ألامانة تقتضي بيان ما لكامو وما عليه0 وقد كان موقفه هذا يعلن عن فرنسيته بصورة صريحة على الرغم من حبه للجزائر ولشعبها ذلك الحب الذي أعلنه في كل كتاباته ولم يتراجع عنه الى اخر حياته0
كذلك عمل كامو في دار النشر الشهيرة جاليمار التي كان يديرها " ميشيل جاليمار" والتي نشرت فيما بعد عدداً من الكتب التي كان لها الفضل في شهرته كالغريب واسطورة سيزيف ، وفي 17 تشرين الاول عام 1957 حاز كامو على جائزة نوبل وهو في الرابعة والاربعين من عمره ، وقد جاءه نبأ الفوز خلال انهماكه في إعداد مسرحية ( الممسوسون ) عن رواية لديستوفسكي وفي كتابة المسودة الاولى لروايته (الانسان الاول) تلك الرواية التي لم تر النور بسبب وفاته 0
إلا أن مسيرة العبث التي كان قد بدأها كامو أنتهت الى نقطتها الاخيرة من دون تمرد أو ثورة فكانت النهاية بعد ظهر يوم الرابع من كانون الثاني عام 1960 حين أصطدمت السيارة التي كان يقلها كامو مع الناشر جاليمار متوجهاً الى باريس بشجرة كبيرة قسمتها الى نصفين فأنهت بذلك حياة البير كامو، وعندما فتشوا عن هويات المتوفين وجدوا في جيبه تذكرة سفر بالسكة الحديدية لم يستعملها صاحبها ، كما قرأوا في بطاقته هذه الكلمات " البير كامو ، كاتب ، ولد في نوفمبر 1913 في موندوفى ، ولاية قسطنطينية " 0 وفي صبيحة اليوم الثاني نقل جثمانه الى لورماران وهي قرية في ليبرون كان قد إتخذها مكاناً للعمل وملاذاً للصداقة وهناك يرقد الان تحت ظل شجرة سرو في هدوء الهضاب 0 وكأن كامو بميتته تلك لم يستطع الفرار من القدر العابث الذي تحداه كثيراً فكان له بالمرصاد ، وقد ترك موته أثراً مؤسياً في نفوس قرائه ومحبيه فكان وقع الخبر مدوياً في اوساط كل المثقفين في العالم 0
إن المتتبع لحياة كامو تلك لابد من أن يقف فيها على الكثير من المتناقضات والصراعات والمعاناة التي أثرت بصورة واضحة في تفكيره وشكلت ملامح فلسفته العابثة المتمردة0 فلا يمكن أن يغفل عن ذلك التخبط الذي عاناه كامو وعدم الاستقرار الذي عاشه وعن دور كل ذلك في تكوين ذاته وتركيب شخصيته وانعكاسه بصورة أو بأخرى على أعماله ومؤلفاته ، فالقلق والتمزق ، ونزاعات العصر وحروبه ، ومعاناة الفقر والمرض وشدة وطئته ، والشعور بالتذبذب وعدم الاستقرار سواء من خلال أصله أو طبقته أو مواطنته أو توجهه السياسي فيما بعد ، وفوق كل ذلك الخوف من الموت وانتهاء الحياة ، هي تحديات قد أدت دورها في تكوين أفكاره وفلسفته عن الانسان ووجوده وعبث ذلك الوجود مثلما كان يرى مما أدى به الى التمرد00 التمرد على التاريخ وعلى الدولة وعلى الصراع الطبقي ، فكان له بذلك عبثه الخاص الذي عايشه بفعل تجربته ولم يتبناه بوصفه فكرة جاهزة مرسومة0

اعمال البير كامو ومؤلفاته
1936 مسرحية ثورة في جبال الاستوريا ( تمرد الاستوري) – شارلو- الجزائر
1937 وجها الحياة (الوجه والقفا ) – شارلو – الجزائر
1938 الموت السعيد ( رواية لم تنشر الا بعد وفاته)
اعراس – شارلو- الجزائر
1942 الغريب – غاليمار
اسطورة سيزيف – غاليمار
1944 سوء التفاهم – غاليمار
كاليجولا – غاليمار
مقدمة كتاب ( حكم ونوادر ) لشانتور – بوان دي جور
1945 رسائل الى صديق الماني – غاليمار
1947 الطاعون – غاليمار
1948 الحصار – غاليمار
1950 محليات ، الجزء الاول : مقالات من 1944-1948-غاليمار
العادلون – غاليمار
1951 الانسان المتمرد- غاليمار
1953 محليات ، الجزء الثاني : مقالات من1948-1953-غاليمار
التبتل للصليب ، عن كالديرون – غاليمار
الارواح ، عن بيار دي بواديفر – غاليمار
1954 الصيف – غاليمار
المرأة الزانية – طبعة الامبراطورية – الجزائر
1955 الفن – دويتول
حالة طارئة ، عن دينو بوزايتي
مقدمة لمؤلفات – مارتان دي غار الكاملة ، ( لابلياد)-غاليمار
156 السقطة – غاليمار
صلاة الى بتول أو ( جناز لراهبة ) عن فوكنر – غاليمار
1957 جائزة نوبل في ألاداب
فارس أو لميدو ، عن لوب دي فيغا –غاليمار
المنفى والملكوت – غاليمار
1958 خطاب من السويد – غاليمار
محليات : الجزء الثالث مقالات من 1939 –1958 – غاليمار
1959 الممسوسون ، عن ديستويفسكي ، غاليمار
1960 4 كانون الثاني ، موت البير كامو
(الموت السعيد ) رواية لم تنشر الا بعد موته


المصادر
- تود ، اوليفر ، كامو البطل الاستثنائي ، ترجمة محاسن عبد القادر، مقال ، مجلة الموقف الثقافي ، العدد 5 ، 1996 ، ص138 0
- الحفني ، عبد المنعم ، البير كامى ، الدار المصرية ، القاهرة ، 1963 ، ص26 0
- مغامس ، د0 زهير مجيد ، ما الذي يتبقى من البير كامى ؟ ، مقال – مجلة آفاق عربية ، العدد 6 ، 1990 ، ص116 0
- رولو ، تشارلز ، البير كامو الرجل الطيب ، ترجمة ماهر البطوطي ، مقال ، مجلة الاداب البيروتية ، العدد2 ، 1963 ، ص 45 0
- مكاوي ، د0 عبد الغفار ، البير كامى محاولة لدراسة فكره الفلسفي ، دار المعارف ، مصر ، 1964 ، ص 13 - بدوي ، عبد الرحمن ، دراسات في الفلسفة الوجودية ، مكتبة النهضة المصرية، القاهرة ، 1961 0ص125
- كامو ، البير ، المقصلة ، ترجمة جورج طرابيشي ، منشورات دار مكتبة الحياة ، بيروت ، ط3 ، 1979 ، ص38 0
- برويزير ، موريس ، الكاتب والرواية ، دراسة ضمن رواية الغريب لالبير كامو ، ترجمة فوزي عطوي ونديم مرعشلي ، الشركة اللبنانية للكتاب ، بيروت،بدون سنة ، ص151
- كامو، البير، كاليجولا، ترجمةعلي عطية رزق ، الدار القومية للطباعة والنشر ، القاهرة ، 1966 ، ص 18
- سعد الدين ، كاظم ، شخصية العربي في أدب البير كامو ، الجزء الاول ، مجلة الموقف الثقافي ، العدد 8 ، 1997 ، ص 89 0
- أدريس ،د0 سهيل ، كامو والتمزق ، مقال مجلة الاداب البيروتية ، العدد 2 ، 1960 ، ص 11 0








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الصدمة علي وجوه الجميع.. حضور فني لافت في جنازة الفنان صلاح


.. السقا وحلمى ومنى زكي أول الحضور لجنازة الفنان الراحل صلاح ال




.. من مسقط رأس الفنان الراحل صلاح السعدني .. هنا كان بيجي مخصوص


.. اللحظات الأخيرة قبل وفاة الفنان صلاح السعدني من أمام منزله..




.. وفاة الفنان المصري القدير صلاح السعدني عن 81 عاما