الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


حول مقولة إخلاص الدروز للدولة

مهدي سعد

2018 / 9 / 21
مواضيع وابحاث سياسية


تنتشر في أوساط الطائفة الدرزية في إسرائيل مقولة تفيد بأن "الدروز مخلصون للدولة التي يعيشون فيها"، وهي مقولة يكررها العامة بدون التحقق من صحتها ومعرفة الحقيقة التي تقف خلفها، ولقد اعتمدها الكتاب الدروز الموالين للسلطة في أدبياتهم من أجل تبرير انخراط أبناء الطائفة في المنظومة السياسية والعسكرية الإسرائيلية، مع العلم أن هذه الفكرة لا ترتكز على مستند ديني وعقائدي بل هي من اختراع المؤسسة الإسرائيلية وأعوانها.

لكي نعرف حقيقة هذه المقولة نحن بحاجة للعودة إلى السنوات الأولى التي تلت نكبة شعبنا الفلسطيني وقيام دولة إسرائيل، ففي تلك الفترة عملت المؤسسة الإسرائيلية على خلق رواية تاريخية تتلاءم مع طبيعة سياستها تجاه الطائفة الدرزية، فتم إصدار عدد من المؤلفات والأبحاث التي تحتوي على معلومات تاريخية مزيفة تخدم الأفكار التي تسعى السلطة لترويجها.

وادعى القائمون على تلك الأبحاث أن الدروز كانوا طوال تاريخهم موالين للسلطة الحاكمة، وأنهم وقفوا دائمًا إلى جانب الطرف الأقوى في الصراعات التي مرت على المنطقة، والأخطر من ذلك هو نسب هذه الفكرة إلى العقيدة الدينية الدرزية والادعاء بأن المذهب التوحيدي يدعو إلى موالاة نظام الحكم الذي يعيش الدروز تحت سيطرته.

وفي هذا السياق، لا بد من التأكيد على أن هذه المقولة عارية عن الصحة ولا تمت بصلة لتعاليم مذهبنا التوحيدي، ولا يوجد في تراثنا الروحي وإرثنا الديني ما يساند هذا الادعاء الباطل، أضف إلى ذلك أن تاريخنا المجيد حافل بمقارعة الاستعمار والقوى الغاشمة التي بسطت سيطرتها على بلاد الشام، ولقد قدم الدروز أعدادًا هائلة من الشهداء في سبيل تحرير أوطانهم من قبضة القوى الاستعمارية.

من المعروف أن الدروز كانوا من أشرس المقاومين للدولة العثمانية، ولقد أشعلوا الثورات وخاضوا المعارك ضد العثمانيين رفضًا للتجنيد الإلزامي ودفع الضرائب، وكذلك كانت لهم حصة الأسد في مقاومة الاستعمار الفرنسي، وهم من أشعلوا نيران الثورة السورية الكبرى بقيادة سلطان باشا الأطرش التي انطلقت من جبل العرب وانتشرت في كافة الأراضي السورية.

هذه الأمثلة التي أوردتها ليست سوى عينة بسيطة من تاريخ الدروز الزاخر بالبطولات في مواجهة القوى الأجنبية التي احتلت بلادنا العربية ونهبت ثرواتها، وهذا الإرث النضالي لا يستقيم مع مقولة "الإخلاص للدولة" التي زرعتها المؤسسة الإسرائيلية وأتباعها في عقول بعض الناس، فلو كان الدروز مخلصين للسلطة على مدار تاريخهم لاختاروا الوقوف إلى جانب الاستعمار والتمتع بالامتيازات التي كان بإمكانهم الحصول عليها، وهذا الأمر يؤكد بأن هذه الفكرة ليست إلا مجرد كذبة تروجها القيادات الدرزية الرجعية من أجل تبرير موالاتها للسلطة على حساب مصالح أبناء مجتمعها.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. لبنان - 49 عاما بعد اندلاع الحرب الأهلية: هل من سلم أهلي في


.. التوتر يطال عددا من الجامعات الأمريكية على خلفية التضامن مع




.. لحظة الاصطدام المميتة في الجو بين مروحيتين بتدريبات للبحرية


.. اليوم 200 من حرب غزة.. حصيلة القتلى ترتفع وقصف يطال مناطق مت




.. سوناك يعتزم تقديم أكبر حزمة مساعدات عسكرية لأوكرانيا| #الظهي