الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


صفقة ترامب والسلام الاقتصادي..السلام الاقتصادي ركيزة صفقة القرن

نبيل السهلي

2018 / 9 / 21
مواضيع وابحاث سياسية


خلافاً لخطابات الإدارات الأمريكية السابقة عن أهمية حل الدولتين ، تبنت إدارة ترامب نهجاً جديدا يتساوق إلى حد كبير مع فكرة السلام الاقتصادي مع الفلسطينيين الذي يروج له رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو وروج له قبل ذلك الرئيس الإسرائيلي السابق شمعون بيرس ، . وقد تعزز التوجه الأمريكي الجديد من خلال ما يبديه مبعوث الرئيس ترامب لعملية السلام، جيسون غرينبلات من خلال اهتمامه بالوضع الإنساني في قطاع غزة بشكل خاص، وذلك في إطار الأولوية التي يعطيها لتحسين الوضع الاقتصادي في الضفة والقطاع ، وكذلك أمن إسرائيل ، وتوج ذلك بالحديث عن عملية تسوية أمريكية ترسم خطواتها إدارة ترامب وستنشر تفاصيلها بعدة فترة وجيزة ، تدعى "صفقة القرن" ، حيث يعتبر السلام الاقتصادي ركيزتها الأساسية ،وسيتم تغييب القضايا الجوهرية التي برزت بعد نكبة 48 ونكسة حزيران / يونيو 67، ونقصد هنا ، قضية اللاجئين ، القدس ، الاستيطان ، الحدود ، والمياه .



يلحظ المتابع عودة مصطلح السلام الاقتصادي بقوة إلى الواجهة الإعلامية من جديد ، وخاصة خلال وبعد الزيارات المكوكية لنتنياهو وعدد من الوزراء الى الولايات المتحدة الامريكية ، ووفقاً لما تمّ كشفه في الإعلام الإسرائيلي ، هنالك تفكيرا إسرائيليا أميركيا، بشأن تطوير وإنعاش الاقتصاد الفلسطيني. وعلى ما يبدو، فإن ثمة خططاً بهذا الشأن، ستطرح، خاصة من الجانب الإسرائيلي، فيما يتعلق، برزم تسهيلات إسرائيلية، فيما يتعلق بقطاع غزة، وسيكون الدور الأميركي، داعماً سياسياً ومالياً، لتلك الرزم.

بات واضحاً أن توجهات ورؤية الرئيس ترامب، تنسجم مع رؤى وتوجهات نتنياهو، وهي تتقاطع، بشأن الاستيطان، وحل الدولتين، وغيرها من القضايا الجوهرية في اطار القضية الفلسطينية ، التي تستند إلى القانون الدولي، ومقررات الشرعية الدولية. لدى حكومة نتنياهو، مخططات مسبقة، تم الإعلان عنها مراراً بشأن الحدود المؤقتة، وما سيرافقها، من دعم اقتصادي، وسبق للفلسطينيين، أن رفضوا ذلك، بوضوح وجلاء، ورأوا بالحدود المؤقتة، بديلاً عن إقامة الدولة الفلسطينية، على حدود الرابع من حزيران 1967.

اللافت أن إسرائيل والولايات المتحدة تريان ، وعلى ضوء ما تعانيه المنطقة ، من مستجدات لها انعكاساتها على الصراع الفلسطيني ـ الإسرائيلي، بأنه من السهولة بمكان جعل فكرة السلام الاقتصادي حقيقة ماثلة للعيان، وتالياً موت فكرة حل الدولتين، أو تجميد الاستيطان وتفكيكه ، وغيرها من حلول دولية، وإبدال كل ذلك، بحل إسرائيلي، يجعل من الفلسطينيين، قوة عمل، سقفها السياسي، لا يتعدى إدارات مدنية، لا أفق سياسياً لها، وتعيش في حالة اقتصادية، تجعل من العيش وبعض الرخاء بديلاً عن الصراع المفتوح مع إسرائيل ، والذي جوهره الاحتلال للأرض والمقدرات الفلسطينية كالمياه ، ناهيك عن الإحلال والتهويد المتمثل بالمستوطنات والمستوطنين .

بناء على التوجه الجديد لإدارة ترامب تسعى حكومة نتنياهو أكثر من أي وقت مضى إلى تعميم مصطلح السلام الاقتصادي مع الفلسطينيين ،جنبا الى جنب مع الضغط على الفلسطينيين بغية انتزاع الاعتراف بيهودية إسرائيل ،خاصة وأن ترامب أشار في أكثر من تصريح صحفي بأنه ليس بالضرورة أن يكون الحل الوحيد للنزاع هو في إقامة دولتين، حيث شكل ذلك التصريح تحولاً كبيراً ومهماً عن حقيقة أن مبدأ حل الدولتين هو الحل الوحيد، كما أن تأييده لحل سياسي في إطار عملية إقليمية واسعة هو ما كان يسعى إليه نتنياهو لسنوات خلت.

ومع قرب الإعلان عن " صفقة ترامب " تزداد الضغوط الأمريكية والإسرائيلية وكذلك الضغوط من قبل دول عربية على الفلسطينيين بغية الانصياع للمطالب والتوجهات الإسرائيلية ، في وقت ترتفع فيه وتيرة النشاط الاستيطاني في عمق الضفة الغربية بما فيها مدينة القدس .

ومن الأهمية الإشارة بأن إسرائيل ستكون الرابح الأكبر فيما لو تمّ تعميم فكرة السلام الاقتصادي، حيث ستستثمر القدرات البشرية الفلسطينية، وتسعى إلى جذب مزيد من قوة العمل الفلسطينية للعمل في قطاعات الاقتصاد الإسرائيلي المختلفة وبالشروط الإسرائيلية المجحفة، عوضاً عن قوة العمل الأسيوية، وقد يستوعب قطاع البناء الإسرائيلي المجهد العدد الأكبر من قوة العمل الفلسطينية في ظل رفض الإسرائيليين العمل فيه، وبذلك ستبقي إسرائيل سيطرتها على أهم مفاتيح الاقتصاد الفلسطيني .

قد تبدو رزمة الوعود الأمريكية لتحسين ظروف الفلسطينيين الاقتصادية من خلال بعض المساعدات مغرية في ظل الأوضاع الاقتصادية المتردية ، كارتفاع معدلات البطالة في الضفة قطاع غزة والضفة الغربية ،وضعف الخيارات المختلفة ، لكن ذلك سيزيد من اعتماد الفلسطينيين على المساعدات الخارجية وفق شروط وقنوات إنفاق لايتحسس ثمارها المواطن الفلسطيني بأي شكل من الأشكال، وبهذا يقع الفلسطينيون في شرك المساعدات المشروطة من جهة ، والابتزاز السياسي أيضاً .

يبقى القول بأن انحياز إدارة ترامب إلى جانب توجهات نتنياهو الذي يسعى أكثر من أي وقت مضى إلى ترسيخ فكرة السلام الاقتصادي لتجويف معنى السلام الحقيقي مع الفلسطينيين الذي يرتكز على العدالة والقانون الدوليين ،ولهذا تحتم الضرورة على الفلسطينيين الإسراع لتبني سبل كفاحية جماعية بعد مفاوضات استمرت لمدة خمسة وعشرين عاماً ولم تفض إلى حصول الفلسطينيين على أي حق من حقوقهم الوطنية .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الرد الإسرئيلي على إيران .. النووي في دائرة التصعيد |#غرفة_ا


.. المملكة الأردنية تؤكد على عدم السماح بتحويلها إلى ساحة حرب ب




.. استغاثة لعلاج طفلة مهددة بالشلل لإصابتها بشظية برأسها في غزة


.. إحدى المتضررات من تدمير الأجنة بعد قصف مركز للإخصاب: -إسرائي




.. 10 أفراد من عائلة كينيدي يعلنون تأييدهم لبايدن في الانتخابات