الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


كافكا وقضايا القانون

سعيد العليمى

2018 / 9 / 21
دراسات وابحاث قانونية


مشكلة قوانينا فرانز كافكا
ترجمة سعيد العليمى
ليست قوانيننا بصفة عامة معروفة ، حيث تتكتم عليها مجموعة صغيرة من النبلاء الذين يحكموننا . وإننا لمقتنعون بأن هذه القوانين القديمة تطبق بغير يقين ، مع ذلك فإنه لمما يثير الألم حتى درجة بعيدة أن يحكم المرء بقوانين لايعلم عنها شيئا . ولايتطرق لذهنى هنا التناقضات المحتملة التى قد تنشأ عند تفسير القوانين أو عن المضار الناشئة عن إحتكار قلة دون كامل الشعب القول الفصل فى تفسيرها . وربما إعتبر البعض هذه المضار أمرا هينا . لأن القوانين عتيقة ، وتفسيراتها هى جهد قرون ، وقد حازت فى ذاتها بلاريب وضع القانون ، ومع ذلك مايزال هناك قدرممكن من حرية التفسير ، غير أنها أصبحت الآن مقيدة للغاية . أضف إلى ذلك فليس لدى النبلاء سبب واضح ليتأثروا فى تفسيراتهم بالمصالح الشخصية الضارة بنا لأن القوانين قد سنت لصالح النبلاء منذ البداية ، وهم أنفسهم يقفون فوق القانون ، ويبدو أن ذلك هو سبب العهد لهم بالقانون على وجه الحصر . وهناك حكمة فى ذلك بالطبع – إذ من يشك فى حكمة القوانين القديمة ؟ غير أن ذلك ايضا جور علينا ، وربما كان أمرا لايمكننا تجنبه .
إن جوهر وجود هذه القوانين ، على أية حال ، هو فى حده الأقصى مسألة إستدلال . هناك تراث بأنها توجد ، وأنها سر عهد به إلى طبقة النبلاء ، لكنها ليست ولايمكن أن تكون أكثر من تراث صادق علية الزمن ، لأن جوهر التشريع الخفى هو أن يبقى غامضا . دقق بعض منا وسط الناس فى أفعال طبقة النبلاء منذ أقدم الأزمنة وإمتلكوا سجلات صنعها أجدادنا – سجلات واصلناها بضمير حى – وندعى بأننا نتعرف وسط العدد الهائل الذى لايحصى من الوقائع على إتجاهات رئيسية معينة تسمح بهذه الصياغة التاريخية او تلك ، ولكن عندما نسعى بالإتفاق مع هذه الاستنتاجات المرتبة منطقيا ، والمختبرة بغير يقين ، إلى أن نكيف أنفسنا إلى حد ما تجاه الحاضر أو المستقبل ، يصبح كل شئ غير مؤكد ، ويبدو عملنا وكأنه لعبة ذهنية ، لأنه ربما كانت هذه القوانين التى نحاول أن نميط عنها اللثام غير موجودة على الإطلاق . هناك قلة ممن يتبنون هذا الرأى بالفعل ، ويحاولون أن يبينوا لنا ذلك ، اذا كان هناك قانون موجود ، فيمكن أن يكون هذا فقط : القانون هو أى فعل تقوم به طبقة النبلاء . يرى هؤلاء التصرفات التحكمية لطبقة النبلاء ، ويرفضون التراث الشعبى ، الذى يمتلك وفقا لهم سمات تافهة وميزات عرضية لاتوازن عوائقه الثقيلة ، لأنه يمنح الناس أمانا زائفا وخادعا مفرط الثقة فى مواجهة الأحداث المقبلة .لايمكن إنكار ذلك ، ولكن الأغلبية الساحقة من شعبنا يفسرون ذلك بحقيقة أن التراث أبعد من أن يكون كاملا ولابد أن يجرى إستقصاؤه والبحث فيه ، وأن المادة الإستثنائية المتاحة لنا ، مازالت ضئيلة للغاية ، ولابد أن تمضى عدة قرون قبل أن تصبح بالفعل ملائمة . وجهة النظر هذه إستثنائية للغاية بقدر مايتعلق الأمر بالوقت الحاضر ، يلهمها فقط الإعتقاد بأن الوقت سوف يأتى فى آخر الأمر حين يبلغ التراث والبحث فيه إلى غايته ، آخذا مساحة للتنفس إن جاز القول ، حين يصبح كل شئ واضحا ، سوف ينتمى القانون للشعب ، وسوف تتلاشى طبقة النبلاء . وهذا لايدلل على أى روح كراهية ضد طبقة النبلاء ، على الإطلاق ، فهذا لايراود أحدا . إننا نميل أكثر لكره أنفسنا ، لأننا لم نظهر أنفسنا جديرين بأن يعهد لنا بسن القوانين . وهذا هو السبب الحقيقى فى أن البعض الذى يعتقد أنه ليس هناك قانون قد بقى ضئيلا للغاية – رغم أن عقيدته جذابة جدا بمعنى ما ، لأنهم يعترفون بجلاء بطبقة النبلاء وبحقها فى أن تواصل الحياة .
يمكن لنا أن نعبر بالفعل عن المشكلة فى نوع من المفارقة : أى جماعة قد تجحد ، ليس فقط الإعتقاد فى القانون ، وكذلك فى طبقة النبلاء ، سوف تجذب كل الشعب خلفها ، مع ذلك لايمكن لجماعة كهذه أن تظهر للوجود ، لأنه مامن أحد سوف يجرؤ على أن يجحد طبقة النبلاء . نحن نحيا على حد الموسى . وقد لخص أحد الكتاب هذه المسألة على هذا النحو : القانون الوحيد الظاهر المفروض علينا هو طبقة النبلاء ، فهل علينا أن نجرد أنفسنا بأنفسنا من هذا القانون الواحد ؟








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. اعتقال موظفين بشركة غوغل في أمريكا بسبب احتجاجهم على التعاون


.. الأمم المتحدة تحذر من إبادة قطاع التعليم في غزة




.. كيف يعيش اللاجئون السودانيون في تونس؟


.. اعتقالات في حرم جامعة كولومبيا خلال احتجاج طلابي مؤيد للفلسط




.. ردود فعل غاضبة للفلسطينيين تجاه الفيتو الأمريكي ضد العضوية ا