الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ذكريات من ايام لنضال الحلقة الثامنة الدكتور جبار ياسر صكر سمو ووفاء الى الانسانية

سعدي جبار مكلف

2018 / 9 / 24
الادب والفن


ذكريات من ايام النضال
الحلقه الثامنة
الدكتور الانساني جبار ياسر صگرالحيدر
سمو ووفاء الى الانسانية
في الشهر الرابع من عام 1965ا ،تم نقلنا من سجن الرمادي القاتل الى سجن العمارة المركزي ،بعد توسط الخال العزيز زكي الخميسي عند حلاق والاخير يعرف مدير السجون العام ،بذلك تم هذا النقل لجميع الشباب المحكومين معي ،لقد ودعنا سجن الرمادي الرهيب في كل شيء ، ناسه، سجنه ،شرطته ،شتائه القارص البارد ونحن لايسمح لنا بالملابس عدا ملابس السجن ،ان شتاء الرمادي يختلف تماما عما اعتدنا عليه، ارضه عطش ،واوراق اشجاره ان وجدت صفراء خريفية ،دائمة مستمرة السقوط في جميع فصول السنة، متغيره الاجواء ،والصفات مطره شديد ،رياحه قوية ذات صوت قاتل يعزف سيفونية الموت والتعذيب، شرطته لاتعرف سوى وقعوا البراءه، لايعرفون ماذا هو هذا الصك المذل ،المهين ،السيئ الصيت، نهارهم وليلهم طويل، مخصص للتعذيب والضرب والاهانات والسب والشتم ،عيونهم كئيبة مدلهمة غاضبة تزمجر بأصوات الصدى ونحن بقاعات يبعث بها الريح ،و الموت كما يشاء ومتى يشاء لقد فقدنا الزمان والمكان لانعرف اين البداية او النهاية
فبت انا طريح الفراش ، اتجهت بنا اربع سيارات ،اثنتان بوكس للسجناء، وسيارتان مملؤة بالعساكر المدججة بالسلاح، يأمرهم ضابط برتبه ملازم اول، انطلقت بنا عن الساعة السادسة صباحاًالى العمارة ، كان الطريق موحش قاسي، بعيد بعيوننا ونحن نردد اغاني واهازيج ذلك الوقت منها ...
يل رايح للحزب خذني
وينار المعركه ذبني
برگبتي دين اريد اوفي
على ايام المضت مني
بعد ها تنشد نشيد الاممية، حيث كنا نردده تقريبا كل يوم حتى اصبح عادة السجن الدائمة والمعتادة.
هبو ضحايا الاضطهاد
ضحايا جوع الاضطرار
بركان الفكر في اتقاد
هذا آخر انفجار
وغيرها، اما انا كنت اتلو بيني وبين نفسي قصيدة النواب يريحان...
شگد نده نگط على الضلع
ونسيت أگلك يمته
شگد رازقي ونيمته
وشكثر هجرك عاشرا ليالي الهوه وما لمته
ونت السحنت الليل بگلبي
وگلت موش انته
لم يكن الذي على الضلع اي نده ،انما حزن ، وآلام حملني بها الزمن بلا امل وبلا رازقي، سوى اشواك اثارها باقية معي ماحييت
لا مطر ولا ثمر ، عدا سوط الجلاد كان وما يزال وسيبقى معي
خلف لي ثلاثة اضلع مكسورة ،كانت مازالت ولن تشفى هدية
معي تذكرني بأيام النضال ... واستمرت السفرة بين الرمادي والعماره، اكثر من عشر ساعات بسبب الحركة البطيئه لعجلات الشرطة القديمة، والوقوف المستمر المتكرر للتأكد من سلامة كل شيء، لقد رفض الضابط ان نتوقف للذهاب الى الحمامات او الاكل او الشرب، وصلنا العمارة عند الساعه التاسعه ليلاً ونحن بين الحياة والموت ،من شدة الجوع والعطش وعدم ذهابنا الى الحمامات تم تعدادنا ودخولنا الى سجن العمارة المركزي، وبعد الترحيب من قبل الزملاء، كان في مقدمة المستقيلين الزميل الشهيد محمد جواد البطاط (ابو زيتون) رحمه الله، والزميل زكي طرفي ابو رعد ممثل السجناء في السجن، واعداد كثيره من الزملاء، منهم الشاعرالشهيد ابن محلتي ورفيق عمري ذياب اكزاز ( ابو سرحان ) الذي اخذني بالاحضان، وانشد التقينا ياسعدي ( اوياك اوياك ، اطير اوياك ، احط وياك ، آنه بلا جنح وياك ) والاخ القاص ناطق عبد الرزاق ( غادر الى الكويت) واعداد كثيرة من رفاق البصره ... كان مسكني الجديد القاعة السادسة، فنمت ولم احس الا صباحاً عندما نادوا علينا من قبل ادارة السجن ، لم يكن اسمي في الوجبة الاولى، كانت اسئلة اللجنة اسمك، وعنوان سكنك، ومهنتك، وعدد سنوات السجن ، وأسئلة جس النبض حول التخلي عن المبادىء ،والحزب بحجة انكم شباب ،ومستقبلكم اهم من هذه الاعمال الضائعة وهذه ضد الوطن ،
انتهت الجولة الاولى بسلامات ،دون اي اعتداء او ضرب او اساءه كانت السلطات العارفية تحاول ان تهين السجين، واجباره على توقيع صك البراءه المذل المهين بشتى الاساليب ،ابتدأ التحقيق معنا في كل ليله ،تستمر المسرحية عدة ساعات حوارها الشتم ،السب ،الضرب المبرح الشديد ،من قبل رجال الامن والسجانه، كانت سياسة الحكومة العارفيه ذات التوجيهات العروبية برئاسة عبد السلام عارف تعمل على كسر واذلال شوكة الشيوعيين من خلال نشر البراءات، السيئة الصيت في الصحف الرسمية وغير الرسمية ،كانت تطلب البراءه من كل مواطن سبق الى المحكمة ،او اعتقل ،او اطلق سراحه، او سجين يتم اطلاق سراحه بعد توقيع هذا الصك المسبق ،يطلق سراحه ويعاد الى عمله حيث يتم مساومته اما البراءة او السجن ،او تعريض عائلته الى مختلف الاساءات، اي كانت تساوم المناضلين بالبراءه مقابل عودتهم الى حياتهم العادية، حتى المجلس العرفي الاول والثاني في جلساتهم كان رئيس المحكمة يساوم المتهمين من السياسيين والشيوعيين على اطلاق سراحهم والافراج عنهم مقابل اعطائهم البراءه من الحزب الشيوعي العراقي ،وللأسف ولاسباب كثيرة متنوعة ،خاصة او عامة، منها شراسة الضربة التي وجهت الى الحزب، والحقت دمار اذى كبير في تنظيماته، واستشهاد قادته في تصفيات بربرية ،كل ذلك ادى الى الاحباط والضعف و التردد وحتى التشكيك بالقيادات الجديده ،في احيان كثيره اثرت بصوره سلبية الظروف المعاشية الصعبة التي يعاني منها صاحب البراءه وعائلته، لذلك كانت البراءات تنشربالصحف يومياً ،حتى جاءت قصيده الشاعر مظفر النواب البراءه ،وأنتشرت بين السجناء وفي جميع سجون العراق ،فكانت العلاج الشافي لهذه الممارسات الغير انسانية، والمهينة، لكرامة الانسان العراقي وهو سلب رخيص لحرية وانسانية السجين ،وقد تجاوزتأثير القصيدة حدود اسوار السجن وتناقلها الاصدقاء خارج السجن ،اصبحت القصيدة شهادة ادانة قوية لنظام سياسي يريد ان يمسح الشخصية الوطنية من خلال اذلالها بأسم العروبة والدين ،ورغم ما في القصيدة من معاني ومفاهيم قاسية كانت وليدة ظروف دموية وشاذه ورد فعل على ممارسات مذلة سيئة
ومهينة، ولكن شمخت فيها مواقف الصمود والتحدي لأثبات الوجود والمواصلة فقد تقبلها الجميع سجناء واصرار، بما فيهم هؤلاء الذين اعلنو برائتهم كانت قصيدة مظفر النواب بقسميها الام والاخت واكتب شيئاً فيها لأجيالنا الشابة لاطلاع عليها ...
يبني ضلعك من رجيته
لضلعي جبرته وبنيته
يبني طش العمه ابعيني
واجيتك بعين الگلب اديي
على درب المشيته
يبنى والليل الي تنامه الناس
فصلته سهر لخطوط حزبك
يبني ابن الجلب يرضع من حلبي
ولا ابن يشمرني خبره من البراءه
...الخ القصيده
وقد نادوا على اسمي لحضور مسرحية الاستجواب ،بعد اقل من عشرة دقائق لاغير ابتدأ الضرب واغمى عليه ،وانا بين الحياه والموت ولم احس اين انا، بعد ذلك وكل ما اتذكره هو ان رئيس العرفاء مجيد صرخ سيموت السجين فقد انقطع نفسه ولم اشعر الا عند الساعة السادسة صباحاً وانا في غرفة طوارئ مستشفى العمارة المركزي ،فتحت عيني لأرى شاب طويل انيق متعب جداً سهران معي طيلة الليل ،مع كادر من الممرضات ،سألني عن حالتي لم استطيع الاجابة فقد انهارت قواي تماماً بعد حوالي نصف ساعة سألني عن اسمي ومدة محكوميتي وطلب من الشرطي ان يفك يدي المربوطة الى السرير لكنه رفض اصر عليه وبشده امتثل الشرطي الى اومر الطبيب ،وقد طلب الشرطي الجلوس بباب الغرفة واصبحت حرية الكلام اكثر، عندها سألني الطبيب هل انت بخير سأحاول بقائك في المستشفى لمدة اطول وفعلاًابقاني راقداً للعلاج أكثر من عشرة ايام وقد تعرفت اكثر على الدكتور، انه الاخ الوفي الانساني جبار ياسر صكر اطال الله في عمر ..انه نجماً لامعاً في محراب الانسانية ورجل الشهامة ،والمواقف الصعبة ،الشجاعة، لك الشكر ياابا اسيل وانا مدين لك طول عمري، لقد وفيت الى مهنتك وأنسانيتك وعبدت طريق تاريخكم النضالي بأحرف من ذهب ، الف تحية للرجال ذات المواقف المشرفة ....








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. منهم رانيا يوسف وناهد السباعي.. أفلام من قلب غزة تُبــ ــكي


.. اومرحبا يعيد إحياء الموروث الموسيقي الصحراوي بحلة معاصرة




.. فيلم -شقو- بطولة عمرو يوسف يحصد 916 ألف جنيه آخر ليلة عرض با


.. شراكة أميركية جزائرية لتعليم اللغة الإنجليزية




.. الناقد طارق الشناوي : تكريم خيري بشارة بمهرجان مالمو -مستحق-