الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


السعودية تنتظر زيارة الرئيس الروسي

جورج حداد

2018 / 9 / 24
مواضيع وابحاث سياسية


في تشرين الاول 2017 قام الملك سلمان بن عبدالعزيز بزيارته لموسكو، التي ينظر اليها على انها "تاريخية" لانها اول زيارة لملك سعودي الى روسيا. وقد وجه حينذاك الدعوة الى الرئيس الروسي فلاديمير بوتين لزيارة المملكة، وقبل بوتين الدعوة، على ان يقوم بزيارته في الوقت الذي يراه مناسبا.
ويتوقع المراقبون ان يقوم الرئيس بوتين بالزيارة في وقت ليس ببعيد.
وبهذه المناسبة لا بد من الاشارة الى ان الطرفين ينظران الى الزيارة على انها ليست مجرد زيارة بروتوكولية. فالسعودية تنظر الى روسيا انها لاعب كبير في الشؤون الدولية عامة وشؤون الطاقة والشرق الاوسط خاصة. وهي تريد الاطلاع مباشرة على المواقف الروسية الاساسية، ومحاولة ايجاد نقاط التقاء في المصالح والمواقف والاهداف.
ومن جانبه فإن الكرملين ينظر بجدية تامة وعمق الى العلاقات مع السعودية وامكانية تطويرها لما فيه مصلحة الطرفين. وتقوم سياسة روسيا تجاه المملكة على الاسس التالية:
اولا ـ ان السياسة الخارجية الروسية ليست عفوية واعتباطية ورد ـ فعلية بأي شكل من الاشكال. بل هي مبنية على المفهوم الجيوستراتيجي الذي تأخذ به القيادة والدولة الروسيتين، ونعني به مفهوم: الاوراسية، الذي ينظر الى الكتلة الاوروبية ـ الاسيوية وامتدادها الافريقي، بوصفها كتلة تاريخية ـ جغرافية ـ حضارية واحدة، متعددة الاقوام والاتنيات والثقافات والاديان والمذاهب. وان المصلحة الوجودية لشعوب ودول هذه الكتلة الكبرى هي في التقارب والتعاون والتوحد لما فيه خير الجميع. وبما ان روسيا هي، كدولة وطنية واحدة، اكبر دولة اوراسية بحد ذاتها. فإنها ـ اي روسيا ـ تجد ان وظيفتها الاوراسية ليست فقط مسألة سياسة خارجية، بل هي تنبع من صلب الوجود الوطني ذاته لروسيا التي تمتد بين اوروبا وآسيا وتضم اكثر من 100 قومية واتنية ودين ومذهب بالاضافة الى القومية الروسية والمذهب الارثوذوكسي.
ثانيا ـ من خلال العقيدة الاوراسية لروسيا، وانطلاقا من واقع وجود حوالى 20 ـ 25 مليون مواطن مسلم فيها، فإن روسيا تجد ان التقارب والتعاون مع العالم العربي والاسلامي بمختلف دوله وتكتلاته القومية والدينية والمذهبية، تأتي على رأس المهمات الاممية والوطنية لروسيا، بصرف النظر عن الاختلافات الدينية والايديولوجية والسياسية مع هذه الدولة او تلك.
ثالثا ـ وانطلاقا من مفهومها الاوراسي، فإن روسيا تدرك تماما اهمية الدور المركزي للسعودية في العالم الاسلامي بوصفها تحتضن المراكز الاسلامية المقدسة الرئيسية في العالم، ايا كان النظام السياسي والديني في السعودية.
رابعا ـ ان روسيا لا تقيم علاقاتها مع السعودية (او ايران او تركيا او مصر او سوريا وغيرها) على اساس التدخل في الشؤون الداخلية السيادية لكل دولة او الشعارات المرحلية المتعلقة بتأييد او دعم النظام القائم او معارضته. بل تقيم علاقاتها مع كل دولة على اساس ثوابت المصلحة الوطنية العليا لروسيا ولتلك الدولة معا. وقد رأينا فيما سبق ان روسيا عضت على جرحها حينما قام الطيران الحربي التركي باسقاط طائرة عسكرية روسية فوق الاراضي السورية وقتل احد الطيارين غدرا وبخسة متناهية، ومع ذلك فقد حافظت روسيا على رباطة الجأش وتابعت سياسة التقارب مع تركيا على قاعدة الثوابت الجيوستراتيجية الاساسية.
والان توجد مسائل خلافية كثيرة وكبيرة بين روسيا والسعودية. ولكن هذا لا يمنع ان تمد روسيا يد التعاون والتقارب مع السعودية انطلاقا من المبادئ التي تؤمن بها وتعمل لاجلها لما فيه مصلحة وخير الطرفين، بصرف النظر عن طبيعة النظام القائم في السعودية وارتباطاتها الاميركية والغربية وحتى وجود القواعد العسكرية والتجسسية الاميركية الموجهة ضد روسيا على الاراضي السعودية.
هذا ويقول الخبراء ان المواضيع الرئيسية التي ستكون موضع بحث في الزيارة هي: النفط والمفاعلات النووية والصواريخ. اما المواضيع السياسية فأهمها: الوضع السوري، الحرب اليمنية، وامكانيات توسط روسيا لتخفيف النزاع السعودي ـ الايراني.
وقد أدلت الاستاذة في جامعة القاهرة نورهان الشيخ بتصريح الى الجريدة السعودية "الرياض" قالت فيه ان زيارة الرئيس الروسي في المرحلة الراهنة ستكون قرارا يأتي في وقته تماما. وفي رأيها ان العلاقات بين البلدين قد تحسنت كثيرا في السنتين الماضيتين. وقالت ان روسيا والسعودية معا هما اللتان تحددان اسعار النفط حاليا والتفاهم المتبادل بين البلدين هو الذي يؤثر على الاستقرار في السوق العالمية للنفط. وفي الوقت ذاته لاحظت نورهان الشيخ ان العلاقات بين البلدين هي اعم واعمق من النفط فقط. واكدت ان الزيارة سيكون لها اهميتها الخاصة لحل المشكلات الدولية في الشرق الاوسط، وخاصة في سوريا واليمن، مما يتطلب التفاهم المتبادل بين روسيا والمملكة السعودية. ومن الضروري بالنسبة لروسيا ان تغير المملكة موقفها في سوريا، لان المملكة هي لاعب اقليمي رئيسي ولا بد ان تشارك في صياغة مستقبل سوريا بعد القضاء على المنظمات الارهابية.
ان موعد الزيارة لم يحدد بعد. ولكن السكرتير الصحفي للكرملين دميتري بسكوف صرح في مطلع ايلول الجاري انه يجري البحث في ذلك. وان وزيري خارجية البلدين يعملان على تحديد موعد الزيارة.
ومن جهته كان وزير الطاقة الروسي الكسندر نوفاك قد صرح ان التفاهم بين البلدين قد اسهم في تحديد معدلات استخراج النفط وفي استقرار اسعاره بين 70 و80 دولارا للبرميل، مما هو في صالح اقتصاد البلدين والاقتصاد العالمي.
وعلاوة على ذلك، ذكرت نورهان الشيخ انه يوجد تعاون عسكري ايضا بين روسيا والمملكة السعودية، ولا سيما صفقة شراء المنظومة الصاروخية الدفاعية S-400. كما يجري التعاون في اطار سبر الفضاء.
ويزداد التبادل التجاري بين البلدين. وقد افادت مصلحة الجمارك الروسية انها سجلت سنة 2017 مبلغ 915،2 مليون دولار، وهو يمثل زيادة 86% عن سنة 2016.
وفي تشرين الاول 2017 وقع البلدان اتفاقات للتعاون في بناء مفاعلات نووية صغيرة ومتوسطة القدرة للسعودية، يمكن استخدامها كما لتوليد الطاقة كذلك لتحلية مياه البحر. وتقوم روسيا بتدريب وتأهيل الطواقم البشرية السعودية للعمل في البنية التحتية للقطاع النووي السعودي.
ويجري الان في السعودية التحضير لمناقصة لبناء اول مفاعل نووي كبير لانتاج الطاقة في السعودية والمؤلف من بلوكين (وحدتين انتاجيتين) وسيتم التوقيع على الاتفاق في اواخر السنة الجارية 2018. ويقدر الخبراء ان الحظوظ الاكبر لكسب المناقصة ستكون لمؤسسة "روسأتوم" الروسية.
وهناك الكثير من الاتفاقات التي يجري التحضير لها بين البلدين والمتعلقة بالعديد من الحقول العسكرية والاقتصادية والعلمية. ومن المرجح ان تستخدم السعودية نفوذها لدى اميركا لمنع وقوع هذه الاتفاقات تحت مقص العقوبات الاميركية، لان ذلك قد يضايق روسيا ولكنه يؤذي في الصميم المصالح الوطنية للسعودية التي هي بأمس الحاجة لتلك الاتفاقات.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. هل دعا نتنياهو إلى إعادة استيطان غزة؟ • فرانس 24 / FRANCE 24


.. روسيا تكثف الضغط على الجبهات الأوكرانية | #غرفة_الأخبار




.. إيران تهدد.. سنمحو إسرائيل إذا هاجمت أراضينا | #غرفة_الأخبار


.. 200 يوم من الحرب.. حربٌ استغلَّها الاحتلالِ للتصعيدِ بالضفةِ




.. الرئيس أردوغان يشارك في تشييع زعيم طائفة إسماعيل آغا بإسطنبو