الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


هنيئا لك عودتك... إلى بيتك الثاني

نجيب الخالدي

2018 / 9 / 24
التربية والتعليم والبحث العلمي


عزيزي التلميذ
ها أنت تعود إلى مدرستك من جديد بعد طول غياب، والأفق يملأ رحاب عينيك بما ستجود به هذه السنة الدراسية، والأمل يحذو طموحك لتحقق الأفضل وتفتح فتحا جديدا في سجل عملك الدؤوب. أنت تفكر الآن في مسافة ألف ميل التي ستقطعها مع أساتذتك وزملائك بين أحضان الفصل الدراسي الذي لا يحيا إلا بوجودك، ولا ينعم إلا بوشوشتك التي لا تنتهي لأنها من صلبك...
أراك الآن، والغبطة تغمرك في صمت، وخطواتك تخطو بك في ثبات نحو مدرستك، لأنك قطعت على نفسك عهدا لا تنكث الوفاء به أبدا، هو الحفاظ على هذا الرباط المقدس الذي يجمعك بهذا المكان الجميل الرائع، تنهل من فيض عيونه ما طاب من زلال العلم والمعرفة وحسن الخلق، وتنسج من وارِف ظلالِه هذه الأحاسيس التي هي الآن جزء من نبْض قلبك، يفضحها عناقك الحار لزملائك، ومصافحتك المفعمة بالاحترام والتقدير وردِّ الجميل لأساتذتك. لكن رغم هذه الغبطة ودبيب هذا الإحساس السعيد في عروقك، يخيّمُ على ذهنك توَجُّس يشرد بك، ليبث في نفسك ظنونا حول الأساتذة الذين سيدرِّسونك، كما أنك تتساءل عن محتويات المقرر التي ستُشرِّع أبوابَها أمام مهاراتك وقدراتك تغذيها وتشحذها، تنمّيها وتقوّمها، وأيضا تفكيرك في ما ينتظرك من فروض وامتحانات حاسمة لا يمكنك خوضها إلا بزاد العمل والجد و وروح المسؤولية، لا سيما وأنت تحفظ عن ظهر قلب المثل السائر على الألسن "عند الامتحان يُعز المرء أو يُهان " مما سيزيد في قوة عزمك فتروم "العِزة" بدل "الإهانة "، ولأنك نبتة من غراس والديْك اللذيْن يسهران على طيب خلقك، لا يفوتك أيضا التفكير في زملاء سيجمعك بهم الفصل والمدرسة وأنت لا تَقبل أحدهم صديقا ورفيقا إلا إذا كان من طينة حسن أخلاقك وسداد تربيتك، لأنك مؤمن كل الإيمان بمقولة "الرفيق قبل الطريق "... ظنونك هذه عادية وطبيعية لأنها من صميم المسؤولية التي تحسّ بها، ومن عُمق الإجلال الذي تكنّه لمدرستك التي أنت عائد إليها ليس عبثا، ولكن لأنك تؤمن بأنها النور الذي سيهديك إلى مستقبل محترم تفتخر به أمام نفسك وأهلك ووطنك...

عزيزي التلميذ
هنيئا لك عودتك إلى بيتك الثاني تلميذا موهوبا توّاقا إلى التألّق والتميّز، سفيرا لنبل الخلق وحسن التأدب أوّلا، وللجدّ والمثابرة والتنافس الشريف ثانيا، فكن خير ممثل لسموّ هذه القيم، محافظا على أثاث مدرستك ومعدّات فهمك وإفهامك، مبجّلا أساتذتك المُتهَجِّدين في سبيل تربيتك وتعليمك، مصغيا إلى رُشد نصائحهم وسداد توجيههم، مستدلا بسراج علمهم ومعرفتهم، فهم أدرى بخيرك وفَلاحك في مسارك الدراسي، محترما زملاءك إخوتك في الفصل مَهما اختلفت أفكارهم معك، مؤمنا بأنّ "الاختلاف لا يفسد للودّ قضية"، مُتجنبا في ذلك كل أشكال العنف التي تجعل من الإنسان حيوانا لا يحتكم إلا للقوة والافتراس، كنْ متسامحا ودودا مُحبا للسلم والسلام ، لا الخنوع والاستسلام، قدوةً للتضامن والتآزر والاتحاد من أجل حق يعلو ولا يُعلى عليه، اطلبْ دوْما العلا وارسمْ طريقه بالجِدّ والكدّ والعمل والمثابرة:
بقَدْرِ المجدِ تُكتسَبُ المعالي ** ومَنْ رام العُلا سهر اللّيالــــي
ومنْ طلب العلومَ بغير كدّ ** أضاع العمرَ في طلَب المُحالِ

عزيزي التلميذ
قد تكون الآن في القسم تقرأ أو تصغي إلى هذا الخطاب الموجز الذي يمكن أن يطول دون أن ينتهي، فالتواصل معك يقتضي الدوام والاستمرارية، لأن المدرسة بيتك الثاني بدون جدال، وخِدمتك التربوية والتعليمية أساس وجودها لتنعم أنت بنضج قطافها ، فكنْ في مسؤولية هذه الخدمة النبيلة التي تقدمها لك، وهذا الحضْن الحنون الذي يضمك دون ملل أو كلل، لتكون الأفق المشرق الذي نتوق إليه جميعا نحن أبناء هذا الوطن...








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. هل ينهي الرد المنسوب لإسرائيل في إيران خطر المواجهة الشاملة؟


.. ما الرسائل التي أرادت إسرائيل توجيهها من خلال هجومها على إير




.. بين -الصبر الإستراتيجي- و-الردع المباشر-.. هل ترد إيران على


.. دائرة التصعيد تتسع.. ضربة إسرائيلية داخل إيران -رداً على الر




.. مراسل الجزيرة: الشرطة الفرنسية تفرض طوقا أمنيا في محيط القنص