الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


مصيدة الفئران السياسية

وليد يوسف عطو

2018 / 9 / 24
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع


مصيدة الفئران السياسية

حاول السلطان محمود الثاني التخلص من الانكشارية عام 1808 م فقام الانكشارية بالهجوم على السرايا الحكومية وقتلوا الصدر الاعظم واشعلوا النار في العاصمة فاضطر السلطان محمود الثاني الى الاذعان الى طلباتهم حتى جاءت نهايتهم عام 1826 م فحصدهم بالمدفعية (خالص جلبي : في نقد الفكر الديني – النقد التاريخي ).

تكررت نفس القصة بين ابي مسلم الخراساني زعيم الثورة العباسية وابي جعفر المنصور , حيث قاد الخراساني الثورة العباسية.تميز بحسن التنظيم والبناء وبالدم وبجمع المعلومات عن الاعداء.بينما انتزع السلطة ابو جعفر المنصور من ابي مسلم الخراساني فقتله.وفي المقابلة الاخيرة بينهما , وبعد ان غدر المنصور بالخراساني تضرع اليه الخراساني ان يبقيه لاعدائه فقال له المنصور :وهل عدو اخطر منك ؟

السيناريو تكرر نفسه مع الاحزاب الشمولية المعاصرة مثل الاخوان والبعث.لقد كان صلاح البيطار وميشيل عفلق من مؤسسي حزب البعث ,اما البيطار فقتل في باريس برصاص الرفاق , واما عفلق فحكمه الرفاق بالاعدام حتى ضمه صدام حسين الى جناحه من حزب البعث , ولم تكتحل عيناه بمنظر انهيار البعث العراقي مثل بيت الملح واعدام صدام حسين ورفاقه .

واما عصام العطار ,الاسلامي في المانيا فقد نجا باعجوبة بعد ان دفعت زوجته الثمن فسقطت صريعة برصاص مخابرات البعث .هذه القصة تكررت في سيناريو الترابي وعسكر السلطة , فكل حصان قابل للترويض الا حصان العسكر والمخابرات مثل صدام ,فانه يطيح براكبه ويدق عنقه.
هذا المرض اصيبت به احزاب المنطقة . فقد التهم القوميون بعضهم البعض الاخر .ان القتل وسفك الدماء شرط اساسي لاستتباب الامن في نظر الانقلابيين .

وهكذا تم تطبيق مصيدة الفئران في قتل هتلر للزعيم روهم قائد المليشيات العسكرية .القاعدة الذهبية عند ميكافيللي :
(على الحاكم ان يكون ماكرا كالثعلب دمويا كالنمر وعليه ان يقتل دون تردد).في كتاب القوة لروبرت غرين يضع ( 48)قاعدة في الحكم والسلطة , واولها تقول :
(لاتلمع اكثر من سيدك ) .ويشرح القاعدة كالتالي :
(اجعل اولئك الذين فوقك يشعرون دائما بتفوقهم بشكل مريح .وفي رغبتك لارضائهم واثارة اعجابهم . لاتذهب ابعد من اللازم في اظهار مواهبك , والا فقد تخلق العكس , اي تثير الخوف وانعدام الامن . اجعل سادتك يظهرون المع مما هم ,وستصل الى قمم السلطة ).

لقد طبق صدام حسين القواعد الذهبية عند ميكافيلللي وروبرت غرين وعند هتلر وستالين , فلم يسمح لاحد بالسطوع والصعود اكثر من اللازم . وهكذا قام بقتل رفاقه واقربائه وقادة حزب البعث , امثال الجنرال عدنان خيرالله طلفاح وزير دفاعه في حرب ايران والكثير من قادة الدولة والحزب.

نستخلص من هذا الدرس السابق في الحكم ان من قام بالمغامرة الكبرى وعرض نفسه للمساءلة والموت , كان الاولى بثمار السلطة , واذا غار فريق ثاني فسولت له نفسه الانقضاض على السلطة , كانت السلطة له بالمرصاد لسفك دمه , فالقتل وسفك الدماء شرط اساسي لاستقرار السلطة والحاكم في نظر الانقلابيين .

من القصص المتشابهة قصة الرشيد مع البرامكة , حيث كتب عنها ابن خلدون في مقدمته فكشف القاعدة الذهبية النفسية حيث سيطر البرامكة على الدولة وعلى الخزينة , فكان الرشيد يطلب الاموال فلا يصل اليه الا القليل فاضطر الى الكيد بهم عن طريق مصيدة الفئران فقتلهم .

يخلص رائد علم الاجتماع في العراق الدكتور علي الوردي الى نفس النتيجة في كتابه ( لمحات اجتماعية من تاريخ العراق الحديث – ج 6) فينقل قصة الملك عبدالعزيز مع الاخوان حيث قال لهم :
( اخواني المشايخ انتم الان فوق راسي تماسكوا بعضكم ببعض ولا تدعوني اهز راسي فيقع بعضكم او اكثركم وانتم تعلمون ان من وقع منكم على الارض لايمكن ان يوضع فوق راسي مرة ثانية .مسالتان لااسمع فيهما كلام احد لظهور فائدتها لي ولبلادي وليس هناك من دليل من كتاب الله او سنة رسول الله ( ص ) يمنع من احداث اللاسلكي والسيارات ).حيث كان الاخوان يظنون ان موجات اللاسلكي تسري في الاسلاك بفعل الشيطان .
في النهاية قام الملك عبدالعزيز بابادة الاخوان , وبعد القضاء على حركتهم تنفس الملك عبدالعزيز الصعداء وقال مقولته الشهيرة :
(من اليوم سنحيا حياة جديدة ).وساعد فيلبي في قدوم شركات التنقيب عن البترول التي عثرت عليه في الظهران .
علق الدكتور علي الوردي على معركة السبلة في ابادة الاخوان بقوله في كتاب (لمحات اجتماعية من تاريخ العراق الحديث – ج 6 ):
( يدل التريخ ان معظم بناة الدول يقتلون من يساعدهم في بنائها , وسبب ذلك ان اولئك المساعدين يريدون ان يشاركوا الباني في ثمرة بنائه , بينما هو لايريد ان يتنازل لهم عن تلك الثمرة ,فينشب النزاع بينهم , وقد ينتهي النزاع الى القضاء على اولئك المساعدين وقد صدق من قال ان السياسة لاقلب لها ).

ولكن في عراق الانقلابات العسكرية قام العسكر وهم يطمحون بالوصول الى السلطة بقتل وابادة العائلة المالكة والباشا نوري السعيد والامير عبد اله. قام عبد الكريم قاسم بتصفية كل من نازعه على السلطة عن طريق الابعاداو السجن او الاعدام.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - الصديق جيفارا ماركس من الفيسبوك
وليد يوسف عطو ( 2018 / 9 / 24 - 15:50 )
شكرا لمرورك على مقالي عن طريق الفيسبوك


2 - الصديق ابو فرات من الفيسبوك
وليد يوسف عطو ( 2018 / 9 / 24 - 16:29 )
شكرا لمروركعلى مقالتي

اتفق معك فيالتحليل

متمنيا لكم دوام الصحة والنجاح في اعمالكم وحياتكم


3 - تحية طيبة
بارباروسا آكيم ( 2018 / 9 / 24 - 16:36 )
الإنقلابات لا تأتي إلا بالدماء
ولكن أخي وليد العصر الملكي لم يكن عصراً ذهبياً
فمذابح الآشوريين و فرهود اليهود حدثت في العصر الملكي
و تسييس الجيش ابتدأه الملك غازي الذي كان مرتبط بالفاشيست

بالمناسبة كان هناك 5 سيارات مرسيدس في بغداد أهداها أدولف هتلر للعائلة المالكة

لا أعرف ماذا فعل بها أمين بغداد السابق .. هذا الذي كان يقول أنا أجمل من محافظ طهران و بغداد أجمل من ابو ظبي
لقد نسيتُ اسم هذا العار

المهم ..

لا يمكن تبرير إجرام النظام الملكي بالقول إنها كانت بقايا النزعة العثمانية
لأنه إن كان الأمر كذلك فسنبقى نبرر الإجرام لكل نظام بحجة أن هذا بقايا ما قبله

تحياتي أخي العزيز


4 - لماذا الدفاع عن الانظمة الانقلابية
وليد يوسف عطو ( 2018 / 9 / 24 - 19:25 )
الاخ باربا روسا اكيم المحترم

موضوعنا اليوم ليست عن الاشوريين ومذابحهم ارجو ان تقرا كتاب موسوعة الاقليات في العراق للباحث سعد سلوم وهو كتاب موسوعي ضخم

ستجد ان المذابح سببها موقف بطريارك الكنيسة الاشورية الذي دعا الى الانفصال وحرض على رفع السلاح ضد الدولة


5 - الاخ بارباروسا اكيم المحترم
وليد يوسف عطو ( 2018 / 9 / 24 - 19:31 )
تتمة

مع الاسف انت تصف افضل الانظمة التي حكمت العراق باوصاف بشعة لاتليق بباحث يدعو الى الحقيقة

سبق ان كتبت عدة مقالات عن سقوط النظام الملكي وكان يتم التحقيق في التقارير او تركن جانبا لكن لم يتعرض احد من الضباط الى الاعتقال بما فيهم عبد الكريم قاسم الذي كان مدللا عن نوري السعيدوقام الضباط بقيادة عبد الكريم قاسم بخيانة القسم والتامر ضد النظام الملكي وابادة العائلة المالكة والكبار الثلاثة

انت تدافع عن الانظمة الانقلابية التي تسببت بكل الخراب الذي نعيشه اليوم ولا تقرا التاريخ بانصاف

انصحك باعادة قراءة التاريخ عن طريق القراءة النقدية الخالية من الايديولوجيا والغاياتالسياسية

لك وافر الود


6 - العصر الملكي
بارباروسا آكيم ( 2018 / 9 / 24 - 20:50 )
أخي العزيز
يعني عبد الكريم قاسم أخوية ابوية حتى أدافع عنه ؟؟
ثم أفضل أنظمة حكمت ..
يعني هذه عبارة بحد ذاتها تدعوا للتأمل

على كل حال الأمور تقاس بورقة و قلم
الجرائم ضد الإنسانية إبتدأت بالعصر الملكي
فرهود اليهود عام 1941
قمع عشائر الفرات الأوسط 1935
مذبحة سميل عام 1933
يعني المشاكل لم تبدأ بقاسم ..
طيب أنت تقول بما معناه بأن المذابح التي حصلت للآشوريين مبررة على إعتبار إن بعضهم رفع السلاح بوجه الدولة !!!!
و بالتالي كل النساء و الأطفال ممن لم يحملوا السلاح يؤخذون بجريرة من رفع السلاح !!!
وعليه يتم إعفاء الدولة وقتها من المسؤولية

وهذا منطق يشبه المنطق التوراتي في القصاص من الأمم

القانون الدولي يؤكد
إن جرائم الإبادة
Genocide
لا تسقط بالتقادم
أول انقلاب عسكري فيما يسمى العالم العربي حصل في العراق وذلك في 28 تشرين الأول 1936
في العهد الملكي .. مع العلم أن الإنقلاب لم يمس بنية النظام بل أطاح بوزارة ياسين الهاشمي
يعني الإنقلابات لم تبدأ بقاسم
يتبع


7 - ختاماً
بارباروسا آكيم ( 2018 / 9 / 24 - 21:04 )
عدا هذا
فالجماعة يقولون المحسوبيات بدأت بالعصر الجمهوري
طيب هو ياسين الهاشمي مالذي جاء به للوزارة ؟
أليس الملك غازي كان يريد الزواج من نعمة ياسين الهاشمي فقرب منه الهاشمي !
فهو أخي تاريخ العراق كله عمك خالك
العصر الملكي فاسد و الجمهوري فاسد
و الشعب العراقي العظيم كذلك

و لكن كما قلنا المسألة تقاس بورقة و قلم

الذين سحلوا نوري السعيد و عبد الإله بتلك الطريقة البشعة كانوا شباب من مواليد عهد الملكية و لا أتصور بأن معظمهم كان يعرف قاسم أو غيره


8 - انت تفكر بطريقة احادية
وليد يوسف عطو ( 2018 / 9 / 25 - 02:38 )
الاشوريون لم يكونوا يوما وطنيين وعراقيين قاموا بالتمرد ضد المملكة العراقية بعد سنوات قليلة من مقتل الملك غازي ووجود الفراغ السياسي الذي تركه فيصل الاول

انت تفكر بطريقة احادية شمولية فانت كعادة كل الشموليين لاتذكر ان العراق كان تحت عبودية الدولة العثمانية لاربعة قرون والحكم الملكي انجز معجزة حضارية خلال اقل من اربعين سنة حيث اغلب رموز الحضارة ظهرت وكانت نتاج العهد الملكي

االانقلابيون الجمهوريون الغوا نظام الكفاءة البريطاني والذي سار عليه النظام الملكي واصبح محبة الزعيم والقائد الضرورة هي الوطنية

لاتنسى المشروع الكبير للزعيم في زرع حاضنة الريف في وسط بغدادوهو الذي اتخذ قرار فردي باسكانهم بغداد ونحن نحصضد نتائج هذا القرار الفاشل

عليك مراجعة ملف الاحتلال العثماني وعدم دفن رؤوسكم في الرمال


9 - إلى الملتقى
بارباروسا آكيم ( 2018 / 9 / 25 - 08:44 )
أخي وليد من جديد
لماذا تتصور أنني أدافع عن قاسم ؟

يعني هل النظام الملكي كان يعتبر من لا يحبه وطنياً ؟
ثم وطنية ماذا أخي وليد ؟
هذه مصطلحات كما يقول هاشم العقابي لا قبل لنا بها و لا سلطان ..
مصطلحات للضحك على عقول السذج مثل مصطلحات الأمة و شرف الأمة
ثم انت حورت الجواب ..بدل الرد المباشر

هب أن الآشوريين لم يكونوا وطنيين، هل هذا مبرر لقتل أطفال و نساء و تهجير عوائل ؟
إذاً لماذا تلومون صدام ؟
ثم الدولة العراقية تأسست سنة 21 من كان يفهم أصلاً مثل هذه المصطلحات ؟
في وقت لم يكن هناك إنترنت و لا فضائيات و لا مدارس في أغلب مناطق العراق

أخي أوروبا نفسها بقت تتقاتل قرون حتى وصلت لهذه المفاهيم
أما قولك الريف و من جائوا من الريف
فهذا هو الإعتراض الحقيقي لأنصار الملكية اليوم

لأنه كما يقول أصحاب السلالة الهاشمية القرشية
أن قاسم جاء بالشروك و المعدان إلى بغداد
وكأن الشروك ليسوا بشر
ليخسأ الوطن و النظام السياسي و ليعش الإنسان
ما قيمة الوطن إذا كان يعامل به البشر بطبقية و إستعلاء
؟؟
تحياتي و إلى الملتقى

اخر الافلام

.. هل ينهي الرد المنسوب لإسرائيل في إيران خطر المواجهة الشاملة؟


.. ما الرسائل التي أرادت إسرائيل توجيهها من خلال هجومها على إير




.. بين -الصبر الإستراتيجي- و-الردع المباشر-.. هل ترد إيران على


.. دائرة التصعيد تتسع.. ضربة إسرائيلية داخل إيران -رداً على الر




.. مراسل الجزيرة: الشرطة الفرنسية تفرض طوقا أمنيا في محيط القنص