الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الشاعر زين العزيز، والتطهر بالجواب ..! ديوان (خطأ في رأسي) أنموذجا

وجدان عبدالعزيز

2018 / 9 / 24
الادب والفن


احتشد ديوان (خطأ في رأسي) بالكثير من المعاني المتاحة والاخرى المتخفية بين اسطر قصائده ، لكنه ارتكز فيما ارتكز على الحبيبة والاخر ، وخيمت عليه الغربة وثمة اخطاء حياتية جعلت رؤية الشاعر زين العزيز ، تتكثف في شفرة نصية انشطرت وتوزعت بين نصوصه ، حتى تصير النص عند زين العزيز (خلية حية تتحرك داخلها "الشفرة" مندفعة بقوة لاتُرد لتكسر كل الحواجز بين النصوص)ص70 الخطيئة ، استجابة لمطاليب ذاتية واخرى قرائية ، اي مشاركة استجابة القاريء .. ولا اريد الدخول في مناقشة الاستجابة انما احببت ان اضع لمسات رقيقة على ذات الشاعر الموجودة اصلا في النصوص وذات القاريء التي تستفز النص وتوجهه الى فضاءات اوسع من ذات المبدع ، وهكذا دواليك وقد لايتفق هذا مع فكرة ريتشاردز عن "المخزون الانعكاسي"الذي ركز الاستجابة بالقاريء فقط .. يقول عبدالله الغذامي : (ان مفهومات مثل : الصوتيم /العلاقة /اعتباطية الاشارة/الاختلاف/الاثر/النصوص المتداخلة/السياق/الشفرة/الشاعرية ، لهي تصورات قوية الاشعاع وثاقبة الرؤية ، مما يعين القاريء الواعي على مواجهة النص ، كمواجهة الفارس للحصان الاصيل ، فيمتطي صهوته لا لينام على سنامه ، ولكن لينطلقا معا كالسهم صارما وحادا يسبحان في مضمارهما الفسيح ، اي مضمار السياق الادبي ، وهو فعالية يشترك فيها الفارس والحصان (القاريء والنص))ص78ـ79 الخطيئة ، وهنا يتجلى وعي القاريء في الدخول الى النص ومحاولة البحث في مظانه عن المعنى الماكث في خلاياه ومساماته ، وهذا يعني ان النص جسد حي .. غير انه يحتاج الى تحريكه من خلال القاريء ، وبذا (تحول مفهوم القراءة ليحل عموما محل النقد في السياق الثقافي الاصطلاحي ، وراجت ثقافة القراءة في عمليات التعاطي النقدي كثيرا ، حتى اصبحت القراءة البديل الاصطلاحي للثقافة النقدية ، وراحت مفاهيمها تغزو السوق النقدية بحيث نادرا ما تجد من يتحدث بغيرها على هذا الصعيد ، بحيث اختلط مفهوم القاريء الناقد بالقاريء القاريء في ظل تسيّد مصطلح القراءة وشيوعه وقوة تداوله)ص16ـ17 عضوية الاداة ، من هذا نقف عند قصيدة (كان .. قلبي) ، كما في قصائد الديوان .. يقول الشاعر فيها :

(الطلسم
الذي تعلقينه في عنقك
سرا ، كان .. قلبي
المعتوه الذي يفكر دوما بقصائد
اكس اكس لارج
لا تصلح ان تكون
ثوبا مناسبا لجسدك
كان .. قلبي )

و تستمر المفارقة في القصيدة في كل مقاطعها ، لتكسر مستوى الانتظار ، جاعلة من المعنى معلقا بين الشك واليقين ، مما جعل هناك تداخل في النصوص وتداخل في صراع ذات الشاعر والاخرين ، يقول الشاعر العزيز :

(وانت موغل
في اشياء لا تتنفس
دعها
انها لطخة حبر بوجه العالم
فكر ، ان تصادق شجرة
تكتب لها ما لا تريد قوله
لامرأة تطارد قصائدك
في كل طعنة)

ليتحدث في مرموزات في الزمان والمكان متداخلة .. يقول روبرت شولز : (النص المتداخل هو نص يتسرب الى داخل نص اخر ليجسد المدلولات سواء وعى الكاتب بذلك او لم يع)، بمعنى ان الكاتب الحديث لايستطيع الدفاع عن براءة نصه الذي يكتبه الان ، لـ(ان النص ليس ذاتا مستقلة او مادة موحدة ولكنه سلسلة من العلاقات مع نصوص اخرى) كما يقول ليتش ، فالنصوص كائنات حية لها علاقات بنصوص اخرى ، كما هي الكائنات الحية ، وهنا اشير بالقول : ولا يكون النص نصا إبداعيا إلا من خلال المشاركة التواصلية الفعالة بين الأركان الثلاثة المؤلف والنص و القارئ. ويدل هذا على أن النص الإبداعي يتكون من عنصرين أساسيين النص الذي قوامه المعنى وهو يشكل أيضا تجربة الكاتب الواقعية والخيالية، والقارئ الذي يتقبل آثار النص، سواء أكانت إيجابية أم سلبية في شكل استجابات معينة لا تخلو من الترميز البالغ، وهذا يجعل النص يرتكز على الملفوظ اللغوي والتأثير الشعوري في القارئ على شكل ردود تجاه محمولات النص.ومنهجية القراءة وفقا لهذه النظرية تسير باتجاهين: من النص إلى القارئ ومن القارئ إلى النص،وبهذا فإن ما يقوله النص أو قائله من معان ومضامين ليس هو المهم وإنما ما يتركه من آثار شعورية وفنية وجمالية وعناصر تكتب الخلود للنص لدى القارئ. ومن هنا اجد معطيات نصوص الشاعر العزيز واضحة وجلية وتعطي معانيها الاولية، ولكن هناك معاني مختفية تحتاج للقراءة والتمعن ..ويبدو ان عنونة ديوان (خطأ في رأسي) ، تعطي اشارات برسم علامات استفهام كثيرة ، وبمفارقات فنطازية تحمل ايحاءات ذات حمولة من المعاني .. (انا ابن الحرب الثالثة/ميت ، لكني اتنفس هواء السجناء/ميت ، لكني اتحرك / كنملة اضاعت حبة قمح/حيّ ، لكني انطق بلغة الموتى) ، حيث حمل هذا النص حجم الوجع ، وجع الحرب والفقدان والانتظار ، وكما تدل بعض ايحاءات النص على حمل هموم الاخرين ، (انا الان / اتقمص ادوارهم/ اكتب رسائل لعشيقاتهم/ارسل القبل/وانام ملء حنين الوطن) ، والتساؤل الظاهر انه هو الخطأ في رأس الشاعر ، بدالة قوله : (السؤال الذي يخدش رأسي/يُؤول الكون الى انثى/ هو خطأ فادح/متعلق بتفاحة اخرى/وحدي اصرخ/ايتها الاوراق الخافتة/املئي قلبي باللعنة/أخرج كالخطايا التائبة/ايها المطر:/وانت تطرق النوافذ بكلتا يديك/طهرني .. بالجواب) .. اذن الشاعر يكشف عن رؤية التطهير ، فهو يواجه الوجع ، ويتطلع نحو افق الحرية ، كما طائر السنونو ، ثم البحث عن مدينة فاضلة ، تضاجع وطن كله حنين لأبنائه ، كي تولد حالات الحب والاستقرار ..

هوامش البحث :
1 ـ كتاب (الخطيئة والتكفير) عبد الله الغذامي /المركز الثقافي العربي الطبعة السادسة 2006م ص70 وصفحات 78ـ79

2 ـ كتاب (عضوية الأداة الشعرية) أ.د.محمد صابر عبيد سلسلة كتاب جريدة الصباح الثقافي رقم 14 2008م ص16ـ17

3 ـ ديوان (خطأ في رأسي) للشاعر زين العزيز/الروسم/الطبعة الاولى 1437هـ ـ2016م








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. تكريم إلهام شاهين في مهرجان هوليود للفيلم العربي


.. رسميًا.. طرح فيلم السرب فى دور العرض يوم 1 مايو المقبل




.. كل الزوايا - -شرق 12- فيلم مصري يشارك في مسابقة أسبوع المخرج


.. الفيلم اللبنانى المصرى أرزة يشارك فى مهرجان ترايبيكا السينما




.. حلقة #زمن لهذا الأسبوع مليئة بالحكايات والمواضيع المهمة مع ا