الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


كردستان على عتبة التغيير والتقسيم

تيلي امين علي
كاتب ومحام

(Tely Ameen Ali)

2018 / 9 / 25
القضية الكردية


بعد مضى حوالي ثلاثة عقود على تجربة الكرد في حكم انفسهم وادارة اقليمهم ، وما تخلل ذلك من مكاسب ونجاحات ،وما رافقها من اخفاقات وصراعات غير حضارية ، دموية في بعض الاحيان ، انتهت بالتوقيع على ما سمي بالاتفاقية الاستراتيجية بين القوتين الحاكتين ، الحزب الديمقراطي الكردستاني والاتحاد الوطني الكردستاني، هذه الاتفاقية التي لم تعلن على الشعب وظلت في طي الكتمان منذ ان تم التوقيع عليها بمباركة واشنطن بين زعيمي الحزبين في 27 تموز من عام 2007، والى ان اعلن عن موتها قبل ايام . الاتفاقية هذه عدّها البعض انتصار لارادة شعب كردستان وتجاوز لمرحلة حرجة من الصراع الداخلي المميت ، فيما عدتها اوساط كردية بمثابة اجهاض العملية الديمقراطية واخلال بحق الشعب في اختيار حكومته بالنص على تناوب الحزبين منصب رئيس وزراء ورئيس برلمان الاقليم كل عامين بغض النظر عن الطرف الفائز في الانتخابات وحيازته على ثقة الشعب وتفويضه ، ومن مساوئها في رأي البعض دخول الحزبين بقائمة واحدة في الانتخابات العامة مما يحرم على الشعب اجراء التفاضل بينهما ، كما يحرم الاحزاب الصغيرة من المنافسة . واقعا اوجدت الاتفاقية حكومة واحدة في العاصمة اربيل ، لكن عمليا احتفظ كل حزب بادارة وحكم منطقته . كما ان هناك من يقول ان تحالف الحزبين لم يكن بصورة ائتلاف حكومي تضامني انما كان اتفاقا على توزيع السلطة والثروة ومن غير رقيب ،وانهاء لدور المعارضة وحتى دور السلطة التشريعية التي اصبحت تشريعاتها تخضع لصفقات وموافقة ثنائية من المكتب السياسي للحزبين . فيما اختفى الدور الرقابي للبرلمان واصبح عاجزا عن مسائلة اي عضو في السلطة التنفيذية .
الاتفاقية اصابها الشلل ، بعد رحيل مام جلال ، واصرار الاتحاد الوطني عل التمسك بمنصب رئيس جمهورية العراق ،فيما رفض بشكل او باخر، البند الاخر الموازي لحقه هذا باسناد منصب رئيس الاقليم الى الحزب الديمقراطي ، وانضم الاتحاد الى الاحزاب الصغيرة الداعية الى جعل الحكم في كردستان برلمانيا وحصر صلاحيات رئيس الاقليم بالامور التشريفية البروتوكولية ، وقدم الاتحاد واحزاب اخرى مشاريع لتعديل قانون رئاسة الاقليم ، لم يكتب لها النجاح .
في ايلول العام الماضي جرى استفتاء على استقلال الاقليم ، وبمبادرة واصرار من الرئيس مسعود البارزاني الذي عانى كثيرا حتى اقنع المكتب السياسي للاتحاد الوطني او اغلبيته بمساندته . ورغم نجاح الاستفتاء وحيازته على اكثر من 92% من اصوات الشعب ، لم يحقق غايته وهدفه ، واضطرت حكومة الاقليم الى الاعلان عن تجميد نتيجته بسبب تهديدات الحكومة الاتحادية وسوق قواتها نحو كردستان والسيطرة على محافظة كركوك ومساحات كبيرة من الاراضي المتنازع عليها في عملية عسكرية بدأت يوم 16 اكتوبر من العام الماضي . على اثر ذلك اتهم الحزب الديمقراطي افرادا وجماعات في الاتحاد الوطني بمخادعته ،بل بالخيانة والاتفاق مع السلطة الاتحادية وتسليم محافظة كركوك لها وحتى التمهيد لالغاء الاقليم . ويرى الحزب الديمقراطي ان حليفه السابق الاتحاد الوطني لم يعد بتركيبته التنظيمية حزبا موحدا ذو سلطة مركزية كما كان في عهد الراحل مام جلال ، انما تحول الى مجموعة اقطاب بتناقضات كبيرة ، فبينما هناك مخلصون ووطنيون في قيادة الاتحاد ، هناك خونة ومافيات بنظره تعمل على تقليص او حتى انهاء الدور الريادي له بالتعاون مع جهات عراقية واقليمية
انطلاقا من هذه القناعات ، نرى ان الحزب الديمقراطي اتخذ قرارات في غاية الاهمية ووضع اجندة خاصة يعمل على تحقيقها لا سيما في التعامل مع الانتخابات التشريعية العامة في الاسبوع القادم يوم 30 ايلول .
طبعا لا يمكنني التأكد من قرارات الحزب الديمقراطي او غيره ، لكن قراءة الاحداث والمواقف المعلنة تنبأ عن ان الديمقراطي الكردستاني يعتبر الاتفاقية الاستراتيجية قد اصبحت موضوعا من الماضي ، زادت من قناعته هذه ترشيح الاتحاد للسيد برهم صالح ، عضو قيادته (المتمرد ) والعائد اليه من جديد ، لرئاسة الجمهورية ومن غير التوافق معه ، مع ان صالح كان يجري لقاءات مع اعلى قيادات الحزب الديمقراطي طمعا في المنصب الا ان اتفاقه مع ما يسمى بجناح 16 اكتوبر ينطبق عليه المثل القائل ( بالصيف ضيّع اللبن ) . وحتى في حالة فوزه برئاسة الجمهورية لا يتوقع ان يتعامل الديمقراطي معه او ان يستقبله في اربيل .
يطمح الحزب الديمقراطي نيل الاغلبية في انتخابات ايلول الجاري وهو عازم على عدم اعادة تجربة الحكم الماضي ، ( لانه قد ثبت فيما مضى ان الشراكة الهزيلة التي تفتقد الى برنامج تسبب العراقيل ولا ينتج عنها تحسن وتقدم ) على حد قول السيد نيجرفان بارزاني . وبمعنى لا تحالف مع الاتحاد الوطني او غيره من الاحزاب بالشكل السابق ، حتى ان ادى ذلك الى تواجد ادارتين ، فهو يرى ان تضحياته السابقة من اجل صدّ محاولات الادارتين لم تعد نافعة . وقد وعد الرئيس البارزاني شعب كردستان باصلاحات جذرية واسعة في حالة تحقيق الحزب الديمقراطي الاغلبية البرلمانية ، وفي اعتقادي ليست هذه دعاية انتخابية بقدر ماهي تحميل الاطراف الاخرى مسؤولية عرقلة الاصلاحات . ومن داخل السليمانية اعلن البارزاني ان مرحلة الاضطهاد الفكري لعناصر حزبه في السليمانية قد طواها الزمن ولن تكون مقبولة من الان فصاعدا .
ويعول الديمقراطي على مواقف قيادات في الاتحاد قريبة منه الى حد يتوقع انضمامها له .
الاتحاد الوطني من جانبه ، وبقيادة( بافل وقباد ولاهور من عائلة الطالباني ))، يحاول النهوض على قدميه ، ويرى ان قيادة المكتب السياسي قد اضرت بسمعة ومصلحة الاتحاد عندما بدت وكأنها ( مستسلمة ) للحزب الديمقراطي ونافذة لاجنداته وارادته ، ويرى هذا الجناح ان الظهور بمظهر الند للحزب الديمقراطي يعيد اليه هيبته وامجاده ، وقد بدأ الصراع فعلا من قبل السيد قباد الطالباني ، وعلى غير المتوقع، عندما اشتكى في حملته الانتخابية من احتكار الديمقراطي للسلطة في اربيل . وهو ايضا غير راغب في بناء او تجديد التحالف السابق مع الحزب الديمقراطي ، ويجد البديل في التصالح و عودة حزب صالح وحركة التغيير التي انشقت هي الاخرى من الاتحاد . ويأمل ان يحوز مع بعض الاحزاب الاخرى على الاغلبية لابعاد الديمقراطي عن السلطة او تقليص سلطاته وهيمنته ، وفي حالة عدم تحقق ذلك ، يخطط للادارة الثانية في السليمانية حالما يتأكد ان الامور محسومة للديمقراطي في العاصمة اربيل . وهو ما يسمى بالخطة ( ج ) التي تسربها بعض المواقع الخبرية.
كل المؤشرات تدل ان هناك تغيير في تجربة الاعوام الماضية ، وان تقسيم مناطق النفوذ بادارات ثنائية احتمالات واردة . وان التفاوض والتعامل مع الحكومة الاتحادية سيكون بصورة منفردة على الاغلب








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. فيتو أمريكي ضد منح العضوية الكاملة لدولة فلسطين في الأمم الم


.. هاجمه كلب بوليسي.. اعتقال فلسطيني في الضفة الغربية




.. تغطية خاصة | الفيتو الأميركي يُسقط مشروع قرار لمنح فلسطين ال


.. مشاهد لاقتحام قوات الاحتلال نابلس وتنفيذها حملة اعتقالات بال




.. شهادة فلسطيني حول تعذيب جنود الاحتلال له وأصدقائه في بيت حان