الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


قتلت اشجار النخيل رمز العراق .. وسط غيبوبة الحكومات العراقية وصراعاتها من اجل المناصب

رائد شفيق توفيق
ِ Journalist and writer

(Raid Shafeeq Tawfeeq)

2018 / 9 / 25
الصناعة والزراعة


قتلت اشجار النخيل رمز العراق ..
وسط غيبوبة الحكومات العراقية وصراعاتها من اجل المناصب
رائد شفيق توفيق
النخيل رمز العراق على مر العصور ومن اهم مميزات العراق وعلاماته الفارقة ينتهي به الحال ان يقتل بايدي ابنائه العاقين فقد اهملوه ولم يراعو حرمته . اذ شهدت البلاد تراجعا ملحوظا في اعداد النخيل خلال العقدين الماضيين وتناقصت اعداده حتى بلغت 16 مليون نخلة بعد ان كانت اكثر من 33 مليون نخلة ، ويعزى سبب هذا التراجع الكبير الى الحروب التي اجتاحت البلاد ، ناهيك عن فترة الجفاف التي يعانيها العراق وهي على وتيرة متصاعدة اضافة الى الاهمال المتعمد وعدم الجدية في الحفاظ على النخيل وزراعتها ومكافحة الافات والحشرات التي تفتك بها، كل تلك الاسباب اسهمت في تراجع اعدادها وبشكل كبير . لقد فتكت الامراض والحشرات بالنخيل ففي احد البساتين لم يبق سوى 50 نخلة بعد ان كان عددها يفوق الثلاثمائة حتى وقت قريب ،بسبب حشرتي الدوباس والحميرة التي قضت على معظم اشجار النخيل ولم يستطع صاحب البستان معالجتها بسبب التكاليف التي لم يعد استحصالها من بستانه ممكنا ، بعد ان احاطت به الشوارع والبنايات ، واصبحت كلفة سقي ورعاية اشجار النخيل باهظة التكاليف ما اضطره ان يبيع أجزاء من البستان لبناء بعض الدور السكنية .
النخيل يحتاج الى رعاية ومعالجة دائمة من أجل دفع الضرر عنه من خلال زيادة ساعات رش مبيدات مكافحة الحشرات بواسطة الطائرات فمساحة الاراضي شاسعة وتحتاج الى زيادة الطلعات الجوية للمعالجة المستمرة ، لكن عدد الطائرات الاختصاصية لرش المبيدات قليلة جدا ولا تغطي جميع بساتين النخيل . وان على الدولة ان تؤمن المعدات والمواد الاولية ( الأسمدة والمبيدات ) وتؤمن مبالغ القروض الخاصة باعادة تأهيل البساتين القديمة والمتروكة ، ذلك ان كلفة تأهيل مساحة 10 دونمات مزروعة بأشجار النخيل تصل الى اكثر من 25 مليون دينار اذا اردنا ان يكون البستان بمستوى جيد من حيث النوعية وكمية الانتاج ، فأغلب النخيل الموجود مضت عليه سنوات طويلة وهي مصابة بآفات لا يمكن معالجتها لأنها أتت على الشجرة بالكامل واصبح الحل الوحيد هو قلعها واستبدالها بفسائل جديدة .
وبسبب الكلف المالية لجأ العديد من الفلاحين الى تجريف بساتينهم وبيعها كقطع أراضٍ سكنية أو تحويلها الى معامل صناعية فهي اكثر ربحا واقل جهدا من إعادة تأهيل ثلاثمائة نخلة قد لا تأتي ثمارها بشيء يذكر عند انتهاء الموسم .
ان معالجة أشجار النخيل وتلقيحها يدويا لم تعد مجدية أمام حجم المشكلة ، لاسيما وان الآفات الزراعية انتشرت بشكل كبير خلال فترة التسعينيات والحرب الاحتلال الاخيرة كما ان جني محصول التمور وبيعه يواجه هو الاخر صعوبة بسبب عدم تنظيم عملية استحصال المنتج من قبل الدولة والتاجر ، وتخضع عملية بيع المحصول الى المضاربات التي يتضرر منها صاحب البستان بسبب اضطراره الى القبول بأسعار زهيدة لا تتناسب مع سعر التكلفة ، الأمر الذي يجعل عشرات الفلاحين واصحاب البساتين يبحثون عن بدائل اخرى لرعاية النخيل وانتاج التمور فقبل عشر سنوات كان الفلاحين يجوبون أكثر من خمسة عشر بستانا يلقحون فيها أمهات النخيل ، اما الآن فالبساتين قلت بشكل كبير بعد ان تم تجريف الكثير منها وتحويلها الى معامل ودور سكنية ، والمطلوب من الدولة فتح مخازنها امام الفلاح في بداية موسم جني المحصول وان تقدم أسعارا تنافسية تشجع المزارعين على زيادة المساحات المزروعة بأشجار النخيل . على صعيد ذي صلة تراجع انتاج التمور بانواعها بحيث اصبح بالكاد يغطى الاحتياج المحلي بعد ان كان العراق المنتج الاول في العالم للتمور اصبح يستورد التمود الامر الذي انعكس سلبا على الاقتصاد الوطني واضر به .
ان تجريد العراق من عباءته الخضراء التي كانت تلتف حول اطرافه منذ عهود طويلة جريمة ووصمة عار في جبين الحكومات المتعاقبة واحزابها التي لا هم لها سوى ابتكار اساليب لسرقة اموال الشعب العراقي اضافة الى صراعاتها السياسية من اجل المناصب والامتيازات وتصفية كل من يسلط الضوء على جرائمهم هذا هو ما يشغل الاحزاب وحكوماتها التي اهملت كل شيء لا يعود عليها بمردودات مالية . هكذا باتت بساتين النخيل الجميلة تتقلص يوميا حرقا وتجريفا من دون اي مبالاة من الحكومة . هل يدرك من يقترف هذه الاعمال حجم الخسارة التي يسببها ؟ والاساءة البيئية التي يلحقها بالوطن؟ , وتشهد محافظات العراق عمليات تجريف كبيرة هي عمليات اعدام وقتل لا تعرف الرحمة لجميع البساتين والاشجار اذ ان الامر لم يقتصر على النخيل .
وبرزت ظاهرة تجريف وازالة بساتين النخيل بعد سنة 2009 بشكل مكثف . وبعد ان تم تجريف مئات البساتين من قبل مالكيها ومن ثم تقطيعها وبيعها على شكل قطع اراض سكنية .
وباتت المتاجرة بقطع أراضي ( البستنة ) كما يصطلح عليها أمرا شائعا في عموم العراق وأمرا لا يحاسب عليه القانون بعد ان اصبح ذلك واقع حال . في حين يلقي المواطنين باللائمة على الحكومات لفشلها في إيجاد حلول عملية لحماية البساتين وبخاصة بساتين النخيل لقد شيدت آلاف الوحدات السكنية ولم تعد الحكومات قادرة على تغيير الواقع الراهن في ضوء انشغالها بما يعود عليها واحزابها بالمكاسب المتنوعة .
ودايمة الدولة ..








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. وزير الخارجية التركي: يجب على العالم أن يتحرك لمنح الفلسطيني


.. غارات إسرائيلية تستهدف بلدتي عيتا الشعب وكفر كلا جنوبي لبنان




.. بلومبيرغ: إسرائيل طلبت من الولايات المتحدة المزيد من القذائف


.. التفجير الذي استهدف قاعدة -كالسو- التابعة للحشد تسبب في تدمي




.. رجل يضرم النار في نفسه خارج قاعة محاكمة ترمب في نيويورك