الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ورق حرير ، الى زياد عبد الفتاح مع الحب والتقدير

مهند طلال الاخرس

2018 / 9 / 26
قراءات في عالم الكتب و المطبوعات


ورق حرير ، الى زياد عبد الفتاح مع الحب والتقدير
نحن نعيش على وقع تاريخ كتب بدمائنا يذكرنا دوما أننا فلسطينيون !!!. هذه المقولة لم تنفك عن مطاردتي طوال مطالعتي لرواية الكاتب والاديب والمناضل زياد عبد الفتاح..
هذه الرواية من النصوص الادبية القليلة التي تحمل في ثناياها الوجع الفلسطيني بكل آماله وآلامه، وبكل بكل اوجاعه وخيباته، وبكل افراحه القليلة واتراحه الكثيرة وبصيفه وشتائه ، اذ يعبر فيك زياد عبدالفتاح عبر ايام الثورة وأثيرها الخالد "صوت العاصفة صوت الثورة الفلسطينية" ومن خلال قلمه المديد ايام الزمن الجميل عبر حُلة بهية كتلك البسمة التي لا تفارق محياه كعادة كل الايقونات التي تحملت كل الخيبات وبقيت ترسم لنا تلك البسمة، وترفع شارة النصر، وتبشرنا بأننا على موعد قادم مع النصر، ولم تكل ولم تنتكس وبقيت تردد لنا حتمية تاريخية لم تلبث ان غدت شعارا ثوريا يلبي حاجة انسانية لانفسنا المكسورة بأن الثورة انطلقت لتنتصر وستنتصر...

رواية ورق حرير وعبر كل الفصول والتضاريس التي عاشتها كلماتها بفعل النضال الفعلي الحي على ارض الثورة، وعبر كل سطورها؛ رواية حيّة لمسيرة نضال الشعب الفلسطيني كتبت بالعرق والدم وصيغت كلماتها بالحبر والرصاص وتلخصت سيرتها في رائعة ادبية من الطراز الرفيع تصلح ان تبقى وتدرس كجزء مهم من تاريخنا النضالي ومن ادبياتنا الثورية، والتي لن نعبر إلى النصر إلاّ من خلال قدرتنا على اشتقاق معالم النصر من حروفها ومن خلال ادراكنا ان ديمومة الفعل الثوري ومشروع التحرير لن يكتمل ولن ينجز ان لم نقرأ تاريخنا جيدا والقراءة الجيدة للتاريخ تبدا من حفظ الذاكرة الوطنية لان كل الحروب تبدأ وتنتهي عند الذاكرة، فمن لا ذاكرة له لا مستقبل له. ويجب علينا ايضا ان ندرك جيدا اين اصبنا واين اخطأنا وما نستطيع حمله معنا من هذه الذكريات وما يستحق فعلا ان نرميه في سلة المهملات.

ورق حرير لزياد عبد الفتاح وزياد نفسه بِحلّه وترحاله بتطلعاته وآماله بوجعه واحزانه بأفراحه واتراحه هو سيرة ثورة ومسيرة شعب وصيرورة وطنية وتجليات نضالية حفرت اسمها وسيرتها على جدار الزمن المنسي وعلى كل حيطان الشوارع المنسية من وطننا العربي الكبير -والتي هي جزء مهم من سيرة الثورة- لذلك ستبقى هذه الشوارع واقدام من ساروا فيها وعلّمت خطواتهم عليها تُدين لهم بالكثير، وسيبقى زياد عبد الفتاح وامثاله على طول المدى عالقا في النفوس والاذهان مادام القلم يكتب ومادام الانسان يقرا ومادام الزمن يولد ومادامت الخليقة تنجب.

ورق حرير كتاب يقع في 260 صفحة من القطع المتوسط ومن اصدارات دار الرعاة في رام الله ومن توزيع دار اليازوري في عمان؛ يتحدث عن تجربة إنشاء ومسيرة وكالة الانباء الفلسطينية "وفا" من خلال نص مشوق يغلب عليه الطابع التسحيلي والتأريخي والثوثيفي للاحداث ومفاصلها مع ترك التفاصيل لاعمال اخرى.

ان اهم ما يميز هذا العمل انه جاء بلسان حال أهم المؤسسين والرواد الاوائل ومن اهم العارفين ببواطن الامور وكيف تدار الدفة الفلسطينية لا سيما وقت العواصف، ويُسجَّل للكاتب والاديب الرفيع زياد عبد الفتاح الاصالة والدقة والموضوعية والبعد عن الامراض والافات والنرجسية والامراض المتلازمة للحالة الثورية وهذا مايُكسب الكتاب اهمية مضاعفة عداك عن كثرة القصص والحكايا التي يقف كاتبنا على تفاصيلها في الكتاب، اضافة الى كتمانه الى الكثير منها والتي لم يحن اوان البوح فيها لاعتبارات كثيرة .

كما يتحدث الكتاب بلسان مؤلفه كصانع للحدث وشاهد عيان عن ابرز المحطات والاحداث والصعوبات التي مرت بها وكالة وفا وعن ابرز المحطات والمنعطفات التي مرت بها القضية الفلسطينية، ويسهب الكاتب بكثير من التفصيل عن مرحلة بيروت وتأسيس جريدة المعركة بأعدادها الستين، ويحيطنا بالمشهد الثقافي العام في تلك الحقبة ويستعرض اسماء متعددة من المثقفين والادباء والشعراء العرب الذين أحبوا الثورة واعطوا لها كل امانيهم، كما ويتحدث عن ماجد ابو شرار وظروف اغتياله، ويعرج على الخروج من بيروت والانتفاضة، ثم يعرج على مفاوضات اوسلو مهرولا بذكرها ومواكبة وكالة وفا لها.

ثم يتناول الكتاب المحطة التونسية وشذراتها وخفاياها من خلال حمام الشط واغتيال ابو جهاد والضغط على الرئيس عرفات للخروج من تونس وقصة تاريخية بين ابو اياد وبورقيبة تهدف الى تحريض ابو اياد على ياسر عرفات، بالاضافة الى قصص وحكايا مريرة تعرض لها الكاتب وفضل عدم التعرض لها في حينه مع اجابته على بعضها في هذا الكتاب بما ويتلائم مع قامة صاحبنا ومع صيرورة النص وبنائه،
ولا يغفل الكتاب ايضا عن التعرض لحادثة سقوط طائرة الرئيس ياسر عرفات في الصحراء الليبية...

كما يتحدث الكتاب من خلال مؤلفه عن مواقف ونوادر كثيرة يستحق الوقوف والاشارة اليها تتعلق بالرئيس ابو عمار او صادرة عنه وتتعلق بهذه الدولة او تلك أو هذا الرئيس او ذلك او تتعلق بالخلافات بين اعضاء اللجنة المركزية او الفصائل ، كما يتناول الكتاب بعض مؤلفات الكاتب والتعريج على موضوعاتها.

صاحبنا مناضل واديب رفيع المستوى من زمن الطهارة الثورية والنهج الثوري والوطني الملتزم ، عمل بصمت منقطع النظير وعندما اشتعلت حوله العواصف آثر الانزواء الى ان تمر العاصفة ...وما ان مرت العاصفة كان مابين ايدينا أولى ثمار الحقيقة...

زياد عبد الفتاح وعبر سطور روايته ووقائعها الحقيقية ياخذك الى بحر من الاسرار والمواقف والتي تنجب فيك ردة فعل ليست بالغريبة لكنها حتما تأخذك في رحلة الى البحث عن زياد عبد الفتاح وتتبع سيرته ومسيرته والتقاط اخباره من هنا وهناك لتجدها بشح؛ فشخصية الرجل وحجم مهامه وعلى زخمها وقلة الوفاء للرجل ولتاريخه تركتنا في حيرة، لكننا وجدنا شيء من العزاء له ولانفسنا بعالم الحداثة والتكنولوجيا المتطورة وشبكتها المعلوماتية والتي ما ان تدخل اسم زياد عبد الفتاح عبر محرك بحثها ستجد الشيء الكثير من الوفاء بحق الرجل، لكن الشيء الاكثر المنتظر هو من الرجل نفسه؛ فنحن مازلنا قوامين بالدعاء له ولامثاله ان يمدّ الله بأعمارهم وان يسعفهم الزمن وان يتغلبوا على الانواء والاهوال بغية ان تجود علينا اقلامهم بكل كلمة من مسيرة الثورة، وهذا كله ببساطة نابع من ايماننا العميق بأن سواعدهم كانت حارسة للحلم وللمشروع الوطني ولان اقلامهم شواهد، ولان هذه السواعد حكايتها كحكاية جعفر الطيار؛ فعلى هول المذابح والمجازر التي لحقت بها وبشعبنا إلا أنها رفضت وبكل إباء أن تُسقط الراية واحتضنتها كما حضنت كل الوجع الفلسطيني وبقيت وفيّة للقضية والشعب، وبقيت شامخة تُلوح بشارة النصر وتغني وتنشد للارض والوطن وتكتب عبر التاريخ رائعتها الازلية :
" إغمس يراعك في دمي واكتب نشيدا من فمي
وارقب شفاهي وهْيَ تهتف حازمات
فأنا أردد أغنيات
قبل الممات
هذي أغاني الجرح تتلوها الشفاه
هذي صلاة
فاكتب على هام الحياة
قصص الأباة
الشعب آمن بالحراب بالفتح تستل الحراب
بدم يسيل على التراب
فاغمس يراعك في دمي واكتب وصايا من فمي
أكتب إلى كل الرجال يا إخوتي يا عزوتي
أنا قد تركت وصيتي
هذي رسالة جيلنا أنتم علامة فجرنا
أنتم نهاية ليلنا
أنا قد قضيتُ فأكملوا وتحملوا وتحملوا"

لكن نحن على قناعة تامة بان التاريخ دوما ينصف ابطاله، فما بالك باحد أقلامه وصُنّاع احداثه، فلم يحدث عبر التاريخ ان مات قلمٌ او أزهقت روح كلمة. فلك البقاء مادمت حيا ايها المناضل الصنديد، ولنا البقاء من بعدك بما كتبت واتحفتنا وبكل كلمة حق وبكل منزل صدق انزلتنا ، ولك عهد الكلمة المسؤولة ان تبقى كغيرك من نوارس الحق الفلسطيني حاضرا في عقولنا وقلوبنا وان تحتل كتاباتك كلها حيزا مهما له الاولوية على رفوف مكتباتنا.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الطائرات من دون طيار الفاعل الرئيسي الجديد في الحروب


.. سيول جارفة ضرب ولاية قريات في سلطنة عُمان




.. دمار مربع سكني بمخيم المغازي جراء القصف على غزة


.. المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي: سنرد على إيران وقاعدة نيفاتيم




.. بايدن ينشغل بساعته الذكية أثناء حديث السوداني عن العلاقة بين