الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


محنة الدولة الشخصية ..

محمد ليلو كريم

2018 / 9 / 29
مواضيع وابحاث سياسية


الممارسة الديموقراطية التداولية للسلطة تُعيد الحيوية للنظام وتُطيل من فترة شبابه فلا تحتقن مؤوسسة الدولة وتتبلد وترتهن بعمر الحاكم ووجوده السلطوي .. إنما الدولة الديكتاتورية تحيا ما حيا الحاكم ، وهي مرتبطة به ، أو كأنها هو ، فإن غضب غضبت ، وأن ضعف ضعفت ، تهيج بهياجه وتهدأ بهدوءه ، حتى تحمل إسمه وتفكيره وسلوكه ، وبعد تلبسه بها وإن أختفى من السلطة أختفت معه كتوأمين سياميين ملتصقين ، وبعد الإطاحة به أو موته تنكشف الدولة ككيان ضعيف هزيل يتدحرج نحو القبر كما حدث في حالة ستالين ومحمد حسني مبارك وعلي عبد الله صالح ، أو تموت وتسقط فور موته أو سقوطه كما حدث في حالة هتلر وصدام والقذافي ، والمهم في هذا التشخيص أن الدولة حين تتحول الى شخص الحاكم يُفرض عليها وبقوة وجوده وعدمه ..
قد يظهر على الدولة إنها كيان عنيد يصر على الاستمرار بعد موت سلطة الشخص الحاكم ، فيُقال أنها دولة قامت من الركام أو هي في طور العملية السياسية أو عادت لتعمل ، وهذه أقوال لا تنظر لعمق موضوعة عودة دولة ارتبطت طويلاً وعميقاً بشخص ، فالذي تركه الحاكم في الدولة تغلغل وتوغل عميقاً في الذهن والنفس ، فتأتي سلطة جديدة سرعان ما تنجذب الى أرث الحاكم السابق ، وفي الشعب ميول قسري نفسي ليستحضر شخصية الحاكم السابق ..
ما زال العراق عراق صدام حسين ( شخصية صدام حسين ) ، ذلك الأب الشرقي الحاد الملامح والمنفرد بالسلطة المنزلية والقامع . الأب المزعج والمُهاب ، الذي نخافه وننجذب له ، وكاننا نتعاطى ونُدمن ما يضرنا ، الأب الذي يُشعرنا بالأضطهاد والفخر .. !!
الدولة السابقة كانت فاسدة سياسياً ومالياً والحالية كذلك ، الدولة السابقة عسكرت الشعب والحالية كذلك ، كانت تلك دولة الحزب الواحد والحالية كذلك ، كانت تلك دولة الحروب والحالية كذلك ، كانت تلك دولة متوترة والحالية كذلك ، كانت تلك الدولة تُعلي من الخطاب الوطني على حساب المواطن والحالية كذلك ، وما تبقى إلا أن يقفز رجل شرس عنيف الى اعلى هرم السلطة له خبرة سياسية وأمنية وبعمر النشاط والحيوية لتُعاد تلك الدولة أو بالأحرى يُستكمل بناء هذه الدولة وفق تصميم تلك والاستكمال يُنجر بشرط رفع واشنطن يدها بالتمام كما فعلت لندن وسمحت بحكم العسكر الديكتاتوري وتفرد شخص بالسلطة وافتتاح عهد سلطة الحاكم المطلقة ..
بينما يبدو الواقع السياسي الشيعي العراقي كرجل مُسن بذيء ، يدفع السُنة بفتية شباب الى السلطة ، فالسُنة فهموا مخاطر الإصابة بالسُمنة والترهل المصاحب للشيخوخة والهرم ، ويعملون بخط حيوي فتي مواز لخط مترهل يُسرع لمغادرة عمر الحيوية ، وبسقوط السلطة تسقط طائفة السلطة حسب ما أعتقده ، فحين سقط نظام صدام سقط الأقليم السُني بدايةً عن السلطة ومن ثم سقط بيد تنظيمات متطرفة آخرها تنظيم دولة ..
لإنتاج دولة ديموقراطية لزم ملازمة العالم الديموقراطي ، وقبول مشروع ماريشال سياسي غربي يدفع بالمشاريع الأخرى المحيطة ويُسور حولنا ، ومن ثم التأقلم مع التحديث والدخول معه في حوار لإنضاج النظام والمجتمع كما حدث في المانيا واليابان ، ولكن هذا ما يُعتبر من الأماني الحالمة ، فعقلية الرجل السياسي العراقي قادمة من اعماق القبيلة والطائفية ونزعة النهب والاستيلاء والغنيمة ، وتضل السلطة كقافلة محملة بالكنوز لا يصونها قانون أو دستور أو ثقافة سياسية عامة تفهم وتحترم التداول السلمي للسلطة وتؤمن بالحرية والمشاركة والتنوع ..
الدولة الديموقراطية يجب أن تقترب من الفرد المواطن عبر القانون والإدارة وتُقسره على نزع الشخصية الديكتاتورية من نفسه وتضعه تحت المراقبة القانونية والادارية والتعليمية والصحية وتُطيل من المراقبة والتقويم ..
تأهيل المواطن الى درجة مناسبة من ثقافة المواطنة يساهم في دعم النظام الديموقراطي التداولي ويقلل من فرص قيام نظام ديكتاتوري ..
ارتبطت دولتنا بالسلطة ، وارتبطت السلطة بشخص ، فارتبطت الدولة والسلطة والشعب بشخص ، وبالتدريج صار الشخص هو الأكثر تجلياً فبهُتَ تجلي الدولة والشعب ، وحينما أزيح التجلي الغامق برزت الدولة والشعب بروزاً خافتاً شاحب فشخصية الحاكم امتصت حيوية ونظارة الدولة والشعب ، ووفق هكذا علاقة سارت السلطة الجديدة .. وكدول أخرى ارتبط عمر الدولة العراقية بعمر الحاكم ، فإن ذهب ذهبت معه ، ومع مجيء سلطة جديدة تقوم دولة جديدة بنظام مغاير وشكل علَم جديد وآلية سياسية جديدة وعهد آخر ، وننتظر شخصية حاكم يختتم المشهد ..
هل يعود السُنة الى سُنة ما قبل ٢٠٠٣ ، فيندفع عرق فتي الى الصدارة مكتسحاً الكُل في طريق اندفاعه ويرجع الباقون الى الأنفاق مُطاردين وتتقدم الدولة بالسن معقدةً بسن الشخص الحاكم وتنتهي بنهايته ؟؟..








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. بايدن يوقع حزم المساعدات الخارجية.. فهل ستمثل دفعة سياسية له


.. شهيد برصاص الاحتلال الإسرائيلي بعد اقتحامها مدينة رام الله ف




.. بايدن يسخر من ترمب ومن -صبغ شعره- خلال حفل انتخابي


.. أب يبكي بحرقة في وداع طفلته التي قتلها القصف الإسرائيلي




.. -الأسوأ في العالم-.. مرض مهاجم أتليتيكو مدريد ألفارو موراتا