الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


مدخل إلى الفلسفة الماركسية (8-12)

غازي الصوراني
مفكر وباحث فلسطيني

2018 / 9 / 29
ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية




المادية التاريخية
موضوع بحث المادية التاريخية:
تدرس المادية التاريخية القوانين التي تحكم تفاعل المادة والوعي والقوانين الكونية للوجود فيما يتعلق بالحياة في المجتمع[1]، لكن هذا لا يعني بطبيعة الحال أن المادية الديالكتيكية لا تدرس مظاهر القوانين الكونية لحركة المادة وتطورها في المجتمع، فالمادية الديالكتيكية التي تواجه مهمة دراسة القوانين الكامنة في كل مجالات الوجود لا يمكنها أن تتفادى تقصي كيف تؤدي هذه القوانين وظيفتها في الحياة الاجتماعية، لكنها وهي تدرس تعبيرات هذه القوانين في المجتمع فهي تركز اهتمامها فقط على تلك العناصر والجوانب والعلاقات المشتركة في كل مجالات الوجود الأخرى.
تدرس المادية التاريخية وظيفة القوانين الكونية في الحياة الاجتماعية من اجل ان تكشف عن مضمونها الخاص المحدد، المشروط بخصوصيات الشكل الاجتماعي من حركة المادة، وعن طريق اثبات الطبيعة الخاصة للقوانين (التي درستها المادية الديالكتيكية) في الحياة الاجتماعية، تكتشف المادية التاريخية القوانين العامة التي تحكم وظيفة وتطور المجتمع الانساني.
هكذا... فعلى حين تثبت المادية الديالكتيكية قوانين الترابط الداخلي بين المادة والوعي على العموم بتقديم الحل للمشكلة الأساسية في الفلسفة، فإن المادية التاريخية، وهي تتعامل مع المشكلة نفسها في تطبيقها على المجتمع، تكشف قوانين الترابط الداخلي بين الكائن الاجتماعي والوعي الاجتماعي، بين الحياة المادية والحياة الروحية في المجتمع. هذه الانماط التي تحكمها القوانين- رغم انها تعبير عن القوانين العامة التي تنطبق على الواقع كله – لها مضمونها الخاص، ومن ثم فهي قوانين مستقلة تحكم عمل الكائن الاجتماعي.
وفي سياق المادية التاريخية، فإن قانوناً عاماً مثل وحدة و"صراع" الاضداد يأخذ شكل الصراع الطبقي في مجتمع معاد، والترابط الداخلي بين الانتاج والاستهلاك وغيرهما من قوانين التطور الاجتماعي. وقانون تحول التغيرات الكمية إلى كيفية حين يطبق على المجتمع يأخذ شكل الثورة الاجتماعية وشكل قوانين أخرى للتغير الكيفي في مختلف جوانب الحياة الاجتماعية.
وقانون نفي النفي يأخذ شكل إبدال التكوينات الاجتماعية – الاقتصادية في عملية التطور التاريخي وتكرار الاحداث الماضية في مرحلة أرقى، وهو ما يحدث في كل مجالات الحياة الاجتماعية، وهكذا.
إذن فالمادية التاريخية تدرس قوانين العلاقة الداخلية بين المادة والوعي، والقوانين العامة للوجود في تعبيراتها الخاصة بالحياة الاجتماعية. وتكشف – على هذا الأساس – القوانين العامة التي تحكم وظيفة وتطور المجتمع كشكل خاص من حركة المادة. إذن فموضوع بحث المادية التاريخية هو القوانين العامة التي تحكم وظيفة المجتمع وتطوره.
وإذا كانت المادية الديالكتيكية هي الفلسفة الماركسية بالمعنى العام للكلمة، هي العلم الذي يدرس اعم قوانين حركة الطبيعة والمجتمع والفكر الإنساني، فإن المادية التاريخية هي نظرية المجتمع الماركسية، هي العلم الذي يبحث في القوانين العامة والقوى المحركة لتطور المجتمع البشري. ولا يقتصر موضوع المادية التاريخية على دراسة تاريخ المجتمعات، تاريخ ظهور وتطور وتغير التشكيلات الاجتماعية الاقتصادية، بل يشمل أيضاً دراسة قانونيات الحياة المعاصرة لمختلف البلدان (الرأسمالية، الاشتراكية، المتخلفة) وقانونيات الحياة الاجتماعية للإنسانية بوجه عام.
إن المادية التاريخية بوصفها علماً عن قوانين التطور الاجتماعي هي نظرية فلسفية، منهجية، سسيولوجية في الوقت نفسه، فهي تجيب عن المسألة الأساسية في الفلسفة، مطبقة على المجتمع، إجابة مادية، بتأكيدها، أن حياة المجتمع المادية، وبخاصة عملية الإنتاج المادي، تشكل أساس تفاعل جميع الظاهرات الاجتماعية، وتحدد في نهاية المطاف الميدان الروحي من حياة المجتمع وكذلك جميع ظاهراتها الأخرى. وهذا هو مبدأ المادية، لكن هذه النظرية الاجتماعية العامة هي مرشد لدراسة المجتمع، وليس وسيلة لرسم مجرى التاريخ، وليست مفتاحاً سحرياً يعفي من دراسة السير الواقعي الملموس لحركة التاريخ في كل زمان ومكان عموماً وفي تاريخ التطور الاجتماعي الاقتصادي الفلسطيني والعربي على وجه الخصوص.
وفي هذا السياق يؤكد انجلس على " أن المنهج المادي ينقلب إلى نقيضه كل مرة يستعمل فيها لا كدليل موجه للبحث التاريخي بل كنموذج جاهز لنحت وإعادة نحت الوقائع التاريخية" ونصح "بإعادة دراسة كامل مراحل التاريخ ... وبإخضاع شروط عيش مختلف التشكيلات الاجتماعية إلى بحث مفصل قبل أن يحاول أن يستخلص منها التصورات السياسية والقانونية والفلسفية والدينية التي تطابقها". كما دقق انجلس بقوة، في "إن العامل المحدد حسب التصور المادي للتاريخ هو في آخر التحليل إنتاج الحياة الواقعية وتجديد إنتاجها، ولم يقل ماركس أبداً ولا أنا أكثر من ذلك. فإن شوه أحدهم هذا الرأي بأن جعله يدل على أن العامل الاقتصادي هو المحدد الوحيد فقد حوله إلى كلام أجوف ومجرد وغير معقول". أبرز إنجلس في هذا النص الاستقلالية النسبية التي تتمتع بها مكونات البناء الفوقي: فأشكال الصراع الطبقي السياسي ونتائجه والدساتير والصيغ القانونية والنظريات القانونية والفلسفية والتصورات الدينية وتطورها إلى انظمة دوغمائية في كثير من الحالات، كل ذلك يحدده بصفة كبيرة جداً شكل التطور التاريخي: "فكل هذه العوامل تتفاعل فيما بينها وتتوصل الحركة الاقتصادية في آخر الأمر إلى شق طريق لها في صلب هذا التفاعل، من خلال عدد لا متناه من الأحداث الجائزة، ويكون ذلك بمثابة الضرورة"[2].
- مقدمات ظهور المادية التاريخية[3]:
1- المقدمات الاجتماعية – الاقتصادية:
لم يكن ممكناً أن تظهر الماركسية، والمادية التاريخية كجزء مكون لها، قبل نضج الظروف الاجتماعية الموضوعية اللازمة لظهورها.
فمع تطور الرأسمالية زالت العزلة التي كانت قائمة بين مختلف البلدان والشعوب، ويتبين أكثر فأكثر، أن تاريخ البشرية بأسرها واحد، وأن كل شعب يمر خلالها بمراحل تحكمها قوانين تاريخية حتمية.
ولم يكشف تطور الرأسمالية إمكانيات جديدة للمعرفة الاجتماعية فحسب، بل خلق الحاجة الاجتماعية إلى بناء علم عن المجتمع.
وكان العامل الحاسم في ظهور المادية التاريخية هو اكتمال تكون الطبقة الاجتماعية، التي يعبر هذا العلم عن مصالحها. لقد كانت الطبقة العاملة (البروليتاريا) وحدها، هي الطبقة الاجتماعية التي لا يعنيها استمرار النظام الاجتماعي القائم على استغلال الإنسان للإنسان، بل تتلخص مصلحتها في إنهاء هذا النظام، وإقامة المجتمع اللاطبقي. إن هذه الطبقة لم تظهر وتتكون، في البلدان الرأسمالية المتقدمة، إلا في القرنين السابع عشر والثامن عشر، ولا تصل إلى درجة كافية من الوعي السياسي، بحيث تشكل طبقة اجتماعية جديدة، تلعب دوراً مميزاً في التاريخ إلا في أواسط القرن التاسع عشر.
لقد كان ظهور الماركسية تعبيراً عن النضج السياسي والفكري لطلائع الطبقة العاملة، وإشارة إلى حلول دورها التاريخي في النضال ضد الرأسمالية، وضد جميع أشكال الاستغلال الاقتصادي والاجتماعي والسياسي والروحي، وفي بناء المجتمع الخالي من الطبقات.
2-المقدمات الفكرية النظرية:
لم يكن ظهور المادية التاريخية خارجاً عن إطار تطور الفكر العلمي بوجه عام، ذلك "إن تاريخ الفلسفة، وتاريخ العلم الاجتماعي، يبينان بكل وضوح أن الماركسية لا تشبه البدعة في شيء، بمعنى المذهب المتحجر المنطوي على نفسه، الذي قام بمعزل عن الطريق الرئيسي لتطور الحضارة العالمية. على العكس من ذلك، فإن عبقرية ماركس كلها تتجلى بالضبط في كونه أجاب عن الأسئلة التي طرحها الفكر الإنساني التقدمي.
وتجدر الإشارة إلى العيوب الرئيسية للنظرات السسيولوجية التي كانت سائدة قبل ماركس وانغلز:
أولاً: كان المفكرون السسيولوجيون قبل ماركس يعالجون الأحداث التاريخية من وجهة نظر الدوافع المثالية لنشاط الناس بالدرجة الأولى، دون النظر في الأسباب العميقة التي تحدد تلك الدوافع.
ثانياً: كانت النظرات السسيولوجية المثالية قد حفرت هوة عميقة بين المجتمع والطبيعة المحيطة به. أما ماركس فقد بين أن الإنسان، والمجتمع الإنساني، هو جزء من العالم المادي المحيط به، وإن كانت له خصائصه المميزة.
ثالثاً: تتجاهل السسيولوجيا المثالية الدور الحاسم الذي تلعبه الجماهير الشعبية في صنع التاريخ، وترجع تاريخ المجتمع البشري إلى تاريخ نشاط الشخصيات العظيمة.
وأخيراً: اعتبر المؤرخون وعلماء الاجتماع وعلماء الاقتصاد قبل ماركس أن الرأسمالية هي النظام الطبيعي الأبدي غير القابل للتجاوز.
- المقولات الأساسية للمادية التاريخية[4]:
نستطيع أن نستخلص المقولات الأساسية التالية، التي صارت تشكل أحجار الزاوية في الفهم المادي للتاريخ، وفي المنهج المادي التاريخي لدراسة الظواهر الاجتماعية:
• الوجود الاجتماعي (الواقع الاجتماعي).
• الوعي الاجتماعي.
• التشكيل (التشكيلة) الاجتماعي – الاقتصادي.
• البناء الفوقي.
• قوى الإنتاج (القوى الإنتاجية، القوى المنتجة).
التشكيل الاجتماعي – الاقتصادي:
التشكيل الاجتماعي – الاقتصادي أحد المقولات الأساسية، التي تستخدمها المادية التاريخية لتحديد المرحلة التي يعيشها المجتمع في تطوره التاريخي، وللتأكيد على الوحدة والترابط الديالكتيكيين بين مختلف ظاهرات الحياة الاجتماعية في كل مرحلة من التاريخ.
ويمكن تعريف التشكيل الاجتماعي على النحو التالي:
"هو عضوية اجتماعية – إنتاجية في حالة تطور دائم، لها قوانين خاصة بظهورها، وقيامها بوظائفها، وتطورها ثم تحولها إلى عضوية اجتماعية – إنتاجية أخرى أكثر تعقيداً. وفي كل عضوية من هذه العضويات نمط خاص للإنتاج، وشكل معين من العلاقات الإنتاجية، وطابع خاص للتنظيم الاجتماعي للعمل، وطبقات خاصة، وأشكال خاصة للاستغلال الطبقي (في التشكيلات الطبقية)، وأشكال خاصة، محددة تاريخياً، من تجمعات الناس والعلاقات بينهم، وطرائق معينة في الإدارة والتنظيم السياسي، وأشكال متميزة في تنظيم الأسرة والعلاقات الأسرية، وأفكار اجتماعية خاصة".
هذا التعريف يعني أن التشكيل الاجتماعي هو المجتمع كله في مرحلة معينة من تاريخه، وأن هذا المفهوم يشمل كل الظواهر الاجتماعية في وحدتها العضوية، وتأثيرها المتبادل في مرحلة معينة من تاريخ مجتمع ما.
في مقدمة كتابه مساهمة في نقد الاقتصاد السياسي، يعرض ماركس ما يعتبر الصياغة الكلاسيكية للأسس المادية التاريخية، ويضم أهم مقولاتها، فهو يقول: إن النتيجة العامة التي توصلت إليها، والتي أصبحت بمثابة خيط هام في أبحاثي اللاحقة، إنما يمكن صياغتها بإيجاز على النحو التالي: "إن الناس، أثناء الإنتاج الاجتماعي لحياتهم، يقيمون فيما بينهم علاقات معينة ضرورية، مستقلة عن إرادتهم. هي علاقات الإنتاج التي تلائم درجة معينة من تطور قواهم الإنتاجية المادية، ومجموع علاقات الإنتاج هذه يؤلف البنية الاقتصادية للمجموع، أي القاعدة الفعلية التي يقوم عليها بناء فوقي حقوقي سياسي، تلائمه أشكال معينة من الوعي الاجتماعي". ثم يضيف ماركس بقوله " إن أسلوب إنتاج الحياة المادية يشترط سيرورات الحياة الاجتماعية السياسية والفكرية بصورة عامة، فليس وعي الناس هو الذي يحدد وجودهم، بل على العكس من ذلك وجودهم الاجتماعي هو الذي يحدد وعيهم". وعندما تبلغ قوى المجتمع الإنتاجية المادية درجة معينة من تطورها، تدخل في تناقض مع علاقات الإنتاج الموجودة، أو مع علاقات الملكية - وليست هذه سوى التعبير الحقوقي لتلك- التي كانت حتى ذلك الحين تتطور ضمنها. وتصبح هذه العلاقات قيوداً لقوى الإنتاج بعد أن كانت أشكالاً لتطورها، وعندئذ يحل عهد الثورة الاجتماعية، ومع تغير القاعدة الاقتصادية يحدث انقلاب في كل البناء الفوقي الهائل، بهذه السرعة أو تلك.
إن أي تشكيل اجتماعي لا يموت قبل أن يكتمل تطور جميع القوى الانتاجية –في التشكيل الجديد- التي تفسح لها ما يكفي من المجال، ولا تظهر أبداً علاقات إنتاج جديدة أرقى، قبل أن تنضج شروط وجودها المادية في قلب المجتمع القديم بالذات،ولهذا لا تضع الإنسانية أمامها إلا المسائل التي تستطيع حلها. إذ يتضح دائماً، عند البحث عن كثب، أن المسألة نفسها لا تظهر إلا عندما تكون الشروط المادية لحلها موجودة، أو على الأقل، آخذة في التكون وبوجه عام يمكن اعتبار أنماط الإنتاج الأسيوي، والقديم، الإقطاعي والبرجوازي الحديث، بمثابة عهود متصاعدة من التشكيلات الاجتماعية الاقتصادية. وإن علاقات الإنتاج البرجوازية هي الشكل التناحري الأخير لعملية الإنتاج الاجتماعية التناحري لا بالمعنى الفردي، بل بمعنى التناحر الذي ينمو من الشروط الاجتماعية لحياة الأفراد، ولكن قوى الإنتاج المتنامية في قلب المجتمع البرجوازي تخلق في الوقت نفسه الشروط المادية لأجل حل هذا التناحر.
في ضوء ما تقدم ، نستطيع أن نستخلص المقولات الأساسية التالية، التي صارت تشكل أحجار الزاوية في الفهم المادي للتاريخ، وفي المنهج التاريخي لدراسة الظواهر الاجتماعية.
الوجود الاجتماعي (الواقع الاجتماعي) – الوعي الاجتماعي – التشكيل (التشكيلية) الاجتماعي – الاقتصادي القاعدة الاقتصادية البناء التحتي – البناء الفوقي - نمط الإنتاج (أسلوب الإنتاج) – قوى الإنتاج (القوى الإنتاجية، القوى المنتجة) – علاقات الإنتاج (العلاقات الإنتاجية).
الإنتاج المادي كأساس لوجود المجتمع وتطوره:
1) مفهوم الإنتاج[5]:
كما سبق أن أشرنا فإن المجتمع على عكس القطيع الحيواني لا يوجد فقط بالتوافق مع البيئة الطبيعية واستخدام الوسائل المادية التي يخلقها، لكنه أيضاً يطوع الوسائل الطبيعية لتلبية احتياجاته عن طريق تغيير خصائص الأجسام المادية التي خلقتها الطبيعة وتحويلها إلى ادوات مادية تحقق مطلب الإنسان في البقاء. وتحويل المواد الطبيعية إلى وسائل يحقق بها الناس الوفرة المادية يتم عن طريق العمل في الطبيعة بأدوات مصممة لهذا خصيصاً هي أدوات العمل أو وسائله، هذا التأثير الهادف على الطبيعة وتحويل خصائصها لصالح المجتمع هو الإنتاج، وأهم عناصر الإنتاج هي: (1) النشاط الهادف، (2) مواد العمل، (3) وسائل العمل.
وفي عملية العمل يتم التحكم في النشاط الإنساني بوعي ويخضع لهدف بدقة، ولتوضيح الاختلاف بين النشاط الإنتاجي والأفعال الغريزية للحيوان أشار ماركس إلى هذه الصفة نفسها أي الطابع الواعي والهادف لعمليات العمل، كتب ماركس:"إن الإنسان لا يؤثر فقط في شكل المادة التي يعمل عليها، لكنه أيضاً يحقق هدفاً خاصاً به هو يحدد قانون أسلوب عمله، وعليه أن يخضع إرادته له...".
ومادة العمل هي ذلك الجزء من الطبيعة الذي يؤثر عليه الإنسان في عملية الإنتاج ويحوله إلى موضوع قادر على تلبية بعض احتياجات المجتمع، فالحديد والفحم والبترول التي تستخرج من الأرض وتمر بعمليات معينة هي مواد العمل.
والمواد سواء كانت موجودة في صورتها الطبيعية (المعادن في الأرض والأسماك في المساحات المائية الطبيعية والغابات والأراضي العذراء...إلخ) أو مرت بعمليات تصنيع أولية بتطبيق العمل (الحديد في المسبك، القطن في المغازل، القمح في المطاحن، الدقيق في المخابز...إلخ) يمكن اعتبارها جميعاً مواد العمل، ومواد العمل التي مرت ببعض عمليات المعالجة وتتضمن قدراً من العمل الإنساني تعرف بالمواد الخام، أي مادة خام إذن هي "مادة للعمل، ولكن ليس كل شيء للعمل هو مادة خام، إنما هو يصبح كذلك إذا مر ببعض التغيرات عن طريق العمل...".
والشيء أو مركب الأشياء الذي يضعه الإنسان بين نفسه وبين مادة العمل والذي يقوم بدور الموصل لتأثير الإنسان على هذا الشيء هو أدوات العمل أو وسائل العمل.
فالادوات الآلية والماكينات ومختلف المعدات وأبنية الإنتاج ووسائل النقل الضرورية لخدمة المشروعات الصناعية وما إلى ذلك، هي جميعاً ادوات العمل في الصناعة، وبالنسبة للزراعة فهناك الآلات الزراعية وكافة الأدوات التي تستخدم في زراعة الأرض وفي الحصاد وفي إعداد الأرض قبل الزراعة، من حيث هي جميعاً جزء من كل الشروط الضرورية للبذور كي تنبت وللنبات كي ينمو وينضج، كذلك أيضاً وسائل النقل التي تستخدم لنقل البذور والمحاصيل ومخازن الحبوب والمستودعات لحفظ المحاصيل وما إلى ذلك. وفي تربية المواشي تشمل أدوات العمل الحيوانات التي تربي من أجل الصوف واللبن والزبد وغيرها من المنتجات والحظائر التي توضع فيها هذه الحيوانات، وآلات صيانتها واستغلالها... إلخ.
وأدوات العمل (instrunments) فئة مستقلة من وسائل العمل، فأدوات العمل هي وسائل العمل التي تستخدم كموصلات مباشرة لتأثير الإنسان على موضوع العمل والتي تحدث فيه تغيرات مماثلة عن طريق خصائصها (الآلية أو الفيزيقية أو الكيميائية)، فكل أنواع الآلات والعدد مثل المخارط وآلات تصنيع المعادن وآلات الغزل والنسيج وما إليها، كذلك المحراث ومسجاة التربة وماكينة الخياطة وآلة الحصاد... هذه كلها أمثلة لأدوات العمل، وأبسط أدوات خلقها الإنسان في المراحل الأولى من تطور المجتمع الإنساني هي المدية والفأس والمطرقة والجرافة ... الخ .
________________________________________
[1] ا.ب. شبتولين – النظرية العلمية في الطبيعة والمجتمع والمعرفة – دار الفارابي – بيروت – 1981 – ص149.
[2] معجم الماركسية النقدي – مجموعة مؤلفين بإشراف الفيلسوف جورج لابيكا – دار الفارابي – بيروت – 2003 – ص1142.
[3] معجم الماركسية النقدي – مجموعة مؤلفين بإشراف الفيلسوف جورج لابيكا – دار الفارابي – بيروت – 2003 – ص1164.
[4] الموسوعة الفلسفية العربية - معهد الإنماء العربي - المجلد الثاني– الطبعة الأولى – ص1169.
[5] ا.ب. شبتولين – النظرية العلمية في الطبيعة والمجتمع والمعرفة – دار الفارابي – بيروت – 1981 – ص167.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. يرني ساندرز يدعو مناصريه لإعادة انتخاب الرئيس الأميركي لولاي


.. تصريح الأمين العام عقب الاجتماع السابع للجنة المركزية لحزب ا




.. يونس سراج ضيف برنامج -شباب في الواجهة- - حلقة 16 أبريل 2024


.. Support For Zionism - To Your Left: Palestine | الدعم غير ال




.. كلام ستات | أسس نجاح العلاقات بين الزوجين | الثلاثاء 16 أبري