الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


مصادر المعرفة للإنسان

ضياء الشكرجي

2018 / 9 / 29
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


عندما نتناول قضايا الدين، والإيمان، والوجود، وعموم المعرفة الإنسانية، لا بد لنا أن نعرف ما هو دور العقل، وأعني هنا بالعقل منظومة القواعد العقلية، وما هو موقع العقل بهذا المعنى أساسا من مسألة المعرفة الإنسانية، التي تمثل العقائد عند الكثيرين القاعدة الأساس.
هناك اتجاهان في هذا المجال:
الاتجاه الأول: يقول أن المصدر الوحيد لمعارف الإنسان هي التجربة والملاحظة، فالإنسان عندما يلاحظ الظواهر في الطبيعة يستخلص منها معارفه الأولية، كما يستخلص من ذلك القوانين لكل العلوم بطريقة الاستقراء، والاستقراء هو تكرر ظاهرة ما - مثل تمدد المعادن بالحرارة - مرات عديدة جدا، بحيث يستطيع أن يستخلص منها الإنسان قانونا ثابتا، تتأكد لديه صحته كلما ازدادت عدد المرات التي تتحقق فيها هذه الظاهرة، والاستقراء يكون إما بالملاحظة بدون تدخل الإنسان، وإما بالملاحظة الملحقة بالتجربة، وإما أحيانا بالتجربة فقط، عندما تكون هناك فرضية أو احتمال وجود قانون ما، يعمد صاحب الفرضية أو المُحتمِل لذلك القانون إلى التجربة والاختبار، ليتأكد من صحة الفرضية أو القانون. وهذا الاتجاه بكل مستوياته الثلاثة يسمى بالاتجاه التجريبي. وبالرغم من عدم وجود استقراء كامل، فإنه يعتمد للخلوص إلى قوانين لا يشكك أحد بموثوقيتها وصحة التعويل على استخدامها.
الاتجاه الثاني: يؤيد الاتجاه الأول، في أن التجربة والملاحظة تمثلان مصدرا مهما من مصادر المعرفة للإنسان. ولكن التجربة - حسب أصحاب هذا الاتجاه، وأنا منهم - تعجز لوحدها عن الوصول إلى جميع المعارف، بل هناك معارف أولية أو لنقل قبلية، أي إنها معارف سابقة للتجربة والملاحظة بالمرتبة، أو مستقلة عنها، سواء سبقتها بالفعل في كل حالة، أو لم تسبقها، وهذه المعارف هي المعارف العقلية. فمن ميادين المعرفة ما هو مختص بالتجربة، ومنها ما هو مختص بالعقل (العقليات)، ومنها ما يكون فيها العقل والتجربة متعاضدين متكاملين في الوصول إلى المعرفة. والتجربة لوحدها فقيرة، أي محتاجة إلى القوانين الكلية والقواعد العقلية الأولية في أكثر معارفها. وهذا الاتجاه الذي يؤمن بالعقل والتجربة على حد سواء كمصدرين للمعرفة، يسمى بالاتجاه العقلي. وليس هناك اتجاه عقلي متطرف أو حصري كالاتجاه التجريبي، ينفي دور التجربة والملاحظة.
وقبل تناول أهم القواعد والقوانين العقلية التي نحتاجها في فهم العقيدة، أقول ما مر آنفا تناول المعرفة الإنسانية العامة، ونفس الشيء يقال عن المعرفة الدينية أو الإيمانية أو الميتافيزيقية الخاصة.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. إيهود باراك: إرسال نتنياهو فريق تفاوض لمجرد الاستماع سيفشل ص


.. التهديد بالنووي.. إيران تلوح بمراجعة فتوى خامنئي وإسرائيل تح




.. مباشر من المسجد النبوى.. اللهم حقق امانينا في هذه الساعة


.. عادل نعمان:الأسئلة الدينية بالعصر الحالي محرجة وثاقبة ويجب ا




.. كل يوم - الكاتب عادل نعمان: مش عاوزين إجابة تليفزيونية على س